حقیقة الشریعة فی فقه العروة

 

حقیقة الشریعة فی فقه العروة ( جلد يكم )


۸ ـ کتاب الحجّ

م « ۲۵۴۲ » الحجّ أحد أرکان الدین ومن أوکد فرائض المسلمین ، قال اللّه تعالی : «وللّه علی الناس حجّ البیت من استطاع إلیه سبیلا»(۱) .

غیر خفی علی الناقد البصیر ما فی الآیة الشریفة من فنون التأکید ، وضروب الحثّ والتشدید ، ولا سیما ما عرض به تارکه من لزوم کفره وإعراضه عنه بقوله عزّ شأنه : «ومن کفر فإن اللّه غنی عن العالمین»(۲) ، وعن الصادق علیه‌السلام فی قوله عزّ من قائل : «من کان فی هذه أعمی فهو فی الآخرة أعمی وأضلّ سبیلا»(۳) ذاک الذی یسوّف الحجّ ، یعنی حجّة الاسلام حتّی یأتیه الموت»(۴) .

وعنه علیه‌السلام : «من مات وهو صحیح مؤسر لم یحجّ ، فهو ممّن قال اللّه تعالی : ونحشره یوم القیامة أعمی»(۵) .

وعنه علیه‌السلام : «من مات ولم یحجّ حجّة الاسلام لم یمنعه من ذلک حاجة تحجف به أو

۱ـ آل عمران / ۹۷ .

۲ـ آل عمران / ۹۷ .

۳ـ آل عمران / ۹۷ .

۴ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۱۷ .

۵ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۱۸ .

(۵۶۱)

مرض لا یطیق فیه الحجّ أو سلطان یمنعه فلیمت یهودیا أو نصرانیا»(۱) .

وفی آخر : «من سوّف الحجّ حتّی یموت بعثه اللّه یوم القیامة یهودیا أو نصرانیا»(۲) .

وفی آخر : «من تخلّف رجل عن الحجّ إلاّ بذنب وما یعفو اللّه أکثر»(۳) .

وعنهم علیهم‌السلام مستفیضا : «بنی الإسلام علی خمس : الصلاة والزکاة والحجّ والصوم والولایة» .

والحجّ فرضه ونفله عظیم فضله ، خطیر أجره ، جزیل ثوابه ، جلیل جزاؤه ، وکفاه ما تضمّنه من وفود العبد علی سیده ، ونزوله فی بیته ومحلّ ضیافته وأمنه ، وعلی الکریم إکرام ضیفه وإجارة الملتجی‌ء إلی بیته ، فعن الصادق علیه‌السلام : «الحاجّ والمعتمر وفد اللّه إن سألوه أعطاهم ، وإن دعوه أجابهم ، وإن شفعوا شفّعهم ، وإن سکتوا بدأهم ، ویعوضون بالدرهم ألف ألف درهم»(۴) .

وعنه علیه‌السلام : «الحجّ والعمرة سوقان من أسواق الآخرة اللازم لهما فی ضمان اللّه ، إن أبقاه أداه إلی عیاله ، وإن أماته أدخله الجنّة»(۵) .

وفی آخر : «إن أدرک ما یأمل غفر اللّه له ، وإن قصر به أجله وقع أجره علی اللّه عزّوجلّ»(۶) .

وفی آخر : «فإن مات متوجّها غفر اللّه له ذنوبه ، وإن مات مُحرِما بعثه ملبّیا ، وإن مات بأحد الحرمین بعثه من الآمنین ، وإن مات منصرفا غفر اللّه له جمیع ذنوبه»(۷) .

وفی الحدیث : «إنّ من الذنوب ما لا یکفره إلاّ الوقوف بعرفة» .

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۱۸ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۱۹ .

۳ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۰ .

۴ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۶۸ .

۵ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۸۷ .

۶ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۶۹ .

۷ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۶۸ .

(۵۶۲)

وعنه صلی‌الله‌علیه‌وآله فی مرضه الذی توفّی فیه فی آخر ساعة من عمره الشریف : «یا أباذر ، إجلس بین یدی أعقد بیدک من ختم له بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه دخل الجنة» إلی أن قال : «ومن ختم له بحجّة دخل الجنّة ، ومن ختم له بعمرة دخل الجنّة»(۱) الخبر .

وعنه صلی‌الله‌علیه‌وآله : «وفد اللّه ثلاثة الحاجّ والمعتمر والغازی دعاهم اللّه فأجابوه ، وسألوه فأعطاهم»(۲) .

وسئل الصادق علیه‌السلام رجل فی مسجد الحرام من أعظم الناس وزرا ؟ فقال : «من یقف بهذین الموقفین عرفة والمزدلفة وسعی بین هذین الجبلین ثمّ طاف بهذا البیت وصلّی خلف مقام ابراهیم ثمّ قال فی نفسه وظنّ أنّ اللّه لم یغفر له ، فهو من أعظم الناس وزرا»(۳) .

وعنهم علیهم‌السلام : «الحاجّ مغفور له ، وموجوب له الجنّة ، ومستأنف به العمل ، ومحفوظ فی أهله وماله ، وإنّ الحجّ المبرور لا یعدله شیء ، ولا جزاء له إلاّ الجنّة ، وإنّ الحاجّ یکون کیوم ولدته أمّه ، وإنّه یمکث أربعة أشهر تکتب له الحسنات ، ولا تکتب علیه السیئات إلاّ أن یأتی بموجبه ، فإذا مضت الأربعة الأشهر خلط بالناس ، وإنّ الحاجّ یصدرون علی ثلاثة أصناف صنف یعتق من النار ، وصنف یخرج من ذنوبه کهیأة یوم ولدته أمّه ، وصنف یحفظ فی أهله وماله ، فذلک أدنی ما یرجع به الحاجّ ، وانّ الحاجّ إذا دخل مکة وکل اللّه به ملکین یحفظان علیه طوافه وصلاته وسعیه ، فإذا وقف بعرفة ضربا منکبه الأیمن ، ثمّ قالا : أمّا ما مضی فقد کفیته ، فانظر کیف تکون فی ما تستقبل»(۴) .

وفی آخر : «وإذا قضوا مناسکهم قیل لهم بنیتم بنیانا فلا تنقضوه ، کفیتم ما مضی فأحسنوا فی ما تستقبلون» .

وفی آخر : «إذا صلّی رکعتی طواف الفریضة یأتیه ملک فیقف عن یساره ، فإذا

۱ـ مستدرک الوسائل ، ج۲ ، ص۱۲۲ .

۲ـ مستدرک الوسائل ، ج۸ ، ص۴۱ .

۳ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۶۴ .

۴ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۶۴ .

(۵۶۳)

انصرف ضرب بیده علی کتفه فیقول : یا هذا ، أمّا ما قد مضی فقد غفر لک ، وأمّا ما یستقبل فجدّ»(۱) .

وفی آخر : «إذا أخذ الناس منازلهم بمنی نادی مناد لو تعلمون بفناء من حلّلتم لأیقنتم بالخلف بعد المغفرة»(۲) .

وفی آخر : «إن أردتم أن أرضی فقد رضیت»(۳) .

وعن الثمالی قال قال رجل لعلی بن الحسین علیهماالسلام : «ترکت الجهاد وخشونته ولزمت الحجّ ولینه فکان متّکئا فجلس وقال : ویحک ، أمّا بلغک ما قال رسول اللّه صلی‌الله‌علیه‌وآله فی حجّة الوداع إنّه لمّا وقف بعرفة وهمّت الشمس أن تغیب ، قال رسول اللّه صلی‌الله‌علیه‌وآله : یا بلال ، قل للناس فلینصتوا ، فلمّا أنصتوا قال : إنّ ربّکم تطول علیکم فی هذا الیوم فغفر لمحسنکم ، وشفّع محسنکم فی مسیئکم فأفیضوا مغفورا لکم»(۴) .

وقال النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله لرجل ممیل فاته الحجّ والتمس منه ما به ینال أجره : «لو أنّ أبا قبیس لک ذهبة حمراء فأنفقه فی سبیل اللّه تعالی ما بلغت ما یبلغ الحاجّ» ، وقال : «إنّ الحاجّ إذا أخذ فی جهازه لم یرفع شیئا ولم یضعه إلاّ کتب اللّه له عشر حسنات ، ومحی عنه عشر سیئات ، ورفع له عشر درجات ، وإذا رکب بعیره لم یرفع خفا ولم یضعه إلاّ کتب اللّه له مثل ذلک ، فإذا طاف بالبیت خرج من ذنوبه ، فإذا سعی بین الصفا والمروة خرج من ذنوبه ، فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه ، فإذا وقف بالمشعر خرج من ذنوبه ، فإذا رمی الجمار خرج من ذنوبه ، قال : فعدّ رسول اللّه صلی‌الله‌علیه‌وآله کذا وکذا موقفا إذا وقفها الحاجّ خرج من ذنوبه» ، ثمّ قال : «أنّی لک أن تبلغ ما یبلغ الحاجّ»(۵) .

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۸۰ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۶۵ .

۳ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۶۸ .

۴ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۶۵ .

(۵۶۴)

وقال الصادق علیه‌السلام : «إنّ الحجّ أفضل من عتق رقبة بل سبعین رقبة» بل ورد أنّه : «إذا طاف بالبیت وصلّی رکعتیه کتب اللّه له سبعین ألف حسنة ، وحطّ عنه سبعین ألف سیئة ، ورفع له سبعین ألف درجة ، وشفّعه فی سبعین ألف حاجة ، وحسب له عتق سبعین ألف رقبة ، قیمة کلّ رقبة عشرة آلاف درهم ، وإنّ الدرهم فیه أفضل من ألفی ألف درهم فی ما سواه من سبیل اللّه تعالی ، وإنّه أفضل من الصیام والجهاد والرباط ، بل من کلّ شیء ما عدا الصلاة»(۱) ، بل فی خبر آخر إنّه أفضل من الصلاة أیضا ، ولعلّه لاشتماله علی فنون من الطاعات لم یشتمل علیها غیره حتّی الصلاة التی هی أجمع العبادات ، أو لأنّ الحجّ فیه صلاة ، والصلاة لیس فیها حجّ أو لکونه أشقّ من غیره ، وأفضل الأعمال أحمزها ، والأجر علی قدر المشقّة .

م « ۲۵۴۳ » یستحبّ تکرار الحجّ والعمرة وإدمانهما بقدر القدرة ، فعن الصادق علیه‌السلام : قال رسول اللّه صلی‌الله‌علیه‌وآله : «تابعوا بین الحجّ والعمرة ، فإنّهما ینفیان الفقر والذنوب ، کما ینفی الکیر خبث الحدید»(۲) .

وقال علیه‌السلام : «حجّ تتری وعمرة تسعی یدفعن عیلة الفقر ومیتة السوء» .

وقال علی بن الحسین علیه‌السلام : «حجّوا واعتمروا ؛ تصحّ أبدانکم ، وتتّسع أرزاقکم ، وتکفون مؤنة عیالکم»(۳) .

م « ۲۵۴۴ » کما یستحبّ الحجّ بنفسه کذا یستحبّ الإحجاج بماله ، فعن الصادق علیه‌السلام : «أنّه کان إذا لم یحجّ أحجّ بعض أهله ، أو بعض موالیه ، ویقول لنا : یا بنی إن استطعتم فلا یقف الناس بعرفات إلاّ وفیها من یدعو لکم ، فإنّ الحاجّ لیشفع فی ولده وأهله

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۷۹ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۸۵ .

۳ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۸۷ .

۴ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۵ .

(۵۶۵)

وجیرانه»(۱) .

وقال ابو عبداللّه علیه‌السلام لاسحاق بن عمّار لمّا أخبره أنّه موطن علی لزوم الحجّ کلّ عام بنفسه أو برجل من أهله بماله : «فأیقن بکثر المال والبنین ، أو أبشر بکثرة المال»(۲) .

وفی کلّ ذلک روایات مستفیضة یضیق عن حصرها المقام ، ویظهر من جملة منها أنّ تکرارها ثلاثا أو سنة وسنة لا إدمان ، ویکره ترکه للموسر فی کلّ خمس سنین ، وفی عدّة من الأخبار : «أنّ من أوسع اللّه علیه وهو موسر ولم یحجّ فی کلّ خمس ـ وفی روایة : أربع سنین ـ إنّه لمحروم» .

وعن الصادق علیه‌السلام : «من أحجّ أربع حجج لم یصبه ضغطة القبر»(۳) .

۱ـ مستدرک الوسائل ، ج۸ ، ص۵۰ .

۲ـ ثواب الأعمال ، ص ۷۰ .

۳ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۹۸ .

(۵۶۶)


مقدّمة فی آداب السفر

م « ۲۵۴۵ » وهی أمور :

أوّلها ـ ومن أوکدها الاستخارة بمعنی طلب الخیر من ربّه ، ومسألة تقدیره له ، عند التردّد فی أصل السفر أو فی طریقه أو مطلقا ، والأمر بها للسفر وکلّ أمر خطیر أو مورد خطر مستفیض ، ولا سیما عند الحیرة والاختلاف فی المشورة ، وهی الدعاء ؛ لأنّ یکون خیره فی ما یستقبل أمره ، وهذا النوع من الاستخارة هو الأصل فیها ، وبعدها ما عداها ممّا یشتمل علی التفأّل والمشاورة بالرقاع والحصی والسبحة والبندقة وغیرها ، وکان العمل بها فی مثلها لا بأس به أیضا لورود أخبار کثیرة بها فی کتب أصحابنا ، بل فی روایات مخالفینا أیضا عن النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله الأمر بها والحثّ علیها وعن الباقر والصادق علیهماالسلام : «کنّا نتعلّم الاستخارة کما نتعلّم السورة من القران»(۱) . وعن الباقر علیه‌السلام : «أنّ علی بن الحسین علیهماالسلام کان یعمل به إذا همّ بأمر حجّ أو عمرة أو بیع أو شراء أو عتق»(۲) ، بل فی کثیر من روایاتنا النهی عن العمل بغیر استخارة ، وإنّه : «من دخل فی أمر بغیر استخارة ثمّ ابتلی لم یؤجر»(۳) ، وفی کثیر منها : «ما استخار اللّه عبد مؤمن إلاّ خار له ، وإن وقع ما یکره»(۴) وفی بعضها : «إلاّ رماه اللّه بخیر الأمرین» ، وفی بعضها : «استخر اللّه مأة مرّة ، ثمّ انظر أجزم الأمرین لک فافعله ، فإنّ الخیرة فیه إن شاء اللّه تعالی» ، وفی بعضها : «ثمّ انظر أی شیء یقع فی قلبک فاعمل به» ، ولیکن ذلک بعنوان المشورة من ربّه وطلب الخیر من عنده ، وبناءً منه أنّ خیره فی ما یختاره اللّه له من أمره ، ویستفاد من بعض الروایات : أن یکون قبل مشورته منه سبحانه ، وأن یقرنه بطلب العافیة ، فعن الصادق علیه‌السلام : «ولکن

۱ـ الوسائل ، ج۵ ، ص۲۰۷ .

۲ـ الوسائل ، ج۵ ، ص۲۰۴ .

۳ـ الوسائل ، ج۵ ، ص۲۰۷ .

۴ـ الوسائل ، ج۵ ، ص۳۱۸ .

(۵۶۷)

استخارتک فی عافیة ، فإنّه ربّما خیر للرجل فی قطع یده ، وموت ولده ، وذهاب ماله ، وأخصر صورة فیها أن یقول أستخیر اللّه برحمته خیرة فی عافیة»(۱) ، ثلاثا أو سبعا أو عشرا أو خمسین أو سبعین أو مأة مرّة ومرّة ، والکلّ مروی ، وفی بعضها فی الأمور العظام مأة ، وفی الأمور الیسیرة بما دونه ، والمأثور من أدعیته کثیرة جدّا ، والأحسن تقدیم تحمید وتمجید وثناء وصلوات وتوسّل وما یحسن من الدعاء علیها ، وأفضلها بعد رکعتین ، سجدة من صلاة اللیل ، أو سجدة بعد المکتوبة أو عند رأس الحسین علیه‌السلام أو فی مسجد النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله والکلّ مروی ، ومثلها کلّ مکان شریف قریب من الاجابة کالمشاهد المشرّفة أو حال أو زمان کذلک ، ومن أراد تفصیل ذلک فلیطلبه من کتابنا الکبیر فی الاستخارة ، وبما ذکر من حقیقة هذا النوع من الاستخارة وأنّها محض الدعاء والتوسل وطلب الخبر وانقلاب أمره إلیه ، وبما عرفت من عمل السجاد علیه‌السلام فی الحجّ والعمرة ونحوهما یعلم أنّها راجحة للعبادات أیضا ، خصوصا عند إرادة الحجّ ، ولا یتعین فی ما یقبل التردّد والحیرة ، ولکن فی روایة أخری : «لیست فی ترک الحجّ خیرة» ، وکان المراد بها الخیرة لأصل الحجّ أو للواجب منه .

ثانیها ـ اختیار الأزمنة المختارة له من الأسبوع والشهر ، فمن الأسبوع یختار السبت ، وبعده الثلثاء والخمیس ، والکلّ مروی ، وعن الصادق علیه‌السلام : «من کان مسافرا فلیسافر یوم السبت ، فلو أنّ حجرا زال عن جبل یوم السبت لردّه اللّه إلی مکانه»(۲) ، وکان ذلک علی لسان الأغلبیة أو الاقتضاء العام ، ولا اشکال فی العمل علی خلافه . وعنهم علیه‌السلام : «السبت لنا ، والأحد لبنی أمیة»(۳) ولکن کان ذلک خاصّ بزمن حیاتهم لعنهم اللّه تعالی ، ولا اطلاق فیه . وعن النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله : «اللّهمّ بارک لأمّتی فی بکورها یوم سبتها وخمیسها»(۴) .

۱ـ الوسائل ، ج۵ ، ص۲۰۶ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۵۳ .

۳ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۵۲ .

(۵۶۸)

ویتجنّب ما أمکنه صبیحة الجمعة قبل صلاتها والأحد ، فقد روی أنّ له حدّ کحدّ السیف ، والاثنین فهو لبنی أمیة ، والأربعاء فإنّه لبنی العباس ، خصوصا آخر أربعاء من الشهر ، فإنّه یوم نحس مستمر ، وفی روایة ترخیص السفر یوم الاثنین مع قراءة سورة هل أتی فی أوّل رکعة من غداته ، فإنّه بقیه اللّه به من شرّ یوم الاثنین ، وورد أیضا اختیار یوم الاثنین وحملت علی التقیة ، ولیتجنّب السفر من الشهر والقمر فی العقرب لم یر الحسنی ، وقد عدّ أیام من کلّ شهر وأیام من الشهر منحوسة یتوقّی من السفر فیها ، ومن ابتداء کلّ عمل بها ، وحیث لم نظفر بدلیل صالح علیه لم یهمّنا التعرّض لها ، وإن کان التجنّب منها ومن کلّ ما یتطیر بها أولی ، ولم یعلم أیضا أنّ المراد بها شهور الفرس أو العربیة ، وقد یوجّه کلّ بوجه غیر وجیه ، وإن کان السرّ فی جمیع ذلک ما قلنا فی ما سبق من الأمر ، وعلی کلّ حال فعلاجها لدی الحاجة بالتوکل والتصدّق ، خلافا علی أهل الطیرة ، فعن النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله : «کفّارة الطیرة التوکل»(۱) .

وعن أبی الحسن الثانی علیه‌السلام : «من خرج یوم الأربعاء لا یدور خلافا علی أهل الطیرة وقی من کلّ آفة ، وعوفی من کلّ عاهة ، وقضی اللّه حاجته ، وله أن یعالج نحوسة ما نحس من الأیام بالصدقة»(۲) ، فعن الصادق علیه‌السلام : «تصدّق وأخرج أی یوم شئت ، وکذا یفعل أیضا لو عارضه فی طریقه ما یتطیر به الناس ، ووجد فی نفسه من ذلک شیئا ، ولیقل حینئذ : اعتصمت بک یا ربّ من شرّ ما أجد فی نفسی فاعصمنی ، ولیتوکل علی اللّه ولیمض خلافا لأهل الطیرة»(۳) .

ویستحبّ اختیار آخر اللیل للسیر ، ویکره أوّله ، ففی الخبر : «الأرض تطوی من

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۵۲ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۶۲ .

۳ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۶۲ .

۴ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۶۲ .

(۵۶۹)

اللیل»(۱) . وفی آخر : «إیاک والسیر فی أوّل اللیل وسر فی آخره»(۲) .

ثالثها ـ وهو أهمّها التصدّق بشیء عند افتتاح سفره ، ویستحبّ کونها عند وضع الرجل فی الرکاب ؛ خصوصا إذا صادف المنحوسة أو المتطیر بها من الأیام والأحوال ، ففی المستفیضة رفع نحوستها بها ، ولیشتری السلامة من اللّه بما یتیسّر له ، ویستحبّ أن یقول عند التصدّق : «اللّهمّ إنّی اشتریت بهذه الصدقة سلامة سفری ، اللّهمّ احفظنی وأحفظ ما معی ، وسلّمنی وسلّم ما معی ، وبلّغنی وبلّغ ما معی ببلاغک الحسن الجمیل»(۳) .

رابعها ـ الوصیة عند الخروج لا سیما بالحقوق الواجبة .

خامسها ـ تودیع العیال بأن یجعلهم ودیعةً عند ربّه ، ویجعله خلیفةً علیهم ، وذلک بعد رکعتین أو أربع یرکعها عند إرادة الخروج ویقول : «اللّهمّ إنّی استودعک نفسی وأهلی ومالی وذریتی ودنیای وآخرتی وأمانتی وخاتمة عملی» ، فعن الصادق علیه‌السلام : «ما استخلف رجل علی أهله بخلافة أفضل منها ، ولم یدع بذلک الدعاء إلاّ أعطاه عزّوجلّ ما سأل»(۴) .

سادسها ـ إعلام إخوانه بسفره ، فعن النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله : «حقّ علی المسلم إذا أراد سفرا أن یعلم إخوانه ، وحقّ علی إخوانه إذا قدّم أن یأتوه»(۵) .

سابعها ـ العمل بالمأثورات من قراءة السور والآیات والأدعیة عند باب داره ، وذکر اللّه والتسمیة والتحمید وشکره عند الرکوب ، والاستواء علی الظهر ، والإشراف والنزول ، وکلّ انتقال وتبدّل حال ، فعن الصادق علیه‌السلام : «کان رسول اللّه صلی‌الله‌علیه‌وآله فی سفره إذا هبط سبّح ، وإذا صعد کبّر»(۶) ، وعن النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله : «من رکب وسمّی ردفه ملک یحفظه ، ومن رکب ولم

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۶۴ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۶۵ .

۳ـ مکارم الأخلاق ، ص۲۴۶ .

۴ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۷۵ .

۵ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۲۹ .

۶ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۸۵ .

(۵۷۰)

یسمّ ردفه شیطان یمنیه حتّی ینزل»(۱) .

ومنها ـ قراءة القدر للسلامة حین یسافر ، أو یخرج من منزله ، أو یرکب دابّته ، وآیة الکرسی والسخرة والمعوّذتین والتوحید والفاتحة والتسمیة وذکر اللّه فی کلّ حال من الأحوال .

ومنها ـ ما عن أبی الحسن علیه‌السلام : «أنّه یقوم علی باب داره تلقاء ما یتوجّه له ، ویقرء الحمد والمعوّذتین والتوحید وآیة الکرسی أمامه وعن یمینه وعن شماله ، ویقول : اللّهمّ احفظنی واحفظ ما معی وبلّغنی وبلّغ ما معی ببلاغک الحسن الجمیل»(۲) ، ویحفظ ویبلغ ویسلّم هو وما معه .

ومنها ـ ما عن الرضا علیه‌السلام : «إذا خرجت من منزلک فی سفر أو حضر فقل : بسم اللّه وباللّه توکلت علی اللّه ، ما شاء اللّه ، لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه ، تضرب به الملائکة وجوه الشیاطین ، وتقول : ما سبیلکم علیه وقد سمّی اللّه وآمن به وتوکل علیه»(۳) .

ومنها ـ ما کان الصادق علیه‌السلام یقول إذا وضع رجله فی الرکاب : «سبحان الذی سخّر لنا هذا ، وما کنّا له مقرنین»(۴) ، ویسبّح اللّه سبعا ، ویحمده سبعا ویهلّله سبعا(۵) ، وعن زین العابدین علیه‌السلام أنّه : «لو حجّ رجل ماشیا وقرء إنّا أنزلناه فی لیلة القدر ما وجد ألم المشی»(۶)قال : «ما قرأه أحد حین یرکب دابّة إلاّ نزل منها سالما مغفورا له ، ولقاریها أثقل علی الدوّاب من الحدید»(۷) .

وعن أبی جعفر علیه‌السلام : «لو کان شیء یسبق القدر لقلت قاری‌ء : إنّا أنزلناه فی لیلة القدر

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۸۲ .

۲ـ مکارم الأخلاق ، ص۲۴۶ .

۳ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۷۹ .

۴ـ الزخرف / ۱۳ .

۵ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۸۳ .

۶ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۸۸ .

۷ـ مکارم الأخلاق ، ص۲۴۳ .

(۵۷۱)

حین یسافر ، أو یخرج من منزله ، والمتکفّل لبقیة المأثور منها علی کثرتها الکتب المعدّة لها ، وفی وصیة النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله : «یا علی ، إذا أردت مدینةً أو قریةً فقل حین تعاینها : اللّهمّ إنّی أسألک خیرها ، وأعوذ بک من شرّها ، اللّهمّ حبّبنا إلی أهلها ، وحبّب صالحی أهلها إلینا»(۱) .

وعنه صلی‌الله‌علیه‌وآله : «یا علی ، إذا نزلت منزلاً فقل : اللّهمّ أنزلنی منزلاً مبارکا ، وأنت خیر المنزلین ، ترزق خیره ، ویدفع عنک شرّه»(۲) .

وینبغی له زیادة الاعتماد والانقطاع إلی اللّه سبحانه ، وقراءة ما یتعلّق بالحفظ من الآیات والدعوات وقراءة ما یناسب ذلک کقوله تعالی : «کلاّ إنّ معی ربّی سیهدین»(۳) وقوله تعالی : «إذ یقول لصاحبه لا تحزن إنّ اللّه معنا»(۴) ، ودعاء التوجّه ، وکلمات الفرج ونحو ذلک ، وعن النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله : «یسبّح تسبیح الزهراء ویقرء آیة الکرسی عندها یأخذ مضجعه فی السفر ، یکون محفوظا من کلّ شیء حتّی یصبح»(۵) .

ثامنها ـ التحنّک بإدارة طرف العمامة تحت حنکه ، ففی المستفیضة عن الصادق علیه‌السلام : «الضمان لمن خرج من بیته معتمّا تحت حنکه أن یرجع إلیه سالما ، وأن لا یصیبه السرق ولا الغرق ولا الحرق»(۶) .

تاسعها ـ استصحاب عصا من اللوز المرّ ، فعنه علیه‌السلام : «من أراد أن تطوی له الأرض فلیتّخذ النقد من العصا ، والنقد عصا لوز مرّ ، وفیه نفی للفقر ، وأمان من الوحشة والضواری وذوات الحمة» ، ولیصحب شیئا من طین الحسین علیه‌السلام لیکون له شفاء من کلّ داء وأمانا من کلّ خوف ، ویستصحب خاتما من عقیق أصفر مکتوب علی أحد جانبیه : «ما شاء اللّه ، لا قوّة إلاّ باللّه ، أستغفر اللّه» ، وعلی الجانب الآخر : «محمّد وعلی» ،

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۲۶ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۲۶ .

۳ـ الشعراء / ۶۲ .

۴ـ التوبة / ۴۰ .

۵ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۸۸ .

۶ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۳۲ .

(۵۷۲)

وخاتما من فیروزج مکتوب علی أحد جانبیه : «اللّه الملک» ، وعلی الجانب الآخر : «الملک للّه الواحد القهّار» .

عاشرها ـ اتّخاذ الرفقة فی السفر ، ففی المستفیضة الأمر بها ، والنهی الأکید عن الوحدة ، ففی وصیة النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله لعلی علیه‌السلام : «لا تخرج فی سفر وحدک ؛ فإنّ الشیطان مع الواحد ، وهو من الاثنین أبعد ، ولعن ثلاثة : الآکل زاده وحده ، والنائم فی بیت وحده ، والراکب فی الفلاة وحده» ، وقال : «شرّ الناس من سافر وحده ، ومنع رفده ، وضرب عبده ، وأحبّ الصحابة إلی اللّه أربعة ، وما زاد علی سبعة إلاّ کثر لغطهم»(۱) ؛ أی : تشاجرهم ، ومن اضطرّ إلی السفر وحده فلیقل : «ما شاء اللّه لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه ، اللّهمّ آمن وحشتی ، وأعنّی علی وحدتی ، وأدّ غیبتی» .

وینبغی أن یرافق مثله فی الانفاق ، ویکره مصاحبته دونه أو فوقه فی ذلک ، وأن یصحب من یتزین به ، ولا یصحب من یکون زینته له ، ویستحبّ معاونة أصحابه وخدمتهم ، وعدم الاختلاف معهم ، وترک التقدّم علی رفیقه فی الطریق .

الحادی عشر ـ استصحاب السفرة والتنوّق فیها وتطیب الزاد والتوسعة فیه ، لا سیما فی سفر الحجّ ، وعن الصادق علیه‌السلام : «إنّ من المروّة فی السفر کثرة الزاد وطیبه ، وبذله لمن کان معک»(۲) ، نعم یکره التنوق فی سفر زیارة الحسین علیه‌السلام بل یقتصر فیه علی أقلّ الطعام لمن قرب من مشهده ، کأهل العراق ، لا مطلقا ، فعن الصادق علیه‌السلام : «بلغنی أنّ قوما إذا زاروا الحسین علیه‌السلام حملوا معهم السفرة فیها الجداء والأخبصة وأشباهه ، ولو زاروا قبور آبائهم ما حملوا معهم هذا»(۳) ، وفی آخر : «تاللّه إنّ أحدکم لیذهب إلی قبر أبیه کئیبا حزینا ، وتأتونه أنتم بالسفر ، کلا حتّی تأتونه شعثا غبرا»(۴) .

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۰۰ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۱۰ .

۳ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۰۹ .

(۵۷۳)

الثانی عشر ـ حسن التخلّق مع صحبه ورفقته ، فعن الباقر علیه‌السلام : «ما یعبأ بمن یؤمّ هذا البیت إذا لم یکن فیه ثلاث خصال : خلق یخالق به من صحبه ، أو حلم یملک به غضبه ، أو ورع یحجزه عن معاصی اللّه» ، وفی المستفیضة : «المروّة فی السفر ببذل الزاد ، وحسن الخلق والمزاح فی غیر المعاصی»(۱) ، وفی بعضها : «قلّة الخلاف علی من صحبک ، وترک الروایة علیهم إذا أنت فارقتهم» ، وعن الصادق علیه‌السلام : «لیس من المروّة أن یحدث الرجل بما یلقی (یتّفق) فی السفر من خیر أو شرّ»(۲) وعنه علیه‌السلام : «وطّن نفسک علی حسن الصحابة لمن صحبت فی حسن خلقک ، وکفّ لسانک واکظم غیظک ، وأقل لغوک ، وتفرش عفوک ، وتسخی نفسک»(۳) .

الثالث عشر ـ استصحاب جمیع ما یحتاج إلیه من السلاح والآلات والأدویة ، کما فی ذیل ما یأتی من وصایا لقمان لابنه ، ولیعمل بجمیع ما فی تلک الوصیة .

الرابع عشر ـ إقامة رفقاء المریض لأجله ثلاثا ، فعن النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله : «إذا کنت فی سفر ومرض أحدکم فأقیموا علیه ثلاثة أیام»(۴) ، وعن الصادق علیه‌السلام : «حقّ المسافر أن یقیم علیه أصحابه إذا مرض ثلاثا»(۵) .

الخامس عشر ـ رعایة حقوق دابّته ، فعن الصادق علیه‌السلام قال رسول اللّه صلی‌الله‌علیه‌وآله : «للدابّة علی صاحبها خصال : یبدء بعلفها إذا نزل ویعرض علیها الماء إذا مرّ به ، ولا یضرب وجهها فإنّها تسبّح بحمد ربّها ، ولا یقف علی ظهرها إلاّ فی سبیل اللّه ، ولا یحملها فوق طاقتها ، ولا یکلّفها من المشی إلاّ ما یطیق»(۶) ، وفی آخر : «ولا تتورّکوا علی الدوّاب ولا تتّخذوا ظهورها مجالس»(۷) . وفی آخر : «ولا یضربها علی النفار ، ویضربها علی العثار ، فإنّها

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۰۹ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۴۰۳ .

۳ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۲۰ .

۴ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۴۰۲ .

۵ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۳۶ .

۶ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۳۶ .

۷ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۵۰ .

۸ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۵۱ .

(۵۷۴)

تری ما لا ترون»(۱) ، وکان ذلک بمقتضی کلّ وقت متفاوتا والملاک واحد .

م « ۲۵۴۶ » یکره التعرّس علی ظهر الطریق ، والنزول فی بطون الأودیة ، والإسراع فی السیر ، وجعل المنزلین منزلاً إلاّ فی أرض جدبة ، وأن یطرق أهله لیلاً حتّی یعلّمهم ، ویستحبّ إسراع عوده إلیهم ، وأن یستصحب هدیةً لهم إذا رجع إلیهم ، وعن الصادق علیه‌السلام : «إذا سافر أحدکم فقدّم من سفره فلیأت أهله بما تیسّر ولو بحجر»(۲) الخبر .

م « ۲۵۴۷ » یکره رکوب البحر فی هیجانه ، وعن أبی جعفر علیه‌السلام : «إذا اضطرب بک البحر فاتک علی جانبک الأیمن وقل : بسم اللّه أسکن بسکینة اللّه ، وقرّ بقرار اللّه واهدء بإذن اللّه ، ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه»(۳) ، ولینادی إذا ضلّ فی طریق البرّ : «یا أبا صالح أرشدونا رحمکم اللّه» ، وفی طریق البحر : «یا حمزة» ، وإذا بات فی أرض قفر فلیقل : «إنّ ربّکم اللّه الذی خلق السماوات والأرض» إلی قوله : «تبارک اللّه ربّ العالمین»(۴) .

م « ۲۵۴۸ » ینبغی للماشی أن ینسلّ فی مشیه ؛ أی : یسرع ، فعن الصادق علیه‌السلام : «سیروا وانسلوا فإنّه أخفّ عنکم»(۵) ، وجاءت المشاة إلی النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله فشکوا إلیه الاعیاء ، فقال : «علیکم بالنسلان»(۶) ، ففعلوا فذهب عنهم الاعیاء .

م « ۲۵۴۹ » ینبغی له أن یقرء سورة القدر لئلاّ یجد ألم المشی کما مرّ عن السجاد علیه‌السلام ، وعن رسول اللّه صلی‌الله‌علیه‌وآله : «زاد المسافر الحذاء والشعر ما کان منه لیس فیه خناء»(۷) ، وفی نسخة : «جفاء» ، وفی أخری : «حنان» ، ولیختر وقت النزول من بقاع الأرض أحسنها لونا ، وألینها تربةً ، وأکثرها عشبا ، هذه جملة ما علی المسافر .

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۵۱ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۳۷ .

۳ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۳۴ .

۴ـ الأعراف / ۵۴ .

۵ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۳۷ .

۶ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۲۲ .

۷ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۰۶ .

(۵۷۵)

م « ۲۵۵۰ » وأما أهله ورفقته فیستحبّ لهم تشییع المسافر وتودیعه وإعانته والدعاء له بالسهولة والسلامة ، وقضاء المآرب عند وداعه ، قال رسول اللّه صلی‌الله‌علیه‌وآله : «من أعان مؤمنا مسافرا فرّج اللّه عنه ثلاثا وسبعین کربةً ، وأجاره فی الدنیا والآخرة من الغمّ والهمّ ، ونفس کربة العظیم یوم یعضّ الناس بأنفاسهم»(۱) ، وکان رسول اللّه صلی‌الله‌علیه‌وآله إذا ودّع المؤمنین قال : «زوّدکم اللّه التقوی ، ووجّهکم إلی کلّ خیر ، وقضا لکم کلّ حاجة وسلّم لکم دینکم ودنیاکم ، وردّکم سالمین إلی سالمین»(۲) ، وفی آخر : «کان إذا ودّع مسافرا أخذ بیده ثمّ قال : أحسن لک الصحابة ، وأکمل لک المعونة ، وسهّل لک الحزونة وقرّب لک البعید ، استودع اللّه نفسک ، سر علی برکة اللّه عزّوجلّ»(۳) .

م « ۲۵۵۱ » ینبغی أن یقرء فی أذنه : «إنّ الذی فرّض علیک القران لرادک إلی معاد إن شاء اللّه» ، ثمّ یؤذن خلفه ولیقم کما هو المشهور عملاً ، وینبغی رعایة حقّه فی أهله وعیاله وحسن الخلافة فیهم ، لا سیما مسافر الحجّ ، فعن الباقر علیه‌السلام : «من خلّف حاجّا بخیر کان لها کأجره کأنّه یستلم الأحجار»(۴) ، وأن یوقّر القادم من الحجّ ، فعن الباقر علیه‌السلام : «وقّروا الحاجّ والمعتمر فإنّ ذلک واجب علیکم»(۵) وکان علی بن الحسین علیه‌السلام یقول : «یا معشر من لم یحجّ ، استبشروا بالحاجّ وصافحهوهم وعظّموهم ، فإنّ ذلک یجب علیکم تشارکوهم فی الأجر ، وکان رسول اللّه صلی‌الله‌علیه‌وآله یقول للقادم من مکة : قبّل اللّه منک ، وأخلف علیک نفقتک ، وغفر ذنبک»(۶) .

ولنتبرّک بختم المقام بخیر خبر تکفّل مکارم أخلاق السفر بل والحضر ، فعن الصادق علیه‌السلام قال : «قال لقمان لابنه : یا بنی ، إذا سافرت مع قوم فأکثر استشارتهم فی

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۱۴ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۹۸ .

۳ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۹۸ .

۴ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۱۶ .

۵ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۲۷ .

۶ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۲۷ .

(۵۷۶)

أمرک وأمورهم ، وأکثر التبسم فی وجوههم ، وکن کریما علی زادک ، وإذا دعوک فأجبهم ، وإذا استعانوا بک فأعنّهم ، واستعمل طول الصمت ، وکثرة الصلاة ، وسخاء النفس بما معک من دابّة أو ماء أو زاد ، وإذا استشهدوک علی الحقّ فاشهد لهم واجهد رأیک لهم إذا استشاروک ثمّ لا تعزم حتّی تتثبت وتنظر ، ولا تجب فی مشورة حتّی تقوم فیها وتقعد وتنام وتأکل وتضع وأنت مستعمل فکرتک وحکمتک فی مشورتک فإنّ من لم یمحض النصح لمن استشاره سلبه اللّه رأیه ، ونزع منه الأمانة ، وإذا رأیت أصحابک یمشون فامش معهم ، وإذا رأیتهم یعملون فاعمل معهم ، وإذا تصدّقوا أو أعطوا قرضا فأعط معهم ، واسمع لمن هو أکبر منک سنّا ، وإذا أمروک بأمر وسألوک شیئا فقل : نعم ، ولا تقل : لا ، فإنّها عی ولؤم ، وإذا تحیرتم فی الطریق فانزلوا ، وإذا شککتم فی القصد فقفوا أو تؤامروا ، وإذا رأیتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طریقکم ولا تسترشدوه ، فإنّ الشخص الواحد فی الفلات مریب ، لعلّه یکون عین اللصوص ، أو یکون هو الشیطان الذی حیرکم ، واحذروا الشخصین أیضا إلاّ أن ترون ما لا أری ، فإنّ العاقل إذا أبصر بعینه شیئا عرف الحقّ منه ، والشاهد یری ما لا یری الغائب ، یا بنی ، إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخّرها لشی‌ء ، صلّها واسترح منها ، فإنّها دین ، وصلّ فی جماعة ولو علی رأس زجّ ، ولا تنامنّ علی دابّتک ، فإنّ ذلک سریع فی دبرها ، ولیس ذلک من فعل الحکماء إلاّ أن تکون فی محمل یمکنک التمدّد لاسترخاء المفاصل ، وإذا قربت من المنزل فأنزل عن دابّتک وابدء بعلفها ، فإنّها نفسک ، وإذا أردتم النزول فعلیکم من بقاع الأرض بأحسنها لونا ، وألینها تربةً ، وأکثرها عشبا ، وإن نزلت فصلّ رکعتین قبل أن تجلس ، وإذا أردت قضاء حاجتک فابعد المذهب فی الأرض ، وإذا ارتحلت فصلّ رکعتین ، ثمّ ودع الأرض التی حللت بها ، وسلّم علیها وعلی أهلها ، فإنّ لکلّ بقعة أهلاً من الملائکة ، فإن استطعت أن لا تأکل طعاما حتّی تبدء وتصدّق منه فافعل ، وعلیک بقراءة کتاب اللّه ما دمت راکبا ،

(۵۷۷)

وعلیک بالتسبیح ما دمت عاملاً عملاً ، وعلیک بالدعاء ما دمت خالیا ، وإیاک والسیر فی أوّل اللیل ، وسر فی آخره ، وإیاک ورفع الصوت ، یا بُنی سافر بسیفک وخفّک وعمامتک وحبالک وسقائک وخیوطک ومخرزک ، وتزوّد معک من الأدویة فانتقع به أنت ومن معک ، وکن لأصحابک موافقا إلاّ فی معصیة اللّه عزّوجلّ»(۱) .

هذا ما یتعلّق بکلّی السفر .


ما یختصّ بسفر الحجّ

م « ۲۵۵۲ » یختصّ سفر الحجّ بأمور أخر :

منها ـ اختیار المشی فیه علی الرکوب بل الحفاء علی الانتعال إلاّ أن یضعّفه عن العبادة ، أو کان لمجرّد تقلیل النفقة ، وعلیهما یحمل ما یستظهر منها أفضلیة الرکوب ، وروی : «ما تقرّب العبد إلی اللّه عزّوجلّ بشیء أحبّ إلیه من المشی إلی بیته الحرام علی القدمین وإن کان الحجّة الواحدة تعدل سبعین حجّة ، وما عبد اللّه بشیء مثل الصمت والمشی إلی بیته» .

ومنها ـ أن تکون نفقة الحجّ والعمرة حلالاً طیبا ، فعنهم علیهم‌السلام : «إنّا أهل بیت حجّ صرورتنا ومهور نسائنا وأکفاننا من طهور أموالنا»(۲) ، وعنهم علیهم‌السلام : «من حجّ بمال حرام نودی عند التلبیة : لا لبّیک عبدی ولا سعدیک»(۳) ، وعن الباقر علیه‌السلام : «من أصاب مالاً من أربع لم یقبل منه فی أربع : من أصاب مالاً من غلول أو رباء أو خیانة أو سرقة لم یقبل منه فی زکاة ولا صدقة ولا حجّ ولا عمرة»(۴) .

ومنها ـ استحباب نیة العود إلی الحجّ عند الخروج من مکة ، وکراهة نیة عدم العود ،

۱ـ مکارم الأخلاق ، ص۲۵۳ .

۲ـ بحارالأنوار ، ج۴۸ ، ص۲۳۴ .

۳ـ الوسائل ، ج۱۲ ، ص۶۰ .

۴ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۱۰۳ .

(۵۷۸)

فعن النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله : «من رجع من مکة وهو ینوی الحجّ من قابل زید فی عمره ، ومن خرج من مکة ولا یرید العود إلیها فقد اقترب أجله ودنا عذابه» ، وعن الصادق علیه‌السلام مثله مستفیضا ، وقال لعیسی ابن أبی منصور : «یا عیسی ، إنّی أحبّ أن یراک اللّه فی ما بین الحجّ إلی الحجّ وأنت تتهیأ للحجّ»(۱) .

ومنها ـ أن لا یخرج من الحرمین الشریفین بعد إرتفاع النهار إلاّ بعد أداء الفرضین بهما .

ومنها ـ البدءة بزیارة النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله لمن حجّ علی طریق العراق .

ومنها ـ أن لا یحجّ ولا یعتمر علی الإبل الجلاّلة ولکن تختصّ الکراهة بأداء المناسک علیها ، ولا یسری إلی ما یسار علیها من البلاد البعیدة فی الطریق .

م « ۲۵۵۳ » من أهمّ ما ینبغی رعایته فی هذا السفر احتسابه من سفر آخرته بالمحافظة علی تصحیح النیة ، وإخلاص السریرة ، وأداء حقیقة القربة ، والتجنّب عن الریاء والتجرّد عن حبّ المدح والثناء ، وأن لا یجعل سفره هذا علی ما علیه کثیر من مترفی عصرنا من جعله وسیلة للرفعة والافتخار ، بل وصلة إلی التجارة والانتشار ومشاهدة البلدان وتصفّح الأمصار وأن یراعی أسراره الخفیة ودقائقه الجلیة کما یفصح عن ذلک ما أشار إلیه بعض الأعلام : إنّ اللّه تعالی سنّ الحجّ ووضعه علی عباده إظهارا لجلاله وکبریائه ، وعلوّ شأنه وعظم سلطانه ، وإعلانا لرقّ الناس وعبودیتهم وذلّهم واستکانتهم ، وقد عاملهم فی ذلک معاملة السلاطین لرعایاهم ، والملاک لممالیکهم ، یستذلّونهم بالوقوف علی باب بعد باب واللبث فی حجاب بعد حجاب ، وإنّ اللّه تعالی قد شرّف البیت الحرام وأضافه إلی نفسه ، واصطفاه لقدسه ، وجعله قیاما للعباد ، ومقصدا یؤمّ من جمیع البلاد ، وجعل ما حوله حرما ، وجعل الحرم آمنا ، وجعل فیه میدانا ومجالاً وجعل له فی الحلّ شبیها ومثالاً ، فوضعه علی مثال حضرة الملوک والسلاطین ، ثمّ أذّن فی الناس بالحجّ

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۱۰۶ .

(۵۷۹)

لیأتوه رجالاً ورکبانا من کلّ فجّ ، وأمره بالاحرام وتغییر الهیأة واللباس شعثا غبرا متواضعین مستکینین ، رافعین أصواتهم بالتلبیة ، وإجابة الدعوة ، حتی إذا أتوه کذلک حجبهم عن الدخول ، وأوقفهم فی حجبه یدعونه ویتضرّعون إلیه حتّی إذا طال تضرّعهم واستکانتهم ورجموا شیاطینهم بجمارهم ، وخلعوا طاعة الشیطان من رقابهم ، أذن لهم بتقریب قربانهم وقضاء تفثهم ، لیطهّروا من الذنوب التی کانت هی الحجاب بینهم وبینه ، ولیزوروا البیت علی طهارة منهم ، ثمّ یعیدهم فیه بما یظهر معه کمال الرقّ وکنه العبودیة ، فجعلهم تارةً یطوفون فیه ، ویتعلّقون بأستاره ، ویلوذون بأرکانه ، وأخری یسعون بین یدیه مشیا وعدوا ، لیتبین لهم عزّ الربوبیة ، وذلّ العبودیة ، ولیعرفوا أنفسهم ، ویضع الکبر من رؤوسهم ، ویجعل نیر الخضوع فی أعناقهم ، ویستشعروا شعار المذلّة ، وینزعوا ملابس الفخر والعزّة ، وهذا من أعظم فوائد الحجّ ، مضافا إلی ما فیه من التذکر بالاحرام والوقوف فی المشاعر العظام لأحوال المحشر ، وأهوال یوم القیامة ؛ إذ الحجّ هو الحشر الأصغر ، وإحرام الناس وتلبیتهم وحشرهم إلی المواقف ووقوفهم بها والهین متضرّعین راجعین إلی الفلاح أو الخیبة والشقاء أشبه شیء بخروج الناس من أجدائهم ، وتوشّحهم بأکفانهم ، واستغاثتهم من ذنوبهم ، وحشرهم إلی صعید واحد إلی نعیم أو عذاب إلیم ، بل حرکات الحاجّ فی طوافهم وسعیهم ورجوعهم وعودهم یشبه أطوار الخائف الوجل والمضطرب المدهوش الطالب ملجأً ومفزعا نحو أهل المحشر فی أحوالهم وأطوارهم ، فبحلول هذه المشاعر والجبال والشعب والتلال ولدی وقوفه بمواقفه العظام یهون ما بأمامه من أهوال یوم القیامة من عظائم یوم المحشر ، وشدائد النشر ، عصمنا اللّه وجمیع المؤمنین ، ورزقنا فوزه یوم الدین ، آمین ربّ العالمین ، وصلّی اللّه علی محمّد وآله الطاهرین .

(۵۸۰)


فصل فی منصّة الحجّ

م « ۲۵۵۴ » من أرکان الدین الحجّ ، وهو واجب علی کلّ من استجمع الشرائط الآتیة من الرجال والنساء والخناثی بالکتاب والسنّة والاجماع من جمیع المسلمین ، بل بالضرورة . ومنکره فی سلک الکافرین وتارکه عمدا مستخفّا به بمنزلهم .

م « ۲۵۵۵ » ترک الحجّ من غیر استخفاف من الکبائر ، ولا یجب فی أصل الشرع إلاّ مرّة واحدة فی تمام العمر ، وهو المسمّی بحجّة الإسلام ؛ أی : الحجّ الذی بنی علیه الإسلام ، مثل الصلاة والصوم والخمس والزکاة ، وما نقل عن الصدوق فی العلل من وجوبه علی أهل الجدّة کلّ عام علی فرض ثبوته شاذّ مخالف للاجماع والأخبار ، ولا بدّ من حمله علی بعض المحامل ، کالأخبار الواردة بهذا المضمون من إرادة الاستحباب المؤکد ، أو الوجوب علی البدل ؛ بمعنی أنّه یجب علیه فی عامه ، وإذا ترکه ففی العام الثانی وهکذا ، ویمکن حملها علی الوجوب الکفائی ، فإنّه یجب الحجّ کفایةً علی کلّ أحد فی کلّ عام إذا کان متمکنا بحیث لا تبقی مکة خالیةً عن الحجّاج ، لجملة من الأخبار الدالّة علی أنّه لا یجوز تعطیل الکعبة عن الحجّ ، والأخبار الدالّة علی أنّ علی الإمام کما فی بعضها وعلی الوالی کما فی آخر أن یجبر الناس علی الحجّ والمقام فی مکة وزیارة الرسول صلی‌الله‌علیه‌وآله ، والمقام عنده ، وإنّه إن لم یکن لهم مال أنفق علیهم من بیت المال .

م « ۲۵۵۶ » لا خلاف فی أنّ وجوب الحجّ بعد تحقّق الشرائط فوری ؛ بمعنی أنّه تجب المبادرة إلیه فی العام الأوّل من الاستطاعة ، فلا یجوز تأخیره عنه ، وإن ترکه فیه ففی العام الثانی وهکذا ، وتدلّ علیه جملة من الأخبار ، فلو خالف وأخّر مع وجود الشرائط بلا عذر یکون عاصیا ، بل یکون معصیةً کبیرةً ، کما صرّح به جماعة ویستفاد من جملة الأخبار .

(۵۸۱)

م « ۲۵۵۷ » لو توقّف إدراک الحجّ بعد حصول الاستطاعة علی مقدّمات من السفر وتهیأة أسبابه وجبت المبادرة إلی إتیانها علی وجه یدرک الحجّ فی تلک السنة ، ولو تعدّدت الرفقة وتمکن من المسیر مع کلّ منهم اختار أوثقهم سلامةً وإدراکا ، ولو وجدت واحدة ولم یعلم حصول أخری أو لم یعلم التمکن من المسیر والإدراک للحجّ بالتأخیر فلا یجوز التأخیر إلی الأخری إلاّ مع الوثوق ، وعلی أی تقدیر إذا لم یخرج مع الأولی واتّفق عدم التمکن من المسیر أو عدم إدراک الحجّ بسبب التأخیر استقرّ علیه الحجّ وإن لم یکن آثما بالتأخیر ؛ لأنّه کان متمکنا من الخروج مع الأولی إلاّ إذا تبین عدم إدراکه لو سار معهم أیضا .


فصل فی شرائط وجوب حجّة الاسلام

م « ۲۵۵۸ » وهی أمور :

أحدها ـ الکمال بالبلوغ والعقل ، فلا یجب علی الصبی وإن کان مراهقا ، ولا علی المجنون وإن کان أدواریا إذا لم یف دور إفاقته بإتیان تمام الأعمال مع مقدّماتها الغیر الحاصلة .

م « ۲۵۵۹ » ولو حجّ الصبی لم یجز عن حجّة الاسلام ، وإن قلنا بصحّة عباداته وشرعیتها ، وکان واجدا لجمیع الشرائط سوی البلوغ ، ففی خبر مسمع عن الصادق علیه‌السلام : «لو أنّ غلاما حجّ عشر حجج ثمّ احتلم کان علیه فریضة الاسلام»(۱) ، وفی خبر إسحاق بن عمّار عن أبی الحسن علیه‌السلام عن ابن عشر سنین ، یحجّ ؟ قال علیه‌السلام : «علیه حجّة الاسلام إذا احتلم ، وکذا الجاریة علیها الحجّ إذا طمثت»(۲). نعم لو حجّ الصّبی الممیز وأدرک المشعر بالغا والمجنون وکمل قبل المشعر یجزیهما عن حجّة‌الإسلام ، ولا یلزم بعد ذلک مع

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۰ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۰ .

(۵۸۲)

الاستطاعة .

م « ۲۵۶۰ » یستحبّ للصبی الممیز أن یحجّ وإن لم یکن مجزیا عن حجّة الاسلام ، ولکن لا یتوقّف ذلک علی إذن الولی ؛ لأنّه لیس تصرّفا مالیا ، وإن کان ربّما یستتبع المال ، وأنّ العمومات کافیة فی صحّته وشرعیته مطلقا ، فلا یشترط فی صحّته وإن وجب الاستئذان فی بعض الصور ، وأمّا البالغ فلا یعتبر فی حجّه المندوب إذن الأبوین إن لم یکن مستلزما للسفر المشتمل علی الخطر الموجب لأذیتهما ، وأمّا فی حجّه الواجب فلا إشکال .

م « ۲۵۶۱ » یستحبّ للولی أن یحرم بالصبی الغیر الممیز بلا خلاف ، لجملة من الأخبار ، بل وکذا الصبیة والمجنون ، ویلبسه ثوبی الاحرام ویقول : «اللّهمّ إنّی أحرمت هذا الصبی» إلی آخره ، ویأمره بالتلبیة ؛ بمعنی أن یلقّنه إیاها ، وإن لم یکن قابلاً یلبّی عنه ، ویجنّبه عن کلّ ما یجب علی المحرم الاجتناب عنه ویأمره بکلّ من أفعال الحجّ یتمکن منه وینوب عنه فی کلّ ما لا یتمکن ویطوف به ویسعی به بین الصفا والمروة ویقف به فی عرفات ومنی ویأمره بالرمی وإن لم یقدر یرمی عنه ، وهکذا یأمره بصلاة الطواف ، وإن لم یقدر یصلّی عنه ، ولا بدّ من أن یکون طاهرا ومتوضئا ولو بصورة الوضوء ، وإن لم یمکن فیتوضّأ هو عنه ، ویحلق رأسه ، وهکذا جمیع الأعمال .

م « ۲۵۶۲ » لازم أن یکون الولی محرما فی الاحرام بالصبی .

م « ۲۵۶۳ » لیس المراد بالولی فی الاحرام بالصبی الغیر الممیز الولی الشرعی من الأب والجدّ والوصی لأحدهما والحاکم وأمینه أو وکیل أحد المذکورین بل المراد منه الأعمّ منهم وممّن یتولّی أمر الصبی ویتکفّله وإن لم یکن ولیا شرعیا ؛ لقوله علیه‌السلام «قدّموا من کان معکم من الصبیان إلی الجحفة أو إلی بطن مرّ»(۱) إلی آخره ، فإنّه یشمل غیر الولی الشرعی أیضا ، وأمّا فی الممیز فلم یعتبر إذن الولی الشرعی فی صحّة إحرامه .

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۰۷ .

(۵۸۳)

م « ۲۵۶۴ » النفقة الزائدة علی نفقة الحضر علی الولی لا من مال الصبی إلاّ إذا کان حفظه موقوفا علی السفر به أو یکون السفر مصلحةً له .

م « ۲۵۶۵ » الهدی علی الولی ، وکذا کفّارة الصید إذا صاد الصبی ، وکذلک أیضا الکفّارات الأخر المختصّة بالعمد علی الولی ؛ لأنّ قوله علیه‌السلام : «عمد الصبی خطأ»(۱) مختصّ بالدیات ، والانصراف ممنوع ، وإلاّ فیلزم الالتزام به فی الصید أیضا .

م « ۲۵۶۶ » قد عرفت أنّه لو حجّ الصبی عشر مرّات لم یجزه عن حجّة الاسلام ، بل یجب علیه بعد البلوغ والاستطاعة ، نعم لو بلغ وأدرک المشعر یجزیه عن حجّة الاسلام ، وکذا إذا حجّ المجنون ندبا ثمّ کمل قبل المشعر .

م « ۲۵۶۷ » إذا مشی الصبی إلی الحجّ فبلغ قبل أن یحرم من المیقات وکان مستطیعا لا إشکال فی أنّ حجّه حجّة الاسلام .

م « ۲۵۶۸ » إذا حجّ باعتقاد أنّه غیر بالغ ندبا ، فبان بعد الحجّ أنّه کان بالغا ، فیجزی عن حجّة الاسلام ، وکذا إذا حجّ الرجل باعتقاد عدم الاستطاعة بنیة الندب ثمّ ظهر کونه مستطیعا حین الحجّ إلاّ إذا أمکن الاشتباه فی التطبیق .

الثانی من الشروط ـ الحریة ، فلا یجب علی المملوک وإن أذن له مولاه وکان مستطیعا من حیث المال ، بناءً علی القول بملکه أو بذل له مولاه الزاد والراحلة ، نعم لو حجّ بإذن مولاه صحّ بلا إشکال ، ولکن لا یجزیه عن حجّة الاسلام ، فلو أعتق بعد ذلک أعاد للنصوص ، منها خبر مسمع : «لو أنّ عبدا حجّ عشر حجج کانت علیه حجّة الاسلام إذا استطاع إلی ذلک سبیلاً»(۲) ، ومنها : «المملوک إذا حجّ وهو مملوک أجزأه إذا مات قبل أن یعتق ، فإن اعتق أعاد الحجّ»(۳) ، وما فی خبر حکم بن حکیم : «أیما عبد حجّ به موالیه فقد

۱ـ الوسائل ، ج۱۹ ، ص۶۵ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۷ .

۳ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۳ .

(۵۸۴)

أدرک حجّة الاسلام» محمول علی إدراک ثواب الحجّ ، أو علی أنّه یجزیه عنها مادام مملوکا ؛ لخبر أبان : «العبد إذا حجّ فقد قضی حجّة الاسلام حتّی یعتق»(۱) ، فلا إشکال فی المسألة ، نعم لو حجّ بإذن مولاه ثمّ انعتق قبل إدراک المشعر أجزأه عن حجّة الاسلام بالنصوص .

م « ۲۵۶۹ » لا فرق فی ما ذکر من عدم وجوب الحجّ علی المملوک وعدم صحّته إلاّ باذن مولاه وعدم إجزائه عن حجّة الاسلام إلاّ إذا انعتق قبل المشعر بین القنّ والمدبّر والمکاتب وأمّ الولد والمبّعض إلاّ إذا هایاه مولاه وکانت نوبته کافیةً ، مع عدم کون السفر خطریا فإنّه یصحّ منه بلا إذن ، لکن لا یجب ، ولا یجزیه حینئذ عن حجّة الاسلام وإن کان مستطیعا ؛ لأنّه لم یخرج عن کونه مملوکا .

م « ۲۵۷۰ » إذا أمر المولی مملوکه بالحجّ وجب علیه طاعته ، وإن لم یکن مجزیا عن حجّة الاسلام ، کما إذا آجره للنیابة عن غیره فإنّه لا فرق بین إجارته للخیاطة أو الکتابة وبین إجارته للحجّ أو الصوم .

الثالث من الشروط ـ الاستطاعة من حیث المال وصحّة البدن وقوّته وتخلیة السرب وسلامته وسعة الوقت وکفایته بالکتاب والسنّة .

م « ۲۵۷۱ » لا خلاف ولا إشکال فی عدم کفایة القدرة العقلیة فی وجوب الحجّ ، بل یشترط فیه الاستطاعة الشرعیة ، وهی کما فی جملة من الأخبار الزاد والراحلة ، فمع عدمها لا یجب وإن کان قادرا علیه عقلاً بالاکتساب ونحوه ، ویشترط وجود الراحلة مطلقا ولو مع عدم الحاجة إلیه ، بمقتضی إطلاق الأخبار والاجماعات المنقولة ولاعراض المشهور عن الأخبار المصرّحة بالوجوب إن أطاق المشی بعضا أو کلاًّ مع کونها بمرأی منهم ومسمع ، فاللازم طرحها أو حملها علی بعض المحامل ، کالحمل علی الحجّ

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۳ .

(۵۸۵)

المندوب وإن کان بعیدا عن سیاقها ، مع أنّها مفسّرة للاستطاعة فی الآیة الشریفة ، وحمل الآیة علی القدر المشترک بین الوجوب والندب بعید ، أو حملها علی من استقرّ علیه حجّة الاسلام سابقا ، وهو أیضا بعید ، أو نحو ذلک ، وکیف کان فالمتعین ما ذکرنا والعمل بالاحتیاط بالعمل بالأخبار المزبورة لیس بلازم .

م « ۲۵۷۲ » لا فرق فی اشتراط وجود الراحلة بین القریب والبعید حتّی بالنسبة إلی أهل مکة ، لاطلاق الأدلّة ، فما عن جماعة من عدم اشتراطه بالنسبة إلیهم لا وجه له .

م « ۲۵۷۳ » لا یشترط وجودهما عینا عنده ، بل یکفی وجود ما یمکن صرفه فی تحصیلهما من المال ، من غیر فرق بین النقود والأملاک من البساتین والدکاکین والخانات ونحوها ، ولا یشترط إمکان حملها الزاد معه ، بل یکفی إمکان تحصیله فی المنازل بقدر الحاجة ، ومع عدمه فیها یجب حمله مع الامکان من غیر فرق بین علف الدابة وغیره ، ومع عدمه یسقط الوجوب .

م « ۲۵۷۴ » المراد بالزاد هنا المأکول والمشروب وسائر ما یحتاج إلیه المسافر من الأوعیة التی یتوقّف علیها حمل المحتاج إلیه وجمیع ضروریات ذلک السفر بحسب حاله قوّةً وضعفا ، وزمانه حرّا وبردا ، وشأنه شرفا وضعةً ، والمراد بالراحلة مطلق ما یرکب ولو مثل السفینة فی طریق البحر .

واللازم وجود ما یناسب حاله بحسب القوّة والضعف ، بل یعتبر من حیث الضعة والشرف کمّا وکیفا ، فإذا کان من شأنه رکوب المحمل أو الکنیسة بحیث یعدّ ما دونها نقصا علیه یشترط فی الوجوب القدرة علیه ، ولا یکفی ما دونه وإن کانت الآیة والأخبار مطلقةً وذلک لحکومة قاعدة نفی العسر والحرج علی الاطلاقات ، نعم إذا لم یکن بحدّ الحرج وجب معه الحجّ ، وعلیه یحمل ما فی بعض الأخبار من وجوبه ولو علی حمار أجدع مقطوع الذنب .

(۵۸۶)

م « ۲۵۷۵ » إذا لم یکن عنده الزاد ولکن کان کسوبا یمکنه تحصیله بالکسب فی الطریق لأکله وشربه وغیرهما من بعض حوائجه فلا یجب علیه .

م « ۲۵۷۶ » إنّما یعتبر الاستطاعة من مکانه لا من بلده فالعراقی إذا استطاع وهو فی الشام وجب علیه وإن لم یکن عنده بقدر الاستطاعة من العراق بل لو مشی إلی ما قبل المیقات متسکعا أو لحاجة أخری من تجارة أو غیرها وکان له هناک ما یمکن أن یحجّ به وجب علیه بل لو أحرم متسکعا فاستطاع وکان أمامه میقات آخر وجب علیه .

م « ۲۵۷۷ » إذا کان من شأنه رکوب المحمل أو الکنیسة ولم یوجد سقط الوجوب ، ولو وجد ولم یوجد شریک للشقّ الآخر ، فإن لم یتمکن من أجرة الشقّین سقط أیضا ، وإن تمکن فیجب لصدق الاستطاعة ، فلا وجه لما عن العلاّ مة من التوقّف فیه ؛ لأنّ بذل المال له خسران لا مقابل له ، نعم لو کان بذله مجحفا ومضرّا بحاله لم یجب کما هو الحال فی شراء ماء الوضوء .

م « ۲۵۷۸ » غلاء أسعار ما یحتاج إلیه أو أجرة المرکوب فی تلک السنة لا یوجب السقوط ، ولا یجوز التأخیر عن تلک السنة مع تمکنه من القیمة ، بل وکذا لو توقّف علی الشراء بأزید من ثمن المثل والقیمة المتعارفة ، بل وکذا لو توقّف علی بیع أملاکه بأقلّ من ثمن المثل ، لعدم وجود راغب فی القیمة المتعارفة ، فما عن الشیخ من سقوط الوجوب ضعیف ، نعم لو کان الضرر مجحفا بماله مضرّا بحاله لم یجب ، وإلاّ فمطلق الضرر لا یرفع الوجوب بعد صدق الاستطاعة وشمول الأدلّة ، فالمناط هو الاجحاف والوصول إلی حدّ الحرج الرافع للتکلیف .

م « ۲۵۷۹ » لا یکفی فی وجوب الحجّ وجود نفقة الذهاب فقط ، بل یشترط وجود نفقة العود إلی وطنه إن أراد ، وإن لم یکن له فیه أهل ولا مسکن مملوک ولو بالاجارة ، للحرج فی التکلّف بالاقامة فی غیر وطنه المألوف له ، نعم إذا لم یرد العود أو کان وحیدا لا تعلّق

(۵۸۷)

له بوطن لم یعتبر وجود نفقة العود لاطلاق الآیة والأخبار فی کفایة وجود نفقة الذهاب ، وإذا أراد السکنی فی بلد آخر غیر وطنه لابدّ من وجود النفقة إلیه إذا لم یکن أبعد من وطنه وإلاّ فیکفی مقدار العود إلی وطنه .

م « ۲۵۸۰ » قد عرفت أنّه لا یشترط وجود أعیان ما یحتاج إلیه فی نفقة الحجّ من الزاد والراحلة ، ولا وجود أثمانها من النقود بل یجب علیه بیع ما عنده من الأموال لشرائها ، لکن یستثنی من ذلک ما یحتاج إلیه فی ضروریات معاشه فلا تباع دار سکناه اللائقة بحاله ، ولا خادمه المحتاج إلیه ، ولا ثیاب تجمّله اللائقة بحاله فضلاً عن ثیاب مهنته ، ولا أثاث بیته من الفراش والأوانی وغیرهما ممّا هو محلّ حاجته ، بل ولا حلی المرأة مع حاجتها بالمقدار اللائق بها بحسب حالها فی زمانها ومکانها ، ولا کتب العلم لأهله التی لابدّ له منها فی ما یجب تحصیله ؛ لأنّ الضرورة الدینیة أعظم من الدنیویة ، ولا آلات الصنائع المحتاج إلیها فی معاشه ، ولا فرس رکوبه مع الحاجة إلیه ، ولا سلاحه ولا سائر ما یحتاج إلیه ، لاستلزام التکلیف بصرفها فی الحجّ العسر والحرج ، ولا یعتبر فیها الحاجة الفعلیة ، فلا وجه لما عن کشف اللثام من أنّ فرسه إن کان صالحا لرکوبه فی طریق الحجّ فهو من الراحلة ، وإلاّ فهو فی مسیره إلی الحجّ لا یفتقر إلیه بل یفتقر إلی غیره ، ولا دلیل علی عدم وجوب بیعه حینئذ کما لا وجه لما عن الدروس من التوقّف فی استثناء ما یضطرّ إلیه من أمتعة المنزل والسلاح وآلات الصنائع ، بل یستثنی جمیع ما یحتاج إلیه فی معاشه ممّا یکون إیجاب بیعه مستلزما للعسر والحرج ، نعم لو زادت أعیان المذکورات عن مقدار الحاجة وجب بیع الزائد فی نفقة الحجّ ، وکذا لو استغنی عنها بعد الحاجة کما فی حلی المرأة إذا کبرت عنه نحوه .

م « ۲۵۸۱ » لو کان بیده دار موقوفة تکفیه لسکناه وکان عنده دار مملوکة فوجب بیع المملوکة إذا کانت وافیةً لمصارف الحجّ أو متمّمةً لها ، وکذا فی الکتب المحتاج إلیها إذا

(۵۸۸)

کان عنده من الموقوفة مقدار کفایته ، فیجب بیع المملوکة منها ، وکذا الحال فی سائر المستثنیات إذا ارتفعت حاجته فیها بغیر المملوکة ، لصدق الاستطاعة حینئذ إذا لم یکن ذلک منافیا لشأنه ولم یکن علیه حرج فی ذلک ، نعم لو لم تکن موجودةً وأمکنه تحصیلها لم یجب علیه ذلک ، فلا یجب بیع ما عنده وفی ملکه ، والفرق عدم صدق الاستطاعة فی هذه الصورة بخلاف الصورة الأولی إلاّ إذا حصلت بلا سعی منه ، أو حصلها مع عدم وجوبه فإنّه بعد التحصیل یکون کالحاصل أوّلاً .

م « ۲۵۸۲ » لو لم تکن المستثنیات زائدةً عن اللائق بحاله بحسب عینها لکن کانت زائدةً بحسب القیمة وأمکن تبدیلها بما یکون أقلّ قیمةً مع کونها لائقا بحاله أیضا فوجب التبدیل للصرف فی نفقة الحجّ أو لتتمیمها من صدق الاستطاعة إذا لم یکن فیه حرج أو نقص علیه وکانت الزیادة معتدّا بها ، کما إذا کانت له دار تسوی مأة وأمکن تبدیلها بما یسوی خمسین مع کونه لائقا بحاله من غیر عسر فإنّه تصدق الاستطاعة ، نعم لو کانت الزیادة قلیلة جدّا بحیث لا یعتنی بها لم یجب .

م « ۲۵۸۳ » إذا لم یکن عنده من أعیان المستثنیات لکن کان عنده ما یمکن شراؤها به من النقود أو نحوها فلا یجوز شرائها وترک الحجّ إلاّ أن یکون عدمها موجبا للحرج علیه ، فالمدار فی ذلک هو الحرج وعدمه ، وحینئذ فإن کانت موجودةً عنده لا یجب بیعها إلاّ مع عدم الحاجة ، وإن لم یکن موجودةً لا یجوز شراؤها إلاّ مع لزوم الحرج فی ترکه ، ولو کانت موجودةً وباعها بقصد التبدیل بآخر لم یجب صرف ثمنها فی الحجّ ، فحکم ثمنها حکمها ، ولو باعها لا بقصد التبدیل وجب بعد البیع صرف ثمنها فی الحجّ إلاّ مع الضرورة إلیها علی حدّ الحرج فی عدمها .

م « ۲۵۸۴ » إذا کان عنده مقدار ما یکفیه للحجّ ونازعته نفسه إلی النکاح فلا یجب الحجّ مع کون ترک التزویج حرجا علیه ، أو موجبا لحدوث مرض أو للوقوع فی الزنا ونحوه ،

(۵۸۹)

نعم لو کانت عنده زوجة واجبة النفقة ولم یکن له حاجة فیها لا یجب أن یطلّقها وصرف مقدار نفقتها فی تتمیم مصرف الحجّ ؛ لعدم صدق الاستطاعة عرفا .

م « ۲۵۸۵ » إذا لم یکن عنده ما یحجّ به ولکن کان له دین علی شخص بمقدار مؤنته أو بما تتمّ به مؤنته ، فاللازم اقتضاؤه وصرفه فی الحجّ إذا کان الدین حالاًّ ، وکان المدیون باذلاً ؛ لصدق الاستطاعة حینئذ ، وکذا إذا کان مماطلاً أمکن إجباره باعانة متسلّط أو کان منکرا وأمکن إثباته عند الحاکم الشرعی وأخذه بلا کلفة وحرج ، وکذا إذا توقّف استیفاؤه علی الرجوع إلی حاکم الجور بناءً علی جواز الرجوع إلیه مع توقّف استیفاء الحقّ علیه ؛ لأنّه حینئذ یکون واجبا بعد صدق الاستطاعة ؛ لکونه مقدّمةً للواجب المطلق ، وکذا لو کان الدین مؤجّلاً وکان المدیون باذلاً قبل الأجل لو طالبه ، وأمّا لو کان المدیون معسرا أو مماطلاً لا یمکن إجباره أو منکرا للدین ولم یمکن إثباته ، أو کان الترافع مستلزما للحرج ، أو کان الدین مؤجّلاً مع عدم کون المدیون باذلاً فلا یجب ، فکذلک أیضا لو لم یکن واثقا ببذله مع المطالبة .

م « ۲۵۸۶ » لا یجب الاقتراض للحجّ إذا لم یکن له مال وإن کان قادرا علی وفائه بعد ذلک بسهولة ؛ لأنّه تحصیل الاستطاعة وهو غیر واجب ، نعم لو کان له مال غائب لا یمکن صرفه فی الحجّ فعلاً ، أو مال حاضر لا راغب فی شرائه أو دین مؤجّل لا یکون المدیون باذلاً له قبل الأجل ، وأمکنه الاستقراض والصرف فی الحجّ ثمّ وفاؤه بعد ذلک فیجب لصدق الاستطاعة حینئذ عرفا إلاّ إذا لم یکن واثقا بوصول الغائب أو حصول الدین بعد ذلک فحینئذ لا یجب الاستقراض ؛ لعدم صدق الاستطاعة فی هذه الصورة .

م « ۲۵۸۷ » إذا کان عنده ما یکفیه للحجّ وکان علیه دین فیکون مانعا عن وجوب الحجّ إلاّ مع التأجیل أو الحلول مع عدم المطالبة والوثوق بالتمکن من أداء الدین إذا صرف ما عنده فی الحجّ وذلک لعدم صدق الاستطاعة فی غیر هذه الصورة ، وهی المناط فی

(۵۹۰)

الوجوب ، لا مجرّد کونه مالکا للمال وجواز التصرّف فیه بأی وجه أراد ، وعدم المطالبة فی صورة الحلول أو الرضا بالتأخیر لا ینفع فی صدق الاستطاعة ، نعم تصدق الاستطاعة إذا کان واثقا بالتمکن من الأداء مع فعلیة الرضا بالتأخیر من الدائن ، والأخبار الدالّة علی جواز الحجّ لمن علیه دین لا تنفع فی الوجوب وفی کونه حجّة الاسلام ، وأمّا صحیح معاویة بن عمّار عن الصادق علیه‌السلام عن رجل علیه دین أعلیه أن یحجّ ؟ قال : «نعم إنّ حجّة الاسلام واجبة علی من أطاق المشی من المسلمین»(۱) ، وخبر عبد الرحمن عنه علیه‌السلام أنّه علیه‌السلام قال : «الحجّ واجب علی الرجل وإن کان علیه دین»(۲) ، فمحمولان علی الصورة التی ذکرنا ، نعم لو استقرّ علیه وجوب الحجّ سابقا فله التخییر لأنّهما حینئذ فی عرض واحد .

م « ۲۵۸۸ » لا فرق فی کون الدین مانعا من وجوب الحجّ بین أن یکون سابقا علی حصول المال بقدر الاستطاعة أو لا ، کما إذا استطاع للحجّ ثمّ عرض علیه دین بأن أتلف مال الغیر مثلاً علی وجه الضمان من دون تعمّد قبل خروج الرفقة أو بعده قبل أن یخرج هو أو بعد خروجه قبل الشروع فی الأعمال فحاله حال تلف المال من دون دین ، فإنّه یکشف عن عدم کونه مستطیعا .

م « ۲۵۸۹ » إذا کان علیه خمس أو زکاة وکان عنده مقدار ما یکفیه للحجّ لولاهما فحالهما حال الدین مع المطالبة ؛ لأنّ المستحقّین لهما مطالبون فیجب صرفه فیهما ، ولا یکون مستطیعا ، وإن کان الحجّ مستقرّا علیه سابقا فله الخیار ، هذا إذا کان الخمس أو الزکاة فی ذمّته ، وأمّا إذا کانا فی عین ماله فلا إشکال فی تقدیمهما علی الحجّ ؛ سواء کان مستقرّا علیه أو لا ، کما أنّهما یقدّمان علی دیون الناس أیضا ، ولو حصلت الاستطاعة والدین والخمس والزکاة معا فکما لو سبق الدین .

م « ۲۵۹۰ » إذا کان علیه دین مؤجّل بأجل طویل جدّا کما بعد خمسین سنة فهو لیس

۱ـ مستدرک الوسائل ، ج۸ ، ص۲۳ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۱۰۰ .

(۵۹۱)

مانعا عن الاستطاعة ، وکذا إذا کان الدیان مسامحا فی أصله ، کما فی مهور النساء ، فإنّهم یجعلون المهر ما لا یقدر الزوج علی أدائه کمأة ألف روپیة ، أو خمسین ألف ؛ لاظهار الجلالة ، ولیسوا مقیدین بالاعطاء والأخذ ، فمثل ذلک لا یمنع من الاستطاعة ووجوب الحجّ وکالدین ممّن بناؤه علی الابراء إذا لم یتمکن المدیون من الأداء ، أو واعده بالابراء بعد ذلک .

م « ۲۵۹۱ » إذا شک فی مقدار ماله وأنّه وصل إلی حدّ الاستطاعة أو لا ، یجب علیه الفحص ، وکذا إذا علم مقداره وشک فی مقدار مصرف الحجّ وأنّه یکفیه أو لا .

م « ۲۵۹۲ » لو کان بیده مقدار نفقة الذهاب والایاب وکان له مال غائب لو کان باقیا یکفیه فی رواج أمره بعد العود ، لکن لا یعلم بقاءه أو عدم بقائه فوجب الحجّ بهذا الذی بیده استصحابا لبقاء الغائب ، فهو کما لو شک فی أنّ أمواله الحاضرة تبقی إلی ما بعد العود أو لا فلا یعدّ من الأصل المثبت .

م « ۲۵۹۳ » إذا حصل عنده مقدار ما یکفیه للحجّ یجوز له قبل أن یتمکن من المسیر أن یتصرّف فیه بما یخرجه عن الاستطاعة ، وأمّا بعد التمکن منه فلا یجوز وإن کان قبل خروج الرفقة ، ولو تصرّف بما یخرجه عنها بقیت ذمّته مشغولة به ، وتصحّ التصرّف مثل الهبة والعتق وإن کان فعل حراما ؛ لأنّ النهی متعلّق بأمر خارج ، نعم لو کان قصده فی ذلک التصرّف الفرار من الحجّ لا لغرض شرعی أمکن أن یقال بعدم الصحّة ، والمناط فی عدم جواز التصرّف المخرج هو التمکن فی تلک السنة ، فلو لم یتمکن فیها ولکن یتمکن فی السنة الأخری لم یمنع عن جواز التصرّف ، فلا یجب إبقاء المال إلی العام القابل إذا کان له مانع فی هذه السنة ، فلیس حاله حال من یکون بلده بعیدا عن مکة بمسافة سنتبین .

م « ۲۵۹۴ » إذا کان له مال غائب بقدر الاستطاعة وحده أو منضمّا إلی ماله الحاضر وتمکن من التصرّف فی ذلک المال الغائب یکون مستطیعا ، ویجب علیه الحجّ ، وإن لم

(۵۹۲)

یکن متمکنا من التصرّف فیه ولو بتوکیل من یبیعه هناک فلا یکون مستطیعا إلاّ بعد التمکن منه ، أو الوصول فی یده ، وعلی هذا ، فلو تلف فی الصورة الأولی بقی وجوب الحجّ مستقرّا علیه إن کان التمکن فی حال تحقّق سائر الشرائط ، ولو تلف فی الصورة الثانیة لم یستقرّ ، وکذا إذا مات مورّثه وهو فی بلد آخر وتمکن من التصرّف فی حصّته أو لم یتمکن فإنّه علی الأوّل یکون مستطیعا بخلافه علی الثانی .

م « ۲۵۹۵ » إذا وصل ماله إلی حدّ الاستطاعة لکنّه کان جاهلاً به أو کان غافلاً عن وجوب الحجّ علیه ثمّ تذکر بعد أن تلف ذلک المال فیستقرّ وجوب الحجّ علیه إذا کان واجدا لسائر الشرائط حین وجوده ، والجهل والغفلة لا یمنعان عن الاستطاعة ، غایة الأمر أنّه معذور فی ترک ما وجب علیه ، وحینئذ فإذا مات قبل التلف أو بعده وجب الاستئجار عنه إن کانت له ترکة بمقداره ، وکذا إذا نقل ذلک المال إلی غیره بهبة أو صلح ثمّ علم بعد ذلک أنّه کان بقدر الاستطاعة ؛ لأنّ عدم التمکن من جهة الجهل والغفلة لا ینافی الوجوب الواقعی والقدرة التی هی شرط فی التکالیف القدرة من حیث هی ، وهی موجودة ، والعلم شرط فی التنجیز لا فی أصل التکلیف .

م « ۲۵۹۶ » إذا اعتقد أنّه غیر مستطیع فحجّ ندبا ، فإن قصد امتثال الأمر المتعلّق به فعلاً وتخیل أنّه الأمر الندبی أجزء عن حجّة الاسلام ؛ لأنّه حینئذ من باب الاشتباه فی التطبیق ، وإن قصد الأمر الندبی علی وجه التقیید لم یجز عنها ، وإن کان حجّه صحیحا ، وکذا الحال إذا علم باستطاعته ثمّ غفل عن ذلک ، وأمّا لو علم بذلک وتخیل عدم فوریتها فقصد الأمر الندبی فلا یجزی ؛ لأنّه یرجع إلی التقیید .

م « ۲۵۹۷ » لا تکفی فی الاستطاعة الملکیة المتزلزلة للزاد والراحلة وغیرهما ، کما إذا صالحه شخص ما یکفیه للحجّ بشرط الخیار له إلی مدّة معینة ، أو باعه محاباةً کذلک ؛ لأنّها فی معرض الزوال إلاّ إذا کان واثقا بأنّه لا یفسخ ، وکذا لو وهبه وأقبضه إذا لم یکن

(۵۹۳)

رحما ، فإنّه ما دامت العین موجودةً له الرجوع .

م « ۲۵۹۸ » یشترط فی وجوب الحجّ بعد حصول الزاد والراحلة بقاء المال إلی تمام الأعمال ، فلو تلف بعد ذلک ولو فی أثناء الطریق کشف عن عدم الاستطاعة . وکذا لو حصل علیه دین قهرا علیه ، کما إذا أتلف مال غیره خطأً ، وأمّا لو أتلفه عمدا فکان کاتلاف الزاد والراحلة عمدا فی عدم زوال استقرار الحجّ .

م « ۲۵۹۹ » إذا تلفت بعد تمام الأعمال مؤنة عوده إلی وطنه أو تلف ما به الکفایة من ماله فی وطنه بناءً علی اعتبار الرجوع إلی کفایة فی الاستطاعة ، فیجزی عن حجّة الاسلام ، ویقرّ به ما ورد من أنّ من مات بعد الاحرام ودخول الحرم أجزءه عن حجّة الاسلام ، بل یکون کذلک إذا تلف فی أثناء الحجّ أیضا .

م « ۲۶۰۰ » لا اعتبار بملکیة فی الزاد والراحلة ، فلو حصلا بالاباحة اللازمة کفی فی الوجوب لصدق الاستطاعة ، ویؤیده الأخبار الواردة فی البذل ، فلو شرط أحد المتعاملین علی الآخر فی ضمن عقد لازم أن یکون له التصرّف فی ماله بما یعادل مأة لیرة مثلاً وجب علیه الحجّ ویکون کما لو کان مالکا له .

م « ۲۶۰۱ » لو أوصی له بما یکفیه للحجّ فلم یجب الحجّ علیه بمجرّد موت الموصی ، کما لا یجب علیه القبول .

م « ۲۶۰۲ » إذا نذر قبل حصول الاستطاعة أن یزور الحسین علیه‌السلام فی کلّ عرفة ثمّ حصلت یجب علیه الحجّ ، بل وکذا لو نذر إن جاء مسافره أن یعطی الفقیر کذا مقدارا ، فحصل له ما یکفیه لأحدهما بعد حصول المعلّق علیه ، بل وکذا إذا نذر قبل حصول الاستطاعة أن یصرف مقدار مأة لیرة مثلاً فی الزیارة أو التعزیة أو نحو ذلک ، فإنّ هذا کلّه لا یمنع عن تعلّق وجوب الحجّ به ، وأمّا إذا کان علیه واجب مطلق فوری قبل حصول الاستطاعة ، ولم یمکن الجمع بینه وبین الحجّ ثمّ حصلت الاستطاعة وإن لم یکن ذلک الواجب أهمّ من

(۵۹۴)

الحجّ لم یجب الحجّ ؛ لأنّ العذر الشرعی کالعقلی فی المنع من الوجوب ، وأمّا لو حصلت الاستطاعة أوّلاً ثمّ حصل واجب فوری آخر لا یمکن الجمع بینه وبین الحجّ یکون من باب المزاحمة ، فیقدّم الأهمّ منهما ، فلو کان مثل إنقاذ الغریق قدّم علی الحجّ ، وحینئذ فإن بقیت الاستطاعة إلی العام القابل وجب الحجّ فیه ، وإلاّ فلا إلاّ أن یکون الحجّ قد استقرّ علیه سابقا ، فإنّه یجب علیه ولو متسکعا .

م « ۲۶۰۳ » النذر المعلّق علی أمر قسمان : تارة یکون التعلیق علی وجه الشرطیة ، کما إذا قال : إن جاء مسافری فللّه علی أن أزور الحسین علیه‌السلام فی عرفة ، وتارة یکون علی نحو الواجب المعلّق ، کأن یقول : للّه علی أن أزور الحسین علیه‌السلام فی عرفة عند مجی‌ء مسافری فعلی الأوّل یجب الحجّ إذا حصلت الاستطاعة قبل مجی‌ء مسافره ، وعلی الثانی أیضا یجب فیکون حکمه حکم النذر المنجّز ؛ سواء حصل المعلّق علیه قبلها أو بعدها ، وکذا لو حصلا معا یجب الحجّ ، من دون فرق بین الصورتین .

م « ۲۶۰۴ » إذا لم یکن له زاد وراحلة ولکن قیل له : حجّ وعلی نفقتک ونفقة عیالک وجب علیه ، وکذا لو قال : حجّ بهذا المال وکان کافیا له ذهابا وإیابا ولعیاله ، فتحصل الاستطاعة ببذل النفقة کما تحصل بملکها ، من غیر فرق بین أ ن یبیحها له أو یملکها إیاه ، ولا بین أن یبذل عینها أو ثمنها ، ولا بین أن یکون البذل واجبا علیه بنذر أو یمین أو نحوهما أو لا ، ولا بین کون الباذل موثوقا به أو لا ، والقول بالاختصاص بصورة التملیک ضعیف ، کالقول بالاختصاص بما إذا وجب علیه أو بأحد الأمرین من التملیک أو الوجوب ، وکذا القول بالاختصاص بما إذا کان موثوقا به ، کلّ ذلک لصدق الاستطاعة ، وإطلاق المستفیضة من الأخبار ، ولو کان له بعض النفقة فبذل له البقیة وجب أیضا ، ولو بذل له نفقة الذهاب فقط ولم یکن عنده نفقة العود لم یجب ، وکذا لو لم یبذل نفقة عیاله إلاّ إذا کان عنده ما یکفیهم إلی أن یعود ، أو کان لا یتمکن من نفقتهم مع ترک الحجّ أیضا .

(۵۹۵)

م « ۲۶۰۵ » لا یمنع الدین من الوجوب فی الاستطاعة البذلیة ، نعم لو کان حالاًّ وکان الدیان مطالبا مع فرض تمکنه من أدائه لو لم یحجّ ولو تدریجا فهو مانع .

م « ۲۶۰۶ » لا یشترط الرجوع إلی کفایة فی الاستطاعة البذلیة .

م « ۲۶۰۷ » إذا وهبه ما یکفیه للحجّ لأن یحجّ وجب علیه القبول ، بل وکذا لو وهبه وخیره بین أن یحجّ به أو لا ، وأمّا لو وهبه ولم یذکر الحجّ لا تعیینا ولا تخییرا فلا یجب القبول .

م « ۲۶۰۸ » لو وقف شخص لمن یحجّ أو أوصی أو نذر کذلک فبذل المتولّی أو الوصی أو الناذر له وجب علیه ، لصدق الاستطاعة ، بل إطلاق الأخبار ، وکذا لو أوصی له بما یکفیه للحجّ بشرط أن یحجّ ، فإنّه یجب علیه بعد موت الوصی .

م « ۲۶۰۹ » لو أعطاه ما یکفیه للحجّ خمسا أو زکاةً وشرط علیه أن یحجّ به فصحّ ووجب الحجّ علیه إذا کان فقیرا ، أو کانت الزکاة من سهم سبیل اللّه .

م « ۲۶۱۰ » الحجّ البذلی مجز عن حجّة الاسلام ، فلا یجب علیه إذا استطاع مالاً بعد ذلک .

م « ۲۶۱۱ » یجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول فی الاحرام وکذا بعده ، ولو وهبه للحجّ فقبل فجری حکم الهبة علیه فی جواز الرجوع قبل الاقباض ، وعدمه بعده إذا کانت لذی رحم أو بعد تصرّف الموهوب له .

م « ۲۶۱۲ » إذا رجع الباذل فی أثناء الطریق فتجب نفقة العود علیه .

م « ۲۶۱۳ » إذا بذل لأحد اثنین أو ثلاثة فیجب علیهم کفایةً ، فلو ترک الجمیع استقرّ علیهم الحجّ ، فیجب علی الکلّ لصدق الاستطاعة بالنسبة إلی الکلّ ، نظیر ما إذا وجد المتیمّمون ماءً یکفی لواحد منهم فإن تیمّم الجمیع یبطل .

م « ۲۶۱۴ » ثمن الهدی علی الباذل ، وأمّا الکفّارات فمطلقا علیه لا علی الباذل وإن أتی

(۵۹۶)

بموجبها اضطرارا أو مع الجهل أو النسیان .

م « ۲۶۱۵ » إنّما یجب بالبذل الحجّ الذی هو وظیفته علی تقدیر الاستطاعة ، فلو بذل للآفاقی بحجّ القران أو الإفراد أو لعمرة مفردة لا یجب علیه ، وکذا لو بذل للمکی لحجّ التمتّع لا یجب علیه ، ولو بذل لمن حجّ حجّة الاسلام لم یجب علیه ثانیا ، ولو بذل لمن استقرّ علیه حجّة الاسلام وصار معسرا وجب علیه ، ولو کان علیه حجّة النذر أو نحوه ولم یتمکن فبذل له باذل وجب علیه ، وإن قلنا بعدم الوجوب لو وهبه لا للحجّ ، لشمول الأخبار من حیث التعلیل فیها بأنّه بالذلّ صار مستطیعا ، ولصدق الاستطاعة عرفا .

م « ۲۶۱۶ » إذا قال له بذلت لک هذا المال مخیرا بین أن تحجّ به أو تزور الحسین علیه‌السلام وجب علیه الحجّ .

م « ۲۶۱۷ » لو بذل له مالاً لیحجّ بقدر ما یکفیه فسرق فی أثناء الطریق سقط الوجوب .

م « ۲۶۱۸ » لو رجع عن بذله فی الأثناء وکان فی ذلک المکان یتمکن من أن یأتی ببقیة الأعمال من مال نفسه أو حدث له مال بقدر کفایته وجب علیه الاتمام ، وأجزءه عن حجّة الاسلام .

م « ۲۶۱۹ » لا فرق فی الباذل بین أن یکون واحدا أو متعدّدا ، فلو قالا له : حجّ وعلینا نففتک وجب علیه .

م « ۲۶۲۰ » لو عین له مقدارا لیحجّ به واعتقد کفایته فبان عدمها وجب علیه الاتمام فی الصورة التی لا یجوز له الرجوع إلاّ إذا کان ذلک مقیدا بتقدیر کفایته .

م « ۲۶۲۱ » إذا قال اقترض وحجّ وعلی دینک فلا یجب ذلک علیه ؛ لعدم صدق الاستطاعة عرفا ، نعم لو قال : اقترض لی وحجّ به وجب مع وجود المقرض کذلک .

م « ۲۶۲۲ » لو بذل له مالاً لیحجّ به فتبین بعد الحجّ أنّه کان مغصوبا فلم یکف للمبذول له عن حجّة الاسلام ، وکذا لو قال : حجّ وعلی نفقتک ثمّ بذل له مالاً فبان کونه مغصوبا ،

(۵۹۷)

وقرار الضمان علی الباذل فی الصورتین ؛ عالما کان بکونه مال الغیر أو جاهلاً .

م « ۲۶۲۳ » لو آجر نفسه للخدمة فی طریق الحجّ بأجرة یصیر بها مستطیعا وجب علیه الحجّ ، ولا ینافیه وجوب قطع الطریق علیه للغیر ؛ لأنّ الواجب علیه فی حجّ نفسه أفعال الحجّ ، وقطع الطریق مقدّمة توصّلیة بأی وجه أتی بها کفی ، ولو علی وجه الحرام ، أو لا بنیة الحجّ ، ولذا لو کان مستطیعا قبل الاجارة جاز له إجارة نفسه للخدمة فی الطریق ، بل لو آجر نفسه لنفس المشی معه بحیث یکون العمل المستأجر علیه نفس المشی صحّ أیضا ، ولا یضرّ بحجّه ، نعم لو آجر نفسه لحج بلدی لم یجز له أن یؤجر نفسه لنفس المشی کإجارته لزیارة بلدیة أیضا ، أمّا لو آجر للخدمة فی الطریق فلا بأس وإن کان مشیه للمستأجر الأوّل فالممنوع وقوع الاجارة علی نفس ما وجب علیه أصلاً أو بالاجارة .

م « ۲۶۲۴ » إذا استؤجر ؛ أی : طلب منه إجارة نفسه للخدمة بما یصیر به مستطیعا لا یجب علیه القبول ، ولا یستقرّ الحجّ علیه ، فالوجوب علیه مقید بالقبول ووقوع الاجارة ، وقد یقال بوجوبه إذا لم یکن حرجا علیه ، لصدق الاستطاعة ، ولأنّه مالک لمنافعه فیکون مستطیعا قبل الاجارة ، کما إذا کان مالکا لمنفعة عبده أو دابّته وکانت کافیةً فی استطاعته ، وهو کما تری ؛ إذ نمنع صدق الاستطاعة بذلک ، ولکن لا ینبغی ترک الاحتیاط فی بعض صوره ، کما إذا کان من عادته إجارة نفسه للأسفار .

م « ۲۶۲۵ » یجوز لغیر المستطیع أن یؤجر نفسه للنیابة عن الغیر ، وإن حصلت الاستطاعة بمال الاجارة قدّم الحجّ النیابی ، فإن بقیت الاستطاعة إلی العام القابل وجب علیه لنفسه وإلاّ فلا .

م « ۲۶۲۶ » إذا حجّ لنفسه أو عن غیره تبرّعا أو بالاجارة مع عدم کونه مستطیعا لا یکفیه عن حجّة الاسلام ، فیجب علیه الحجّ إذا استطاع بعد ذلک ، وما فی بعض الأخبار من إجزائه عنها محمول علی الاجزاء مادام فقیرا ، کما صرّح به فی بعضها الآخر فالمستفاد

(۵۹۸)

منها أنّ حجّة الاسلام مستحبّة علی غیر المستطیع ، وواجبة علی المستطیع ، ویتحقّق الأوّل بأی وجه أتی به ، ولو عن الغیر تبرّعا أو بالاجارة ، ولا یتحقّق الثانی إلاّ مع حصول شرائط الوجوب .

م « ۲۶۲۷ » یشترط فی الاستطاعة مضافا إلی مؤنة الذهاب والایاب وجود ما یمون به عیاله حتّی یرجع ، فمع عدمه لا یکون مستطیعا ، والمراد بهم من یلزمه نفقته لزوما عرفیا وإن لم یکن ممّن یجب علیه نفقته شرعا ، فإذا کان له أخ صغیر أو کبیر فقیر لا یقدر علی التکسّب وهو ملتزم بالانفاق علیه أو کان متکفّلاً لانفاق یتیم فی حجره ولو أجنبی یعدّ عیالاً له فالمدار علی العیال العرفی .

م « ۲۶۲۸ » یعتبر الرجوع إلی کفایة من تجارة أو زراعة أو صناعة أو منفعة ملک له من بستان أو دکان أو نحو ذلک ، بحیث لا یحتاج إلی التکفّف ولا یقع فی الشدّة والحرج ، ویکفی کونه قادرا علی التکسّب اللائق به أو التجارة باعتباره ووجاهته وإن لم یکن له رأس مال یتجر به ، نعم قد مرّ عدم اعتبار ذلک فی الاستطاعة البذلیة ، ولا یعتبر أیضا فی من یمضی أمره بالوجوه اللائقة به کطلبة العلم من السادّة وغیرهم ، فإذا حصل لهم مقدار مؤنة الذهاب والایاب ومؤنة عیالهم إلی حال الرجوع فیجب علیهم بل وکذا الفقیر الذی عادته وشغله أخذ الوجوه ولا یقدر علی التکسّب إذا حصل له مقدار مؤنة الذهاب والایاب له ولعیاله ، وکذا کلّ من لا یتفاوت حاله قبل الحجّ وبعده إذا صرف ما حصل له من مقدار مؤنة الذهاب والایاب من دون حرج علیه .

م « ۲۶۲۹ » لا یجوز للولد أن یأخذ من مال والده ویحجّ به ، کما لا یجب علی الوالد أن یبذل له ، وکذا لا یجب علی الولد بذل المال لوالده لیحجّ به ، وکذا لا یجوز للوالد الأخذ من مال ولده للحجّ ، والقول بجواز ذلک أو وجوبه کما عن الشیخ ضعیف ، وإن کان یدلّ علیه صحیح سعد بن یسار سئل الصادق علیه‌السلام الرجل یحجّ من مال ابنه وهو صغیر ؟ قال :

(۵۹۹)

«نعم یحجّ منه حجّة الاسلام ، قال : وینفق منه ؟ قال نعم ، ثمّ قال : إنّ مال الولد لوالده ، إنّ رجلاً اختصم هو ووالده إلی رسول اللّه صلی‌الله‌علیه‌وآله فقضی أنّ المال والولد للوالد»(۱) ؛ وذلک لاعراض الاصحاب عنه ، مع إمکان حمله علی الاقتراض من ماله مع استطاعته من مال نفسه أو علی ما إذا کان فقیرا وکانت نفقته علی ولده ولم یکن نفقة السفر إلی الحجّ أزید من نفقته فی الحضر إذ یجب حینئذ .

م « ۲۶۳۰ » إذا حصلت الاستطاعة لا یجب أن یحجّ من ماله ، فلو حجّ فی نفقة غیره لنفسه أجزءه ، وکذا لو حجّ متسکعا ، بل لو حجّ من مال الغیر غصبا صحّ وأجزءه ، نعم إذا کان ثوب إحرامه وطوافه وسعیه من المغصوب لم یصحّ ، وکذا إذا کان ثمن هدیة غصبا .

م « ۲۶۳۱ » یشترط فی وجوب الحجّ الاستطاعة البدنیة ، فلو کان مریضا لا یقدر علی الرکوب أو کان حرجا علیه ولو علی المحمل أو الکنیسة لم یجب ، وکذا لو تمکن من الرکوب علی المحمل لکن لم یکن عنده مؤنته ، وکذا لو احتاج إلی خادم ولم یکن عنده مؤنته .

م « ۲۶۳۲ » یشترط أیضا الاستطاعة الزمانیة ، فلو کان الوقت ضیقا لا یمکنه الوصول إلی الحجّ أو أمکن لکن بمشقّة شدیدة لم یجب ، وحینئذ فإن بقیت الاستطاعة إلی العام القابل وجب وإلاّ فلا .

م « ۲۶۳۳ » یشترط أیضا الاستطاعة السربیة ، بأن لا یکون فی الطریق مانع لا یمکن معه الوصول إلی المیقات أو إلی تمام الأعمال وإلاّ لم یجب ، وکذا لو کان غیر مأمون بأن یخاف علی نفسه أو بدنه أو عرضه أو ماله وکان الطریق منحصرا فیه أو کان جمیع الطرق کذلک ، ولو کان هناک طریقان أحدهما أقرب لکنّه غیر مأمون وجب الذهاب من الأبعد المأمون ، ولو کان جمیع الطرق مخوفا إلاّ أنّه یمکنه الوصول إلی الحجّ بالدوران فی البلاد ،

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۶۳ .

(۶۰۰)

مثل ما إذا کان من أهل العراق ولا یمکنه إلاّ أن یمشی إلی کرمان ، ومنه إلی خراسان ، ومنه إلی بخارا ، ومنه إلی الهند ، ومنه إلی بوشهر ، ومنه إلی جدّة مثلاً ، ومنه إلی المدینة ، ومنها إلی مکة فلا یجب ؛ لأنّه یصدق علیه أنّه لا یکون مخلّی السرب .

م « ۲۶۳۴ » إذا استلزم الذهاب إلی الحجّ تلف مال له فی بلده معتد به لم یجب ، وکذا إذا کان هناک مانع شرعی من استلزامه ترک واجب فوری سابق علی حصول الاستطاعة أو لاحق مع کونه أهمّ من الحجّ کانقاذ غریق أو حریق ، وکذا إذا توقّف علی ارتکاب محرّم کما إذا توقّف علی رکوب دابّة غصبیة أو المشی فی الأرض المغصوبة .

م « ۲۶۳۵ » قد علم ممّا مرّ أنّه یشترط فی وجوب الحجّ مضافا إلی البلوغ والعقل والحریة والاستطاعة المالیة والبدنیة والزمانیة والسربیة ، عدم استلزامه الضرر ، أو ترک واجب أو فعل حرام ، ومع فقد أحد هذه لا یجب .

فبقی الکلام فی أمرین :

أحدهما ـ إذا اعتقد تحقّق جمیع هذه مع فقد بعضها واقعا أو اعتقد فقد بعضها وکان متحقّقا فنقول : إذا اعتقد تحقّق سائر الشرائط فحجّ ثمّ بان أنّه کان صغیرا أو عبدا فلا یجزی عن حجّة الاسلام ، وإن اعتقد کونه غیر بالغ أو عبدا مع تحقّق سائر الشرائط وأتی به أجزءه عن حجّة الاسلام کما مرّ سابقا ، وإن ترکه مع بقاء الشرائط إلی ذی الحجّة فیجب الحجّ علیه ، فإن فقد بعض الشرائط بعد ذلک کما إذا تلف ماله وجب علیه الحجّ ولو متسکعا ، وإن اعتقد کونه مستطیعا مالاً وأنّ ما عنده یکفیه فبان الخلاف بعد الحجّ فلا یجزی عن حجّة الاسلام لفقد الشرط واقعا ، وإن اعتقد عدم کفایة ما عنده من المال وکان فی الواقع کافیا وترک الحجّ فیجب الحجّ علیه ، وإن اعتقد عدم الضرر أو عدم الحرج فحج فبان الخلاف فلا یکفی ، وإن اعتقد المانع من العدوّ أو الضرر أو الحرج فترک الحجّ فبان الخلاف فیستقرّ علیه الحجّ ، وکذا إذا کان اعتقاده علی خلاف رویة العقلاء وبدون

(۶۰۱)

الفحص والتفتیش ، وإن اعتقد عدم مانع شرعی فحجّ فیجزی إذا بان الخلاف ، وإن اعتقد وجوده فترک فبان الخلاف فیستقرّ الحجّ .

ثانیهما ـ إذا ترک الحجّ مع تحقّق الشرائط متعمّدا ، أو حجّ مع فقد بعضها کذلک ، أمّا الأوّل فلا إشکال فی استقرار الحجّ علیه مع بقائها إلی ذی الحجّة ، وأمّا الثانی فإن حجّ مع عدم البلوغ أو عدم الحریة فلا إشکال فی عدم إجزائه إلاّ إذا انعتق قبل أحد الموقفین ، وإن حجّ مع عدم الاستطاعة المالیة فلا یجزی ، وإذا أتی به لم یکف ولو کان ندبا ، وإن حجّ مع عدم أمن الطریق أو مع عدم صحّة البدن مع کونه حرجا علیه ، أو مع ضیق الوقت کذلک فلا یجزی عن الواجب ، ففرق بین حجّ المتسکع وحجّ هؤلاء وعلّل الإجزاء بأنّ ذلک من باب تحصیل الشرط ، فإنّه لا یجب ، لکن إذا حصله وجب ، وفیه أنّ مجرّد البناء علی ذلک لا یکفی فی حصول الشرط ، مع أنّ غایة الأمر حصول المقدّمة التی هو المشی إلی مکة ومنی وعرفات ، ومن المعلوم أنّ مجرّد هذا لا یجب حصول الشرط الذی هو عدم الضرر ، أو عدم الحرج ، نعم لو کان الحرج أو الضرر فی المشی إلی المیقات فقط ولم یکونا حین الشروع فی الأعمال تمّ ما ذکره ، ولا قائل بعدم الإجزاء فی هذه الصورة .

م « ۲۶۳۶ » إذا حجّ مع استلزامه لترک واجب أو ارتکاب محرّم لم یجزه عن حجّة الاسلام ، ویقدّم سائر الواجبات من باب التزاحم مع اعتبار أهمیة ذلک الواجب .

م « ۲۶۳۷ » إذا کان فی الطریق عدوّ لا یندفع إلاّ بالمال فلا یجب الحجّ إن کان الضرر معتدّا به .

م « ۲۶۳۸ » لو توقّف الحجّ علی قتال العدوّ لم یجب حتّی مع ظنّ الغلبة علیه والسلامة .

م « ۲۶۳۹ » لو انحصر الطریق فی البحر وجب رکوبه إلاّ مع خوف الغرق أو المرض خوفا عقلائیا ، أو استلزامه الاخلال بصلاته أو إیجابه لأکل النجس أو شربه ، ولو حجّ مع هذا صحّ حجّه ؛ لأنّ ذلک فی المقدّمة ، وهی المشی إلی المیقات ، کما إذا رکب دابّةً غصبیةً إلی

(۶۰۲)

المیقات .

م « ۲۶۴۰ » إذا استقرّ علیه الحجّ وکان علیه خمس أو زکاة أو غیرهما من الحقوق الواجبة وجب علیه أداؤها ، وأمّا حجّه فصحیح إذا کانت الحقوق فی ذمّته ، لا فی عین ماله ، وکذا إذا کانت فی عین ماله ولکن کان ما یصرفه فی مؤنته من المال الذی لا یکون فیه خمس أو زکاة أو غیرهما ، أو کان ممّا تعلّق به الحقوق ، ولکن کان ثوب إحرامه وطوافه وسعیه وثمن هدیه من المال الذی لیس فیه حقّ ، بل وکذا إذا کانا ممّا تعلّق به الحقّ من الخمس والزکاة إلاّ أنّه بقی عنده مقدار ما فیه منهما ، بناءً علی کونهما فی العین علی نحو الکلی فی المعین لا علی وجه الاشاعة .

م « ۲۶۴۱ » یجب علی المستطیع الحجّ مباشرةً ، فلا یکفیه حجّ غیره عنه تبرّعا أو بالاجارة إذا کان متمکنا من المباشرة بنفسه .

م « ۲۶۴۲ » إذا استقرّ الحجّ علیه ولم یتمکن من المباشرة لمرض لم یرج زواله أو حصر کذلک أو هرم بحیث لا یقدر ، أو کان حرجا علیه فتجب الاستنابة علیه ، وذلک لظهور جملة من الأخبار فی الوجوب ، وأمّا إن کان مؤسرا من حیث المال ولم یتمکن من المباشرة مع عدم استقراره علیه فتجب الاستنابة أیضا ؛ لإطلاق الأخبار المشار إلیها ، ووجوبه فوری کما فی صورة المباشرة ، ومع بقاء العذر إلی أن مات یجزیه حجّ النائب فلا یجب القضاء عنه وإن کان مستقرّا علیه ، وإن اتّفق ارتفاع العذر بعد ذلک فیجب علیه مباشرةً إن لم یأت به النائب ، ولا یختصّ الحکم بحجّة الاسلام بل یجری فی الحجّ النذری والافسادی أیضا ، وإن لم یتمکن المعذور من الاستنابة ولو لعدم وجود النائب أو وجوده مع عدم رضاه إلاّ بأزید من أجرة المثل ولم یتمکن من الزیادة ، أو کانت مجحفةً سقط الوجوب ، وحینئذ فیجب القضاء عنه بعد موته إن کان مستقرّا علیه ، ولا یجب مع عدم الاستقرار ، ولو ترک الاستنابة مع الامکان عصی بناءً علی الوجوب ، ووجب القضاء

(۶۰۳)

عنه مع الاستقرار ، ولا یجب مع عدم الاستقرار ، ولو استناب مع کون العذر مرجوّ الزوال لم یجز عن حجّة الاسلام ، فیجب علیه بعد زوال العذر ، ولو استناب مع رجاء الزوال وحصل الیأس بعد عمل النائب فکفی ، ویکفی حجّ المتبرّع عنه فی صورة وجوب الاستنابة ، وهل یکفی الاستنابة من المیقات فی القضاء عنه بعد موته یجوز حتّی إذا أمکن ذلک فی مکة مع کون الواجب علیه هو التمتّع .

م « ۲۶۴۳ » إذا مات من استقرّ علیه الحجّ فی الطریق فإن مات بعد الاحرام ودخول الحرم أجزءه عن حجّة الاسلام ، فلا یجب القضاء عنه ، وإن مات قبل ذلک وجب القضاء عنه وإن کان موته بعد الاحرام ، فلا ینبغی الاشکال فی عدم کفایة الدخول فی الإحرام ، کما لا یکفی الدخول فی الحرم بدون الاحرام ، کما إذ نسیه فی المیقات ودخل الحرم ثمّ مات ؛ لأنّ المنساق من اعتبار الدخول فی الحرم کونه بعد الاحرام ، ولا یعتبر دخول مکة وإن کان الظاهر من بعض الأخبار ذلک لاطلاق البقیة فی کفایة دخول الحرم ، ولا فرق بین کون الموت حال الاحرام أو بعد الاحلال ، کما إذا مات بین الاحرامین ، وإن کان الموت فی الحلّ بعد کونه بعد الاحرام ودخول الحرم لا یجزی ، لظهور الأخبار فی الموت فی الحرم ، ولا فرق بین حجّ التمتّع والقِران والإفراد ، کما لو مات فی أثناء عمرة التمتّع أجزءه عن حجّه أیضا ، ولا یجزی إذا مات فی أثناء حجّ القران أو الإفراد عن عمرتها وبالعکس ؛ لأنّ الحجّ والعمرة فیهما عملان مستقلاّن بخلاف حجّ التمتّع فإنّ العمرة فیه داخلة فی الحجّ فهما عمل واحد ، ثمّ یختصّ حکم الإجزاء بحجّة الاسلام فلا یجری الحکم فی حجّ النذر والافساد إذا مات فی الأثناء ، بل لا یجری فی العمرة المفردة أیضا ، ولا یجری الحکم المذکور فی من مات مع عدم استقرار الحجّ علیه فیجزیه عن حجّة الاسلام إذا مات بعد الإحرام ودخول الحرم ، ویجب القضاء عنه إذا مات قبل ذلک .

م « ۲۶۴۴ » الکافر یجب علیه الحجّ إذا استطاع ؛ لأنّه مکلّف بالفروع ، لشمول الخطابات

(۶۰۴)

له أیضا ، ولکن لا یصحّ منه مادام کافرا کسائر العبادات وإن کان معتقدا لوجوبه ، وآتیا به علی وجهه مع قصد القربة ، لأنّ الاسلام شرط فی الصحّة ، ولو مات لا یقضی عنه لعدم کونه أهلاً للاکرام والابراء ، ولو أسلم مع بقاء استطاعته وجب علیه ، وکذا لو استطاع بعد إسلامه ، ولو زالت استطاعته ثمّ أسلم یجب علیه وهو حال استطاعته مأمور بالاتیان به مستطیعا وإن ترکه فمتسکعا .

م « ۲۶۴۵ » لو أحرم الکافر ثمّ أسلم فی الأثناء لم یکفه ، ووجبت علیه الاعادة من المیقات ، ولو لم یتمکن من العود إلی المیقات حرم من موضعه ، ولا یکفیه إدراک أحد الوقوفین مسلما ؛ لأنّ إحرامه باطل .

م « ۲۶۴۶ » المرتد یجب علیه الحجّ ؛ سواء کانت استطاعته حال إسلامه السابق أو حال ارتداده ولا یصحّ منه ، فإن مات قبل أن یتوب یعاقب علی ترکه ، ولا یقضی عنه ؛ لعدم أهلیته للإکرام وتفریغ ذمّته ، کالکافر الأصلی ، وإن تاب وجب علیه وصحّ منه وإن کان فطریا من قبول توبته ؛ سواء بقیت استطاعته أو زالت قبل توبته ، فلا تجری فیه قاعدة جبّ الاسلام ؛ لأنّها مختصّة بالکافر الأصلی بحکم التبادر ، ولو أحرم فی حال ردّته ثمّ تاب وجبت علیه الاعادة کالکافر الأصلی ، ولو حجّ فی حال إحرامه ثمّ ارتدّ لم تجب علیه الاعادة ، ففی خبر زرارة عن أبی جعفر علیه‌السلام : «من کان مؤمنا فحجّ ثمّ أصابته فتنة ثمّ تاب یحسب له کلّ عمل صالح عمله ولا یبطل منه شیء» . وآیة الحبط مختصّة بمن مات علی کفره بقرینة الآیة الأخری وهی قوله تعالی : «ومن یرتدد منکم عن دینه فیمت وهو کافر فأولئک حبطت أعمالهم»(۱) ، وهذه الآیة دلیل علی قبول توبة المرتد الفطری ، فما ذکره بعضهم من عدم قبولها منه لا وجه له .

م « ۲۶۴۷ » لو أحرم مسلما ثمّ ارتدّ ثمّ تاب لم یبطل إحرامه ، کما هو کذلک لو ارتدّ فی

۱ـ البقرة / ۲۱۷ .

(۶۰۵)

أثناء الغسل ثمّ تاب ، وکذا لو ارتدّ فی أثناء الأذان أو الاقامة أو الوضوء ثمّ تاب قبل فوات الموالاة ، بل وکذا لو ارتدّ فی أثناء الصلاة ثمّ تاب قبل أن یأتی بشیء أو یفوت الموالاة من عدم کون الهیأة الاتصالیة جزءً فیها ، نعم لو ارتدّ فی أثناء الصوم بطل وإن تاب بلا فصل .

م « ۲۶۴۸ » إذا حجّ المخالف ثمّ استبصر لا تجب علیه الاعادة ، بشرط أن یکون صحیحا فی مذهبه ، وإن لم یکن صحیحا فی مذهبنا من غیر فرق بین الفرق ؛ لاطلاق الأخبار ، وما دلّ علی الاعادة من الأخبار محمول علی الاستحباب بقرینة بعضها الآخر من حیث التعبیر بقوله علیه‌السلام : «یقضی أحبّ إلی» وقوله علیه‌السلام : «والحجّ أحبّ إلی» .

م « ۲۶۴۹ » لا یشترط إذن الزوج للزوجة فی الحجّ إذا کانت مستطیعةً ، ولا یجوز له منعها منه ، وکذا فی الحجّ الواجب بالنذر ونحوه إذا کان مضیقا ، وأمّا فی الحجّ المندوب فیشترط إذنه ، وکذا فی الواجب الموسّع قبل تضیقه ، بل فی حجّة الاسلام یجوز له منعها من الخروج مع أوّل الرفقة مع وجود الرفقة الأخری قبل تضیق الوقت والمطلّقة الرجعیة کالزوجة فی اشتراط إذن الزوج ما دامت فی العدّة ، بخلاف البائنة لانقطاع عصمتها منه ، وکذا المعتدّة للوفاة ، فیجوز لها الحجّ ؛ واجبا کان أو مندوبا ، والمنقطعة کالدائمة فی اشتراط الإذن ، ولا فرق فی اشتراط الاذن بین أن یکون ممنوعا من الاستمتاع بها لمرض أو سفر أو لا .

م « ۲۶۵۰ » لا یشترط وجود المحرم فی حجّ المرأة إذا کانت مأمونةً علی نفسها وبضعها ، کما دلّت علیه جملة من الأخبار ، ولا فرق بین کونها ذات بعل أو لا ، ومع عدم أمنها یجب علیها استصحاب المحرم ولو بالأجرة مع تمکنها منها ، ومع عدمه لا تکون مستطیعةً ، ولا یجب علیها التزویج تحصیلاً للمحرم ، ولو کانت ذات زوج وادّعی عدم الأمن علیها وأنکرت قدّم قولها مع عدم البینة أو القرائن الشاهدة ولا تستحقّ الیمین علیها إلاّ أن

(۶۰۶)

ترجع الدعوی إلی ثبوت حقّ الاستمتاع له علیها ، بدعوی أنّ حجّها حینئذ مفوّت لحقّه مع عدم وجوبه علیها ، فحینئذ علیها الیمین علی نفی الخوف ، ولیس للزوج مع هذه الحالة منعها عن الحجّ باطنا إذا أمکنه ذلک فی صورة عدم تحلیفها ، وکذا معه أیضا فسقط حقّه ، ولو حجّت بلا محرم مع عدم الأمن صحّ حجّها إن حصل الأمن قبل الشروع فی الاحرام .

م « ۲۶۵۱ » إذا استقرّ علیه الحجّ بأن استکملت الشرائط وأهمل حتّی زالت أو زال بعضها صار دینا علیه ، ووجب الاتیان به بأی وجه تمکن ، وإن مات فیجب أن یقضی عنه إن کانت له ترکة ، ویصحّ التبرّع عنه ، وما به یتحقّق الاستقرار هو مضی زمان یمکن فیها الاتیان بجمیع أفعاله مستجمعا للشرائط ، وهو إلی الیوم الثانی عشر من ذی الحجّة ، ویعتبر بقائها إلی زمان یمکن فیه العود إلی وطنه بالنسبة إلی الاستطاعة المالیة والبدنیة والسربیة ، وأمّا بالنسبة إلی مثل العقل فیکفی بقاؤه إلی آخر الأعمال ، وذلک لأنّ فقد بعض هذه الشرائط یکشف عن عدم الوجوب علیه واقعا ، وأنّ وجوب الخروج مع الرفقة کان ظاهریا ، ولذا لو علم من الأوّل أنّ الشرائط لا تبقی إلی الآخر لم یجب علیه ، نعم لو فرض تحقّق الموت بعد تمام الأعمال کفی بقاء تلک الشرائط إلی آخر الأعمال ، لعدم الحاجة حینئذ إلی نفقة العود والرجوع إلی کفایة وتخلیة السرب ونحوها ، ولو علم من الأوّل بأنّه یموت بعد ذلک ، فإن کان قبل تمام الأعمال لم یجب علیه المشی ، وإن کان بعده وجب علیه ، هذا إذا لم یکن فقد الشرائط مستندا إلی ترک المشی وإلاّ استقرّ علیه ، کما إذا علم أنّه لو مشی إلی الحجّ لم یمت أو لم یقتل أو لم یسرق ماله مثلاً ، فإنّه حینئذ یستقرّ علیه الوجوب ؛ لأنّه بمنزلة تفویت الشرط علی نفسه ، وأمّا لو شک فی أنّ الفقد مستند إلی ترک المشی أو لا فلم یستقرّ للشک فی تحقّق الوجوب وعدمه واقعا ، هذا بالنسبة إلی استقرار الحجّ لو ترکه ، وأمّا لو کان واجدا للشرائط حین المسیر فسار ثمّ زال بعض الشرائط فی

(۶۰۷)

الأثناء فأتمّ الحجّ علی ذلک الحال کفی حجّه عن حجّة الاسلام إذا لم یکن المفقود مثل العقل ، بل کان هو الاستطاعة البدنیة أو المالیة أو السربیة ونحوها .

م « ۲۶۵۲ » إذا استقرّ علیه العمرة فقط أو الحجّ فقط کما فی من وظیفته حجّ الإفراد والقِران ثمّ زالت استطاعته فکما مرّ یجب علیه أیضا بأی وجه تمکن ، وإن مات یقضی عنه .

م « ۲۶۵۳ » تقضی حجّة الاسلام من أصل الترکة إذا لم یوص بها ؛ سواء کانت حجّ التمتّع أو القِران أو الإفراد ، وکذا إذا کان علیه عمرتهما ، وإن أوصی بها من غیر تعیین کونها من الأصل أو الثلث فکذلک أیضا ، وأمّا إن أوصی باخراجها من الثلث وجب إخراجها منه ، وتقدّم علی الوصایا المستحبّة وإن کانت متأخّرةً عنها فی الذکر ، وإن لم یف الثلث بها أخذت البقیة من الأصل وکان حجّ النذر أیضا کذلک ، بمعنی أنّه یخرج من الأصل کما سیأتی الإشارة إلیه ، ولو کان علیه دین أو خمس أو زکاة وقصرت الترکة فإن کان المال المتعلّق به الخمس أو الزکاة موجودا قدّم لتعلّقهما بالعین ، فلا یجوز صرفه فی غیرهما ، وإن کانا فی الذمّة فالترکة توزع علی الجمیع بالنسبة ، کما فی غرماء المفلس ، وحینئذ فإن وفت حصّة الحجّ به فهو ، وإلاّ فإن لم تف إلاّ ببعض الأفعال کالطواف فقط أو هو مع السعی فسقط وصرف حصّته فی الدین أو الخمس أو الزکاة ، ومع وجود الجمیع توزع علیها ، وإن وفت بالحجّ فقط أو العمرة ففی مثل حجّ القران والإفراد تصرف فیهما مخیرا بینهما ، وقدّم الحجّ ، وفی حجّ التمتع سقط وصرفها فی الدین وغیره .

م « ۲۶۵۴ » لا یجوز للورّاث التصرّف فی الترکة قبل استئجار الحجّ إذا کان مصرفه مستغرقا لها بل مطلقا إلاّ إذا کانت واسعةً جدّا ، فلهم التصرّف فی بعضها حینئذ مع البناء علی إخراج الحجّ من بعضها الآخر کما فی الدین ، فحاله حال الدین .

م « ۲۶۵۵ » إذا أقرّ بعض الورثة بوجوب الحجّ علی المورّث وأنکره الآخرون لم یجب

(۶۰۸)

علیه إلاّ دفع ما یخصّ حصّته بعد التوزیع ، وإن لم یف ذلک بالحجّ لا یجب علیه تتمیمه من حصّته ، کما إذا أقرّ بدین وأنکره غیره من الورثة ، فإنّه لا یجب علیه الأزید ، فمسألة الإقرار بالحجّ أو الدین مع إنکار الآخرین نظیر مسألة الاقرار بالنسب ؛ حیث أنّه إذا أقرّ أحد الأخوین بأخ آخر وأنکره الآخر لا یجب علیه إلاّ دفع الزائد عن حصّته ، فیکفی دفع ثلث ما فی یده ، ولا ینزل إقراره علی الاشاعة علی خلاف القاعدة للنصّ .

م « ۲۶۵۶ » إذا کان علی المیت الحجّ ولم تکن ترکته وافیةً به یجب تصدّقها للخبر عن الصادق علیه‌السلام عن رجل مات وأوصی بترکته أن أحجّ بها ، فنظرت فی ذلک فلم یکفه للحجّ ، فسألت من عندنا من الفقهاء فقالوا : تصدّق بها ، فقال علیه‌السلام : ما صنعت بها ؟ فقال : تصدّق بها ، فقال علیه‌السلام : «ضمنت إلاّ أن لا یکون یبلغ ما یحجّ به من مکة ، فإن کان لا یبلغ ما یحجّ به من مکة فلیس علیک ضمان»(۱) ، نعم لو احتمل کفایتها للحجّ بعد ذلک أو وجود متبرّع بدفع التتمّة لمصرف الحجّ وجب إبقاؤها .

م « ۲۶۵۷ » إذا تبرّع متبرّع بالحجّ عن المیت رجعت أجرة الاستئجار إلی الورثة ؛ سواء عینها المیت أو لا ، والأولی صرفها فی وجوه البرّ أو التصدّق عنه ، خصوصا فی ما إذا عینها المیت للخبر المتقدّم .

م « ۲۶۵۸ » یجب الاستئجار عن المیت من أقرب المواقیت إلی مکة إن أمکن ، وإلاّ فمن الأقرب إلیه فالأقرب ، ولو أوصی بالاستئجار من البلد وجب ، ویحسب الزائد عن أجرة المیقاتیة من الثلث ، ولو أوصی ولم یعین شیئا کفت المیقاتیة إلاّ إذا کان هناک انصراف إلی البلدیة أو کانت قرینة علی إرادتها کما إذا عین مقدارا یناسب البلدیة .

م « ۲۶۵۹ » لو لم یمکن الاستئجار إلاّ من البلد وجب ، وکان جمیع المصرف من الأصل .

م « ۲۶۶۰ » إذا أوصی بالبلدیة أو قلنا بوجوبها مطلقا فخولف واستؤجر من المیقات أو

۱ـ الوسائل ، ج۱۳ ، ص۴۲۰ .

(۶۰۹)

تبرّع منه برئت ذمّته وسقط الوجوب من البلد ، وکذا لو لم یسع المال إلاّ من المیقات .

م « ۲۶۶۱ » المراد من البلد هو الوطن والبلد الذی صار مستطیعا فیه .

م « ۲۶۶۲ » لو عین بلدةً غیر بلده کما لو قال : استأجروا من النجف أو من کربلا تعین .

م « ۲۶۶۳ » علی القول بکفایة المیقاتیة لا یلزم أن یکون من المیقات أو الأقرب إلیه فالأقرب ، بل یکفی کلّ بلد دون المیقات ، لکن الأجرة الزائدة علی المیقات مع إمکان الاستئجار منه لا یخرج من الأصل ، ولا من الثلث إذا لم یوص بالاستئجار من ذلک البلد إلاّ إذا أوصی باخراج الثلث من دون أن یعین مصرفه ومن دون أن یزاحم واجبا مالیا علیه .

م « ۲۶۶۴ » إذا لم یمکن الاستئجار من المیقات وأمکن من البلد وجب وإن کان علیه دین الناس أو الخمس أو الزکاة فیزاحم الدین إن لم تف الترکة بهما ، بمعنی أنّها توزّع علیهما بالنسبة .

م « ۲۶۶۵ » إذا لم تف الترکة بالاستئجار من المیقات لکن أمکن الاستئجار من المیقات الاضطراری کمکة أو أدنی الحلّ وجب ، نعم لو دار الأمر بین الاستئجار من البلد أو المیقات الاضطراری قدّم الاستئجار من البلد ، ویخرج من أصل الترکة ؛ لأنّه لا اضطرار للمیت مع سعة ماله .

م « ۲۶۶۶ » بناءً علی القول بکفایة المیقاتیة لا فرق بین الاستئجار عنه وهو حی أو میت فیجوز لمن هو معذور بعذر لا یرجی زواله أن یجهّز رجلاً من المیقات کما ذکرنا سابقا أیضا ، فلا یلزم أن یستأجر من بلده .

م « ۲۶۶۷ » تجب المبادرة إلی الاستئجار فی سنة الموت ، خصوصا إذا کان الفوت عن تقصیر من المیت ، وحینئذ فلو لم یمکن إلاّ من البلد وجب وخرج من الأصل ، ولا یجوز التأخیر إلی السنة الأخری ولو مع العلم بامکان الاستئجار من المیقات توفیرا علی

(۶۱۰)

الورثة ، کما أنّه لو لم یمکن من المیقات إلاّ بأزید من الأجرة المتعارفة فی سنة الموت وجب ، ولا یجوز التأخیر إلی السنة الأخری توفیرا علیهم .

م « ۲۶۶۸ » إذا أهمل الوصی أو الوارث الاستئجار فتلفت الترکة أو نقصت قیمتها فلم تف بالاستئجار ضمن ، کما أنّه لو کان علی المیت دین وکانت الترکة وافیةً وتلفت بالاهمال ضمن .

م « ۲۶۶۹ » علی القول بوجوب البلدیة وکون المراد بالبلد الوطن إذا کان له وطنان یجب اختیار الأقرب إلی مکة إلاّ مع رضی الورثة بالاستئجار من الأبعد ، نعم مع عدم تفاوت الأجرة الحکم التخییر .

م « ۲۶۷۰ » بناءً علی البلدیة لا فرق بین أقسام الحجّ الواجب ، فلا اختصاص بحجّة الإسلام ، فلو کان علیه حجّ نذری لم یقید بالبلد ولا بالمیقات یجب الاستئجار من البلد ، بل وکذا لو أوصی بالحجّ ندبا اللازم الاستئجار من البلد إذا خرج من الثلث .

م « ۲۶۷۱ » إذا اختلف تقلید المیت والوارث فی اعتبار البلدیة أو المیقاتیة فالمدار علی تقلید المیت ، وإذا علم أنّ المیت لم یکن مقلّدا فی هذه المسألة فلهم التخییر مع تعدّد المجتهدین ومساواتهم .

م « ۲۶۷۲ » فی صورة تعدّد من یمکن استئجاره الأولی الاستئجار من أقلّهم أجرةً مع إحراز صحّة عمله مع عدم رضی الورثة ، أو وجود قاصر فیهم ؛ سواء قلنا بالبلدیة أو المیقاتیة ، ویجوز استئجار المناسب لحال المیت من حیث الفضل والأوثقیة مع عدم قبوله إلاّ بالأزید ، وخروجه من الأصل ، کما لا تجب المبالغة فی الفحص عن أقلّهم أجرةً .

م « ۲۶۷۳ » علی القول بکفایة المیقاتیة الأولی الاستئجار من البلد بالنسبة إلی الکبار من الورثة ، بمعنی عدم احتساب الزائد عن أجرة المیقاتیة علی القصر إن کان فیهم قاصر .

م « ۲۶۷۴ » إذا علم أنّه کان مقلّدا ولکن لم یعلم فتوی مجتهده فی هذه المسألة فلا یجب

(۶۱۱)

الاحتیاط بل المدار علی تقلید من أحد المجتهدین الواجدین لشرائط التقلید .

م « ۲۶۷۵ » إذا علم استطاعة المیت مالاً ولم یعلم تحقّق سائر الشرائط فی حقّه فلا یجب القضاء عنه ، لعدم العلم بوجوب الحجّ علیه لاحتمال فقد بعض الشرائط .

م « ۲۶۷۶ » إذا علم استقرار الحجّ علیه ولم یعلم أنّه أتی به أم لا ، فیجب القضاء عنه لأصالة بقائه فی ذمّته ، وکذا الکلام إذا علم أنّه تعلّق به خمس أو زکاة أو قضاء صلوات أو صیام ولم یعلم أنّه أدّاها أو لا .

م « ۲۶۷۷ » لا یکفی الاستئجار فی براءة ذمّة المیت والوارث ، بل یتوقّف علی الأداء ، ولو علم أنّ الأجیر لم یؤدّ الاستئجار ثانیا ، ویخرج من الأصل إن لم یمکن استرداد الأجرة من الأجیر .

م « ۲۶۷۸ » إذا استأجر الوصی أو الوارث من البلد غفلةً عن کفایة المیقاتیة ضمن ما زاد عن أجرة المیقاتیة للورثة أو لبقیتهم .

م « ۲۶۷۹ » إذا لم تکن للمیت ترکة وکان علیه الحجّ لم یجب علی الورثة شیء ، وإن کان یستحبّ علی ولیه ، بل قد یقال بوجوبه للأمر به فی بعض الأخبار .

م « ۲۶۸۰ » من استقرّ علیه الحجّ وتمکن من أدائه لیس له أن یحجّ عن غیره تبرّعا أو باجارة ، وکذا لیس له أن یحجّ تطوّعا ، ولو خالف فحجّه باطل وإن لم یتمکن من حجّه . ثمّ لا إشکال فی أنّ حجّه عن الغیر لا یکفیه عن نفسه ، بل هو باطل کما ذکرنا ، وکذا لو حجّ تطوّعا لا یجزیه عن حجّة الاسلام فی الصورة المفروضة ، بل هو باطل ویبقی علیه حجّة الاسلام ، فما عن الشیخ من أنّه یقع عن حجّة الاسلام لا وجه له ؛ إذ الانقلاب القهری لا دلیل علیه ، ودعوی أنّ حقیقة الحجّ واحدة ، والمفروض إتیانه بقصد القربة ، فهو منطبق علی ما علیه من حجّة الاسلام مدفوعة بأنّ وحدة الحقیقة لا تجدی بعد کون المطلوب هو الاتیان بقصد ما علیه ، ولیس المقام من باب التداخل بالاجماع کیف وإلاّ

(۶۱۲)

لزم کفایة الحجّ عن الغیر أیضا عن حجّة الاسلام ، بل لابدّ من تعدّد الامتثال مع تعدّد الأمر وجوبا وندبا ، أو مع تعدّد الواجبین ، وکذا لیس المراد من حجّة الاسلام الحجّ الأوّل بأی عنوان کان کما فی صلاة التحیة وصوم الاعتکاف ، فلا وجه لما قاله الشیخ أصلاً ، نعم لو نوی الأمر المتوجّه إلیه فعلاً وتخیل أنّه أمر ندبی غفلةً عن کونه مستطیعا یکفی عن حجّة الاسلام لکنّه خارج عمّا قاله الشیخ ، ثمّ إذا کان الواجب علیه حجّا نذریا أو غیره وکان وجوبه فوریا فحاله ما ذکرنا فی حجّة الاسلام من عدم جواز حجّ غیره وأنّه لو حجّ صحّ أو لا وغیر ذلک من التفاصیل المذکورة بحسب القاعدة .


فصل فی الحجّ الواجب بالنذر والعهد والیمین

م « ۲۶۸۱ » یشترط فی انعقادها البلوغ والعقل والقصد والاختیار ، فلا تنعقد من الصبی وإن بلغ عشرا وقلنا بصحّة عباداته وشرعیتها ؛ لرفع قلم الوجوب عنه ، وکذا لا تصحّ من المجنون والغافل والساهی والسکران والمکره ، وصحّ من الکافر وفاقا للمشهور فی الیمین ، خلافا لبعض ، وخلافا للمشهور فی النذر ، وفاقا لبعض ، وذکروا فی وجه الفرق عدم اعتبار قصد القربة فی الیمین واعتباره فی النذر ، ولا تتحقّق القربة فی الکافر ، وفیه أوّلاً أنّ القربة لا تعتبر فی النذر ، بل هو مکروه ، وإنّما تعتبر فی متعلّقه حیث أنّ اللازم کونه راجحا شرعا وثانیا أنّ متعلّق الیمین أیضا قد یکون من العبادات ، وثالثا أنّه یمکن قصد القربة من الکافر أیضا ، ودعوی عدم إمکان إتیانه للعبادات لاشتراطها بالاسلام مدفوعة بامکان إسلامه ثمّ إتیانه ، فهو مقدور لمقدوریة مقدّمته ، فیجب علیه حال کفره کسائر الواجبات ویعاقب علی مخالفته ، ویترتّب علیها وجوب الکفّارة فیعاقب علی ترکها أیضا ، وإن أسلم صحّ إن أتی به ، وتجب علیه الکفّارة لو خالف ، ولا تجری فیه قاعدة جبّ الاسلام لانصرافها عن المقام ، نعم لو خالف وهو کافر وتعلّق به الکفّارة فأسلم

(۶۱۳)

تسقط عنه .

م « ۲۶۸۲ » لا یشترط فی انعقاد الیمین من المملوک إذن المولی ، وفی انعقاده من الزوجة إذن الزوج ، وفی انعقاده من الولد اذن الوالد ، ولا یعتبر الاذن السابق فتکفی الاجازة بعده ، وتجری الفضولیة فیها لأنّ المقام ممّا کان فی مال نفسه ، غایة الأمر اعتبار رضا الغیر فیه ، ولا فرق فیه بین الرضا السابق واللاحق ، خصوصا إذا قلنا : إنّ الفضولی علی القاعدة ، ولازمه للمذکورین حلّ یمین الجماعة إذا لم یکن مسبوقا بنهی أو إذن ، وعدم وجوب العمل به مع عدم رضاهم به ، وعلی هذا فمع النهی السابق لا ینعقد ، ومع الإذن یلزم ، ومع عدمهم ینعقد ولهم حلّه ، ثمّ إنّ جواز الحلّ أو التوقّف علی الاذن لیس فی الیمین بما هو یمین مطلقا ، کما هو ظاهر کلماتهم بل إنّما هو فی ما کان المتعلّق منافیا لحقّ المولی أو الزوج ، وکان ممّا تجب فیه طاعة الوالد إذا أمر أو نهی ، وأمّا ما لم یکن کذلک فلا ، کما إذا حلف المملوک أن یحجّ إذا أعتقه المولی ، أو حلفت الزوجة أن تحجّ إذا مات زوجها أو طلّقها ، أو حلفا أن یصلّیا صلاة اللیل ، مع عدم کونها منافیة لحقّ المولی ، أو حقّ الاستمتاع من الزوجة ، أو حلف الولد أن یقرء کلّ یوم جزءً من القران ، أو نحو ذلک ممّا لا یجب طاعتهم فیها للمذکورین ، فلا مانع من انعقاده ، وهذا هو المنساق من الأخبار ، فلو حلف الولد أن یحجّ إذا استصحبه الوالد إلی مکة مثلاً لا مانع من انعقاده ، وهکذا بالنسبة إلی المملوک والزوجة ، فالمراد من الأخبار أنّه لیس لهم أن یوجبوا علی أنفسهم بالیمین ما یکون منافیا لحقّ المذکورین ، ولذا استثنی بعضهم الحلف علی فعل الواجب أو ترک القبیح ، وحکم بالانعقاد فیهما ، ولو کان المراد الیمین بما هو یمین لم یکن وجه لهذا الاستثناء ، هذا کلّه فی الیمین ، وأمّا النذر فالمشهور بینهم أنّه کالیمین فی المملوک والزوجة ، وألحق بعضهم بهما الولد أیضا ، وهو مشکل ؛ لعدم الدلیل علیه ، خصوصا فی الولد إلاّ القیاس علی الیمین ، بدعوی تنقیح المناط ، وهو ممنوع ، أو بدعوی

(۶۱۴)

أنّ المراد من الیمین فی الأخبار ما یشمل النذر لاطلاقه علیه فی جملة من الأخبار ، منها خبران فی کلام الإمام علیه‌السلام ، ومنها أخبار فی کلام الراوی وتقریر الإمام علیه‌السلام له ، هو أیضا کما تری ، فلا یلحق الولد ، نعم تلحق الزوجة والمملوک بالیمین لخبر قرب الاسناد عن جعفر وعن أبیه علیهماالسلام : «أنّ علیا علیه‌السلام کان یقول : لیس علی المملوک نذر إلاّ باذن مولاه»(۱) ، وصحیح ابن سنان عن الصادق علیه‌السلام : «لیس للمرأة مع زوجها أمر فی عتق ولا صدقة ولا تدبیر ولا هبة ولا نذر فی مالها إلاّ باذن زوجها إلاّ فی حجّ أو زکاة أو برّ والدیها أو صلة قرابتها»(۲) . وضعف الأوّل منجبر بالشهرة ، واشتمال الثانی علی ما لا نقول به لا یضرّ ، ثمّ الزوجة لا تشمل المنقطعة ، والولد لا یشمل ولد الولد ، والأمة المزوّجة علیها الاستئذان من الزوج والمولی بناءً علی اعتبار الاذن ، وإذا أذن المولی للمملوک أن یحلف أو ینذر الحجّ لا یجب علیه إعطاء ما زاد عن نفقته الواجبة علیه من مصارف الحجّ ، ولا یجب علیه تخلیة سبیله لتحصیلها ، ثمّ علی القول بأنّ لهم الحلّ لا یجوز مع حلف الجماعة التماس المذکورین فی حلّ حلفهم .

م « ۲۶۸۳ » إذا کان الوالد کافرا لا یشمل الحکم له ، للانصراف ونفی السبیل .

م « ۲۶۸۴ » المملوک المبعّض حکمه حکم القنّ ویتوقّف حلفه علی الاذن وإن کان وقوع المتعلّق فی نوبته .

م « ۲۶۸۵ » لا فرق فی الولد بین الذکر والأنثی ، وکذا فی المملوک والمالک لکن لا تلحق الأمّ بالأب .

م « ۲۶۸۶ » إذا نذر أو حلف المملوک باذن المالک ثمّ انتقل إلی غیره بالإرث أو البیع أو نحوه بقی علی لزومه .

م « ۲۶۸۷ » لو نذرت المرأة أو حلفت حال عدم الزوجیة ثمّ تزوّجت وجب علیها العمل

۱ـ الوسائل ، ج۱۶ ، ص۱۹۸ .

۲ـ الوسائل ، ج۱۳ ، ص۳۲۳ .

(۶۱۵)

به وإن کان منافیا للاستمتاع بها ، ولیس للزوج منعها من ذلک الفعل کالحجّ ونحوه ، بل وکذا لو نذرت أنّها لو تزوّجت بزید مثلاً صامت کلّ خمیس وکان المفروض أنّ زیدا أیضا حلف أن یواقعها کلّ خمیس إذا تزوّجها فإن حلفها أو نذرها مقدّم علی حلفه ، وإن کان متأخّرا فی الایقاع لأنّ حلفه لا یؤثّر شیئا فی تکلیفها ، بخلاف نذرها فإنّه یوجب الصوم علیها لأنّه متعلّق بعمل نفسها ، فوجوبه علیها یمنع من العمل بحلف الرجل .

م « ۲۶۸۸ » إذا نذر الحجّ من مکان معین کبلده أو بلد آخر معین فحجّ من غیر ذلک المکان لم تبرء ذمّته ، ووجب علیه ثانیا ، نعم لو عینه فی سنة فحجّ فی تلک السنة من غیر ذلک المکان وجبت علیه الکفّارة ، لعدم إمکان التدارک ، ولو نذر أن یحجّ من غیر تقیید بمکان ثمّ نذر نذرا آخر أن یکون ذلک الحجّ من مکان کذا وخالف فحجّ من غیر ذلک المکان برء من النذر الأوّل ، ووجبت علیه الکفّارة لخلف النذر الثانی ، کما أنّه لو نذر أن یحجّ حجّة الاسلام من بلد کذا فخالف فإنّه یجزیه عن حجّة الاسلام ، ووجبت علیه الکفّارة لخلف النذر .

م « ۲۶۸۹ » إذا نذر أن یحجّ ولم یقیده بزمان فیجوز التأخیر إلی ظنّ الموت أو الفوت ، فلا تجب علیه المبادرة إلاّ إذا کان هناک انصراف ، فلو مات قبل الاتیان به فی صورة جواز التأخیر لا یکون عاصیا ، والقول بعصیانه مع تمکنه فی بعض تلک الأزمنة وإن جاز التأخیر لا وجه له ، وإذا قیده بسنة معینة لم یجز التأخیر مع فرض تمکنه فی تلک السنة ، فلو أخّر عصی وعلیه القضاء والکفّارة ، وإذا مات وجب قضاؤه عنه ، کما أنّ فی صورة الاطلاق إذا مات بعد تمکنه منه قبل إتیانه وجب القضاء عنه ، والقول بعدم وجوبه بدعوی أنّ القضاء بفرض جدید ضعیف لما یأتی ، ویجب القضاء من أصل الترکة ، نعم إذا کان الوجوب علی وجه لا یقبل بقاء شغل الذمّة به بعد فوته لا یجب قضاؤه ، لا بالنسبة إلی نفس من وجب علیه ولا بعد موته ؛ سواء کان مالاً أو عملاً مثل وجوب إعطاء الطعام لمن

(۶۱۶)

یموت من الجوع عام المجاعة ، فإنّه لو لم یعطه حتّی مات لا یجب علیه ولا علی وارثه القضاء ؛ لأنّ الواجب إنّما هو حفظ النفس المحترمة ، وهذا لا یقبل البقاء بعد فوته ، وکما فی نفقة الأرحام فإنّه لو ترک الانفاق علیهم مع تمکنه لا یصیر دینا علیه ، لأنّ الواجب سدّ الخلّة ، وإذا فات لا یتدارک ، فتحصل أنّ مقتضی القاعدة فی الحجّ النذری إذا تمکنه وترک حتّی مات وجوب قضائه من الأصل ؛ لأنّه دین إلهی إلاّ أن یقال بانصراف الدین عن مثل هذه الواجبات ، وهو محلّ منع ، بل دین اللّه أحقّ أن یقضی .

م « ۲۶۹۰ » إذا نذر الحجّ مطلقا أو مقیدا بسنة معینة ولم یتمکن من الاتیان به حتّی مات لم یجب القضاء عنه ، لعدم وجوب الأداء علیه حتّی یجب القضاء عنه فیکشف ذلک عن عدم انعقاد نذره .

م « ۲۶۹۱ » إذا نذر الحجّ معلّقا علی أمر کشفاء مریضة أو مجی‌ء مسافره فمات قبل حصول المعلّق علیه لم یجب القضاء عنه ؛ لأنّ التعلیق من باب الشرط لا من قبیل الوجوب المعلّق فلا یجب علیه لعدم الوجوب علیه بعد فرض موته قبل حصول الشرط وإن کان متمکنا من حیث المال وسائر الشرائط .

م « ۲۶۹۲ » إذا نذر الحجّ وهو متمکن منه فاستقرّ علیه ثمّ صار معضوبا لمرض أو نحوه أو مصدودا بعدوّ أو نحوه فتجب استنابته حال حیاته ؛ لما مرّ من الأخبار سابقا فی وجوبها ، ودعوی اختصاصها بحجّة الاسلام ممنوعة کما مرّ سابقا ، وإذا مات وجب القضاء عنه وإذا صار معضوبا أو مصدودا قبل تمکنه واستقرار الحجّ علیه أو نذر وهو معضوب أو مصدود حال النذر مع فرض تمکنه من حیث المال ، فلا تجب الاستنابة حال حیاته ولا القضاء عنه بعد موته ، وإن قلنا بالوجوب بالنسبة إلی حجّة الاسلام إلاّ أن یکون قصده من قوله : للّه علی أن أحجّ ، الاستنابة .

م « ۲۶۹۳ » لو نذر أن یحجّ رجلاً فی سنة معینة فخالف مع تمکنه وجب علیه القضاء

(۶۱۷)

والکفّارة ، وإن مات قبل إتیانهما یقضیان من أصل الترکة ، لأنّهما واجبان مالیان بلا إشکال ، وکذا إذا نذر الاحجاج من غیر تقیید بسنة معینة مطلقا أو معلّقا علی شرط وقد حصل وتمکن منه وترک حتّی مات فإنّه یقضی عنه من أصل الترکة ، وأمّا لو نذر الاحجاج بأحد الوجوه ولم یتمکن منه حتّی مات فیجب قضائه ؛ لأنّه واجب مالی أوجبه علی نفسه فصار دینا ، غایة الأمر أنّه ما لم یتمکن معذور ، والفرق بینه وبین نذر الحجّ بنفسه أنّه لا یعدّ دینا مع عدم التمکن منه واعتبار المباشرة ، بخلاف الاحجاج ، فإنّه کنذر بذل المال ، کما إذا قال : للّه علی أن أعطی الفقراء مأة درهم ، ومات قبل تمکنه ، ودعوی کشف عدم التمکن عن عدم الانعقاد ممنوعة ، ففرق بین إیجاب مال علی نفسه أو إیجاب عمل مباشری وإن استلزم صرف المال ، فإنّه لا یعدّ دینا علیه بخلاف الأوّل .

م « ۲۶۹۴ » لو نذر الاحجاج معلّقا علی شرط کمجی‌ء المسافر أو شفاء المریض فمات قبل حصول الشرط مع فرض حصوله بعد ذلک وتمکنه منه قبله فیجب القضاء عنه إلاّ أن یکون مراده التعلیق علی ذلک الشرط مع کونه حیا حینه ، ویدلّ علی ما ذکرنا خبر مسمع بن عبدالملک فی من کان له جاریة حبلی فنذر إن هی ولدت غلاما أن یحجّه أو یحجّ عنه ، حیث قال الصادق علیه‌السلام بعد ما سئل عن هذا : «إنّ رجلاً نذر فی ابن له إن هو أدرک أن یحجّه أو یحجّ عنه ، فمات الأب وأدرک الغلام بعد ، فأتی رسول اللّه صلی‌الله‌علیه‌وآله فسأله عن ذلک ، فأمر رسول اللّه صلی‌الله‌علیه‌وآله أن یحجّ عنه ، ممّا ترک أبوه»(۱) ، وعلی ما ذکرنا لا یکون مخالفا للقاعدة کما تخیله البعض .

م « ۲۶۹۵ » إذا کان مستطیعا ونذر أن یحجّ حجّة الاسلام انعقد ، وکفاه حجّ واحد ، وإذا ترک حتّی مات وجب القضاء عنه ، والکفّارة من ترکته ، وإذا قیده بسنة معینة فأخّر عنها وجب علیه الکفّارة وإذا نذره فی حال عدم الاستطاعة انعقد أیضا ، ووجب علیه تحصیل

۱ـ الوسائل ، ج۱۶ ، ص۱۹۸ .

(۶۱۸)

الاستطاعة مقدّمةً ، إلاّ أن یکون مراده الحجّ بعد الاستطاعة .

م « ۲۶۹۶ » لا یعتبر فی الحجّ النذری الاستطاعة الشرعیة ، بل یجب مع القدرة العقلیة ؛ إذ حاله حال سائر الواجبات التی تکفیها القدرة عقلاً .

م « ۲۶۹۷ » إذا نذر حجّا غیر حجّة الاسلام فی عامه وهو مستطیع انعقد ، کما إذا نوی ذلک علی تقدیر زوالها فزالت .

م « ۲۶۹۸ » إذا نذر حجّا فی حال عدم الاستطاعة الشرعیة ثمّ حصلت له قدّم حجّة الاسلام لفوریتها وإن کان مضیقا بأن قیده بسنة معینة وحصلت فیها الاستطاعة أو قیده بالفوریة .

م « ۲۶۹۹ » إذا کان نذره فی حال عدم الاستطاعة فوریا ثمّ استطاع وأهمل عن وفاء النذر فی عامه وجب اتیان حجّة الاسلام فی العام القابل مقدّما علی النذر ، ولا یجب علیه النذر إلاّ بعد الفراغ عنه ، وکذا لو قید نذره بسنة معینة وحصلت فیها الاستطاعة فلم یف به وبقیت استطاعته إلی العام المتأخّر تجب حجّة الاسلام أیضا ، لأنّ حجّه النذری صار قضاءً موسّعا ففرق بین الاهمال مع الفوریة والاهمال مع التوقیت ، بناءً علی تقدیم حجّة الاسلام مع کون النذری موسّعا .

م « ۲۷۰۰ » إذا نذر الحجّ وأطلق من غیر تقیید بحجّة الاسلام ولا بغیره وکان مستطیعا أو استطاع بعد ذلک فلا یتداخ فلا یکفی حجّ واحد عنهما ، بل یجب التعدّد ؛ لأصالة تعدّد المسبّب بتعدّد السبب ، ولو نذر أن یحجّ مطلقا ؛ أی حجّ کان کفاه عن نذره حجّة الاسلام ، بل الحجّ النیابی وغیره أیضا ؛ لأنّ مقصوده حینئذ حصول الحجّ منه فی الخارج بأی وجه کان .

م « ۲۷۰۱ » إذا نذر الحجّ حال عدم استطاعته معلّقا علی شفاء ولده مثلاً فاستطاع قبل حصول المعلّق علیه فتقدّم حجّة الاسلام وإن کان نذره من قبیل الواجب المعلّق .

(۶۱۹)

م « ۲۷۰۲ » إذا کان علیه حجّة الاسلام والحجّ النذری ولم یمکنه الاتیان بهما إمّا لظنّ الموت أو لعدم التمکن إلاّ من أحدهما فیجب تقدیم حجّة الاسلام لأهمیتها ، وکذا إذا مات وعلیه حجّتان ولم تف ترکته إلاّ لاحداهما ، وأمّا إن وفت الترکة فاللازم استئجارهما ولو فی عام واحد .

م « ۲۷۰۳ » من علیه الحجّ الواجب بالنذر الموسّع یجوز له الاتیان بالحجّ المندوب قبله .

م « ۲۷۰۴ » إذا نذر أن یحجّ أو یحجّ انعقد ووجب علیه أحدهما علی وجه التخییر ، وإذا ترکهما حتّی مات یجب القضاء عنه مخیرا وإذا طرء العجز من أحدهما معینا تعین الآخر ، ولو ترکه أیضا حتّی مات یجب القضاء عنه مخیرا أیضا ؛ لأنّ الواجب کان علی وجه التخییر ، فالفائت هو الواجب المخیر ، ولا عبرة بالتعیین العرفی ، فهو کما لو کان علیه کفّارة الافطار فی شهر رمضان وکان عاجزا عن بعض الخصال ثمّ مات ، فإنّه یجب الاخراج عن ترکته مخیرا ، وإن تعین علیه فی حال حیاته فی إحداها فلا یتعین فی ذلک المتعین ، نعم لو کان حال النذر غیر متمکن إلاّ من أحدهما معینا ولم یتمکن من الآخر إلی أن مات یختصّ القضاء بالذی کان متمکنا منه بدعوی أنّ النذر لم ینعقد بالنسبة إلی ما لم یتمکن منه ، بناءً علی أنّ عدم التمکن یوجب عدم الانعقاد ، لکنّ مسألة الخصال لیست کذلک ، فیکون الاخراج من ترکته علی وجه التخییر وإن لم یکن فی حیاته متمکنا إلاّ من البعض أصلاً .

م « ۲۷۰۵ » إذا نذر أن یحجّ أو یزور الحسین علیه‌السلام من بلده ثمّ مات قبل الوفاء بنذره وجب القضاء من ترکته ، ولو اختلفت أجرتهما یجب الاقتصار علی أقلّهما أجرةً إلاّ إذا تبرّع الوارث بالزائد فلا یجوز للوصی اختیار الأزید أجرةً ، وإن جعل المیت أمر التعیین إلیه ، ولو أوصی باختیار الأزید أجرةً خرج الزائد من الثلث .

م « ۲۷۰۶ » إذا علم أنّ علی المیت حجّا ولم یعلم أنّه حجّة الاسلام أو حجّ النذر وجب

(۶۲۰)

قضاؤه عنه من غیر تعیین ولیست علیه کفّارة ، ولو تردّد ما علیه بین الواجب بالنذر أو بالحلف وجبت الکفّارة أیضا ، ویکفی حینئذ إطعام ستّین مسکینا ؛ لأنّ فیه إطعام عشرة أیضا الذی یکفی فی کفّارة الحلف .

م « ۲۷۰۷ » إذا نذر المشی فی حدّ نفسه أفضل من الرکوب ؛ بمقتضی جملة من الأخبار ، وإن کان الرکوب قد یکون أرحج لبعض الجهات ، فإنّ أرجحیته لا توجب زوال الرجحان عن المشی فی حدّ نفسه ، وکذا ینعقد لو نذر الحجّ ماشیا مطلقا ، ولو مع الاغماض عن رجحان المشی ، لکفایة رجحان أصل الحجّ فی الانعقاد ، إذ لا یلزم أن یکون المتعلّق راجحا بجمیع قیوده وأوصافه ، فیجب مطلقا ؛ لأنّ المفروض نذر المقید فلا معنی لبقائه مع عدم صحّة قیده .

م « ۲۷۰۸ » لو نذر الحجّ راکبا انعقد ووجب ، ولا یجوز حینئذ المشی وإن کان أفضل لما مرّ من کفایة رجحان المقید دون قیده ، نعم لو نذر الرکوب فی حجّه فی مورد یکون المشی أفضل لم ینعقد ؛ لأنّ المتعلّق حینئذ الرکوب لا الحجّ راکبا ، وکذا ینعقد لو نذر أن یمشی بعض الطریق من فرسخ فی کلّ یوم أو فرسخین ، وکذا ینعقد لو نذر الحجّ حافیا ، وما فی صحیحة الحذاء من أمر النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله برکوب أخت عقبة بن عامر مع کونها ناذرةً أن تمشی إلی بیت اللّه حافیةً قضیة فی واقعة یمکن أن یکون لمانع من صحّة نذرها من إیجابه کشفها أو تضرّرها أو غیر ذلک .

م « ۲۷۰۹ » یشترط فی انعقاد النذر ماشیا أو حافیا تمکن الناذر وعدم تضرّره بهما ، فلو کان عاجزا أو کان مضرّا ببدنه لم ینعقد ، نعم لا مانع منه إذا کان حرجا لا یبلغ حدّ الضرر ، لأنّ رفع الحرج من باب الرخصة لا العزیمة ، هذا إذا کان حرجیا حین النذر وکان عالما به ، وأمّا إذا عرض الحرج بعد ذلک فیکون مسقطا للوجوب .

م « ۲۷۱۰ » مبدء وجوب المشی أو الحفاء تابع للتعیین أو الانصراف ، ومع عدمها فأوّل

(۶۲۱)

أفعال الحجّ إذا قال : للّه علی أن أحجّ ماشیا ، ومن حین الشروع فی السفر إذا قال : للّه علی أن أمشی إلی بیت اللّه ، أو نحو ذلک ، کما أنّ منتهاه مع عدم التعیین رمی الجمار لجملة من الأخبار لأطواف النساء ، ولا الافاضة من عرفات کما فی بعض الأخبار .

م « ۲۷۱۱ » لا یجوز لمن نذر الحجّ ماشیا أو المشی فی حجّه أن یرکب البحر لمنافاته لنذره وإن اضطرّ إلیه لعروض المانع من سائر الطرق سقط نذره کما أنّه لو کان منحصرا فیه من الأوّل لم ینعقد ولو کان فی طریقه نهر أو شطّ لا یمکن العبور إلاّ بالمرکب فوجب أن یقوم فیه .

م « ۲۷۱۲ » إذا نذر المشی فخالف نذره فحجّ راکبا فإن کان المنذور الحجّ ماشیا من غیر تقیید بسنة معینة وجبت علیه الاعادة ولا کفّارة إلاّ إذا ترکها أیضا ، وإن کان المنذور الحجّ ماشیا فی سنة معینة فخالف وأتی به راکبا وجب علیه القضاء والکفّارة ، وإذا کان المنذور المشی فی حجّ معین وجبت الکفّارة دون القضاء لفوات محلّ النذر ، والحجّ صحیح فی جمیع الصور ، خصوصا الأخیرة لأنّ النذر لا یوجب شرطیة المشی فی أصل الحجّ ، وعدم الصحّة من حیث النذر لا یوجب عدمها من حیث الأصل ، فیکفی فی صحّته الاتیان به بقصد القربة ، وقد یتخیل البطلان من حیث أنّ المنوی وهو الحجّ النذری لم یقع ، وغیره لم یقصد ، وفیه أنّ الحجّ فی حدّ نفسه مطلوب وقد قصده فی ضمن قصد النذر ، وهو کاف ألا تری أنّه لو صام أیاما بقصد الکفّارة ثمّ ترک التتابع لا یبطل الصیام فی الأیام السابقة أصلاً ، وإنّما تبطل من حیث کونها صیام کفّارة ، وکذا إذا بطلت صلاته لم تبطل قراءته وأذکاره التی یأتی بها من حیث کونها قُرانا أو ذکرا .

م « ۲۷۱۳ » لو رکب بعضا ومشی بعضا فهو کما لو رکب الکلّ ، لعدم الاتیان بالمنذور ، فیجب علیه القضاء أو الاعادة ماشیا .

م « ۲۷۱۴ » لو عجز عن المشی بعد انعقاد نذره لتمکنه منه أو رجائه سقط ، ولا یبقی

(۶۲۲)

حینئذ وجوب الحجّ راکبا بل یسقط إذا کان الحجّ مقیدا بسنة معینة ، أو کان مطلقا مع الیأس عن التمکن بعد ذلک وتوقّع المکنة مع الاطلاق وعدم الیأس .

م « ۲۷۱۵ » إذا نذر الحجّ ماشیا فعرض مانع آخر غیر العجز عن المشی من مرض أو خوفه أو عدوّ أو نحو ذلک فحکمه حکم العجز فی ما ذکر .


فصل فی النیابة

م « ۲۷۱۶ » لا إشکال فی صحّة النیابة عن المیت فی الحجّ الواجب والمندوب ، وعن الحی فی المندوب مطلقا ، وفی الواجب فی بعض الصور .

م « ۲۷۱۷ » یشترط فی النائب أمور :

أحدها ـ البلوغ ، فلا تصحّ نیابة الصبی وإن کان ممیزا ، ولا فرق بین أن یکون حجّه بالاجارة أو بالتبرّع باذن الولی أو عدمه ، وإن صحّت نیابته فی الحجّ المندوب باذن الولی .

الثانی ـ العقل ، فلا تصحّ نیابة المجنون الذی لا یتحقّق منه القصد ؛ مطبقا کان جنونه أو أدواریا فی دور جنونه ، ولا بأس بنیابة السفیه .

الثالث ـ الایمان لعدم صحّة عمل غیر المؤمن وإن کان معتقدا بوجوبه وحصل منه نیة القربة .

الرابع ـ العدالة أو الوثوق بصحّة عمله ، وهذا الشرط إنّما یعتبر فی جواز الاستنابة لا فی صحّة عمله .

الخامس ـ معرفته بأفعال الحجّ وأحکامه وإن کان بارشاد معلّم حال کلّ عمل .

السادس ـ عدم اشتغال ذمّته بحجّ واجب علیه فی ذلک العام ، فلا تصحّ نیابة من وجب علیه حجّة الاسلام ، أو النذر المضیق مع تمکنه من إتیانه ، وأمّا مع عدم تمکنه لعدم المال فلا بأس ، فلو حجّ عن غیره مع تمکنه من الحجّ لنفسه بطل استنابته واجارته وحجّه ولم

(۶۲۳)

یستحقّ الأجرة ، ولا تبرء ذمّة المنوب عنه وإن کان مع الجهل أو الغفلة ، وتبطل الاجارة أیضا علی هذا التقدیر .

م « ۲۷۱۸ » لا یشترط فی النائب الحرّیة ، فتصحّ نیابة المملوک باذن مولاه ، ولا تصحّ استنابته بدونه ، ولو حجّ بدون إذنه بطل .

م « ۲۷۱۹ » یشترط فی المنوب عنه الاسلام ، فلا تصحّ النیابة عن الکافر ، لا لعدم انتفاعه بالعمل عنه ، لمنعه وإمکان دعوی انتفاعه بالتخفیف فی عقابه ، بل لانصراف الأدلّة ، فلو مات مستطیعا وکان الوارث مسلما لا یجب علیه استئجاره عنه ، ویشترط فیه أیضا کونه میتا أو حیا عاجزا فی الحجّ الواجب ، فلا تصحّ النیابة عن الحی فی الحجّ الواجب إلاّ إذا کان عاجزا ، وأمّا فی الحجّ الندبی فیجوز عن الحی والمیت تبرّعا أو بالاجارة .

م « ۲۷۲۰ » تجوز النیابة عن الصبی الممیز والمجنون بل یجب الاستئجار عن المجنون إذا استقرّ علیه حال إفاقته ثمّ مات مجنونا .

م « ۲۷۲۱ » لا تشترط المماثلة بین النائب والمنوب عنه فی الذکورة والأنوثة ، فتصحّ نیابة المرأة عن الرجل کالعکس ، نعم الأولی المماثلة .

م « ۲۷۲۲ » لا بأس باستنابة الصرورة ؛ رجلاً کان أو امرأةً ، عن رجل أو أمرأة ، نعم تکره استنابة المرأة الصرورة مطلقا خصوصا مع کون المنوب عنه رجلاً ، بل یکره استئجار الصرورة ولو کان رجلاً عن رجل .

م « ۲۷۲۳ » یشترط فی صحّة النیابة قصد النیابة وتعیین المنوب عنه فی النیة ولو بالإجمال ، ولا یشترط ذکر اسمه وإن کان یستحبّ ذلک فی جمیع المواقف .

م « ۲۷۲۴ » کما تصحّ النیابة بالتبرّع وبالاجارة کذا تصحّ بالجعالة ، ولا تفرغ ذمّة المنوب عنه إلاّ باتیان النائب صحیحا ، ولا تفرغ بمجرّد الاجارة ، وما دلّ من الأخبار علی کون الأجیر ضامنا وکفایة الاجارة فی فراغه منزّلة علی أنّ اللّه تعالی یعطیه ثواب الحجّ إذا

(۶۲۴)

قصر النائب فی الاتیان ، أو مطروحة لعدم عمل العلماء بها بظاهرها .

م « ۲۷۲۵ » لا یجوز استئجار المعذور فی ترک بعض الأعمال ، بل لو تبرّع المعذور لم یکتف به .

م « ۲۷۲۶ » إذا مات النائب قبل الاتیان بالمناسک فإن کان قبل الاحرام لم یجز عن المنوب عنه ؛ لما مرّ من کون الأصل عدم فراغ ذمّته إلاّ بالاتیان ، بعد حمل الأخبار الدالّة علی ضمان الأجیر علی ما أشرنا إلیه ، وإن مات بعد الإحرام ودخول الحرم أجزء عنه ، لا لکون الحکم کذلک فی الحاجّ عن نفسه ؛ لاختصاص ما دلّ علیه به ، وکون فعل النائب فعل المنوب عنه لا یقتضی الالحاق ، بل لموثّقة إسحاق بن عمّار المؤیدة بمرسلتی حسین بن عثمان وحسین بن یحیی الدالّة علی أنّ النائب إذا مات فی الطریق أجزء عن المنوب عنه المقیدة بمرسلة المقنعة : «من خرج حاجّا فمات فی الطریق فإنّه إن کان مات فی الحرم فقد سقطت عنه الحجّة»(۱) الشاملة للحاجّ عن غیره أیضا ، ولا یعارضها موثّقة عمّار الدالّة علی أنّ النائب إذا مات فی الطریق علیه أن یوصی ، لأنّها محمولة علی ما إذا مات قبل الاحرام أو علی الاستحباب ، مضافا إلی الاجماع علی عدم کفایة مطلق الموت فی الطریق ، وضعفها سندا بل ودلالةً منجبر بالشهرة والاجماعات المنقولة ، فلا ینبغی الاشکال فی الإجزاء فی الصورة المزبورة ، وأمّا إذا مات بعد الاحرام وقبل دخول الحرم فلا یجزی ، ولا فرق بین حجّة الاسلام وغیرها من أقسام الحجّ ، وکون النیابة بالأجرة أو بالتبرّع .

م « ۲۷۲۷ » إذا مات الأجیر بعد الاحرام ودخول الحرم یستحقّ تمام الأجرة إذا کان أجیرا علی تفریغ الذمّة ، وبالنسبة إلی ما أتی به من الأعمال إذا کان أجیرا علی الاتیان بالحجّ بمعنی الأعمال المخصوصة ، وإن مات قبل ذلک لا یستحقّ شیئا ؛ سواء مات قبل

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۴۸ .

(۶۲۵)

الشروع فی المشی أو بعده ، وقبل الاحرام أو بعده ، وقبل الدخول فی الحرم ؛ لأنّه لم یأت بالعمل المستأجر علیه لا کلاًّ ولا بعضا بعد فرض عدم إجزائه من غیر فرق بین أن یکون المستأجر علیه نفس الأعمال أو مع المقدّمات من المشی ونحوه ، نعم لو کان المشی داخلاً فی الاجارة علی وجه الجزئیة بأن یکون مطلوبا فی الاجارة نفسا استحقّ مقدار ما یقابله من الأجرة ، بخلاف ما إذا لم یکن داخلا أصلاً ، أو کان داخلاً فیها لا نفسا بل بوصف المقدّمیة ، والمفروض أنّه لم یکن مغرورا من قبله ، وحینئذ فتنفسخ الاجارة إذا کانت للحجّ فی سنة معینة ، ویجب علیه الاتیان به إذا کانت مطلقةً من غیر استحقاق لشی‌ء علی التقدیرین .

م « ۲۷۲۸ » یجب فی الاجارة تعیین نوع الحجّ من تمتّع أو قران أو إفراد ، ولا یجوز للموجر العدول عمّا عین له ، وإن کان إلی الأفضل ، کالعدول من أحد الأخیرین إلی الأوّل ، إلاّ إذا رضی المستأجر بذلک فی ما إذا کان مخیرا بین النوعین أو الأنواع ، کما فی الحجّ المستحبّی والمنذور المطلق ، أو کان ذا منزلین متساویین فی مکة وخارجها ، وأمّا إذا کان ما علیه من نوع خاصّ فلا ینفع رضاه أیضا بالعدول إلی غیره ، وفی صورة جواز الرضا یکون رضاه من باب إسقاط حقّ الشرط کان التعیین بعنوان الشرطیة ومن باب الرضا بالوفاء بغیر الجنس إن کان بعنوان القیدیة ، وعلی أی تقدیر یستحقّ الأجرة المسمّاة ، وإن لم یأت بالعمل المستأجر علیه علی التقدیر الثانی ، لأنّ المستأجر إذا رضی بغیر النوع الذی عینه فقد وصل إلیه ماله علی الموجر ، کما فی الوفاء بغیر الجنس فی سائر الدیون ، فکأنّه قد أتی بالعمل المستأجر علیه ، ولا فرق فی ما ذکرنا بین العدول إلی التمتّع تعبّدا من الشارع ، لخبر أبی بصیر عن أحدهما علیهماالسلام فی رجل أعطی رجلاً دراهم یحجّ بها مفردةً أیجوز له أن یتمتّع بالعمرة إلی الحجّ ؟ قال علیه‌السلام : «نعم إنّما خالف إلی الأفضل» ، والمتعین ما ذکرنا ، والخبر منزّل علی صورة العلم برضا المستأجر بذلک مع کونه مخیرا

(۶۲۶)

بین النوعین ، جمعا بینه وبین خبر آخر فی رجل أعطی رجلاً دراهم یحجّ بها حجّة مفردة قال علیه‌السلام : «لیس له أن یتمتّع بالعمرة إلی الحجّ بدون ذلک ، لا یخالف صاحب الدراهم»(۱) . وعلی ما ذکرنا من عدم جواز العدول إلاّ مع العلم بالرضا إذا عدل بدون ذلک لا یستحقّ الأجرة فی صورة التعیین علی وجه القیدیة ، وإن کان حجّه صحیحا عن المنوب عنه ، ومفرّغا لذمّته ، إذا لم یکن ما فی ذمّته متعینا فی ما عین ، وأمّا إذا کان علی وجه الشرطیة فیستحقّ إلاّ إذا فسخ المستأجر الاجارة من جهة تخلّف الشرط ؛ إذ حینئذ لا یستحقّ المسمّی بل أجرة المثل .

م « ۲۷۲۹ » لا یشترط فی الاجارة تعیین الطریق وإن کان فی الحجّ البلدی لعدم تعلّق الغرض بالطریق نوعا ، ولکن لو عین تعین ، ولا یجوز العدول عنه إلی غیره إلاّ إذا علم أنّه لا غرض للمستأجر فی خصوصیته ، وإنّما ذکره علی المتعارف ، فهو راض بأی طریق کان ، فحینئذ لو عدل صحّ واستحقّ تمام الأجرة ، وکذا إذا أسقط بعد العقد حقّ تعیینه فالقول بجواز العدول مطلقا أو مع عدم العلم بغرض فی الخصوصیة ضعیف ، کالاستدلال له بصحیحة حریز عن رجل أعطی رجلاً حجّة یحجّ عنه من الکوفة ، فحجّ عنه من البصرة ، فقال : «لا بأس إذا قضی جمیع المناسک فقد تمّ حجّه»(۲) ؛ إذ هی محمولة علی صورة العلم بعدم الغرض کما هو الغالب ، مع أنّها إنّما دلّت علی صحّة الحجّ من حیث هو ، لا من حیث کونه عملاً مستأجرا علیه کما هو المدّعی ، وربّما تحمل علی محامل أخر ، وکیف کان لا إشکال فی صحّة حجّه وبراءة ذمّة المنوب عنه إذا لم یکن ما علیه مقیدا بخصوصیة الطریق المعین ، ویستحقّ الأجرة المسمّاة علی تقدیر العدول بالنسبة ، ویسقط منه بمقدار المخالفة إذا کان الطریق معتبرا فی الاجارة علی وجه الجزئیة ، ولا یستحقّ شیئا علی تقدیر اعتباره علی وجه القیدیة ، لعدم إتیانه بالعمل المستأجر علیه

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۱۲۸ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۱۲۷ .

(۶۲۷)

حینئذ وإن برئت ذمّة المنوب عنه بما أتی به ؛ لأنّه حینئذ متبرّع بعمله ، ودعوی أنّه یعدّ فی العرف أنّه أتی ببعض ما استؤجر علیه فیستحقّ بالنسبة ، وقصد التقیید بالخصوصیة لا یخرجه عرفا عن العمل ذی الأجزاء ، کما ذهب إلیه فی الجواهر لا وجه لها ، ویستحقّ تمام الأجرة إن کان اعتباره علی وجه الشرطیة الفقهیة بمعنی الالتزام فی الالتزام ، نعم للمستأجر خیار الفسخ لتخلّف الشرط فیرجع إلی أجرة المثل .

م « ۲۷۳۰ » إذا آجر نفسه للحجّ عن شخص مباشرةً فی سنة معینة ثمّ آجر عن شخص آخر فی تلک السنة مباشرةً أیضا بطلت الاجارة الثانیة ، لعدم القدرة علی العمل بها بعد وجوب العمل بالأولی ، ومع عدم اشتراط المباشرة فیهما أو فی إحداهما صحّتا معا ، ودعوی بطلان الثانیة وإن لم یشترط فیها المباشرة مع اعتبارها فی الأولی ؛ لأنّه یعتبر فی صحّة الاجارة تمکن الأجیر من العمل بنفسه ، فلا یجوز إجارة الأعمی علی قراءة القران ، وکذا لا یجوز إجارة الحائض لکنس المسجد ، وإن لم یشترط المباشرة فیصحّ ، هذا إذا آجر نفسه ثانیا للحجّ بلا اشتراط المباشرة ، وأمّا إذا آجر نفسه لتحصیله فلا إشکال فیه ، وکذا تصحّ الثانیة مع اختلاف السنتین ، أو مع توسعة الإجارتین ، أو توسعة إحداهما ، بل وکذا مع إطلاقهما أو اطلاق إحداهما إذا لم یکن انصراف إلی التعجیل ، ولو اقترنت الاجارتین فی وقت واحد بطلتا معا مع اشتراط المباشرة فیهما ، ولو آجره فضولیان من شخصین مع اقتران الاجارتین تجوز له إجازة إحداهما کما فی صورة عدم الاقتران ، ولو آجر نفسه من شخص ثمّ علم أنّه آجره فضولی من شخص آخر سابقا علی عقد نفسه لیست له إجازة ذلک العقد وإن قلنا بکون الاجازة کاشفةً بدعوی أنّها حینئذ تکشف عن بطلان إجارة نفسه ؛ لکون إجارته نفسه مانعا عن صحّة الاجازة حتّی تکون کاشفةً ، وانصراف أدلّة صحّة الفضولی عن مثل ذلک .

م « ۲۷۳۱ » إذا آجر نفسه للحجّ فی سنة معینة لا یجوز له التأخیر ، بل ولا التقدیم مع

(۶۲۸)

رضی المستأجر ، ولو أخّر لا لعذر أثم وتنفسخ الاجارة إن کان التعیین علی وجه التقیید ، ویکون للمستأجر خیار الفسخ لو کان علی وجه الشرطیة ، وإن أتی به مؤخّرا لا یستحقّ الأجرة علی الأوّل وإن برئت ذمّة المنوب عنه به ، ویستحقّ المسمّاة علی الثانی إلاّ إذا فسخ المستأجر فیرجع إلی أجرة المثل ، وإذا أطلق الاجارة وقلنا بوجوب التعجیل لا تبطل مع الاهمال ولا یثبت الخیار للمستأجر حینئذ .

م « ۲۷۳۲ » قد عرفت عدم صحّة الاجارة الثانیة فی ما إذا آجر نفسه من شخص فی سنة معینة ، ثمّ آجر من آخر فی تلک السنة ، فهل یمکن تصحیح الثانیة باجازة المستأجر الأوّل أو لا ، فیه تفصیل ، وهو أنّه إن کانت الأولی واقعة علی العمل فی الذمّة لا تصحّ الثانیة بالاجازة ؛ لأنّه لا دخل للمستأجر بها إذا لم تقع علی ماله حتّی تصحّ له إجازتها ، وإن کانت واقعةً علی منفعة الأجیر فی تلک السنة بأن تکون منفعته من حیث الحجّ أو جمیع منافعه له جاز له إجازة الثانیة لوقوعها علی ماله ، وکذا الحال فی نظائر المقام ، فلو آجر نفسه لیخیط لزید فی یوم معین ثمّ آجر نفسه لیخیط أو لیکتب لعمرو فی ذلک الیوم لیس لزید إجازة العقد الثانی ، وأمّا إذا ملکه منفعته الخیاطی فآجر نفسه للخیاطة أو للکتابة لعمرو جاز له إجازة هذا العقد ؛ لأنّه تصرّف فی متعلّق حقّه ، وإذا أجاز له یکون مال الاجارة له لا للموجر ، نعم لو ملک منفعةً خاصّةً کخیاطة ثوب معین أو الحجّ عن میت معین علی وجه التقیید یکون کالأوّل فی عدم إمکان إجازته .

م « ۲۷۳۳ » إذا صدّ الأجیر أو أحصر کان حکمه کالحاجّ عن نفسه فی ما علیه من الأعمال ، وتنفسخ الاجارة مع کونها مقیدةً بتلک السنة ، ویبقی الحجّ فی ذمّته مع الاطلاق ، وللمستأجر خیار التخلّف إذا کان اعتبار تلک السنة علی وجه الشرط فی ضمن العقد ، ولا یجزی عن المنوب عنه وإن کان بعد الإحرام ودخول الحرم ، لأنّ ذلک کان فی خصوص الموت من جهة الأخبار ، والقیاس علیه لا وجه له ، ولو ضمن الموجر الحجّ فی

(۶۲۹)

المستقبل فی صورة التقیید لم تجب إجابته .

م « ۲۷۳۴ » إذا أتی النائب بما یوجب الکفّارة فهو من ماله .

م « ۲۷۳۵ » إطلاق الإجارة یقتضی التعجیل بمعنی الحلول فی مقابل الأجل لا بمعنی الفوریة ؛ إذ لا دلیل علیها ، والقول بوجوب التعجیل إذا لم یشترط الأجل ضعیف ، فحالها حال البیع فی أنّ إطلاقه یقتضی الحلول بمعنی جواز المطالبة ووجوب المبادرة معها .

م « ۲۷۳۶ » إذا قصرت الأجرة لا یجب علی المستأجر إتمامها ، کما أنّها لو زادت لیس له استرداد الزائد ، نعم یستحبّ الاتمام کما قیل ، بل قیل : یستحبّ علی الأجیر أیضا ردّ الزائد ، ولا دلیل بالخصوص علی شیء من القولین ، نعم یستدلّ علی حسن الأوّل بأنّه معاونة علی البرّ والتقوی ، وعلی حسن الثانی بکونه موجبا للاخلاص فی العبادة .

م « ۲۷۳۷ » لو أفسد الأجیر حجّه بالجماع قبل المشعر فکالحاجّ عن نفسه یجب علیه إتمامه والحجّ من قابل وکفّارة بدنة ، وهو یستحقّ الأجرة علی الأوّل لأنّ الواجب هو الأوّل ، وأنّ الثانی عقوبة لبعض الأخبار الصریحة فی ذلک فی الحاجّ عن نفسه ، ولا فرق بینه وبین الأجیر ، ولخصوص خبرین فی خصوص الأجیر عن إسحاق بن عمّار عن أحدهما علیهماالسلام قال : «قلت فإن ابتلی بشیء یفسد علیه حجّه حتّی یصیر علیه الحجّ من قابل ، أیجزی عن الأوّل ؟ قال : نعم ، قلت : فإنّ الأجیر ضامن للحج ؟ قال : نعم»(۱) ، وفی الثانی سئل الصادق علیه‌السلام عن رجل حجّ عن رجل فاجترح فی حجّه شیئا یلزم فیه الحجّ من قابل وکفّارة ؟ قال علیه‌السلام : «هی للأوّل تامّة» ، وعلی هذا ، ما اجترح فیستحقّ الأجرة علی الأوّل وإن ترک الاتیان من قابل عصیانا أو لعذر ، ولا فرق بین کون الاجارة مطلقةً أو معینةً ، ویجب اتیان الثانی بالعنوان الذی أتی به الأوّل ، فیجب فیه قصد النیابة عن المنوب عنه وبذلک العنوان ، ولا ینافی کونه عقوبةً ، فإنّه تکون الاعادة عقوبةً ، ثمّ لا یخفی عدم

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۱۳۰ .

(۶۳۰)

تمامیة ما ذکره ذلک القائل من عدم استحقاق الأجرة فی صورة کون الإجارة معینة ولو علی ما یأتی به فی القابل ، لانفساخها وکون وجوب الثانی تعبّدا ، لکونه خارجا عن متعلّق الاجارة ، وإن کان مبرءً لذمّة المنوب عنه ، وذلک لأنّ الاجارة وإن کانت منفسخةً بالنسبة إلی الأوّل لکنّها باقیة بالنسبة إلی الثانی تعبّدا لکونه عوضا شرعیا تعبّدیا عمّا وقع علیه العقد فلا وجه لعدم استحقاق الأجرة علی الثانی ، وقد یقال بعدم کفایة الحجّ الثانی أیضا فی تفریغ ذمّة المنوب عنه ، بل لابدّ للمستأجر أن یستأجر مرّة أخری فی صورة التعیین ، وللأجیر أن یحجّ ثالثا فی صورة الاطلاق ؛ لأنّ الحجّ الأوّل فاسد ، والثانی إنّما وجب للافساد عقوبةً فیجب ثالث ؛ إذ التداخل خلاف الأصل ، وفیه أنّ هذا إنّما یتمّ إذا لم یکن الحجّ فی القابل بالعنوان الأوّل ، والظاهر من الأخبار علی القول بعدم صحّة الأوّل وجوب إعادة الأوّل ، وبذلک العنوان ، فیکفی فی التفریغ ، ولا یکون من باب التداخل فلیس الافساد عنوانا مستقلاًّ ، نعم إنّما یلزم ذلک إذا قلنا : إنّ الافساد موجب لحج مستقّل لا علی نحو الأوّل ، وهو خلاف ظاهر الأخبار ، وقد یقال فی صورة التعیین : إنّ الحجّ الأوّل إذا کان فاسدا وانفسخت الاجارة یکون لنفسه ، فقضاؤه فی العام القابل أیضا یکون لنفسه ، ولا یکون مبرءً لذمّة المنوب عنه ، فیجب علی المستأجر استئجار حجّ آخر ، وفیه أیضا ما عرفت من أنّ الثانی واجب بعنوان إعادة الأوّل وکون الأوّل بعد انفساخ الاجارة بالنسبة إلیه لنفسه لا یقتضی کون الثانی له ، وإن کان بدلاً عنه ؛ لأنّه بدل عنه بالعنوان المنوی ، لا بما صار إلیه بعد الفسخ ، هذا ، والحقّ عدم الفرق فی الأحکام المذکورة بین کون الحجّ الأوّل المستأجر علیه واجبا أو مندوبا ، بل یجری حکم وجوب الاتمام والاعادة فی النیابة تبرّعا أیضا ، وإن کان لا یستحقّ الأجرة أصلاً .

م « ۲۷۳۸ » یملک الأجیر الأجرة بمجرّد العقد ، لکن لا یجب تسلیمها إلاّ بعد العمل إذا لم یشترط التعجیل ولم تکن قرینةً علی إرادته من انصراف أو غیره ، ولا فرق فی عدم

(۶۳۱)

وجوب التسلیم بین أن تکون عینا أو دینا ، لکن إذا کانت عینا ونمت کان النماء للأجیر ، وعلی ما ذکر من عدم وجوب التسلیم قبل العمل إذا کان المستأجر وصیا أو وکیلاً وسلّمها قبله کان ضامنا لها علی تقدیر عدم العمل من الموجر ، أو کون عمله باطلاً ، ولا یجوز لهما اشتراط التعجیل من دون إذن الموکل أو الوارث ولو لم یقدر الأجیر علی العمل مع عدم تسلیم الأجرة کان له الفسخ ، وکذا للمستأجر ، لکن لمّا کان المتعارف تسلیمها أو نصفها قبل المشی یستحقّ الأجیر المطالبة فی صورة الاطلاق ، ویجوز للوکیل والوصی دفعها من غیر ضمان .

م « ۲۷۳۹ » إطلاق الاجارة یقتضی المباشرة ، فلا یجوز للأجیر أن یستأجر غیره إلاّ مع الاذن صریحا أو ظاهرا ، والروایة الدالّة علی الجواز محمولة علی صورة العلم بالرضا من المستأجر .

م « ۲۷۴۰ » لا یجوز استئجار من ضاق وقته عن إتمام الحجّ تمتّعا ، وکانت وظیفته العدول إلی حجّ الإفراد عمّن علیه حجّ التمتّع ، ولو استأجره مع سعة الوقت فنوی التمتّع ثمّ اتّفق ضیق الوقت فوجب له العدول ، ولا یجزی عن المنوب عنه ولا عن المیت ولا یستحقّ الأجرة علیه ؛ لأنّه غیر ما علی المیت ، ولأنّه غیر العمل المستأجر علیه .

م « ۲۷۴۱ » یجوز التبرّع عن المیت فی الحجّ الواجب ؛ أی واجب کان والمندوب ، بل یجوز التبرّع عنه بالمندوب ، وإن کانت ذمّته مشغولةً بالواجب ، ولو قبل الاستئجار عنه للواجب ، وکذا یجوز الاستئجار عنه فی المندوب کذلک ، وأمّا الحی فلا یجوز التبرّع عنه فی الواجب إلاّ إذا کان معذورا فی المباشرة لمرض أو هرم ، فإنّه یجوز التبرّع عنه ویسقط عنه وجوب الاستنابة کما مرّ سابقا ، وأمّا الحجّ المندوب فیجوز التبرّع عنه ، کما یجوز به أن یستأجر له حتّی إذا کان علیه حجّ واجب لا یتمکن من أداءه فعلاً ، وأمّا إن تمکن منه الاستئجار للمندوب قبل أدائه بل التبرّع عنه حینئذ أیضا یصحّ اذا لم یخل بالحجّ

(۶۳۲)

الواجب .

م « ۲۷۴۲ » لا یجوز أن ینوب واحد عن اثنین أو أزید فی عام واحد ، وإن کان یصحّ إلاّ إذا کان وجوبه علیهما علی نحو الشرکة ، کما إذا نذر کلّ منهما أن یشترک مع الآخر فی تحصیل الحجّ ، وأمّا فی الحجّ المندوب فیجوز حجّ واحد عن جماعة بعنوان ا لنیابة ، کما یجوز بعنوان إهداء الثواب لجملة من الأخبار الظاهرة فی جواز النیابة أیضا ، فلا داعی لحملها علی خصوص إهداء الثواب .

م « ۲۷۴۳ » یجوز أن ینوب جماعة عن المیت أو الحی فی عام واحد فی الحجّ المندوب تبرّعا أو بالاجارة ، بل یجوز ذلک فی الواجب أیضا ، کما إذا کان علی المیت الحی الذی لا یتمکن من المباشرة لعذر حجّان مختلفان نوعا کحجّة الاسلام والنذر ، أو متّحدان من حیث النوع کحجّتین للنذر ، فیجوز أن یستأجر أجیرین لهما فی عام واحد ، وکذا یجوز إذا کان أحدهما واجبا ، والآخر مستحبّا ، بل یجوز أن یستأجر أجیرین لحجّ واجب واحد کحجّة الاسلام فی عام واحد احتیاطا ، لاحتمال بطلان حجّ أحدهما ، بل وکذا مع العلم بصحّة الحجّ من کلّ منهما ، وکلاهما آت بالحج الواجب ، وإن کان إحرام أحدهما قبل إحرام الآخر ، فهو مثل ما إذا صلّی جماعة علی المیت فی وقت واحد ، ولا یضرّ سبق أحدهما بوجوب الآخر ، فانّ الذمّة مشغولة ما لم یتمّ العمل ، فیصحّ قصد الوجوب من کلّ منهما ولو کان أحدهما أسبق شروعا .


فصل فی الوصیة بالحجّ

م « ۲۷۴۴ » إذا أوصی بالحجّ فإن علم أنّه واجب أخرج من أصل الترکة وإن کان بعنوان الوصیة ، فلا یقال مقتضی کونه بعنوانها خروجه من الثلث ، نعم لو صرّح باخراجه من الثلث أخرج منه ، فإن وفی به فهو وإلاّ یکون الزائد من الأصل ، ولا فرق فی الخروج من

(۶۳۳)

الأصل بین حجّة الاسلام والحجّ النذری والافسادی ؛ لأنّه بأقسامه واجب مالی وإجماعهم قائم علی خروج کلّ واجب مالی من الأصل ، مع أنّ فی بعض الأخبار أنّ الحجّ بمنزلة الدین ، ومن المعلوم خروجه من الأصل بل یخرج کلّ واجب من الأصل وإن کان بدنیا کما مرّ سابقا ، وإن علم أنّه ندبی فلا إشکال فی خروجه من الثلث ، وإن لم یعلم أحد الأمرین فمن الثلث ، لأنّ الشبهة مصداقیة ، والتمسّک بالعمومات فیها محلّ إشکال ، وأمّا الخبر المشار إلیه ، وهو قوله علیه‌السلام : «الرجل أحقّ بما له مادام فیه الروح ، إن أوصی به کلّه فهو جائز»(۱) ، فهو موهون باعراض العلماء عن العمل بظاهره ، ویمکن أن یکون المراد بماله هو الثلث الذی أمر بیده ، نعم یمکن أن یقال فی مثل هذه الأزمنة بالنسبة إلی هذه الأمکنة البعیدة عن مکة : الظاهر من قول الموصی : حجّوا عنّی ، هو حجّة الاسلام الواجبة ؛ لعدم تعارف الحجّ المستحبّی فی هذه الأزمنة والأمکنة ، فیحمل علی أنّه واجب من جهة هذا الظهور والانصراف ، کما أنّه إذا قال : أدّوا کذا مقدارا خمسا أو زکاةً ، ینصرف إلی الواجب علیه ، فتحصل أنّ فی صورة الشک فی کون الموصی به واجبا حتّی یخرج من أصل الترکة أوّلاً حتّی یکون من الثلث مقتضی الأصل الخروج من الثلث لأنّ الخروج من الأصل موقوف علی کونه واجبا وهو غیر معلوم ، بل الأصل عدمه إلاّ إذا کان هناک انصراف کما فی مثل الوصیة بالخمس أو الزکاة أو الحجّ ونحوها ، وکذلک أیضا لو کانت الحالة السابقة فیه هو الوجوب کما إذا علم وجوب الحجّ علیه سابقا ولم یعلم أنّه أتی به أو لا ، ودعوی أنّ ذلک موقوف علی ثبوت الوجوب علیه وهو فرع شکه لا شک الوصی أو الوارث ولا یعلم أنّه کان شاکا حین موته أو عالما بأحد الأمرین مدفوعة بمنع اعتبار شکه بل یکفی شک الوصی أو الوارث أیضا ، ولا فرق فی ذلک بین ما إذا أوصی أو لم یوص ، فلم یجب علیه الاخراج لا من الأصل ولا من الثلث .

۱ـ الوسائل ، ج۱۳ ، ص۳۷۰ .

(۶۳۴)

م « ۲۷۴۵ » یکفی المیقاتیة ؛ سواء کان الحجّ الموصی به واجبا أو مندوبا ، ویخرج الأوّل من الأصل ، والثانی من الثلث إلاّ إذا أوصی بالبلدیة ، وحینئذ فالزائد عن أجرة المیقاتیة فی الأوّل من الثلث ، کما أنّ تمام الأجرة فی الثانی منه .

م « ۲۷۴۶ » إذا لم یعین الأجرة فاللازم الاقتصار علی أجرة المثل للانصراف إلیها ، ولکن إذا کان هناک من یرضی بالأقلّ منها وجب استئجاره ؛ إذ الانصراف إلی أجرة المثل إنّما هو نفی الأزید فقط ، ویجب الفحص عنه لو احتمل وجوده ، ولو وجد من یرید أن یتبرّع فیجوز الاکتفاء به ، بمعنی عدم وجوب المبادرة إلی الاستئجار ، بل هو الأحسن توفیرا علی الورثة ، فإن أتی به صحیحا کفی ، وإلاّ وجب الاستئجار ، ولو لم یوجد من یرضی بأجرة المثل فیجب دفع الأزید إذا کان الحجّ واجبا ، بل وإن کان مندوبا أیضا مع وفاء الثلث ، ولا یجب الصبر إلی العام القابل ولو مع العلم بوجود من یرضی بأجرة المثل أو أقلّ ، بل لا یجوز لوجوب المبادرة إلی تفریغ ذمّة المیت فی الواجب ، والعمل بمقتضی الوصیة فی المندوب ، وإن عین الموصی مقدارا للأجرة تعین وخرج من الأصل فی الواجب إن لم یزد علی أجرة المثل وإلاّ فالزیادة من الثلث ، کما أنّ فی المندوب کلّه من الثلث .

م « ۲۷۴۷ » یلاحظ فی تعیین أجرة المثل أجرة من یناسب شأن المیت فی شرفه وضعته ، ومثل هذا الکلام یجری أیضا فی الکفن الخارج من الأصل أیضا .

م « ۲۷۴۸ » لو أوصی بحجّ وعین المرّة أو التکرار یجری بعدد معین تعین ، وإن لم یعین کفی حجّ واحد إلاّ أن یعلم أنّه أراد التکرار ، وعلیه یحمل ما ورد فی الأخبار من أنّه یحجّ عنه مادام له مال کما فی خبرین ، أو ما بقی من ثلثه شیء کما فی ثالث بعد حمل الأوّلین علی الأخیر من إرادة الثلث من لفظ المال ، فما عن الشیخ وجماعة من وجوب التکرار مادام الثلث باقیا ضعیف ، مع أنّه یمکن أن یکون المراد من الأخبار أنّه یجب الحجّ مادام

(۶۳۵)

یمکن الاتیان به ببقاء شیء من الثلث بعد العمل بوصایا أخر ، وعلی فرض ظهورها فی إرادة التکرار ولو مع عدم العلم بارادته لابدّ من طرحها لاعراض المشهور عنها ، فلا ینبغی الاشکال فی کفایة حجّ واحد مع عدم العلم بارادة التکرار ، نعم لو أوصی بإخراج الثلث ولم یذکر إلاّ الحجّ یمکن أن یقال : بوجوب صرف تمامه فی الحجّ ، کما لو لم یذکر إلاّ المظالم أو إلاّ الزکاة أو إلاّ الخمس ، ولو أوصی أن یحجّ عنه مکرّرا کفی مرّتان لصدق التکرار معه .

م « ۲۷۴۹ » لو أوصی بصرف مقدار معین فی الحجّ سنین معینة وعین لکلّ سنة مقدارا معینا واتّفق عدم کفایة ذلک المقدار لکلّ سنة صرف نصیب سنتین فی سنة ، أو ثلاث سنین فی سنتین مثلاً ، وهکذا لا لقاعدة المیسور لعدم جریانها فی غیر مجعولات الشارع ، بل لأنّ الظاهر من حال الموصی إرادة صرف ذلک المقدار فی الحجّ وکون تعیین مقدار کلّ سنة بتخیل کفایته ، ویدلّ علیه أیضا خبر علی بن محمّد الحضینی ، وخبر إبراهیم بن مهزیار ، ففی الأوّل تجعل حجّتین فی حجّة ، وفی الثانی تجعل ثلاث حجج فی حجّتین ، وکلاهما من باب المثال کما لا یخفی ، هذا ولو فضل من السنین فضلة لا تفی بحجّة فتصرف فی وجوه البرّ ، ولو کان الموصی به الحجّ من البلد ودار الأمر بین جعل أجرة سنتین مثلاً لسنة وبین الاستئجار بذلک المقدار من المیقات لکلّ سنة فتعین الأوّل بمقتضی إطلاق الخبرین ، هذا کلّه إذا لم یعلم من الموصی إرادة الحجّ بذلک المقدار علی وجه التقیید ، وإلاّ فتبطل الوصیة إذا لم یرج إمکان ذلک بالتأخیر ، أو کانت الوصیة مقیدة بسنین معینة .

م « ۲۷۵۰ » إذا أوصی بالحجّ وعین الأجرة فی مقدار فإن کان الحجّ واجبا ولم یزد ذلک المقدار عن أجرة المثل أو زاد وخرجت الزیادة من الثلث تعین ، وإن زاد ولم تخرج الزیادة من الثلث بطلت الوصیة ویرجع إلی أجرة المثل ، وإن کان الحجّ مندوبا فکذلک

(۶۳۶)

تعین أیضا مع وفاء الثلث بذلک المقدار ، إلاّ فبقدر وفاء الثلث ، مع کون التعیین علی وجه التقیید ، وإن لم یف الثلث بالحجّ أو کان التعیین علی وجه التقیید بطلت الوصیة وسقط وجوب الحجّ .

م « ۲۷۵۱ » إذا أوصی بالحجّ وعین أجیرا معینا تعین استئجاره بأجرة المثل ، وإن لم یقبل إلاّ بالأزید ، فإن خرجت الزیادة من الثلث تعین أیضا وإلاّ بطلت الوصیة ، واستؤجر غیره بأجرة المثل فی الواجب مطلقا ، وکذا فی المندوب إذا وفی به الثلث ولم یکن علی وجه التقیید ، وکذا إذا لم یقبل أصلاً .

م « ۲۷۵۲ » إذا عین للحج أجرةً لا یرغب فیها أحد وکان الحجّ مستحبّا بطلت الوصیة إذا لم یرج وجود راغب فیها ، وحینئذ فتصرف فی وجوه البرّ ، لا لقاعدة المیسور ، بدعوی أنّ الفصل إذا تعذّر یبقی الجنس ، لأنّها قاعدة شرعیة ، وإنّما تجری فی الأحکام الشرعیة المجعولة للشارع ، ولا مسرح لها فی مجعولات الناس ، کما أشرنا إلیه سابقا ، مع أنّ الجنس لا یعدّ میسورا للنوع ، فمحلّها المرکبات الخارجیة إذا تعذّر بعض أجزائها ، ولو کانت ارتباطیة ، بل لأنّ الظاهر من حال الموصی فی أمثال المقام إرادة عمل ینفعه ، وإنّما عین عملاً خاصّا لکونه أنفع فی نظره من غیره فیکون تعیینه لمثل الحجّ علی وجه تعدّد المطلوب وإن لم یکن متذکرا لذلک حین الوصیة ، نعم لو علم فی مقام کونه علی وجه التقیید فی عالم اللبّ أیضا یکون الحکم فیه الرجوع إلی الورثة ، ولا فرق فی الصورتین بین کون التعذّر طاریا أو من الأوّل ، ویؤید ما ذکرنا ما ورد من الأخبار فی نظائر المقام ، بل یدلّ علیه خبر علی بن سوید عن الصادق علیه‌السلام قال قلت : «مات رجل فأوصی بترکته أن أحجّ بها عنه ، فنظرت فی ذلک فلم تکف للحجّ فسألت من عندنا من الفقهاء ، فقالوا : تصدّق بها ، فقال علیه‌السلام : ما صنعت ؟ قلت : تصدّقت بها ، فقال علیه‌السلام : ضمنت إلاّ أن لا تکون تبلغ أن یحجّ بها من مکة ، فإن کانت تبلغ أن یحجّ بها من مکة فأنت ضامن»(۱) . ویظهر ممّا

۱ـ الوسائل ، ج۱۳ ، ص۴۲۰ .

(۶۳۷)

ذکرنا حال سائر الموارد التی تبطل الوصیة لجهة من الجهات ، ولا فرق فی ما أوصی بالثلث وبین ما إذا أوصی بالثلث وعین له مصارف وتعذّر بعضها .

م « ۲۷۵۳ » إذا صالحه داره مثلاً وشرط علیه أن یحجّ عنه بعد موته صحّ ولزم وخرج من أصل الترکة ، وإن کان الحجّ ندبیا ، ولا یلحقه حکم الوصیة ، ویظهر من المحقّق القمی قدس‌سره فی نظیر المقام إجراء حکم الوصیة علیه ، بدعوی أنّه بهذا الشرط ملک علیه الحجّ ، وهو عمل أجرة ، فیحسب مقدار أجرة المثل لهذا العمل ، فإن کانت زائدةً عن الثلث توقّف علی إمضاء الورثة ، وفیه أنّه لم یملک علیه الحجّ مطلقا فی ذمّته ، ثمّ أوصی أن یجعله عنه بل إنّما ملک بالشرط الحجّ عنه ، وهذا لیس مالاً تملکه الورثة فلیس تملیکا ووصیة ، وإنّما هو تملیک علی نحو خاص لا ینتقل إلی الورثة ، وکذا الحال إذا ملکه داره بثلاث ملایین تومان مثلاً بشرط أن یصرفها فی الحجّ عنه أو عن غیره ، أو ملکه إیاها أن یبیعها ویصرف ثمنها فی الحجّ أو نحوه ، فجمیع ذلک صحیح لازم من الأصل ، وإن کان العمل المشروط علیه ندبیا ، نعم له الخیار عند تخلّف الشرط ، وهذا ینتقل إلی الوارث ، بمعنی أنّ حقّ الشرط ینتقل إلی الوارث ، فلو لم یعمل المشروط علیه بما شرط علیه یجوز للوارث أن یفسخ المعاملة .

م « ۲۷۵۴ » لو أوصی بأن یحجّ عنه ماشیا أو حافیا صحّ ، واعتبر خروجه من الثلث إن کان ندبیا ، وخروج الزائد عن أجرة المیقاتیة عنه إن کان واجبا ، ولو نذر فی حال حیاته أن یحجّ ماشیا أو حافیا ولم یأت به حتّی مات ، وأوصی به أو لم یوص وجب الاستئجار عنه من أصل الترکة کذلک ، نعم لو کان نذره مقیدا بالمشی ببدنه أمکن أن یقال بعدم وجوب الاستئجار عنه ؛ لأنّ المنذور هو مشیه ببدنه فیسقط بموته ، لأنّ مشی الأجیر لیس ببدنه ، ففرق بین کون المباشرة قیدا فی المأمور به أو موردا .

(۶۳۸)

م « ۲۷۵۵ » إذا أوصی بحجّتین أو أزید وقال إنّها واجبة علیه صدق وتخرج من أصل الترکة ، نعم لو کان إقراره بالوجوب علیه فی مرض الموت وکان متّهما فی إقراره فإنّه کالاقرار بالدین فیه فی خروجه من الثلث إذا کان متّهما .

م « ۲۷۵۶ » لو مات الوصی بعد ما قبض من الترکة أجرة الاستئجار وشک فی أنّه استأجر الحجّ قبل موته أو لا فإن مضت مدّة یمکن الاستئجار فیها فیحمل أمره علی الصحّة مع کون الوجوب فوریا منه ، ومع کونه موّسعا إشکال ، وإن لم تمض مدّة یمکن الاستئجار فیها وجب الاستئجار من بقیة الترکة إذا کان الحجّ واجبا ، ومن بقیة الثلث إذا کان مندوبا ، ولم یضمن لما قبض ، ولو کان المال المقبوض موجودا أخذ حتّی فی الصورة الأولی ، وإن احتمل أن یکون استأجر من مال نفسه إذا کان ممّا یحتاج إلی بیعه وصرفه فی الأجرة وتملک ذلک المال بدلاً عمّا جعله أجرةً لأصالة بقاء ذلک المال علی ملک المیت .

م « ۲۷۵۷ » إذا قبض الوصی الأجرة وتلف فی یده بلا تقصیر لم یکن ضامنا ، ووجب الاستئجار من بقیة الترکة أو بقیة الثلث ، وإن اقتسمت علی الورثة استرجع منهم ، وإن شک فی کون التلف عن تقصیر أو لا فلا ضمان أیضا ، وکذا الحال إن استأجر ومات الأجیر ولم یکن له ترکة أو لم یمکن الأخذ من ورثته .

م « ۲۷۵۸ » إذا أوصی بما عنده من المال للحجّ ندبا ولم یعلم أنّه یخرج من الثلث أو لا ، لم یجز صرف جمیعه ، نعم لو ادّعی أنّ عند الورثة ضعف هذا أو أنّه أوصی سابقا بذلک الورثة أجازوا وصیته فیسمع دعواه .

م « ۲۷۵۹ » من المعلوم أنّ الطواف مستحبّ مستقلاًّ من غیر أن یکون فی ضمن الحجّ ، ویجوز النیابة فیه عن المیت ، وکذا عن الحی إذا کان غائبا عن مکة أو حاضرا وکان معذورا فی الطواف بنفسه ، وأمّا مع کونه حاضرا وغیر معذور فلا تصحّ النیابة عنه ، وسائر أفعال الحجّ أیضا یستحبّ مستقلاًّ کالسعی بین الصفا والمروة .

(۶۳۹)

م « ۲۷۶۰ » لو کانت عند شخص ودیعة ومات صاحبها وکان علیه حجّة الاسلام وعلم أو ظنّ أنّ الورثة لا یؤدّون عنه إن ردّها إلیهم جاز بل وجب علیه أن یحجّ بها عنه ، وإن زادت عن أجرة الحج ردّت الزیادة إلیهم لصحیحة برید : «عن رجل استودعنی مالاً فهلک ولیس لوارثه شیء ولم یحجّ حجّة الاسلام ، قال علیه‌السلام : حجّ عنه وما فضل فأعطهم»(۱) . وهی وإن کانت مطلقةً إلاّ أنّ الأصحاب قیدوها بما إذا علم أو ظنّ بعدم تأدیتهم لو دفعها إلیهم ، ولا یجب الاستئذان من الحاکم الشرعی ، والظاهر عدم الاختصاص بما إذا لم یکن للورثة شیء ، وکذا عدم الاختصاص بحجّ الودعی بنفسه لانفهام الأعم من ذلک منها ، ویلحق بحجّة الاسلام غیرها من أقسام الحجّ الواجب أو غیر الحجّ من سائر ما یجب علیه مثل الخمس والزکاة والمظالم والکفّارات والدین ، وکذا یلحق بالودیعة غیرها مثل العاریة والعین المستأجرة والمغصوبة والدین فی ذمّته ، ومع العلم بأنّ الورثة لا یؤدّون بل مع الظنّ القوی أیضا یجوز الصرف فی ما علیه ، لا لما ذکره فی المستند من أنّ وفاء ما علی المیت من الدین أو نحوه واجب کفائی علی کلّ من قدر علی ذلک ، وأولویة الورثة بالترکة إنّما هی ما دامت موجودة ، وأمّا إذا بادر أحد إلی صرف المال فی ما علیه لا یبقی مال حتّی تکون الورثة أولی به ، إذ هذه الدعوی فاسدة جدّا ، بل لإمکان فهم المثال من الصحیحة ، أو دعوی تنقیح المناط ، أو أنّ المال إذا کان بحکم مال المیت فیجب صرفه علیه ، ولا یجوز دفعه إلی من لا یصرفه علیه ، بل وکذا علی القول بالانتقال إلی الورثة ، حیث أنّه یجب صرفه فی دینه ، فمن باب الحسبة یجب علی من عنده صرفه علیه ، ویضمن لو دفعه إلی الوارث لتفویته علی المیت ، نعم یجب الاستئذان من الحاکم لأنّه ولی من لا ولی له ، ویکفی الاذن الاجمالی ، فلا یحتاج إلی إثبات وجوب ذلک الواجب علیه ، کما قد یتخیل ، نعم لو لم یعلم ولم یظنّ عدم تأدیة الوارث لا یجب الدفع إلیه ، بل لو کان

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۱۲۹ .

(۶۴۰)

الوارث منکرا أو ممتنعا وأمکن إثبات ذلک عند الحاکم أو أمکن إجباره علیه لم یجز لمن عنده أن یصرفه بنفسه .

م « ۲۷۶۱ » یجوز للنائب بعد الفراغ عن الأعمال للمنوب عنه أن یطوف عن نفسه وعن غیره ، وکذا یجوز له أن یأتی بالعمرة المفردة عن نفسه وعن غیره .

م « ۲۷۶۲ » یجوز لمن أعطاه رجل مالاً لاستئجار الحجّ أن یحجّ بنفسه ما لم یعلم أنّه أراد الاستئجار من الغیر خصوصا مع العلم بأنّ مراد المعطی حصول الحجّ فی الخارج ، وإذا عین شخصا تعین إلاّ إذا علم عدم أهلیته ، وأنّ المعطی مشتبه فی تعیینه ، أو أنّ ذکره من باب أحد الأفراد .


فصل فی الحجّ المندوب

م « ۲۷۶۳ » یستحبّ لفاقد الشرائط من البلوغ والاستطاعة وغیرهما أن یحجّ مهما أمکن ، بل وکذا من أتی بوظیفته من الحجّ الواجب ، ویستحبّ تکرار الحجّ ، بل یستحبّ تکراره فی کلّ سنة ، بل یکره ترکه خمس سنین متوالیةً، وفی بعض الأخبار من حجّ ثلاث حجّات لم یصبه فقر أبدا .

م « ۲۷۶۴ » یستحبّ نیة العود إلی الحجّ عند الخروج من مکة ، وفی الخبر إنّها توجب الزیادة فی العمر ، ویکره نیة عدم العود ، وفیه أنّها توجب النقص فی العمر .

م « ۲۷۶۵ » یستحبّ التبرّع بالحجّ عن الأقارب وغیرهم أحیاءً وأمواتا ، وکذا عن المعصومین علیهم‌السلام أحیاءً وأمواتا ، وکذا یستحبّ الطواف عن الغیر وعن المعصومین علیهم‌السلام أمواتا وأحیاءً مع عدم حضورهم فی مکة ، أو کونهم معذورین .

م « ۲۷۶۶ » یستحبّ لمن لیس له زاد وراحلة أن یستقرض ویحجّ إذا کان واثقا بالوفاء بعد ذلک .

(۶۴۱)

م « ۲۷۶۷ » یستحبّ إحجاج من لا استطاعة له .

م « ۲۷۶۸ » یجوز إعطاء الزکاة لمن لا یستطیع الحجّ لیحجّ بها .

م « ۲۷۶۹ » الحجّ أفضل من الصدقة بنفقته .

م « ۲۷۷۰ » یستحبّ کثرة الانفاق فی الحجّ ، وفی بعض الأخبار : «إنّ اللّه یبغض الاسراف إلاّ بالحج والعمرة»(۱) .

م « ۲۷۷۱ » یجوز الحجّ بالمال المشتبه کجوائز الظلمة مع عدم العلم بحرمتها .

م « ۲۷۷۲ » لا یجوز الحجّ بالمال الحرام ، لکن لا یبطل الحجّ إذا کان لباس إحرامه ، وطوافه وثمن هدیه من حلال .

م « ۲۷۷۳ » یشترط فی الحجّ الندبی إذن الزوج والمولی بل الأبوین فی بعض الصور ، ویشترط أیضا أن لا یکون علیه حجّ واجب مضیق ، لکن لو عصی وحجّ صحّ .

م « ۲۷۷۴ » یجوز إهداء ثواب الحجّ إلی الغیر بعد الفراغ عنه ، کما یجوز أن یکون ذلک من نیته قبل الشروع فیه .

م « ۲۷۷۵ » یستحبّ لمن لا مال له یحجّ به أن یأتی به ولو باجارة نفسه عن غیره ، وفی بعض الأخبار : «أنّ للأجیر من الثواب تسعا ، وللمنوب عنه واحد» .


فصل فی أقسام العمرة

م « ۲۷۷۶ » تنقسم العمرة کالحجّ إلی واجب أصلی وعرضی ومندوب ، فتجب بأصل الشرع علی کلّ مکلّف بالشرائط المعتبرة فی الحجّ فی العمر مرّة بالکتاب والسنة والاجماع ، ففی صحیحة زرارة : «العمرة واجبة علی الخلق بمنزلة الحجّ ، فإنّ اللّه تعالی یقول : وأتمّوا الحجّ والعمرة للّه»(۲) ، وفی صحیحة الفضیل فی قول اللّه تعالی : «وأتمّوا

۱ـ مکارم الأخلاق ، ص۲۵۱ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۴ .

(۶۴۲)

الحجّ والعمرة ، قال علیه‌السلام : هما مفروضان»(۱) ، ووجوبها بعد تحقّق الشرائط فوری کالحجّ ، ولا یشترط فی وجوبها استطاعة الحجّ ، بل تکفی استطاعتها فی وجوبها ، وإن لم تتحقّق استطاعة الحجّ ، کما أنّ العکس کذلک ، فلو استطاع للحجّ دونها وجب دونها ، والقول باعتبار الاستطاعتین فی وجوب کلّ منهما وأنّهما مرتبطان ضعیف ، کالقول باستقلال الحجّ فی الوجوب دون العمرة .

م « ۲۷۷۷ » تجزی العمرة المتمتّع بها عن العمرة المفردة . ولا تجب علی من وظیفته حجّ التمتّع إذا استطاع لها ولم یکن مستطیعا للحجّ ، وعلی هذا ، فلا تجب علی الأجیر بعد فراغه عن عمل النیابة وإن کان مستطیعا لها وهو فی مکة ، وکذا لا تجب علی من تمکن منها ولم یتمکن من الحجّ لمانع .

م « ۲۷۷۸ » قد تجب العمرة بالنذر والحلف والعهد والشرط فی ضمن العقد والاجارة والافساد ، وتجب أیضا لدخول مکة بمعنی حرمته بدونها فإنّه لا یجوز دخولها إلاّ بالنسبة إلی من یتکرّر دخوله وخروجه کالحطّاب والحشّاش ، وما عدا ما ذکر مندوب ، ویستحبّ تکرارها کالحجّ ، ولا یعتبر الفصل بین العمرتین فیجوز اتیانها کلّ یوم ، وتفصیل المطلب موکول إلی محلّه .


فصل فی أقسام الحجّ

م « ۲۷۷۹ » وهی ثلاثة : تمتّع وقِران وإفراد ، والأوّل فرض من کان بعیدا عن مکة ، والآخران فرض من کان حاضرا ؛ أی : غیر بعید ، وحدّ البعد الموجب للأوّل ثمانیة وأربعون میلاً من کلّ جانب علی المشهور لصحیحة زرارة عن أبی جعفر علیه‌السلام قلت له قول

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳ .

(۶۴۳)

اللّه عزّوجلّ فی کتابه : «ذلک لمن یکن أهله حاضری المسجد الحرام» ، فقال علیه‌السلام : «یعنی أهل مکة لیس علیهم متعة ، کلّ من کان أهله دون ثمانیة وأربعین میلاً ذات عرق وعسفان کما یدور حول مکة فهو ممّن دخل فی هذه الآیة ، وکلّ من کان أهله وراء ذلک فعلیه المتعة»(۱) ، وخبره عنه علیه‌السلام سألته عن قول اللّه عزّوجلّ ذلک إلی آخره ، قال : «لأهل مکة لیس لهم متعة ، ولا علیهم عمرة ، قلت : فما حدّ ذلک ؟ قال : ثمانیة وأربعون میلاً من جمیع نواحی مکة دون عسفان وذات عرق»(۲) ، ویستفاد أیضا من جملة من أخبار أخر ، والقول بأنّ حدّه اثنی عشر میلاً من کلّ جانب کما علیه جماعة ضعیف لا دلیل علیه إلاّ الأصل ، فإنّ مقتضی جملة من الأخبار وجوب التمتّع علی کلّ أحد ، والقدر المتیقّن الخارج منها من کان دون الحدّ المذکور ، وهو مقطوع بما مرّ ، أو دعوی أنّ الحاضر مقابل للمسافر ، والسفر أربعة فراسخ ، وهو کما تری ، أو دعوی أنّ الحاضر المعلّق علیه وجوب غیر التمتّع أمر عرفی ، والعرف لا یساعد علی أزید من اثنی عشر میلاً ، وهذا أیضا کما تری ، کما أنّ دعوی أنّ المراد من ثمانیة وأربعین التوزیع علی الجهات الأربع فیکون من کلّ جهة اثنی عشر میلاً منافیة لظاهر تلک الأخبار ، وأمّا صحیحة حریز الدالّة علی أنّ حدّ البعد ثمانیة عشر میلاً فلا عامل بها ، کما لا عامل بصحیحتی حمّاد بن عثمان والحلبی الدالّتین علی أنّ الحاضر من کان دون المواقیت إلی مکة ، ویعتبر الحدّ المذکور من مکة ، ومن کان علی نفس الحدّ فالظاهر أنّ وظیفته التمتّع ، لتعلیق حکم الأفراد والقران علی ما دون الحدّ ، ولو شک فی کون منزله فی الحدّ أو خارجه وجب علیه الفحص ، ومع عدم تمکنه یجری علیه حکم الخارج فیجب علیه التمتّع ، لأنّ غیره معلّق علی عنوان الحاضر ، وهو مشکوک فیکون کما لو شک فی أنّ المسافة ثمانیة فراسخ أو لا ، فإنّه یصلّی تماما ، لأنّ القصر معلّق علی السفر وهو مشکوک ثمّ ما ذکر إنّما هو بالنسبة إلی حجّة الاسلام حیث لا یجزی

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۱۸۷ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۱۸۸ .

(۶۴۴)

للبعید إلاّ التمتّع ، ولا للحاضر إلاّ الإفراد أو القِران ، وأمّا بالنسبة إلی الحجّ الندبی فیجوز لکلّ من البعید والحاضر کلّ من الأقسام الثلاثة بلا اشکال ، وإن کان الأفضل اختیار التمتّع ، وکذا بالنسبة إلی الواجب غیر حجّة الاسلام کالحجّ النذری وغیره .

م « ۲۷۸۰ » من کان له وطنان : أحدهما فی الحدّ والآخر فی خارجه لزمه فرض أغلبهما ، لصحیحة زرارة عن أبی جعفر علیه‌السلام : «من أقام بمکة سنتین فهو من أهل مکة ولا متعة له ، فقلت لأبی جعفر علیه‌السلام : أرأیت إن کان له أهل بالعراق وأهل بمکة ؟ فقال علیه‌السلام : فلینظر أیهما الغالب ، فإن تساویا فإن کان مستطیعا من کلّ منهما تخیر بین الوظیفتین وإن کان الأفضل اختیار التمتّع ، وإن کان مستطیعا من أحدهما دون الآخر لزمه فرض وطن الاستطاعة»(۱) .

م « ۲۷۸۱ » من کان من أهل مکة وخرج إلی بعض الأمصار ثمّ رجع إلیها فیتعین علیه المکی إذا کان الحجّ واجبا علیه ، وتبعه جماعة لما دلّ من الأخبار علی أنّه لا متعة لأهل مکة ، خصوصا إذا کان مستطیعا حال کونه فی مکة فخرج قبل الاتیان بالحجّ بل محلّ الکلام صورة حصول الاستطاعة بعد الخروج عنها ، وأمّا إذا کان مستطیعا فیها قبل خروجه منها فیتعین علیه فرض أهلها .

م « ۲۷۸۲ » الآفاقی إذا صار مقیما فی مکة فإن کان ذلک بعد استطاعته ووجوب التمتّع علیه فلا إشکال فی بقاء حکمه ؛ سواء کانت إقامته بقصد التوطّن أو المجاورة ولو بأزید من سنتین ، وأمّا إذا لم یکن مستطیعا ثمّ استطاع بعد إقامته فی مکة فلا إشکال فی انقلاب فرضه إلی فرض المکی فی الجملة ، کما لا إشکال فی عدم الانقلاب بمجرّد الاقامة ، وبعد الدخول فی السنة الثالثة یتحقّق الانقلاب ، لصحیحة زرارة عن أبی جعفر علیه‌السلام : «من أقام بمکة سنتین فهو من أهل مکة ولا متعة له» إلی آخره ، وصحیحة عمر بن یزید عن الصادق علیه‌السلام : «المجاور بمکة یتمتّع بالعمرة إلی الحجّ إلی سنتین ، فإذا جاور سنتین کان

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۱۹۱ .

(۶۴۵)

قاطنا ، ولیس له أن یتمتّع»(۱) ، وقیل بأنّه بعد الدخول فی الثانیة لجملة من الأخبار وهو ضعیف لضعفها باعراض المشهور عنها ، مع أنّ القول الأوّل موافق للأصل ، وأمّا القول بأنّه بعد تمام ثلاث سنین فلا دلیل علیه إلاّ الأصل المقطوع بما ذکر ، مع أنّ القول به غیر محقّق لاحتمال إرجاعه إلی القول المشهور بارادة الدخول فی السنة الثالثه ، وأمّا الأخبار الدالّة علی أنّه بعد ستّة أشهر أو بعد خمسة أشهر فلا عامل بها مع احتمال صدورها تقیةً ، وامکان حملها علی محامل أخر ، والظاهر من الصحیحین اختصاص الحکم بما إذا کانت الاقامة بقصد المجاورة ، فلو کانت بقصد التوطّن فینقلب بعد قصده من الأوّل فما یظهر من بعضهم من کونها أعمّ لا وجه له ، ومن الغریب ما عن آخر من الاختصاص بما إذا کانت بقصد التوطّن ، ثمّ الظاهر أنّ فی صورة الانقلاب یلحقه حکم المکی بالنسبة إلی الاستطاعة أیضا ، فیکفی فی وجوب الحجّ الاستطاعة من مکة ، ولا یشترط فیه حصول الاستطاعة من بلده ، فلا وجه لما یظهر من صاحب الجواهر من اعتبار استطاعة النائی فی وجوبه لعموم أدلّتها ، وإنّ الانقلاب إنّما أوجب تغییر نوع الحجّ ، وأمّا الشرط فعلی ما علیه فیعتبر بالنسبة إلی التمتّع ، هذا ، ولو حصلت الاستطاعة بعد الاقامة فی مکة لکن قبل مضی السنتین فهو کما لو حصلت فی بلده فیجب علیه التمتّع ، ولو بقیت إلی السنة الثالثة أو أزید ، فالمدار علی حصولها بعد الانقلاب ، وأمّا المکی إذا خرج إلی سائر الأمصار مقیما بها فلا یلحقه حکمها فی تعین التمتّع علیه ، لعدم الدلیل وبطلان القیاس إلاّ إذا کانت الاقامة فیها بقصد التوطّن وحصلت الاستطاعة بعده ، فانّه یتعین علیه التمتّع بمقتضی القاعدة ولو فی السنة الأولی ، وأمّا إذا کانت بقصد المجاورة أو کانت الاستطاعة حاصلةً فی مکة فلا ، نعم یدخل حینئذ فی المسألة السابقة ، فعلی القول بالتخییر فیها کما عن المشهور یتخیر ، وعلی قول ابن أبی عقیل یتعین علیه وظیفة المکی .

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۱۹۲ .

(۶۴۶)

م « ۲۷۸۳ » المقیم فی مکة إذا وجب علیه التمتّع کما إذا کانت استطاعته فی بلده أو استطاع فی مکة قبل انقلاب فرضه فالواجب علیه الخروج إلی أحد المواقیت المخصوصة مخیرا بینها لاحرام عمرة التمتّع ؛ لعدم فهم الخصوصیة من خبر سماعه ، وأخبار الجاهل والناسی وإن ذکر المهلّ من باب أحد الأفراد ومنع الخصوصیة للمرور فی الأخبار العامّة الدالّة علی المواقیت ، وأمّا أخبار القول الثالث ؛ أی : أدنی الحلّ ، فمع ندرة العامل بها مقیدة بأخبار المواقیت ، أو محمولة علی صورة التعذّر ، ثمّ الظاهر أنّ ما ذکرنا حکم کلّ من کان فی مکة وأراد الاتیان بالتمتّع ولو مستحبّا ، هذا کلّه مع إمکان الرجوع إلی المواقیت ، وأمّا إذا تعذّر فیکفی الرجوع إلی أدنی الحلّ ، وإن لم یتمکن من الخروج إلی أدنی الحلّ أحرم من موضعه .


فصل فی صورة حجّ التمتّع

م « ۲۷۸۴ » صورة حجّ التمتّع علی الاجمال أن یحرم فی أشهر الحجّ من المیقات بالعمرة المتمتّع بها إلی الحجّ ، ثمّ یدخل مکة فیطوف فیها بالبیت سبعا ، ویصلّی رکعتین فی المقام ، ثمّ یسعی لها بین الصفا والمروة سبعا ، ثمّ یقصّر ، ثمّ ینشی‌ء إحراما للحجّ من مکة فی وقت یعلم أنّه یدرک الوقوف بعرفة ، والأفضل إیقاعه یوم الترویة ثمّ یمضی إلی عرفات فیقف بها من الزوال إلی الغروب ثمّ یفیض ویمضی منها إلی المشعر فیبیت فیه ویقف به بعد طلوع الفجر إلی طلوع الشمس ثمّ یمضی إلی منی فیرمی جمرة العقبة ، ثمّ ینحر أو یذبح هدیه ویأکل منه ثمّ یحلق أو یقصر فیحلّ من کلّ شیء إلاّ النساء ، والطیب ، ویجتنب عن الصید لا للاحرام بل لحرمة الحرم ثمّ هو مخیر بین أن یأتی إلی مکة لیومه فیطوف طواف الحجّ ویصلّی رکعتیه ویسعی سعیه فیحلّ له الطیب ، ثمّ یطوف طواف النساء ویصلّی رکعتیه فتحلّ له النساء ثمّ یعود إلی منی لرمی الجمار فیبیت بها لیالی

(۶۴۷)

التشریق وهی الحادی عشر والثانی عشر والثالث عشر ، ویرمی فی أیامها الجمار الثلاث ، وأن لا یأتی إلی مکة لیومه بل یقیم بمنی حتّی یرمی جماره الثلاث یوم الحادی عشر ، ومثله یوم الثانی عشر ، ثمّ ینفرّ بعد الزوال إذا کان قد اتّقی النساء والصید ، وإن أقام إلی النفر الثانی وهو الثالث عشر ولو قبل الزوال لکن بعد الرمی جاز أیضا ، ثمّ عاد إلی مکة للطوافین والسعی ولا إثم علیه فی شیء من ذلک ، کما أنّ الاجتزاء بالطواف والسعی تمام ذی الحجّة ، والأفضل هو اختیار الأوّل بأن یمضی إلی مکة یوم النحر بل لا ینبغی التأخیر لغده فضلاً عن أیام التشریق إلاّ لعذر .

م « ۲۷۸۵ » یشترط فی حجّ التمتّع أمور :

أحدها ـ النیة بمعنی قصد الاتیان بهذا النوع من الحجّ حین الشروع فی إحرام العمرة ، فلو لم ینوه أو نوی غیره أو تردّد فی نیته بینه وبین غیره لم یصحّ ، نعم فی جملة من الأخبار أنّه لو أتی بعمرة مفردة فی أشهر الحجّ جاز أن یتمتّع بها ، بل یستحبّ ذلک إذا بقی فی مکة إلی هلال ذی الحجّة ، ویتأکد إذا بقی إلی یوم الترویة بل عن القاضی وجوبه حینئذ ولکن یتحقّق الاجماع علی خلافه ، ففی موثّق سماعة عن الصادق علیه‌السلام : «من حجّ معتمرا فی شوال ومن نیته أن یعتمر ورجع إلی بلاده فلا بأس بذلک ، وإن هو أقام إلی الحجّ فهو متمتّع ، لأنّ أشهر الحجّ : شوال وذو القعدة وذو الحجّة ، فمن اعتمر فیهنّ فأقام إلی الحجّ فهی متعة ، ومن رجع إلی بلاده ولم یقم إلی الحجّ فهی عمرة ، وإن اعتمر فی شهر رمضان أو قبله فأقام إلی الحجّ فلیس بمتمتّع ، وإن هو مجاور أفرد العمرة ، فإنّ هو أحبّ أن یتمتّع فی أشهر الحجّ بالعمرة إلی الحجّ فلیخرج منها حتّی یجاوز ذات عرق أو یتجاوز عسفان متمتّعا بعمرته إلی الحجّ ، فإن هو أحبّ أن یفرد الحجّ فلیخرج إلی الجعرانة فیلبّی منها»(۱) .

 

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۱۹۵ .

(۶۴۸)

وفی صحیحة عمر بن یزید عن أبی عبد اللّه علیه‌السلام : «من اعتمر عمرةً مفردةً فله أن یخرج إلی أهله إلاّ أن یدرکه خروج الناس یوم الترویة»(۱) ، وفی قویة عنه علیه‌السلام : «من دخل مکة معتمرا مفردا للحجّ فیقضی عمرته کان له ذلک ، وإن أقام إلی أن یدرکه الحجّ کانت عمرته متعةً ، قال علیه‌السلام : ولیس تکون متعةً إلاّ فی أشهر الحجّ»(۲) .

وفی صحیحة عنه علیه‌السلام : «من دخل مکة بعمرة فأقام إلی هلال ذی الحجّة فلیس له أن یخرج حتّی یحجّ مع الناس»(۳). وفی مرسل موسی بن القاسم : «من اعتمر فی أشهر الحجّ فلیتمتّع»(۴) ، إلی غیر ذلک من الأخبار ، وقد عمل بها جماعة ، بل فی الجواهر لا أجد فیه خلافا ، ومقتضاها صحّة التمتّع مع عدم قصده حین إتیان العمرة ، بل الظاهر من بعضها أنّه یصیر تمتّعا قهرا من غیر حاجة إلی نیة التمتّع بها بعدها ، بل یمکن أن یستفاد منها أنّ التمتّع هو الحجّ عقیب عمرة وقعت فی أشهر الحج بأی نحو أتی بها ، ولا بأس بالعمل بها ، لکنّ القدر المتیقّن منها هو الحجّ الندبی ، ففی ما إذا وجب علیه التمتّع فأتی بعمرة مفردة ثمّ أراد أن یجعلها عمرة التمتّع یشکل الاجتزاء بذلک عمّا وجب علیه ؛ سواء کان حجّة الاسلام أو غیرها ممّا وجب بالنذر أو الاستئجار .

الثانی ـ أن یکون مجموع عمرته وحجّه فی أشهر الحجّ ، فلو أتی بعمرته أو بعضها فی غیرها لم یجز له أن یتمتّع بها ، وأشهر الحجّ : شوال وذو القعدة وذو الحجّة بتمامه لظاهر الآیة ، وجملة من الأخبار کصحیحة معاویة بن عمّار ، وموثّقة سماعة ، وخبر زرارة ، فالقول بأنّها الشهران الأوّلان مع العشر الأوّل من ذی الحجّة کما عن بعض أو مع ثمانیة أیام کما عن آخر ، أو مع تسعة أیام ولیلة یوم النحر إلی طلوع فجره کما عن ثالث ، أو إلی

۱ـ الوسائل ، ج۱۰ ، ص۲۴۸ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۰۵ .

۳ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۴۷ .

۴ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۰۵ .

(۶۴۹)

طلوع شمسه کما عن رابع ضعیف ، علی أنّ الظاهر أنّ النزاع لفظی ، فإنّه لا إشکال فی جواز إتیان بعض الأعمال إلی آخر ذی الحجّة فیمکن أن یکون مرادهم أنّ هذه الأوقات هی آخر الأوقات التی یمکن بها إدراک الحجّ .

م « ۲۷۸۶ » إذا أتی بالعمرة قبل أشهر الحجّ قاصدا بها التمتّع فقد عرفت عدم صحّتها تمتّعا ، لکن تصحّ مفردةً ، ولا تبطل من الأصل لخبر الأحول عن أبی عبد اللّه علیه‌السلام فی رجل فرض الحجّ فی غیر أشهر الحجّ ، قال : «یجعلها عمرةً» ، وقد یستشعر ذلک من خبر سعید الأعرج قال أبو عبد اللّه علیه‌السلام : «من تمتّع فی أشهر الحجّ ثمّ أقام بمکة حتّی یحضر الحجّ من قابل فعلیه شاة ، ومن تمتّع فی غیر أشهر الحجّ ثمّ جاور حتّی یحضر الحجّ فلیس علیه دم ، إنّما هی حجّة مفردة ، إنّما الأضحی علی أهل الأمصار»(۱) .

الثالث ـ أن یکون الحجّ والعمرة فی سنة واحدة کما هو المشهور المدّعی علیه الاجماع ؛ لأنّه المتبادر من الأخبار المبینة لکیفیة حجّ التمتّع ، ولقاعدة توقیفیة العبادات ، وللأخبار الدالّة علی دخول العمرة فی الحجّ وارتباطها به والدالّة علی عدم جواز الخروج من مکة بعد العمرة قبل الاتیان بالحجّ ، بل وما دلّ من الأخبار علی ذهاب المتعة بزوال یوم الترویة أو یوم عرفة ونحوها ، ولا ینافیها خبر سعید الأعرج المتقدّم ، بدعوی أنّ المراد من القابل فیه العام القابل فیدلّ علی جواز إیقاع العمرة فی سنة ، والحجّ فی أخری ، لمنع ذلک ، بل المراد منه الشهر القابل علی أنّه لمعارضة الأدلّة السابقة غیر قابل ، وعلی هذا فلو أتی بالعمرة فی عام وأخّر الحجّ إلی العام الآخر لم یصحّ تمتّعا ؛ سواء أقام فی مکة إلی العام القابل أو رجع إلی أهله ثمّ عاد إلیها ، وسواء أحلّ من إحرام عمرته أو بقی علیه إلی السنة الأخری ، ولا وجه لما عن الدورس من احتمال الصحّة فی هذه الصورة ، ثمّ المراد من کونهما فی سنة واحدة أن یکونا معا فی أشهر الحجّ من سنة واحدة ، لا أن لا

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۱۹۵ .

(۶۵۰)

یکون بینهما أزید من اثنی عشر شهرا ، وحینئذ فلا یصحّ أیضا لو أتی بعمرة التمتّع فی أواخر ذی الحجّة وأتی بالحجّ فی ذی الحجّة من العام القابل .

الرابع ـ أن یکون إحرام حجّه من بطن مکة مع الاختیار ؛ للاجماع والأخبار وما فی خبر إسحاق عن أبی الحسن علیه‌السلام من قوله : «کان أبی مجاورا هیهنا فخرج یتلقّی بعض هؤلاء ، فلمّا رجع فبلغ ذات عرق أحرم من ذات عرق بالحجّ ودخل وهو محرم بالحجّ»(۱) ؛ حیث أنّه ربّما یستفاد منه جواز الاحرام بالحجّ من غیر مکة محمول علی محامل ؛ أحسنها أنّ المراد بالحجّ عمرته ، حیث إنّها أوّل أعماله ، نعم یکفی أی موضع منها کان ولو فی سککها للاجماع وخبر عمرو بن حریث عن الصادق علیه‌السلام : من أین أهلّ بالحجّ ؟ فقال : «إن شئت من رحلک ، وإن شئت من المسجد ، وإن شئت من الطریق ، وأفضل مواضعها المسجد ، وأفضل مواضعه المقام أو الحجر»(۲) ، وقد یقال : أو تحت المیزاب ، ولو تعذّر الاحرام من مکة أحرم ممّا یتمکن ، ولو أحرم من غیرها اختیارا متعمّدا بطل إحرامه ، ولو لم یتدارکه بطل حجّه ، ولا یکفیه العود إلیها بدون التجدید ، بل یجب أن یجدّده ؛ لأنّ إحرامه من غیرها کالعدم ، ولو أحرم من غیرها جهلاً أو نسیانا وجب العود إلیها والتجدید مع الامکان ، ومع عدمه جدّده فی مکانه .

الخامس ـ یشترط فیه أن یکون مجموع عمرته وحجّه من واحد وعن واحد ، فلو استؤجر اثنان لحجّ التمتّع عن میت أحدهما لعمرته والأخری لحجّه لم یجز عنه ، وکذا لو حجّ شخص وجعل عمرته عن شخص وحجّه عن آخر لم یصحّ .

م « ۲۷۸۷ » لا یجوز الخروج من مکة بعد الاحلال من عمرة التمتّع قبل أن یأتی بالحجّ ، وأنّه إذا أراد ذلک علیه أن یحرم بالحجّ فیخرج محرما به ، وإن خرج محلاًّ ورجع بعد شهر

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۲۰ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۴۶ .

(۶۵۱)

فعلیه أن یحرم بالعمرة ، وذلک لجملة من الأخبار الناهیة للخروج ، والدالّة علی أنّه مرتهن ومحتبس بالحجّ ، والدالّة علی أنّه لو أراد الخروج خرج ملبّیا بالحجّ ، والدالّة علی أنّه لو خرج محلاًّ فإن رجع فی شهره دخل محلاًّ ، وإن رجع فی غیر شهره دخل محرما ، خصوصا الخروج لا بنیة العود أو مع العلم بفوات الحجّ منه إذا خرج ، ثمّ أنّ الأمر بالاحرام إذا کان رجوعه بعد شهر إنّما هو من جهة أنّ لکلّ شهر عمرة لا أن یکون ذلک تعبّدا ، أو لفساد عمرته السابقة ، أو لأجل وجوب الإحرام علی من دخل مکة ، بل هو صریح خبر إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا الحسن علیه‌السلام عن المتمتّع یجی‌ء فیقضی متعته ثمّ تبدو له حاجة فیخرج إلی المدینة أو إلی ذات عرق أو إلی بعض المنازل ، قال علیه‌السلام : «یرجع إلی مکة بعمرة إن کان فی غیر الشهر الذی تمتّع فیه ، لأنّ لکلّ شهر عمرة ، وهو مرتهن بالحجّ»(۱) ، إلی آخره . وحینئذ فیکون الحکم بالاحرام إذا رجع بعد شهر علی وجه الاستحباب لا الوجوب ، لأنّ العمرة التی هی وظیفة کلّ شهر لیست واجبة ، لکن فی جملة من الأخبار کون المدار علی الدخول فی شهر الخروج أو بعده کصحیحتی حمّاد وحفص بن البختری ومرسلة الصدوق والرضوی ، وظاهرها الوجوب ، فیحرم إذا کان الدخول فی غیر شهر الخروج بل القدر المتیقّن من جواز الدخول محلاًّ صورة کونه قبل مضی شهر من حین الاهلال ؛ أی : الشروع فی إحرام العمرة والاحلال منها ، ومن حین الخروج ؛ إذ الاحتمالات فی الشهر ثلاثة وثلاثین یوما من حین الاهلال ، وثلاثین من حین الاحلال بمقتضی خبر إسحاق بن عمّار ، وثلاثین من حین الخروج بمقتضی هذه الأخبار ، بل من حیث احتمال کون المراد من الشهر فی الأخبار هنا ، والأخبار الدالّة علی أنّ لکلّ شهر عمرة الأشهر الاثنی عشر المعروفة ، لا بمعنی ثلاثین یوما ، ولازم ذلک أنّه إذا کانت عمرته فی آخر شهر من هذه الشهور فخرج ودخل فی شهر آخر أن یکون علیه

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۲۰ .

(۶۵۲)

عمرة الأولی مراعاة الاحتیاط من هذه الجهة ، وظهر ممّا ذکرنا أنّ الاحتمالات ستّة : کون المدار علی الاهلال أو الاحلال أو الخروج ، وعلی التقادیر ، الشهر بمعنی ثلاثین یوما أو أحد الأشهر المعروفة ، وعلی أی حال إذا ترک الاحرام مع الدخول فی شهر آخر ولو قلنا بحرمته لا یکون موجبا لبطلان عمرته السابقة فیصحّ حجّه بعدها ، ثمّ إنّ عدم جواز الخروج علی القول به إنّما هو فی غیر حال الضرورة ، بل مطلق الحاجة ، وأمّا مع الضرورة أو الحاجة مع کون الإحرام بالحجّ غیر ممکن أو حرجا علیه فلا إشکال فیه ، ویختصّ المنع علی القول به بالخروج إلی المواضع البعیدة فلا بأس بالخروج إلی فرسخ أو فرسخین بل یمکن أن یقال باختصاصه بالخروج إلی خارج الحرم ، ولا فرق فی المسألة بین الحجّ الواجب والمستحبّ ، فلو نوی التمتّع مستحبّا ثمّ أتی بعمرته یکون مرتهنا بالحجّ ویکون حاله فی الخروج محرما أو محلاًّ ، والدخول کذلک ، کالحجّ الواجب ، ثمّ إنّ سقوط وجوب الاحرام عمّن خرج مُحلاًّ ودخل قبل شهر مختصّ بما إذا أتی بعمرة بقصد التمتّع ، وأمّا من لم یکن سبق منه عمرة فیلحقه حکم من دخل مکة فی حرمة دخوله بغیر الاحرام إلاّ مثل الحطّاب والحشّاش ونحوهما ، وأیضا سقوطه إذا کان بعد العمرة قبل شهر إنّما هو علی وجه الرخصة بناءً علی عدم اشتراط فصل شهر بین العمرتین فیجوز الدخول باحرام قبل الشهر أیضا ، ثمّ إذا دخل باحرام فهل عمرة التمتّع هی العمرة الأولی أو الأخیرة مقتضی حسنة حمّاد أنّها الأخیرة المتّصلة بالحجّ ، وعلیه لا یجب فیها طواف النساء ، ویجب حینئذ فی الأولی ، ولا إشکال فی جواز الخروج فی أثناء عمرة التمتّع قبل الاحلال منها .

م « ۲۷۸۸ » لا یجوز لمن وظیفته التمتّع أن یعدل إلی غیره من القسمین الأخیرین اختیارا ، نعم إن ضاق وقته عن إتمام العمرة وإدراک الحجّ جاز له نقل النیة إلی الإفراد ، وأن یأتی بالعمرة بعد الحجّ بلا خلاف ولا اشکال ، والضیق المسوّغ لذلک خوف فوات الاختیاری من وقوف عرفة ، لجملة مستفیضة من تلک الأخبار فانّها یستفاد منها علی

(۶۵۳)

اختلاف ألسنتها أنّ المناط فی الاتمام عدم خوف فوت الوقوف بعرفة : منها ـ قوله علیه‌السلام فی روایة یعقوب بن شعیب المیثمی : «لا بأس للمتمتّع إن لم یحرم من لیلة الترویة متی ما تیسّر له ما لم یخف فوات الموقفین»(۱) ، وفی نسخة : «لا بأس للمتمتّع أن یحرم لیلة عرفة» إلی آخره ، وأمّا الأخبار المحدّدة بزوال یوم الترویة أو بغروبه أو بلیلة عرفة أو سحرها فمحمولة علی صورة عدم إمکان الادراک إلاّ قبل هذه الأوقات ، فإنّه مختلف باختلاف الأوقات والأحوال والأشخاص ، ویمکن حملها علی التقیة إذا لم یخرجوا مع الناس یوم الترویة ، ویمکن کون الاختلاف لأجل التقیة کما فی أخبار الأوقات للصلوات ، وربّما تحمل علی تفاوت مراتب أفراد المتعة فی الفضل بعد التخصیص بالحجّ المندوب فإنّ أفضل أنواع التمتّع أن تکون عمرته قبل ذی الحجّة ، ثمّ ما تکون عمرته قبل یوم الترویة ، ثمّ ما یکون قبل یوم عرفة ، مع أنّا لو أغمضنا عن الأخبار من جهة شدّة اختلافها وتعارضها نقول : مقتضی القاعدة هو ما ذکرنا ، لأنّ المفروض أنّ الواجب علیه هو التمتّع ، فمادام ممکنا لا یجوز العدول عنه ، والقدر المسلّم من جواز العدول صورة عدم إمکان إدراک الحجّ ، واللازم إدراک الاختیاری من الوقوف ، فإنّ کفایة الاضطراری منه خلاف الأصل والمتعین ما نقول ، بناءً علی کون الواجب استیعاب تمام ما بین الزوال والغروب بالوقوف ، وإن کان الرکن هو المسمّی ، ولکن مع ذلک لا یخلو عن إشکال ، فإنّ من جملة الأخبار مرفوع سهل عن أبی عبد اللّه علیه‌السلام فی متمتّع دخل یوم عرفة ، قال : «متعته تامّة إلی أن یقطع الناس تلبیتهم»(۲) ، حیث أن قطع التلبیة بزوال یوم عرفة ، وصحیحة جمیل : «المتمتّع له المتعة إلی زوال الشمس من یوم عرفة ، وله الحجّ إلی زوال الشمس من یوم النحر»(۳) ، ومقتضاهما کفایة إدراک مسمّی الوقوف الاختیاری ، فإنّ من البعید إتمام العمرة

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۱۱ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۱۲ .

۳ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۱۳ .

(۶۵۴)

قبل الزوال من عرفة وإدراک الناس فی أوّل الزوال بعرفات ، وأیضا یصدق إدراک الموقف إذا أدرکهم قبل الغروب إلاّ أن یمنع الصدق فإن المنساق منه إدراک تمام الواجب . ویجاب عن المرفوعة والصحیحة بالشذوذ کما ادّعی ، وقد یؤید القول الثالث وهو کفایة إدراک الاضطراری من عرفة بالأخبار الدالّة علی أنّ من یأتی بعد إفاضة الناس من عرفات وأدرکها لیلة النحر تمّ حجّه ، وفیه أنّ موردها غیر ما نحن فیه ، وهو عدم الادراک من حیث هو ، وفی ما نحن فیه یمکن الادراک ، والمانع کونه فی أثناء العمرة فلا یقاس بها ، نعم لو أتمّ عمرته فی سعة الوقت ثمّ اتّفق أنّه لم یدرک الاختیاری من الوقوف کفاه الاضطراری ، ودخل فی مورد تلک الأخبار ، بل لا یبعد دخول من اعتقد سعة الوقت فأتمّ عمرته ثمّ بان کون الوقت مضیقا فی تلک الأخبار ، ثمّ إنّ الظاهر عموم حکم المقام بالنسبة إلی الحجّ المندوب وشمول الأخبار له ، فلو نوی التمتّع ندبا وضاق وقته عن إتمام العمرة بعده لا تجب العمرة ، ولو علم من وظیفته التمتّع ضیق الوقت عن إتمام العمرة وإدراک الحجّ قبل أن یدخل فی العمرة یجوز له العدول من الأوّل إلی الإفراد ، ولو دخل فی العمرة بنیة التمتّع فی سعة الوقت وأخّر الطواف والسعی متعمّدا إلی ضیق الوقت فیجوز العدول وعدم الاکتفاء إذا کان الحجّ واجبا علیه .

م « ۲۷۸۹ » یجب علی الحائض والنفساء إذا ضاق وقتهما عن الطهر وإتمام العمرة وإدراک الحجّ العدول إلی الافراد والاتمام ثمّ الاتیان بعمرة بعد الحجّ لجملة من الأخبار التی هی أرجح من الفرقة الثانیة لشهرة العمل بها دونها ، وأمّا القول الثالث وهو التخییر بین القول الأوّل وبین القول بترک الطواف والاتیان بالسعی ثمّ الاحلال لو أدرک الحجّ وقضاء طواف العمرة بعده فیکون علیهما الطواف ثلاث مرّات ، فإن کان المراد منه الواقعی بدعوی کونه مقتضی الجمع بین الطائفتین ففیه أنّهما یعدّان من المتعارضین ، والعرف لا یفهم

(۶۵۵)

التخییر منهما ، والجمع الدلالی فرع فهم العرف من ملاحظة الخبرین ذلک ، وإن کان المراد التخییر الظاهری العملی ، فهو مکافئة الفرقتین ، والمفروض أنّ الفرقة الأولی أرجح من حیث شهرة العمل بها ، وأمّا التفصیل المذکور فموهون بعدم العمل ، مع أنّ بعض أخبار القول الأوّل ظاهر فی صورة کون الحیض بعد الدخول فی الاحرام ، نعم لو فرض کونها حائضا حال الاحرام وعالمة بأنّها لا تطهر لادراک الحجّ یمکن أن یقال : یتعین علیها العدول إلی الإفراد من الأوّل ، لعدم فائدة فی الدخول فی العمرة ، ثمّ العدول إلی الحجّ ، وأمّا القول بأنّها تستنیب للطواف ثمّ تتمّ العمرة وتأتی بالحجّ فلا وجه له ولا له قائل معلوم .

م « ۲۷۹۰ » إذا حدث الحیض وهی فی أثناء طواف عمرة التمتّع فإن کان قبل تمام أربعة أشواط بطل طوافه ، وحینئذ فإن کان الوقت موسّعا أتمّت عمرتها بعد الطهر ، وإلاّ فلتعدل إلی حجّ الافراد ، وتأتی بعمرة مفردة بعده ، وإن کان بعد تمام أربعة أشواط فتقطع الطواف ، وبعد الطهر تأتی بالثلاثة الأخری وتسعی وتقصّر مع سعة الوقت ، ومع ضیقه تأتی بالسعی وتقصر ثمّ تحرم للحجّ وتأتی بأفعاله ثمّ تقضی بقیة طوافها قبل طواف الحجّ أو بعده ، ثمّ تأتی ببقیة أعمال الحجّ ، وحجّها صحیح تمتّعا ، وکذا الحال إذا حدث الحیض بعد الطواف وقبل صلاته .


فصل فی المواقیت

م « ۲۷۹۱ » وهی المواضع المعینة للاحرام ، أطلقت علیها مجازا أو حقیقة متشرعیة ، والمذکور منها فی جملة من الأخبار خمسة ، وفی بعضها ستّة ، ولکنّ المستفاد من مجموع الأخبار أنّ المواضع التی یجوز الاحرام منها عشرة :

أحدها ـ ذو الحلیفة ، وهی میقات أهل المدینة ومن یمرّ علی طریقهم ، وهو نفس

(۶۵۶)

مسجد الشجرة ، ویجوز الاحرام من خارج المسجد ولو اختیارا ، وإن قلنا : إنّ ذا الحلیفة هو المسجد ، وذلک لأنّه مع الاحرام من جوانب المسجد یصدق الاحرام منه عرفا ، إذ فرق بین الأمر بالاحرام من المسجد أو بالاحرام فیه ، هذا مع إمکان دعوی أنّ المسجد حدّ للاحرام فیشمل جانبیه مع محاذاته ، وإن شئت فقل المحاذاة کافیة ولو مع القرب من المیقات .

م « ۲۷۹۲ » لا یجوز التأخیر إلی الجحفة وهی میقات أهل الشام اختیارا ، نعم یجوز مع مطلق الضرورة لمرض أو ضعف أو غیرهما من الموانع .

م « ۲۷۹۳ » یجوز لأهل المدینة ومن أتاها العدول إلی میقات آخر کالجحفة أو العقیق ، فعدم جواز التأخیر إلی الجحفة إنّما هو إذا مشی من طریق ذی الحلیفة ، بل لو أتی إلی ذی الحلیفة ثمّ أراد الرجوع منه والمشی من طریق آخر جاز ، بل یجوز أن یعدل عنه من غیر رجوع ، فإنّ الذی لا یجوز هو التجاوز عن المیقات محلاً ، وإذا عدل إلی طریق آخر لا یکون مجاوزا ، وإن کان ذلک وهو فی ذی الحلیفة ، وما فی خبر إبراهیم بن عبد الحمید من المنع عن العدول إذا أتی المدینة مع ضعفه منزّل علی الکراهة .

م « ۲۷۹۴ » الحائض تحرم خارج المسجد علی المختار ، ویدلّ علیه مضافا إلی ما مرّ مرسلة یونس فی کیفیة إحرامها ولا تدخل المسجد وتهلّ بالحجّ بغیر صلاة ، وأمّا علی القول بالاختصاص بالمسجد فمع عدم إمکان صبرها إلی أن تطهر تدخل المسجد وتحرم فی حال الاجتیاز إن أمکن ، وإن لم یمکن لزحم أو غیره أحرمت خارج المسجد وجدّدت فی الجحفة أو محاذاتها .

م « ۲۷۹۵ » إذا کان جنبا ولم یکن عنده ماء فعلیه أن یحرم فی حال المرور علی المسجد ومع مانع کزحم ونحوه یتیمم للدخول والاحرام ، وکذا الحائض إذا لم یکن لها ماء بعد نقائها .

(۶۵۷)

الثانی ـ العقیق ، وهو میقات أهل نجد والعراق ومن یمرّ علیه من غیرهم . وأوّله المسلخ ، وأوسطه غمرة ، وآخره ذات عرق ، ویجوز الاحرام من جمیع مواضعه اختیارا ، وأنّ الأفضل الاحرام من المسلخ ثمّ من غمرة ، والأولی عدم التأخیر إلی ذات عرق إلاّ لمرض أو تقیة ، فإنّه میقات العامة ، ویجوز فی حال التقیة الاحرام من أوّله قبل ذات عرق سرّا من غیر نزع ما علیه من الثیاب إلی ذات عرق ثمّ إظهاره ولبس ثوبی الاحرام هناک وإن أمکن تجرّده ولبس الثوبین سرّا ثمّ نزعهما ولبس ثیابه إلی ذات عرق ثمّ التجرّد ولبس الثوبین فهو أولی .

الثالث ـ الجحفة ، وهی لأهل الشام ومصر ومغرب ومن یمرّ علیها من غیرهم إذا لم یحرم من المیقات السابق علیها .

الرابع ـ یلملم ، وهو لأهل الیمن .

الخامس ـ قرن المنازل ، وهو لأهل الطائف .

السادس ـ مکة ، وهی لحجّ التمتّع .

السابع ـ دویرة الأهل ؛ أی : المنزل ، وهی لمن کان منزله دون المیقات إلی مکة ، بل لأهل مکة أیضا وإن استشکل فیه بعضهم ، فإنّهم یحرمون لحجّ القِران والإفراد من مکة ، بل وکذا المجاور الذی انتقل فرضه إلی فرض أهل مکة ، وإن کان الأولی إحرامه من الجعرانة ، وهی أحد مواضع أدنی الحلّ ، للصحیحین الواردین فیه ، المقتضی إطلاقهما عدم الفرق بین من انتقل فرضه أو لم ینتقل ، وإن کان القدر المتیقّن الثانی ، فلا یشمل ما نحن فیه ، والظاهر أنّ الاحرام من المنزل للمذکورین من باب الرخصة ، وإلاّ فیجوز لهم الاحرام من أحد المواقیت ، بل لعلّه أفضل ، لبعد المسافة وطول زمان الاحرام .

الثامن ـ فخّ ، وهو میقات الصبیان فی غیر حجّ التمتّع عند جماعة بمعنی جواز تأخیر إحرامهم إلی هذا المکان ، لا أنّه یتعین ذلک ، ولکن الصحیح ما عن آخرین من وجوب

(۶۵۸)

کون إحرامهم من المیقات ، لکن لا یجرّدون إلاّ فی فخّ ، ثمّ إنّ جواز التأخیر علی القول الأوّل إنّما هو إذا مرّوا علی طریق المدینة ، وأمّا إذا سلکوا طریقا لا یصل إلی فخّ فاللازم إحرامهم من میقات البالغین .

التاسع ـ محاذاة أحد المواقیت الخمسة ، وهی میقات من لم یمرّ علی أحدها ، والدلیل علیه صحیحتا ابن سنان ، ولا یضرّ اختصاصهما بمحاذاة مسجد الشجرة بعد فهم المثالیة منهما وعدم القول بالفصل ، ومقتضاهما محاذاة أبعد المیقاتین إلی مکة إذا کان فی طریق یحاذی اثنین ، فلا وجه للقول بکفایة أقربهما إلی مکة ، وتتحقّق المحاذاة بأن یصل فی طریقه إلی مکة إلی موضع یکون بینه وبین مکة باب ، وهی بین ذلک المیقات ومکة بالخطّ المستقیم ، وبوجه آخر أن یکون الخطّ من موقفه إلی المیقات أقصر الخطوط فی ذلک الطریق ، ثمّ إنّ المدار علی صدق المحاذاة عرفا ، فلا یکفی إذا کان بعیدا عنه فیعتبر فیها المسامتة کما لا یخفی ، واللازم حصول العلم بالمحاذاة إن أمکن ، وإلاّ فالظنّ الحاصل من قول أهل الخبرة ، ومع عدمه أیضا فاللازم الذهاب إلی المیقات أو الاحرام من أوّل موضع احتماله واستمرار النیة والتلبیة إلی آخر مواضعه ، ولا یضرّ احتمال کون الاحرام قبل المیقات حینئذ ، مع أنّه لا یجوز ؛ لأنّه لا بأس به إذا کان بعنوان الاحتیاط ، ولا یجوز إجراء أصالة عدم الوصول إلی المحاذاة ، أو أصالة عدم وجوب الاحرام ، لأنّهما لا یثبتان کون ما بعد ذلک محاذاة ، والمفروض لزوم کون إنشاء الاحرام من المحاذاة ، ویجوز لمثل هذا الشخص أن ینذر الاحرام قبل المیقات فیحرم فی أوّل موضع الاحتمال أو قبله علی ما سیأتی من جواز ذلک مع النذر ، ویجوز الاکتفاء به فی صورة الظنّ أیضا ، کما یجوز الاکتفاء بالمحاذاة مطلقا وإن یمکن له الذهاب إلی المیقات ، ثمّ إن أحرم فی موضع الظنّ بالمحاذاة ولم یتبین الخلاف فلا إشکال ، وإن تبین بعد ذلک کونه قبل المحاذاة ولم یتجاوزه أعاد الاحرام ، وإن تبین کونه قبله وقد تجاوز أو تبین کونه بعده فإن أمکن العود

(۶۵۹)

والتجدید تعین ، وإلاّ فیکفی فی الصورة الثانیة ویجدّد فی الأولی فی مکانه ، والأولی التجدید مطلقا ، ولا فرق فی جواز الاحرام فی المحاذاة بین البرّ والبحر ، ثمّ إن الظاهر أنّه لا یتصوّر طریق لا یمرّ علی میقات ، ولا یکون محاذیا لواحد منها ؛ إذ المواقیت محیطة بالحرم من الجوانب ، فلابدّ من محاذاة واحد منها ، ولو فرض إمکان ذلک فاللازم الاحرام من أدنی الحلّ ، وعن بعضهم أنّه یحرم من موضع یکون بینه وبین مکة بقدر ما بینها وبین أقرب المواقیت إلیها ، وهو مرحلتان ؛ لأنّه لا یجوز لأحد قطعه إلاّ محرما ، وفیه أنّه لا دلیل علیه .

العاشر ـ أدنی الحلّ ، وهو میقات العمرة المفردة بعد حجّ القران أو الافراد ، بل لکلّ عمرة مفردة ، والأفضل أن یکون من الحدیبیة أو الجعرانة أو التنعیم فإنّها منصوصة ، وهی من حدود الحرم علی اختلاف بینها فی القرب والبعد ، فإنّ الحدیبیة بالتخفیف أو التشدید : بئر بقرب مکة علی طریق جدّة دون مرحلة ، ثمّ أطلق علی الموضع ، ویقال : نصفه فی الحلّ ، ونصفه فی الحرم ، والجعرانة بکسر الجیم والعین وتشدید الراء أو بکسر الجیم وسکون العین وتخفیف الراء : موضع بین مکة والطائف علی سبعة أمیال ، والتنعیم : موضع قریب من مکة ، وهو أقرب أطراف الحلّ إلی مکة ، ویقال : بینه وبین مکة أربعة أمیال ، ویعرف بمسجد عائشة ، کذا فی مجمع البحرین ، وأمّا المواقیت الخمسة فعن العلامة فی المنتهی أنّ أبعدها من مکة ذو الحلیفة ، فإنّها علی عشرة مراحل من مکة ، ویلیه فی البعد الجحفة ، والمواقیت الثلاثة الباقیة علی مسافة واحدة ، بینها وبین مکة لیلتان قاصدتان ، وقیل : إنّ الجحفة علی ثلاث مراحل من مکة .

م « ۲۷۹۶ » کلّ من حجّ أو اعتمر علی طریق فمیقاته میقات أهل ذلک الطریق ، وإن کان مهلّ أرضه غیره ، کما أشرنا إلیه سابقا ، فلا یتعین أن یحرم من مهلّ أرضه بالنصوص ، منها صحیحة صفوان : «أنّ رسول اللّه صلی‌الله‌علیه‌وآله وقّت المواقیت لأهلها ومن أتی علیها من غیر

(۶۶۰)

أهلها»(۱) .

م « ۲۷۹۷ » قد علم ممّا مرّ أنّ میقات حجّ التمتّع مکة ؛ واجبا کان أو مستحبّا ، من الآفاقی أو من أهل مکة ، ومیقات عمرته أحد المواقیت الخمسة أو محاذاتها کذلک أیضا ، ومیقات حجّ القِران والافراد أحد تلک المواقیت مطلقا أیضا إلاّ إذا کان منزله دون المیقات أو مکة ، فمیقاته منزله ، ویجوز من أحد تلک المواقیت أیضا ، بل هو الأفضل ، ومیقات عمرتهما أدنی الحلّ إذا کان فی مکة ، ویجوز من أحد المواقیت أیضا ، وإذا لم یکن فی مکة فیتعین أحدها ، وکذا الحکم فی العمرة المفردة ؛ مستحبّةً کانت أو واجبةً ، وإن نذر الاحرام من میقات معین تعین ، والمجاور بمکة بعد السنتین حاله حال أهلها ، وقبل ذلک حاله حال النائی ، فإذا أراد حجّ الإفراد أو القِران یکون میقاته أحد الخمسة أو محاذاتها ، وإذا أراد العمرة المفردة جاز إحرامها من أدنی الحلّ .


فصل فی أحکام المواقیت

م « ۲۷۹۸ » لا یجوز الاحرام قبل المواقیت ، ولا ینعقد ، ولا یکفی المرور علیها محرما ، بل لابدّ من انشائه جدیدا ، ففی خبر میسرة : دخلت علی أبی عبد اللّه علیه‌السلام وأنا متغیر اللون ، فقال علیه‌السلام : «من أین أحرمت بالحجّ ؟ فقلت : من موضع کذا وکذا ، فقال علیه‌السلام : ربّ طالب خیر یزلّ قدمه ، ثمّ قال : أیسرک إن صلّیت الظهر فی السفر أربعا ؟ قلت : لا ، قال : فهو واللّه ذلک»(۲) .

نعم یستثنی من ذلک موضعان :

أحدهما ـ إذا نذر الاحرام قبل المیقات فإنّه یجوز ویصحّ للنصوص ، منها : خبر أبی

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۴۰ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۳۵ .

(۶۶۱)

بصیر عن أبی عبد اللّه علیه‌السلام : «لو أنّ عبدا أنعم اللّه تعالی علیه نعمةً أو ابتلاه ببلیة فعافاه من تلک البلیة فجعل علی نفسه أن یحرم من خراسان کان علیه أن یتمّ»(۱) . ولا یضرّ عدم رجحان ذلک بل مرجوحیته قبل النذر ، مع أنّ اللازم کون متعلّق النذر راجحا ، وذلک لاستکشاف رجحانه بشرط النذر من الأخبار ، واللازم رجحانه حین العمل ولو کان ذلک للنذر ونظیره مسألة الصوم فی السفر المرجوح أو المحرّم من حیث هو مع صحّته ورجحانه بالنذر ، ولابدّ من دلیل یدلّ علی کونه راجحا بشرط النذر فلا یردّ أنّ لازم ذلک صحّة نذر کلّ مکروه أو محرّم ، وفی المقامین المذکورین الکاشف هو الأخبار ، فالقول بعدم الانعقاد کما عن جماعة لما ذکر لا وجه له ، لوجود النصوص ، وإمکان تطبیقها علی القاعدة ، وفی إلحاق العهد والیمین بالنذر وعدمه وجوه ، ثالثها إلحاق العهد دون الیمین ، والصحیح هو الأوّل لامکان الاستفادة من الأخبار ، هذا ، ولا یلزم التجدید فی المیقات ولا المرور علیها ، ویعتبر تعیین المکان ، فلا یصحّ نذر الاحرام قبل المیقات مطلقا ، فیکون مخیرا بین الأمکنة ؛ لأنّه القدر المتیقّن بعد عدم الاطلاق فی الأخبار إلاّ فی صورة التردید بین المکانین بأن یقول : للّه علی أن أحرم إمّا من الکوفة أو من البصرة ، ولا فرق بین کون الاحرام للحجّ الواجب أو المندوب أو للعمرة المفردة ، نعم لو کان للحجّ أو عمرة التمتّع یشترط أن یکون فی أشهر الحجّ ، لاعتبار کون الاحرام لهما فیها ، والنصوص إنّما جوّزت قبل الوقت المکانی فقط ، ثمّ لو نذر وخالف نذره فلم یحرم من ذلک المکان نسیانا أو عمدا لم یبطل إحرامه إذا أحرم من المیقات ، نعم علیه الکفّارة إذا خالفه متعمّدا .

ثانیهما ـ إذا أراد إدراک عمرة رجب وخشی تقضّیه إن أخّر الاحرام إلی المیقات فإنّه یجوز له الاحرام قبل المیقات ، وتحسب له عمرة رجب ، وإن أتی ببقیة الأعمال فی شعبان لصحیحة إسحاق بن عمّار عن أبی عبد اللّه علیه‌السلام عن رجل یجیء معتمرا ینوی

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۳۷ .

(۶۶۲)

عمرة رجب فیدخل علیه الهلال قبل أن یبلغ العقیق ، أیحرم قبل الوقت ویجعلها لرجب أو یؤخّر الاحرام إلی العقیق ویجعلها لشعبان ؟ قال : «یحرم قبل الوقت لرجب ، فإنّ لرجب فضلاً»(۱) . وصحیحة معاویة بن عمّار سمعت أبا عبد اللّه علیه‌السلام یقول : «لیس ینبغی أن یحرم دون الوقت الذی وقّت رسول اللّه صلی‌الله‌علیه‌وآله إلاّ أن یخاف فوت الشهر فی العمرة»(۲) . ومقتضی إطلاق الثانیة جواز ذلک لادراک عمرة غیر رجب أیضا ، حیث أنّ لکلّ شهر عمرة ، لکنّ الأصحاب خصّصوا ذلک برجب ، والأولی مع ذلک التجدید فی المیقات ، ویجوز الاحرام قبل الضیق إذا علم عدم الادراک إذا أخّر إلی المیقات ، بل هو الأولی ؛ حیث أنّه یقع باقی أعمالها أیضا فی رجب ، ولا فرق بین العمرة المندوبة والواجبة بالأصل أو بالنذر ونحوه .

م « ۲۷۹۹ » کما لا یجوز تقدیم الاحرام علی المیقات کذلک لا یجوز التأخیر عنها ، فلا یجوز لمن أراد الحجّ أو العمرة أو دخول مکة أن یجاوز المیقات اختیارا إلاّ محرما وإن کان أمامه میقات آخر ، فلو لم یحرم منها وجب العود إلیها ، وأمّا إذا لم یرد النسک ولا دخول مکة بأن کان له شغل خارج مکة ولو کان فی الحرم فلا یجب الإحرام ، نعم فی بعض الأخبار وجوب الإحرام من المیقات إذا أراد دخول الحرم وإن لم یرد دخول مکة ، لکن قد یدّعی الاجماع علی عدم وجوبه ، وإن کان یمکن استظهاره من بعض الکلمات .

م « ۲۸۰۰ » لو أخّر الاحرام من المیقات عالما عامدا ولم یتمکن من العود إلیها لضیق الوقت أو لعذر آخر ولم یکن أمامه میقات آخر بطل إحرامه وحجّه ووجب علیه قضاؤه إذا کان مستطیعا ، وأمّا إذا لم یکن مستطیعا فلا یجب ، وإن أثم بترک الاحرام بالمرور علی المیقات ؛ خصوصا إذا لم یدخل مکة ، وذلک لأنّ الواجب علیه إنّما کان الاحرام لشرف البقعة کصلاة التحیة فی دخول المسجد ، فلا قضاء مع ترکه ، مع أنّ وجوب الاحرام لذلک

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۳۶ .

۲ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۲۳۶ .

(۶۶۳)

لا یوجب وجوب الحجّ علیه ، وأیضا إذا بدا له ولم یدخل مکة کشف عن عدم الوجوب من الأوّل ، وذهب بعضهم إلی أنّه لو تعذّر علیه العود إلی المیقات أحرم من مکانه ، کما فی الناسی والجاهل ، نظیر ما إذا ترک التوضّی إلی أن ضاق الوقت فإنّه یتیمّم ، وتصحّ صلاته وإن أثم بترک الوضوء متعمّدا ، وفیه أنّ البدلیة فی المقام لم تثبت ، بخلاف مسألة التیمّم ، والمفروض أنّه ترک ما وجب علیه متعمّدا .

م « ۲۸۰۱ » لو کان قاصدا من المیقات للعمرة المفردة وترک الاحرام لها متعمّدا یجوز له أن یحرم من أدنی الحلّ ، وإن کان متمکنا من العود إلی المیقات فأدنی الحلّ له مثل کون المیقات أمامه ، ولو لم یتمکن من العود ولا الاحرام من أدنی الحلّ بطلت عمرته .

م « ۲۸۰۲ » لو کان مریضا ولم یتمکن من النزع ولبس الثوبین یجزیه النیة والتلبیة ، فإذا زال عندها نزع ولبسهما ، ولا یجب حینئذ علیه العود إلی المیقات ، نعم لو کان له عذر عن أصل إنشاء الاحرام لمرض أو إغماء ثمّ زال وجب علیه العود إلی المیقات إذا تمکن ، وإلاّ کان حکمه حکم الناسی فی الاحرام من مکانه إذا لم یتمکن إلاّ منه ، وإن تمکن العود فی الجملة وجب ، وذهب بعضهم إلی أنّه إذا کان مغمی علیه ینوب عنه غیره لمرسل جمیل عن أحدهما علیهماالسلام فی مریض أغمی علیه فلم یفق حتّی أتی الموقف ، قال علیه‌السلام : «یحرم عنه رجل» ، والظاهر أنّ المراد أنّه یحرمه ویجنّبه عن محرّمات الإحرام ، لا أنّه ینوب عنه فی الإحرام ، ومقتضی هذا القول عدم وجوب العود إلی المیقات بعد إفاقته ، وإن کان ممکنا ، ولکنّ العمل به مشکل ، لإرسال الخبر وعدم الجابر فیجب العود مع الإمکان وعدم الاکتفاء به مع عدمه .

م « ۲۸۰۳ » إذا ترک الاحرام من المیقات ناسیا أو جاهلاً بالحکم أو الموضوع وجب العود إلیها مع الامکان ، ومع عدمه فإلی ما أمکن إلاّ إذا کان أمامه میقات آخر ، وکذا إذا جاوزها محلاًّ لعدم کونه قاصدا للنسک ولا لدخول مکة ، ثمّ بدا له ذلک فإنّه یرجع إلی

(۶۶۴)

المیقات مع التمکن ، وإلی ما أمکن مع عدمه .

م « ۲۸۰۴ » من کان مقیما فی مکة وأراد حجّ التمتّع وجب علیه الاحرام لعمرته من المیقات إذا تمکن ، وإلاّ فحاله حال الناسی .

م « ۲۸۰۵ » لو نسی المتمتّع الاحرام للحجّ بمکة ثمّ ذکر وجب علیه العود مع الامکان وإلاّ ففی مکانه ، ولو کان فی عرفات بل المشعر وصحّ حجّه ، وکذا لو کان جاهلاً بالحکم ، ولو أحرم له من غیر مکة مع العلم والعمد لم یصحّ ، وإن دخل مکة باحرامه ، بل وجب علیه الاستئناف مع الامکان وإلاّ بطل حجّه ، نعم لو أحرم من غیرها نسیانا ولم یتمکن من العود إلیها صحّ إحرامه من مکانه .

م « ۲۸۰۶ » لو نسی الاحرام ولم یذکر حتّی أتی بجمیع الأعمال من الحجّ أو العمرة فصحّ عمله ، وکذا صحّ لو ترکه جهلاً حتّی أتی بالجمیع .


فصل فی مقدّمات الاحرام

م « ۲۸۰۷ » یستحبّ قبل الشروع فی الاحرام أمور :

أحدها ـ توفیر شعر الرأس بل واللحیة لاحرام الحجّ مطلقا ، لا خصوص التمتّع کما یظهر من بعضهم لاطلاق الأخبار ، من أوّل ذی القعدة بمعنی عدم إزالة شعرهما لجملة من الأخبار ، وهی وإن کانت ظاهرةً فی الوجوب إلاّ أنّها محمولة علی الاستحباب لجملة أخری من الأخبار ظاهرة فیه ، فالقول بالوجوب کما هو ظاهر جماعة ضعیف ، ولا ینبغی ترک اهراق دم لو أزال شعر رأسه بالحلق ، حیث یظهر من بعضهم وجوبه أیضا لخبر محمول علی الاستحباب أو علی ما إذا کان فی حال الاحرام ، ویستحبّ التوفیر للعمرة شهرا .

الثانی ـ قصر الأظفار والأخذ من الشارب وإزالة شعر الابط والعانة بالطلی أو الحلق أو

(۶۶۵)

النتف ، والأفضل الأوّل ، ثمّ الثانی ، ولو کان مطلیا قبله تستحبّ له الاعادة وإن لم یمض خمسة عشر یوما ، ویستحبّ أیضا إزالة الأوساخ من الجسد لفحوی ما دلّ علی المذکورات ، وکذا یستحبّ الاستیاک .

الثالث ـ الغسل للاحرام فی المیقات ، ومع العذر عنه التیمّم ویجوز تقدیمه علی المیقات مع خوف إعواز الماء ، بل یجوز مع عدم الخوف أیضا ، ویکفی الغسل من أوّل النهار إلی اللیل ، ومن أوّل اللیل إلی النهار ، ویکفی غسل الیوم إلی آخر اللیل وبالعکس ، وإذا أحدث بعدها بعد قبل الاحرام یستحبّ إعادته خصوصا فی النوم ، کما أنّ الأولی إعادته إذا أکل أو لبس ما لا یجوز أکله أو لبسه للمحرم ، بل وکذا لو تطیب بل الأولی ذلک فی جمیع تروک الاحرام ، فلو أتی بواحد منها بعدها قبل الاحرام الأولی إعادته ، ولو أحرم بغیر غسل أتی به ، وأعاد صورة الاحرام ؛ سواء ترکه عالما عامدا أو جاهلاً أو ناسیا ، ولکن إحرامه الأوّل صحیح باق علی حاله ، فلو أتی بما یوجب الکفّارة بعده وقبل الاعادة وجبت علیه ، ویستحبّ أن یقول عند الغسل أو بعده : «بسم اللّه وباللّه ، اللّهم اجعله لی نورا وطهورا وحرزا وأمنا من کلّ خوف وشفاء من کلّ داء وسقم . اللّهم طهّرنی وطهّر قلبی واشرح لی صدری ، وأجر علی لسانی محبّتک ومدحتک والثناء علیک ، فإنّه لا قوّة إلاّ بک وقد علمت أنّ قوام دینی التسلیم لک والاتّباع لسنّة نبیک صلواتک علیه وآله» .

الرابع ـ أن یکون الاحرام عقیب صلاة فریضة أو نافلة ، وقیل بوجوب ذلک لجملة من الأخبار الظاهرة فیه ، المحمولة علی الندب للاختلاف الواقع بینها ، واشتمالها علی خصوصیات غیر واجبة ، والأولی أن یکون بعد صلاة الظهر فی غیر إحرام حجّ التمتّع ، فإنّ الأفضل فیه أن یصلّی الظهر بمنی ، وإن لم یکن فی وقت الظهر فبعد صلاة فریضة أخری حاضرة ، وإن لم یکن فمقضیة وإلاّ فعقیب صلاة النافلة .

(۶۶۶)

الخامس ـ صلاة ستّ رکعات أو أربع رکعات أو رکعتین للاحرام ، والأولی الاتیان بها مقدّما علی الفریضة ، ویجوز إتیانها فی أی وقت کان بلا کراهة حتّی فی الأوقات المکروهة ، وفی وقت الفریضة حتّی علی القول بعدم جواز النافلة لمن علیه فریضة ، لخصوص الأخبار الواردة فی المقام ، والأولی أن یقرء فی الرکعة الأولی بعد الحمد التوحید وفی الثانیة الجحد ، لا العکس کما قیل .

م « ۲۸۰۸ » یکره للمرأة إذا أرادت الاحرام أن تستعمل الحناء إذا کان یبقی أثره إلی ما بعده مع قصد الزینة ، بل لا معه أیضا إذا کان یحصل به الزینة وإن لم یقصدها ، والروایة مختصّة بالمرأة ، لکنّهم ألحقوا بها الرجل أیضا لقاعدة الاشتراک ، ولا بأس به ، وأمّا استعماله مع عدم إرادة الاحرام فلا بأس به ، وإن بقی أثره ، ولا بأس بعدم إزالته وإن کانت ممکنة .


فصل فی کیفیة الاحرام

م « ۲۸۰۹ » وواجباته ثلاثة :

الأوّل ـ النیة بمعنی القصد إلیه ، فلو أحرم من غیر قصد أصلاً بطل ؛ سواء کان عن عمد أو سهو أو جهل ، ویبطل نسکه أیضا إذا کان الترک عمدا ، وأمّا مع السهو والجهل فلا یبطل ، ویجب علیه تجدیده من المیقات إذا أمکن ، وإلاّ فمن حیث أمکن علی التفصیل الذی مرّ سابقا فی ترک أصل الاحرام .

م « ۲۸۱۰ » یعتبر فیها القربة والخلوص کما فی سائر العبادات ، فمع فقدهما أو أحدهما یبطل إحرامه .

م « ۲۸۱۱ » یجب أن تکون مقارنةً للشروع فیه ، فلا یکفی حصولها فی الأثناء ، فلو ترکها وجب تجدیده ، ولا وجه لما قیل : من أنّ الاحرام تروک ، وهی لا تفتقر إلی النیة ،

(۶۶۷)

والقدر المسلّم من الاجماع علی اعتبارها إنّما هو فی الجملة ولو قبل التحلّل ، إذ نمنع أوّلاً کونه تروکا فإنّ التلبیة ولبس الثوبین من الأفعال ، وثانیا اعتبارها فیه علی حدّ اعتبارها فی سائر العبادات فی کون اللازم تحقّقها حین الشروع فیها .

م « ۲۸۱۲ » یعتبر فی النیة تعیین کون الاحرام لحجّ أو عمرة ، وأنّ الحجّ تمتّع أو قِران أو إفراد ، وأنّه لنفسه أو نیابة عن غیره ، وأنّه حجّة الاسلام أو الحجّ النذری أو الندبی ، فلو نوی الاحرام من غیر تعیین وأوکله إلی ما بعد ذلک بطل ، فما عن بعضهم من صحّته وأنّ له صرفه إلی أیهما شاء من حجّ أو عمرة لا وجه له ؛ إذ الظاهر أنّه جزء من النسک فتجب نیته کما فی أجزاء سائر العبادات ، ولیس مثل الوضوء والغسل بالنسبة إلی الصلاة ، نعم یکفی التعیین الاجمالی حتّی بأن ینوی الاحرام لما سیعینه من حجّ أو عمرة ، فإنّه نوع تعیین ، وفرق بینه وبین ما لو نوی مردّدا مع إیکال التعیین إلی ما بعد .

م « ۲۸۱۳ » لا یعتبر فیها نیة الوجه من وجوب أو ندب إلاّ إذا توقّف التعیین علیها ، وکذا لا یعتبر فیها التلفّظ بل ولا الاخطار بالبال فیکفی الداعی .

م « ۲۸۱۴ » لا یعتبر فی الاحرام استمرار العزم علی ترک محرّماته ، بل المعتبر العزم علی ترکها مستمرّا ، فلو لم یعزم من الأوّل علی استمرار الترک بطل ، وأمّا لو عزم علی ذلک ولم یستمرّ عزمه بأن نوی بعد تحقّق الاحرام عدمه أو إتیان شیء منها لم یبطل ، فلا یعتبر فیه استدامة النیة کما فی الصوم ، والفرق أنّ التروک فی الصوم معتبرة فی صحّته بخلاف الاحرام فإنّها فیه واجبات تکلیفیة .

م « ۲۸۱۵ » لو نسی ما عینه من حجّ أو عمرة وجب علیه التجدید ؛ سواء تعین علیه أحدهما أو لا .

م « ۲۸۱۶ » لا تکفی نیة واحدة للحجّ والعمرة ، بل لابدّ لکلّ منهما من نیته مستقلاًّ ؛ إذ کلّ منهما یحتاج إلی إحرام مستقلّ ، فلو نوی کذلک وجب علیه تجدیدها ، والقول بصرفه

(۶۶۸)

إلی المتعین منهما إذا تعین علیه أحدهما والتخییر بینهما إذا لم یتعین وصحّ منه کلّ منهما کما فی أشهر الحجّ لا وجه له ، کالقول بأنّه لو کان فی أشهر الحجّ بطل ولزم التجدید ، وإن کان فی غیرها صحّ عمرة مفردة .

م « ۲۸۱۷ » لو نوی کاحرام فلان فإن علم أنّه لما ذا أحرم صحّ ، وإن لم یعلم فقیل بالبطلان لعدم التعیین ، وقیل بالصحّة لما عن علی علیه‌السلام ، وصحّ لأنّه نوع تعیین ، نعم لو لم یحرم فلان أو بقی علی الاشتباه فیبطل ، وقد یقال : إنّه فی صورة الاشتباه یتمتّع ، ولا وجه له إلاّ إذا کان فی مقام یصحّ له العدول إلی التمتّع .

م « ۲۸۱۸ » لو وجب علیه نوع من الحجّ أو العمرة فنوی غیره بطل .

م « ۲۸۱۹ » لو نوی نوعا ونطق بغیره کان المدار علی ما نوی دون ما نطق .

م « ۲۸۲۰ » لو کان فی أثناء نوع وشک فی أنّه نواه أو نوی غیره بنی علی أنّه نواه .

م « ۲۸۲۱ » یستفاد من جملة من الأخبار استحباب التلفّظ بالنیة ، ویتحقّق بأی لفظ کان ، والأولی أن یکون بما فی صحیحة ابن عمّار وهو أن یقول : «اللّهم إنّی أرید ما أمرت به من التمتّع بالعمرة إلی الحجّ علی کتابک وسنّة نبیک صلی‌الله‌علیه‌وآله فیسّر ذلک لی ، وتقبّله منّی ، وأعنّی علیه ، فإن عرض شیء یحبسنی فحلّنی حیث حبستنی لقدرک الذی قدّرت علی ، اللّهم إن لم تکن حجّة فعمرة ، أحرم لک شعری وبشری ولحمی ودمی وعظامی ومخّی وعصبی من النساء والطیب ، أبتغی بذلک وجهک والدار الآخرة»(۱) .

م « ۲۸۲۲ » یستحبّ أن یشترط عند إحرامه علی اللّه أن یحلّه إذا عرض مانع من إتمام نسکه من حجّ أو عمرة ، وأن یتمّ إحرامه عمرة إذا کان للحجّ ولم یمکنه الاتیان کما یظهر من جملة من الأخبار ، واختلفوا فی فائدة هذا الاشتراط فقیل : إنّها سقوط الهدی ، وقیل : إنّها تعجیل التحلّل وعدم انتظار بلوغ الهدی محلّه ، وقیل : سقوط الحجّ من قابل ، وقیل :

۱ـ الوسائل ، ج۹ ، ص۲۴ .

(۶۶۹)

إنّ فائدته إدراک الثواب فهو مستحبّ تعبّدی ، ویدلّ علیه قوله علیه‌السلام فی بعض الأخبار : «هو حلّ حیث حبسه اشترط أو لم یشترط»(۱) ، والظاهر عدم کفایة النیة فی حصول الاشتراط ، بل لابدّ من التلفّظ لکن یکفی کلّ ما أفاد هذا المعنی ، فلا یعتبر فیه لفظ مخصوص وإن کان الأولی التعیین ممّا فی الأخبار .

الثانی من واجبات الاحرام ـ التلبیات الأربع ، والقول بوجوب الخمس أو الستّ ضعیف ، بل ادّعی جماعة الاجماع علی عدم وجوب الأزید من الأربع ، وهی أن یقول : «لبّیک اللّهم لبّیک ، لبّیک لا شریک لک لبّیک» کما هو صریح صحیحة معاویة بن عمّار ، والزوائد مستحبّة ، والأولی التکرار بالاتیان بکلّ من الصور المذکورة ، بل یستحبّ أن یقول کما فی صحیحة معاویة بن عمّار : «لبّیک اللّهمّ لبّیک ، لبّیک لا شریک لک لبّیک ، إنّ الحمد والنعمة لک والملک لک ، لا شریک لک لبّیک ، ذا المعارج لبّیک لبّیک ، لبّیک داعیا إلی دار السلام لبّیک ، لبّیک غفّار الذنوب لبّیک ، لبّیک أهل التلبیة لبّیک ، لبّیک ذا الجلال والاکرام ، لبّیک مرهوبا ومرغوبا إلیک لبّیک ، لبّیک تبدء والمعاد إلیک ، لبّیک کشّاف الکروب العظام لبّیک ، لبّیک عبدک وابن عبدیک لبّیک ، لبّیک یا کریم لبّیک» .

م « ۲۸۲۳ » اللازم الاتیان بها علی الوجه الصحیح بمراعاة أداء الکلمات علی قواعد العربیة ، فلا یجزی الملحون مع التمکن من الصحیح بالتلقین أو التصحیح بلا استنابة فی ذلک ، وکذا لا تجزی الترجمة مع التمکن ، ومع عدمه فالأولی الجمع بینهما وبین الاستنابة ، والأخرس یشیر إلیها باصبعه مع تحریک لسانه بلا استنابة فی ذلک أیضا ، ویلبّی من الصبی الغیر الممیز ومن المغمی علیه ، وفی قوله : «أنّ الحمد» إلی آخره ، یصحّ أن یقرء بکسر الهمزة وفتحها ، والأولی الأوّل ، ولبّیک مصدر منصوب بفعل مقدّر ؛ أی : ألبّ لک إلبابا بعد الباب ، أو لبّا بعد لبّ ؛ أی : إقامة بعد اقامة ، من لبّ بالمکان أو ألبّ ؛ أی :

۱ـ الوسائل ، ج۸ ، ص۳۵ .

(۶۷۰)

أقام ، والأولی کونه من لبّ ، وعلی هذا ، فأصله لبّین لک ، فحذف اللام وأضیف إلی الکاف ، فحذف النون ، وحاصل معناه إجابتین لک ، وربّما یحتمل أن یکون من لبّ بمعنی واجه ، یقال داری تلبّ دارک ؛ أی : تواجهها ، فمعناه مواجهتی وقصدی لک ، وأمّا احتمال کونه من لبّ الشی‌ء ؛ أی : خالصه ، فیکون بمعنی إخلاصی لک فبعید ، کما أنّ القول بأنّه کلمة مفردة نظیر «علی» و«لدی» فأضیفت إلی الکاف فقلبت ألفه یاء لا وجه له ، لأنّ «علی» و«لدی» إذا أضیفا إلی الظاهر یقال فیهما بالألف کعلی زید ولدی زید ولیس لبّی کذلک ، فإنّه یقال فیه : لبّی زید بالیاء .

م « ۲۸۲۴ » لا ینعقد إحرام حجّ التمتّع وإحرام عمرته ، ولا إحرام حجّ الافراد ولا إحرام العمرة المفردة إلاّ بالتلبیة ، وأمّا فی حجّ القران فیتخیر بین التلبیة وبین الإشعار أو التقلید ، والإشعار مختصّ بالبدن ، والتقلید مشترک بینها وبین غیرها من أنواع الهدی ، والأولی فی البدن الجمع بین الإشعار والتقلید ضمّ التلبیة أیضا ، فینعقد إحرام حجّ القِران بأحد هذه الثلاثة ، وتجب التلبیة علی القارن وإن لم یتوقّف انعقاد إحرامه علیها ، فهی واجبة علیه فی نفسها ، ویستحبّ الجمع بین التلبیة وأحد الأمرین ، وأیهما بدء کان واجبا . وکان الآخر مستحبّا ، ثمّ إنّ الاشعار عبارة عن شقّ السنام الأیمن بأن یقوم الرجل من الجانب الأیسر من الهدی ویشقّ سنامه من الجانب الأیمن ، ویلطخ صفحته بدمه ، والتقلید أن یعلّق فی رقبة الهدی نعلاً خلقا قد صلّی فیه .

م « ۲۸۲۵ » لا تجب مقارنة التلبیة لنیة الاحرام ، فیجوز أن یؤخّرها عن النیة ولبس الثوبین .

م « ۲۸۲۶ » لا تحرم علیه محرّمات الاحرام قبل التلبیة وإن دخل فیه بالنیة ولبس الثوبین ، فلو فعل شیئا من المحرّمات لا یکون آثما ، ولیست علیه کفّارة ، وکذا فی القارن إذا لم یأت بها ولا بالاشعار أو التقلید ، بل یجوز له أن یبطل الاحرام ما لم یأت بها ولا

(۶۷۱)

بأحد الأمرین فیه ، والحاصل أنّ الشروع فی الاحرام وإن کان یتحقّق بالنیة ولبس الثوبین إلاّ أنّه لا تحرم علیه المحرّمات ، ولا یلزم البقاء علیه إلاّ بها أو بأحد الأمرین ، فالتلبیة وأخواها بمنزلة تکبیرة الاحرام فی الصلاة .

م « ۲۸۲۷ » إذا نسی التلبیة وجب علیه العود إلی المیقات لتدارکها ، وإن لم یتمکن أتی بها فی مکان التذکر ، ولا تجب الکفّارة علیه إذا کان آتیا بما یوجبها ، لما عرفت من عدم انعقاد الاحرام إلاّ بها .

م « ۲۸۲۸ » الواجب من التلبیة مرّة واحدة ، نعم یستحبّ الاکثار بها وتکریرها ما استطاع ، خصوصا فی دبر کلّ صلاة فریضةً أو نافلةً ، وعند صعود شرف ، أو هبوط واد ، وعند المنام ، وعند الیقظة ، وعند الرکوب ، وعند النزول ، وعند ملاقاة راکب ، وفی الأسحار ، وفی بعض الأخبار : «من لبّی فی إحرامه سبعین مرّةً ایمانا واحتسابا أشهد اللّه له ألف ألف ملک براءةً من النار وبراءةً من النفاق»(۱) .

ویستحبّ الجهر بها خصوصا فی المواضع المذکورة للرجال دون النساء ، ففی المرسل أنّ التلبیة شعار المحرم ، فارفع صوتک بالتلبیة ، وفی المرفوعة : «لمّا أحرم رسول اللّه صلی‌الله‌علیه‌وآله أتاه جبرئیل فقال : مرّ أصحابک بالعجّ والثجّ ، فالعجّ رفع الصوت بالتلبیة ، والثجّ نحر البدن»(۲) .

م « ۲۸۲۹ » ذکر جماعة أنّ الأفضل لمن حجّ علی طریق المدینة تأخیر التلبیة إلی البیداء مطلقا کما قاله بعضهم ، أو فی خصوص الراکب کما قیل ، ولمن حجّ علی طریق آخر تأخیرها إلی أن یمشی قلیلاً ، ولمن حجّ من مکة تأخیرها إلی الرقطاء کما قیل أو إلی أن یشرف علی الأبطح ، لکنّ الظاهر بعد عدم الاشکال فی عدم وجوب مقارنتها للنیة ، ولبس الثوبین استحباب التعجیل بها مطلقا ، وکون أفضلیة التأخیر بالنسبة إلی الجهر بها ،

۱ـ المحاسن ، ج۱ ، طهران ، دارالکتب الاسلامیة ، ص۶۴ .

۲ـ الوسائل ، ج۹ ، ص۵۰ .

(۶۷۲)

فالأفضل أن یأتی بها حین النیة ولبس الثوبین سرّا ، ویؤخّر الجهر بها إلی المواضع المذکورة ، والبیداء أرض مخصوصة بین مکة والمدینة علی میل من ذی الحلیفة نحو مکة ، والأبطح : مسیل وادی مکة ، وهو مسیل واسع فیه دقاق الحصی ، أوّله عند منقطع الشعب بین وادی منی ، وآخره متّصل بالمقبرة التی تسمّی بالمعلّی عند أهل مکة ، والرقطاء : موضع دون الردم یسمّی مدعی ، ومدعی الأقوام مجتمع قبائلهم ، والردم حاجز یمنع السیل عن البیت ، ویعبّر عنه بالمدعی .

م « ۲۸۳۰ » المعتمر عمرة التمتّع یقطع التلبیة عند مشاهدة بیوت مکة فی الزمن القدیم ، وحدّها لمن جاء علی طریق المدینة عقبة المدنیین ، وهو مکان معروف ، والمعتمر عمرة مفردة عند دخول الحرم إذا جاء من خارج الحرم ، وعند مشاهدة الکعبة إن کان قد خرج من مکة لاحرامها ، ویجب علی الحاجّ بأی نوع من الحجّ أن یقطعها عند الزوال من یوم عرفة .

م « ۲۸۳۱ » لا یلزم فی تکرار التلبیة أن یکون بالصورة المعتبرة فی انعقاد الاحرام ، بل ولا بإحدی الصور المذکورة فی الأخبار ، بل یکفی أن یقول : «لبّیک اللّهمّ لبّیک» بل یکفی تکرار لفظ : «لبّیک» .

م « ۲۸۳۲ » إذا شک بعد الاتیان بالتلبیة أنّه أتی بها صحیحةً أم لا ، بنی علی الصحّة .

م « ۲۸۳۳ » إذا أتی بالنیة ولبس الثوبین وشک فی أنّه أتی بها بالتلبیة أیضا حتّی یجب علیه ترک المحرّمات أو لا ، یبنی علی عدم الاتیان لها ، فیجوز له فعلها ، ولا کفّارة علیه .

م « ۲۸۳۴ » إذا أتی بما یوجب الکفّارة وشک فی أنّه کان بعد التلبیة حتّی تجب علیه أو قبلها لم تجب علیه الکفّارة من غیر فرق بین مجهولی التاریخ أو کان تاریخ التلبیة مجهولاً ، وکذا إن کان تاریخ إتیان الموجب مجهولاً ، لأنّ الأصل لا یثتب کونه بعد التلبیة .

(۶۷۳)

الثالث ـ من واجبات الاحرام لبس الثوبین بعد التجرّد عمّا یجب علی المحرم اجتنابه ، یتزر بأحدهما ویرتدی بالآخر ، ولا یکون لبسهما شرطا فی تحقّق الاحرام بل یکون واجبا تعبّدیا ، ولا تعتبر کیفیة مخصوصة فی لبسهما ، فیجوز الاتزار بأحدهما کیف شاء ، والارتداء بالآخر أو التوشّح به أو غیر ذلک من الهیئات ، لکن الأولی لبسهما علی الطریق المألوف ، وکذا الأولی عدم عقد الازار فی عنقه ، بل عدم عقده مطلقا ولو بعضه ببعض ، وعدم غرزه بابرة ونحوها ، وکذا فی الرداء الأولی عدم عقده ، لکن یجوز ذلک کلّه فی کلّ منهما ما لم یخرج عن کونه رداءً أو إزارا ، ویکفی فیهما المسمّی ، وإن کان الأولی أیضا

کون الازار ممّا یستر السرّة والرکبة ، والرداء ممّا یستر المنکبین ، وعدم الاکتفاء بثوب طویل یتزر ببعضه ، ویرتدی بالباقی إلاّ فی حال الضرورة ، وکون اللبس قبل النیة والتلبیة ، فلو قدّمها علیه أعادهما بعده ، ویلاحظ النیة فی اللبس .

وأمّا التجرّد فلا یعتبر فیه النیة ، وإن کان الأولی اعتبارها فیه أیضا .

م « ۲۸۳۵ » لو أحرم فی قمیص عالما عامدا لا تجب الاعادة ، فلو لبسهما فوق القمیص أو تحته کان الأمر کذلک أیضا ، ولو أحرم فی القمیص جاهلاً بل أو ناسیا أیضا نزعه وصحّ إحرامه ، أمّا إذا لبسه بعد الاحرام فاللازم شقّه وإخراجه من تحت .

م « ۲۸۳۶ » لا تجب استدامة لبس الثوبین ، بل یجوز تبدیلهما ونزعهما لازالة الوسخ أو للتطهیر ، بل یجوز التجرّد منهما مع الأمن من الناظر ، أو کون العورة مستورة بشیء آخر .

م « ۲۸۳۷ » لا بأس بالزیادة علی الثوبین فی ابتداء الاحرام ، وفی الأثناء للاتّقاء عن البرد والحرّ بل ولو اختیارا .

م « ۲۸۳۸ » لا بأس بلبس الزیادة علی الثوبین مع حفظ الشرائط ولو اختیارا .

م « ۲۸۳۹ » یشترط فی الثوبین أن یکونا ممّا تصحّ الصلاة فیهما ، فلا یجوز فی الحریر وغیر المأکول والمغصوب والمتنجّس بنجاسة غیر معفوّة فی الصلاة ، بل اللازم للنساء

(۶۷۴)

أیضا أن لا یکون ثوب إحرامهنّ من حریر خالص ، بل اللازم لهنّ عدم لبسه إلی آخر الإحرام .

م « ۲۸۴۰ » لا یجوز الإحرام فی إزار رقیق بحیث یری الجسم من ورائه ، وأن لا یکون الرداء أیضا کذلک .

(۶۷۵)

مطالب مرتبط