تحرير التحرير / جلد يكم

 

تحرير التحرير / جلد يكم


۶ـ کتاب الصلاة


فصل فی مقدّمات الصلاة وشرائطها

الصلاة تنهی عن الفحشاء والمنکر ، وهی عمود الدین ؛ إن قبلت قبل ما سواها وإن ردّت ردّ ما سواها .

ومقدّماتها ستّ :


المقدّمة الأولی فی أعداد الفرائض ومواقیت الیومیة ونوافلها

م « ۳۴۵ » الصلاة واجبة ومندوبة ، فالواجبة خمس : الیومیة ، ومنها الجمعة ، وکذا قضاء ولد الأکبر عن والده ، وصلاة الآیات ، والطواف الواجب ، والأموات ، وما التزمه المکلّف بنذر أو إجارة أو غیرهما ، وعدّ الأخیرة فی الواجب من جهه المتعلّق لا نفسها ؛ إذ الواجب هو الوفاء بالنذر ونحوه لا عنوان الصلاة .

م « ۳۴۶ » والمندوبة أکثر من أن تحصی ، ومنها الرواتب الیومیة ، وهی ثمان رکعات للظهر قبله ، وثمان للعصر قبله ، وأربع للمغرب بعده ، ورکعتان من جلوس للعشاء بعده تعدّان برکعة ، تسمّی بالوتیرة ، ویمتدّ وقتها بامتداد وقت صاحبها ، ورکعتان للفجر قبل الفریضة ، ووقتها الفجر الأوّل ، ویمتدّ إلی أن یبقی من طلوع الحمرة مقدار أداء الفریضة ، ویجوز دسّها فی صلاة اللیل قبل الفجر ولو عند نصف اللیل ، بل یجوز أن یکون وقتها بعد

(۱۰۸)

مقدار إتیان صلاة اللیل من انتصافها ، ولکنّ الأفضل عدم الإتیان بها قبل الفجر الأوّل إلاّ بالدسّ فی صلاة اللیل ، وإحدی عشرة رکعةً نافلة اللیل ، صلاة اللیل ثمان رکعات ثمّ رکعتا الشفع ثمّ رکعة الوتر ، وهی مع الشفع أفضل صلاة اللیل ، ورکعتا الفجر أفضل منهما ، ویجوز الاقتصار علی الشفع والوتر ، بل علی الوتر خاصّةً عند ضیق الوقت ، وفی غیره یأتی به رجاءً ، ووقت صلاة اللیل نصفها إلی الفجر الصادق ، والسحر أفضل من غیره ، والثلث الأخیر من اللیل کلّه سحر ، وأفضله القریب من الفجر ، وأفضل منه التفریق کما کان یصنعه النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله ، فعدد النوافل مع الوتیرة عدّ أربع وثلاثون رکعةً ؛ ضعف عدد الفرائض ، وتسقط فی السفر الموجب للقصر ثمانیة الظهر وثمانیة العصر ، وتثبت البواقی ، ویؤتی بالوتیره رجاءً .

م « ۳۴۷ » صلاة الغفیلة مستحبّة ، ولیست من الرواتب ، وهی رکعتان بین صلاة المغرب وسقوط الشفق الغربی ، یقرء فی الأولی بعد الحمد : «وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظنّ أن لن نقدر علیه ، فنادی فی الظلمات أن لا إله إلاّ أنت ، سبحانک إنی کنت من الظالمین ، فاستجبنا له ، ونجیناه من الغمّ ، کذلک ننجی المؤمنین»(۱) وفی الثانیة بعد الحمد : «وعنده مفاتح الغیب لا یعلمها إلاّ هو ، ویعلم ما فی البرّ والبحر ، وما تسقط من ورقة إلاّ یعلمها ، ولا حبّة فی ظلمات الأرض ، ولا رطب ولا یابس إلاّ فی کتاب مبین»(۲) . فإذا فرغ رفع یدیه وقال : «اللّهمّ إنّی أسألک بمفاتح الغیب التی لا یعلمها إلاّ أنت أن تصلّی علی محمّد وآل محمّد وأن تفعل بی کذا وکذا» . فدعا بما أراد ثمّ قال : «اللّهمّ أنت ولی نعمتی ، القادر علی طلبتی ، تعلم حاجتی ، فأسألک بحقّ محمّد وآل محمّد صلی‌الله‌علیه‌وآله لمّا قضیتها لی» ، وسأل اللّه حاجته أعطاه اللّه عزّ وجلّ ما سأله إن شاء اللّه .

م « ۳۴۸ » یجوز إتیان النوافل الرواتب وغیرها جالسا حتّی فی حال الاختیار ، لکن الأولی حینئذ عدّ کلّ رکعتین برکعة حتّی فی الوتر ، فیأتی بها مرّتین ؛ کلّ مرّة رکعة .

۱ـ انبیاء / ۸۷ ـ ۸۸ .

۲ـ انعام / ۵۶ .

(۱۰۹)

م « ۳۴۹ » وقت نافلة الظهر من الزوال إلی الذراع ؛ أی : سبعی الشاخص ، والعصر إلی الذراعین ؛ أی : أربعة أسباعه ، فإذا وصل هذا الحدّ یقدّم الفریضة .

م « ۳۵۰ » لا إشکال فی جواز تقدیم نافلتی الظهر والعصر علی الزوال فی یوم الجمعة ، بل یزاد علی عددهما أربع رکعات فتصیر عشرین رکعةً ، وأمّا فی غیر یوم الجمعة لا یجوز ، ومع العلم بعدم التمکن من إتیانهما فی وقتهما یؤتی بهما رجاءً ، ویجوز تقدیم نافلة اللیل علی النصف للمسافر والشابّ الذی یخاف فوتها فی وقتها ، بل وکلّ ذی عذر کالشیخ وخائف البرد أو الاحتلام ، وینبغی لهم نیة التعجیل لا الأداء .

م « ۳۵۱ » وقت الظهرین من الزوال إلی المغرب ، ویختصّ الظهر بأوّله مقدار أدائها بحسب حاله ، والعصر بآخره کذلک ، وما بینهما مشترک بینهما ، ووقت العشائین للمختار من المغرب إلی نصف اللیل ، ویختصّ المغرب بأوّله بمقدار أدائها ، والعشاء بآخره کذلک بحسب حاله ، وما بینهما مشترک بینهما ، لمن أخّرهما عن نصف اللیل اضطرارا لنوم أو نسیان أو حیض أو غیرها أو عمدا الإتیان بهما إلی طلوع الفجر بقصد الأداء ، ولو لم یبق إلی طلوعه بمقدار الصلاتین یأتی بالعشاء ویقضی المغرب بعد الوقت ، وما بین طلوع الفجر الصادق إلی طلوع الشمس وقت الصبح ، ووقت فضیلة الظهر من الزوال إلی بلوغ الظلّ الحادث مثل الشاخص ، کما أنّ منتهی فضیلة العصر المثلان ، ومبدء فضیلته إذا بلغ الظلّ أربعة أقدام ؛ أی : أربعة أسباع الشاخص ، ویکون مبدؤها بعد مقدار أداء الظهر ، ووقت فضیلة المغرب من المغرب إلی ذهاب الشفق ، وهو الحمرة المغربیة ، وهو أوّل فضیلة العشاء إلی ثلث اللیل ، فلها وقتا إجزاء : قبل ذهاب الشفق وبعد الثلث إلی النصف ، ووقت فضیلة الصبح من أوّله إلی حدوث الحمرة المشرقیة ، ولعلّ حدوثها یساوق مع زمان التجلّل والأسفار وتنور الصبح المنصوص بها .

م « ۳۵۲ » المراد باختصاص الوقت عدم صحّة الشریکة فیه مع عدم أداء صاحبتها بوجه صحیح ، فلا مانع من إتیان غیر الشریکة فیه کصلاة القضاء من ذلک الیوم أو غیره ، وکذا لا مانع من إتیان الشریکة فیه إذا حصل فراغ الذمّة من صاحبة الوقت ، فإذا قدّم

(۱۱۰)

العصر سهوا علی الظهر وبقی من الوقت مقدار أربع رکعات یصحّ إتیان الظهر فی ذلک الوقت أداءً ، وکذا لو صلّی الظهر قبل الزوال بظنّ دخول الوقت فدخل الوقت قبل تمامها لا مانع من إتیان العصر بعد الفراغ منها ، ولا یجب التأخیر إلی مضی مقدار أربع رکعات ، بل لو وقع تمام العصر فی وقت الظهر صحّ ، کما لو اعتقد إتیان الظهر فصلّی العصر ثمّ تبین عدم إتیانه وأنّ تمام العصر وقع فی الوقت المختصّ بالظهر ، لکن صحّ فی ما لم یدرک جزءً من الوقت المشترک .

م « ۳۵۳ » لو قدّم العصر علی الظهر أو العشاء علی المغرب عمدا بطل ما قدّمه ؛ سواء کان فی الوقت المختصّ أو المشترک ، ولو قدّم سهوا وتذکر بعد الفراغ صحّ ما قدّمه ویأتی بالأولی بعده ، وإن تذکر فی الأثناء عدل بنیته إلی السابقة إلاّ إذا لم یبق محلّ العدول ، کما إذا قدّم العشاء وتذکر بعد الدخول رکوع الرابعة ، فلابدّ له من الإتیان بالمغرب ثمّ العشاء .

م « ۳۵۴ » إن بقی للحاضر مقدار خمس رکعات إلی الغروب وللمسافر ثلاث قدّم الظهر وإن وقع بعض العصر فی خارج الوقت . وإن بقی للحاضر أربع رکعات أو أقلّ وللمسافر رکعتان أو أقل صلّی العصر . وإن بقی للحاضر إلی نصف اللیل خمس رکعات أو أکثر وللمسافر أربع رکعات أو أکثر قدّم المغرب . وإن بقی للحاضر والمسافر إلیه أقلّ ممّا ذکر قدّم العشاء ، ویجب المبادرة باتیان المغرب بعده أداءً إن بقی مقدار رکعة أو أزید .

م « ۳۵۵ » یجوز العدول من اللاحقة إلی السابقة ، وکذا العکس لو سهی فی الدخول ، فلو دخل فی الظهر أو المغرب فتبین فی الأثناء أنّه صلاّهما یجوز له العدول إلی اللاحقة ، وکذا لو دخل فی الثانیة بتخیل أنّه صلّی الأولی فتبین فی الأثناء خلافه ، فإنّه یعدل إلی الأولی إن بقی محلّ العدول .

م « ۳۵۶ » لو کان مسافرا وبقی من الوقت مقدار أربع رکعات فشرع فی الظهر مثلاً ثمّ نوی الإقامة فی الأثناء بطلت صلاته ، ولا یجوز له العدول إلی اللاحقة فیقطعها ویشرع فیها ، کما أنّه إذا کان فی الفرض ناویا للإقامة فشرع فی اللاحقة ثمّ عدل عن نیة الإقامة لا یصحّ العدول إلی الأولی .

(۱۱۱)

م « ۳۵۷ » یجب لذوی الأعذار تأخیر الصلاة عن أوّل وقتها مع رجاء زوالها فی الوقت إلاّ فی التیمّم فإنّه یجوز فیه البدار إلاّ مع العلم بارتفاع العذر فیه .

م « ۳۵۸ » یصحّ التطوّع فی وقت الفریضة ما لم تتضیق ، وکذا لمن علیه قضاؤها .

م « ۳۵۹ » لو تیقّن بدخول الوقت فصلّی أو عوّل علی أمارة معتبرة کشهادة العدلین فإن وقع تمام الصلاة قبل الوقت بطلت ، وإن وقع بعضها فیه ولو قلیلاً منها صحّت .

م « ۳۶۰ » لو مضی من أوّل الوقت مقدار أداء الصلاة وتحصیل مقدّماتها کالطهارة المائیة أو الترابیة وغیرهما علی حسب حاله ثمّ حصل أحد الأعذار کالجنون والحیض وجب علیه القضاء وإلاّ لم یجب ، نعم لو کانت المقدّمات حاصلةً أوّل الوقت کفی فیه مقدار أدائها حسب حاله وتکلیفه الفعلی ، وإن ارتفع العذر فی آخر الوقت ، فإن وسّع الطهارة والصلاتین وجبتا ، وإن وسّع إحدی من الطهارة والصلاة وجبت صاحبة الوقت ، وکذا الحال فی إدراک رکعة مع الطهور ، فإن بقی مقدار تحصیل الطهور وإدراک رکعة أتی بالثانیة ، وإن زاد علیها بمقدار رکعة مع تحصیل الطهور وجبتا معا .

م « ۳۶۱ » یعتبر لغیر ذی العذر العلم بدخول الوقت حین الشروع فی الصلاة ، ویقوم مقامه شهادة العدلین إذا کانت شهادتهما عن حسّ کالشهادة بزیادة الظلّ بعد نقصه ، ویکفی الأذان لو کان المؤذّن عدلاً عارفا بالوقت ، وأمّا ذو العذر ففی مثل الغیم ونحوه من الأعذار العامّة یجوز له التعویل علی الظنّ به ، وأمّا ذو العذر الخاصّ کالأعمی والمحبوس یتأخّر الصلاة إلی أن یحصل له العلم بدخوله .


المقدّمة الثانیة فی القبلة

م « ۳۶۲ » یجب الاستقبال مع الإمکان فی الفرائض ؛ یومیةً کانت أو غیرها حتّی صلاة الجنائز ، والنافلة إذا أتی بها علی الأرض حال الاستقرار ، وأمّا حال المشی والرکوب وفی السفینة فلا یعتبر فیها .

م « ۳۶۳ » یعتبر العلم بالتوجّه إلی القبلة حال الصلاة ، وتقوم البینة مقامه مع استنادها

(۱۱۲)

إلی المبادی الحسّیة ، ومع تعذّرهما یبذل تمام جهده ویعمل علی ظنّه ، ومع تعذّره وتساوی الجهات یصلّی صلاةً واحدةً به ؛ أی جهة کانت . ولو ثبت عدمها فی ما صلّی إلیه عاد إلی ما ثبت عنده من فی الجهة فی الوقت . ویعول علی قبلة بلد المسلمین فی صلاتهم وقبورهم ومحاریبهم إذا لم یعلم الخطأ .

م « ۳۶۴ » المتحیر الذی یجب علیه الصلاة إلی أزید من جهة واحدة لو کان علیه صلاتان وأن تکون الثانیة إلی جهات الأولی ، یجوز له أن یتمّ جهات الأولی ثمّ یشرع فی الثانیة ، ولا یلزم إتیان الثانیة عقیب الأولی فی کلّ جهة .

م « ۳۶۵ » من صلّی إلی جهة بطریق معتبر ثمّ تبین خطأه ، فإن کان منحرفا عنها إلی ما بین الیمین والشمال صحّت صلاته ، وإن کان فی أثنائها مضی ما تقدّم منها واستقام فی الباقی من غیر فرق بین بقاء الوقت وعدمه ، وإن تجاوز انحرافه عمّا بینهما أعاد فی الوقت دون خارجه وإن بان استدباره . وإن انکشف فی الأثناء انحرافه عمّا بینهما فإن وسع الوقت حتّی لإدراک رکعة قطع الصلاة وأعادها مستقبلاً وإلاّ استقام للباقی وصحّت ولو مع الاستدبار .


المقدّمة الثالثة فی الستر والساتر

م « ۳۶۶ » یجب مع الاختیار ستر العورة فی الصلاة وتوابعها ؛ کالرکعة الاحتیاطیة وقضاء الأجزاء المنسیة ، وسجدتی السهو ، وکذا فی النوافل دون صلاة الجنازة والطواف .

م « ۳۶۷ » لو بدت العورة لریح أو غفلة أو کانت منکشفةً من أوّل الصلاة وهو لا یعلم فالصلاة صحیحة ، لکن یبادر إلی الستر إن علم فی الأثناء ، وکذا لو نسی سترها فی الصورتین .

م « ۳۶۸ » عورة الرجل فی الصلاة عورته فی حرمة النظر : وهی الدبر والقضیب والأنثیان ، والأفضل ستر الشبح الذی یری من خلف الثوب من غیر تمیز للونه ، وعورة المرأة فی الصلاة جمیع بدنها حتّی الرأس والشعر ما عدا الوجه الذی یجب غسله فی

(۱۱۳)

الوضوء والیدین إلی الزندین والقدمین إلی الساقین ، ویجب علیها ستر شیء من أطراف المستثنیات مقدّمةً .

م « ۳۶۹ » یجب علی المرأة ستر رقبتها وتحت ذقنها حتّی المقدار الذی یری منه عند اختمارها .

م « ۳۷۰ » الأمة والصبیة کالحرّة والبالغة إلاّ أنّه لا یجب علیهما ستر الرأس والشعر والعنق .

م « ۳۷۱ » لا یجب التستّر من جهة التحت ، نعم لو وقف علی طرف سطح أو شبّاک یتوقّع وجود ناظر تحتها بحیث تری عورته إذا کان هنا ناظر یجب التستّر من جهته أیضا وإن لم یکن ناظرا فعلاً ، وأمّا الشباک الذی لا یتوقّع وجود الناظر تحتها کالشباک علی البئر فلا یجب إلاّ مع وجود ناظر فیه .

م « ۳۷۲ » الستر عن النظر یحصل بکلّ ما یمنع عن النظر ولو بالید أو الطلی بالطین أو الولوج فی الماء حتّی أنّه یکفی الإلیتان فی ستر الدبر ، وأمّا الستر فی الصلاة فلا یکفی فیه ما ذکر حتّی حال الاضطرار ، وأمّا الستر بالورق والحشیش والقطن والصوف غیر المنسوجین جائز مطلقا ، ولمن یجد ما یطلی به أیضا کذلک ، ولمن لا یجد شیئا یصلّی فیه حتّی فی مثل الحشیش والورق جواز إتیان صلاة فاقد الساتر .

م « ۳۷۳ » یعتبر فی الساتر ، بل مطلق لباس المصلّی أمور :

الأوّل ـ الطهارة إلاّ فی ما لا تتمّ الصلاة فیه منفردا کما تقدّم ؛

الثانی ـ الإباحة ، فلا یجوز فی المغصوب مع العلم بالغصبیة ، فلو لم یعلم بها صحّت صلاته ، وکذا مع النسیان إلاّ فی الغاصب نفسه فلابدّ من الإعادة .

م « ۳۷۴ » لا فرق بین کون المغصوب عین المال أو منفعته أو متعلّق لحقّ الغیر کالمرهون ، ومن الغصب عینا ما تعلّق به الخمس أو الزکاة مع عدم أدائهما ولو من مال آخر .

م « ۳۷۵ » إن صبغ الثوب بصبغ مغصوب فلعدم بقاء عین الجوهر الذی صبغ به ، والباقی

(۱۱۴)

هو اللون فقط ، تصحّ الصلاة فیه ؛ کما أنّ الصلاة لا تصحّ فی ثوب خیط بالمغصوب ؛ سواء أمکن ردّه بالفتق أو لم یمکن ، نعم لا إشکال فی الصحّة فی ما إذا أجیر الصباغ أو الخیاط علی عمله ولم یعط أجرته مع کون الصبغ والخیط من مالک الثوب ، وکذا إذا غسل الثوب بماء مغصوب أو أزیل وسخه بصابون مغصوب مع عدم بقاء عین منهما فیه ، أو أجبر الغاسل علی غسله ولم یعط أجرته .

الثالث ـ أن یکون مذکی من مأکول اللحم ، فلا تجوز الصلاة فی جلد غیر مذکی ولا فی سائر أجزائه التی تحلّه الحیاة ، ولو کان طاهرا من جهة عدم کونه ذا نفس سائلة کالسمک ، ویجوز فی ما لا تحلّه الحیاة من أجزائه کالصوف والشعر والوبر ونحوها .

وأمّا غیر المأکول ، فلا تجوز الصلاة فی شیء منه وإن ذکی ؛ من غیر فرق بین ما تحلّه الحیاة منه أو غیره ، بل یجب إزالة الفضلات الطاهرة منه کالرطوبة والشعرات الملتصقة بلباس المصلّی وبدنه . نعم لو شک فی اللباس أو فی ما علیه فی أنّه من المأکول أو غیره أو من الحیوان أو غیره صحّت الصلاة فیه ؛ بخلاف ما لو شک فی ما تحلّه الحیاة من الحیوان أنّه مذکی أو میتة ، فإنّه لا یصلّی فیه حتّی یحرز التذکیة ، نعم ما یؤخذ من ید المسلم أو سوق المسلمین مع عدم العلم بسبق ید الکافر علیه أو مع سبق یده مع احتمال أنّ المسلم الذی بیده تفحص عن حاله بشرط معاملته معه معاملة المذکی محکوم بالتذکیة فتجوز فیه .

م « ۳۷۶ » لا بأس بالشمع والعسل والحریر الممتزج وأجزاءه ومثل البقّ والبرغوث والزنبور ونحوها ممّا لا لحم لها ، وکذلک الصدف .

م « ۳۷۷ » استثنی ممّا لا یؤکل الخزّ ، وکذا السنجاب ، وما یسمّونه الآن بالخزّ ولم یعلم أنّه منه واشتبه حاله لا بأس به .

م « ۳۷۸ » لا بأس بفضلات الإنسان کشعره وریقه ولبنه ؛ سواء کان للمصلّی أو لغیره ، فلا بأس بالشعر الموصول بالشعر ؛ سواء کان من الرجل أو المرأة .

الرابع ـ أن لا یکون حریرا محضا للرجال ، ویجوز لبسه لهم فی الصلاة وفی غیرها إن

(۱۱۵)

کان ما لا تتمّ الصلاة فیه منفردا کالتکة والقلنسوة ونحوهما ، والمراد به ما یشمل القزّ ، ویجوز للنساء ولو فی الصلاة ، وللرجال فی الضرورة وفی الحرب .

م « ۳۷۹ » ما کان یحرم علی الرجال هو خصوص لبس الحریر ، فلا بأس بالافتراش والرکوب علیه والتدثّر به ؛ أی : التغطّی به عند النوم ، ولا بزرّ الثیاب واعلامها والسفائف والقیاطین الموضوعة علیها ، کما لا بأس بعصابة الجروح والقروح وحفیظة المسلوس ، بل ولا بأس بأن یرقّع الثوب به ولا الکفّ به لو لم یکونا بمقدار یصدق معه لبس الحریر ، بل ملاحظة التقدیر المزبور فی الرقاع أیضا لازمة .

م « ۳۸۰ » قد عرفت أنّ المحرّم لبس الحریر المحض ؛ أی : الخالص الذی لم یمتزج بغیره ، فلا بأس بالممتزج ، والمدار علی صدق مسمّی الامتزاج الذی یخرج به عن المحوضة ولو کان الخلیط بقدر العشر ، ویشترط فی الخلیط من جهة صحّة الصلاة فیه کونه من جنس ما تصحّ الصلاة فیه ، فلا یکفی مزجه بصوف أو وبر ما لا یؤکل لحمه وإن کان کافیا فی رفع حرمة اللبس ، نعم الثوب المنسوج من الأبریسم المفتول بالذهب یحرم لبسه ، کما لا تصحّ الصلاة فیه .

م « ۳۸۱ » لبس لباس الشهرة وإن کان حراما ، وکذا لبس ما یختصّ بالنساء للرجال وبالعکس ، لکن لا یضرّا بالصلاة .

م « ۳۸۲ » لو شک فی أنّ اللباس حریر أو غیره جاز لبسه والصلاة فیه ، ومنه ما یسمّی بالشعری لمن لا یعرف حقیقته ، وکذا لو شک أنّه حریر محض أو ممتزج .

م « ۳۸۳ » لا بأس بلبس الصبی الحریر ، فلا یحرم علی الولی إلباسه ، ویصحّ صلاته فیه أیضا .

م « ۳۸۴ » یکره الساتر ، بل مطلق اللباس من الذهب للرجال فی الصلاة ؛ ولو کان حلیا کالخاتم ونحوه ، ویکره علیهم فی غیرها أیضا .

م « ۳۸۵ » لا بأس بشدّ الأسنان بالذهب ، بل ولا بجعله غلافا لها أو بدلاً منها فی الصلاة ، بل مطلقا ، بل فی مثل الثنایا ممّا کان ظاهرا وقصد به التزئین أیضا لا إشکال فیه ،

(۱۱۶)

ولا بأس بجعل قاب الساعة منه واستصحابها فیها ، بل إذا کان زنجیرها منه وعلقه علی رقبته أو بلباسه لا یشکل الصلاة معه ، فضلاً ممّا إذا کان غیر معلّق وکان معه فی جیبه ، فإنّه لا بأس به .

م « ۳۸۶ » لو لم یجد المصلّی ساترا حتّی الحشیش والورق یصلّی عریانا قائما إن کان یأمن من ناظر محترم ، وإن لم یأمن منه صلّی جالسا ، وفی الحالین یؤمی للرکوع والسجود ، ویجعل ایماءه للسجود أخفض ، فإن صلّی الرجل قائما یستر قبله بیده ؛ وإن صلّی جالسا یستره بفخذیه .

م « ۳۸۷ » یجب تأخیر الصلاة عن أوّل الوقت إن لم یکن عنده ساتر واحتمل وجوده فی آخره ، ومع عدم احتماله یجوز .


المقدّمة الرابعة فی المکان

م « ۳۸۸ » کلّ مکان یجوز الصلاة فیه إلاّ المغصوب ؛ عینا أو منفعةً ، وفی حکمه ما تعلّق به حقّ الغیر کالمرهون ، وحقّ المیت إذا أوصی بالثلث ولم یخرج بعد ، بل ما تعلّق به حقّ السبق بأن سبق شخص إلی مکان من المسجد أو غیره لا لصلاة مثلاً ولم یعرض عنه ، وإنّما تبطل الصلاة فی المغصوب إن کان عالما بالغصبیة وکان مختارا ؛ من غیر فرق بین الفریضة والنافلة ، أمّا الجاهل بها والمضطرّ والمحبوس فصلاتهم لیس بباطل ، وکذا الناسی لها إلاّ الغاصب نفسه ، فصلاته باطلة ، والصلاة المضطّر کصلاة غیره بقیام ورکوع وسجود .

م « ۳۸۹ » الأرض المغصوبة المجهول مالکها لا یجوز الصلاة فیها ، ویرجع أمرها إلی الحاکم الشرعی ، ولا تجوز أیضا فی الأرض المشترکة إلاّ بإذن جمیع الشرکاء .

م « ۳۹۰ » لا تبطل الصلاة تحت السقف المغصوب وفی الخیمة المغصوبة والصهوة والدار التی غصب بعض سورها إذا کان ما یصلّی فیه مباحا .

م « ۳۹۱ » لو اشتری دارا بعین المال الذی تعلّق به الخمس أو الزکاة بطلت الصلاة فیها

(۱۱۷)

إلاّ إذا جعل الحقّ فی ذمّته بوجه شرعی کالمصالحة مع المجتهد ، وکذا لا یجوز التصرّف مطلقا فی ترکته المتعلّقة للزکاة والخمس وحقوق الناس کالمظالم قبل أداء ما علیه ، وکذا إذا کان علیه دین مستغرق للترکة ، بل وغیر المستغرق ، إلاّ مع رضا الدیان ، أو کون الورثة بانین علی الأداء غیر متسامحین ، والواجب الاسترضاء من ولی المیت أیضا .

م « ۳۹۲ » المدار فی جواز التصرّف والصلاة فی ملک الغیر علی إحراز رضائه وطیب نفسه وإن لم یأذن صریحا ؛ بأن علم ذلک بالقرائن وشاهد الحال وظواهر تکشف عن رضاه ؛ کشفا اطمئنانیا لا یعتنی باحتمال خلافه ، وذلک کالمضائف المفتوحة الأبواب والحمامّات والخانات ونحو ذلک .

م « ۳۹۳ » یجوز الصلاة فی الأراضی المتّسعة کالصحاری والمزارع والبساتین التی لم یبن علیها الحیطان ، بل وسائر التصرّفات الیسیرة ممّا جرت علیه السیرة ؛ کالاستطراقات العادیة غیر المضرّة والجلوس والنوم فیها وغیر ذلک ، ولا یجب التفحّص عن ملاکها من غیر فرق بین کونهم کاملین أو قاصرین ؛ کالصغار والمجانین ، نعم مع ظهور الکراهة والمنع عن ملاکها ولو بوضع ما یمنع المارّة عن الدخول فیها ویشکل جمیع ما ذکر وأشباهها فیها إلاّ فی الأراضی المتّسعة جدّا ؛ کالصحاری التی من مرافق القری وتوابعها العرفیة ومراتع دوّابها ومواشیها ، فیجوز الصلاة فیها حتّی مع ظهور الکراهة والمنع .

م « ۳۹۴ » المراد بالمکان الذی تبطل الصلاة بغصبه ما استقرّ علیه المصلّی ـ ولو بوسائط ـ وما شغله من الفضاء فی قیامه ورکوعه وسجوده ونحوها ، فقد یجتمعان کالصلاة فی الأرض المغصوبة ، وقد یفترقان کالجناح المباح الخارج إلی فضاء غیر مباح وکالفرش المغصوب المطروح علی أرض غیر مغصوبة .

م « ۳۹۵ » یصحّ صلاة کلّ من الرجل والمرأة مع المحاذاة أو تقدّم المرأة ، لکن علی کراهیة بالنسبة إلیهما مع تقارنهما فی الشروع ، وبالنسبة إلی المتأخّر مع اختلافهما ، وترک ذلک أولی ، ولا فرق فیه بین المحارم وغیرهم ، ولا بین کونهما بالغین أو غیر بالغین أو

(۱۱۸)

مختلفین ، بل یعمّ الحکم الزوج والزوجة أیضا ، وترتفع الکراهة بوجود الحائل وبالبعد بینهما عشرة أذرع بذراع الید ، والملاک فی الحائل کونه بحیث یمنع المشاهدة ؛ کما أنّ الملاک فی التأخّر لیس کون مسجدها وراء موقفه ، بل یکفی مطلقهما .

م « ۳۹۶ » تجوز الصلاة مساویا لقبر المعصوم علیه‌السلام ، بل ومقدّما علیه ، ولکن هو من سوء الأدب ، والاحتراز منهما حسن ، ویرتفع الحکم بالبعد المفرط علی وجه لا یصدق معه التقدّم والمحاذاة ویخرج عن صدق وحدة المکان ، وکذا بالحائل الرافع لسوء الأدب ، لیس منه الشباک والصندوق الشریف وثوبه .

م « ۳۹۷ » لا یعتبر الطهارة فی مکان المصلّی إلاّ مع تعدّی النجاسة غیر المعفوّ عنها إلی الثوب أو البدن ، نعم تعتبر فی خصوص مسجد الجبهة کما مرّ ؛ کما یعتبر فیه أیضا مع الاختیار کونه أرضا أو نباتا أو قرطاسا ، والأفضل التربة الحسینیة التی تخرق الحجب السبع ، وتنوّر إلی الأرضین السبع علی ما فی الحدیث ، ولا یصحّ السجود علی ما خرج عن اسم الأرض من المعادن ؛ کالذهب والفضّة والزجاج والقیر ونحو ذلک ، وکذا ما خرج عن اسم النبات کالرّماد ، ویجوز علی الخزف والآجر والنورة والجصّ ولو بعد الطبخ ، وکذا الفحم ، وکذا یجوز علی الطین الأرمنی وحجر الرحی وجمیع أصناف المرمر إلاّ ما هو مصنوع ولم یعلم أنّ مادّته ممّا یصحّ السجود علیها ، ویعتبر فی جواز السجود علی النبات أن یکون من غیر المأکول والملبوس ، فلا یجوز علی ما فی أیدی الناس من المآکل والملابس ؛ کالمخبوز والمطبوخ والحبوب المعتاد أکلها من الحنطة والشعیر ونحوهما ، والفواکه والبقول المأکولة ، والثمرة المأکولة ولو قبل وصولها إلی زمان الأکل ، ولا بأس بالسجود علی قشورها بعد انفصالها عنها دون المتّصل بها إلاّ مثل قشر التفّاح والخیار ممّا هو مأکول ولو تبعا ، أو یؤکل أحیانا ، أو یأکله بعض الناس ، وکذا قشور الحبوب ممّا هی مأکولة معها تبعا . نعم لا بأس بقشر نوی الأثمار إذا انفصل عن اللبّ المأکول ، ومع عدم مأکولیة لبّه ولو بالعلاج لا بأس بالسجود علیه مطلقا ، کما لا بأس بغیر المأکول کالحنظل والخرنوب ونحوهما ، کما لا بأس بالتبن والقصیل ونحوهما ، ولا یمنع

(۱۱۹)

شرب التبن من جواز السجود علیه ، ومع الإمکان ترک السجود علی نخالة الحنطة والشعیر ، وکذا علی قشر البطّیخ ونحوه ، ویجوز السجود علی قشر الأرز والرمّان بعد الانفصال ، والکلام فی الملبوس کالکلام فی المأکول ، فلا یجوز علی القطن والکتان ولو قبل وصولهما إلی أوان الغزل ، نعم لا بأس علی خشبتهما وغیرها کالورق والخوص ونحوهما ممّا لم یکن معدّا لاتّخاذ الملابس المعتادة منها ، فلا بأس حینئذ بالسجود علی القبقاب والثوب المنسوج من الخوص مثلاً ، فضلاً عن البوریا والحصیر والمروحة ونحوها ، والواجب علی القنب والقرطاس المتّخذ من غیر النبات کالمتّخذ من الحریر والأبریسم .

م « ۳۹۸ » یعتبر فی ما یسجد علیه مع الاختیار کونه بحیث یمکن تمکین الجبهة علیه ، فلا یجوز علی الوحل غیر المتماسک ، بل ولا علی التراب الذی لا یتمکن الجبهة علیه ، ومع إمکان التمکین لا بأس بالسجود علی الطین وإن لصق بجبهته ، لکن تجب إزالته للسجدة الثانیة لو کان حاجبا ، ولو لم یکن عنده إلاّ الطین غیر المتماسک سجد علیه بالوضع من غیر اعتماد .

م « ۳۹۹ » إن کانت الأرض والوحل بحیث لو جلس للسجود والتشهّد یتلطّخ بدنه وثیابه ولم یکن له مکان آخر یصلّی قائما مؤمیا للسجود والتشهّد .

م « ۴۰۰ » إن لم یکن عنده ما یصحّ السجود علیه أو کان ولم یتمکن من السجود علیه لعذر من تقیة ونحوها ، سجد علی ثوب القطن أو الکتان ، ومع فقده سجد علی ثوبه من غیر جنسهما ، ومع فقده سجد علی ظهر کفّه ، وإن لم یتمکن فعلی المعادن .

م « ۴۰۱ » لو فقد ما یصحّ السجود علیه فی أثناء الصلاة قطعها فی سعة الوقت ، وفی الضیق سجد علی غیره بالترتیب المتقدّم .

م « ۴۰۲ » یعتبر فی المکان الذی یصلّی فیه الفریضة أن یکون قارّا غیر مضطرب ، فلو صلّی اختیارا سفینة أو علی سریر أو بیدر فإن فات الاستقرار المعتبر فبطلت صلاته ، وإن حصل بحیث یصدق أنّه مستقرّ مطمئن صحّت صلاته وإن کانت فی سفینة سائرة وشبهها ؛

(۱۲۰)

کالطیارة والقطار ونحوهما ، لکن تجب المحافظة علی بقیة ما یعتبر فیها من الاستقبال ونحوه ، هذا کلّه مع الاختیار ، وأمّا مع الاضطرار فیصلّی ماشیا ، وعلی الدابّة وفی السفینة غیر المستقرّة ونحوها مراعیا للاستقبال بما أمکنه من صلاته ، وینحرف إلی القبلة کلّما انحرف المرکوب مع الإمکان ، فإن لم یتمکن من الاستقبال إلاّ فی تکبیرة الإحرام اقتصر علیه ، وإن لم یتمکن منه أصلاً سقط ، لکن یجب علیه تحرّی الأقرب إلی القبلة فالأقرب ، وکذا بالنسبة إلی غیره ممّا هو واجب فی الصلاة ، فإنّه یأتی بما هو الممکن منه أو بدله ویسقط ما تقتضی الضرورة سقوطه .

م « ۴۰۳ » یستحبّ الصلاة فی المساجد ، بل یکره عدم حضورها بغیر عذر کالمطر ؛ خصوصا لجار المسجد حتّی ورد فی الخبر : «لا صلاة لجار المسجد إلاّ فی المسجد»(۱). وأفضلها مسجد الحرام ، ثمّ مسجد النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله ، ثمّ مسجد الکوفة والأقصی ، ثمّ مسجد الجامع ، ثمّ مسجد القبیلة ، ثمّ مسجد السوق ، والأفضل للنساء الصلاة فی بیوتهنّ ، والأفضل بیت المخدع مع عدم المناسبة أو وجود مانع لخروجها وإلاّ کانت الصلاة فی المسجد لهنّ أیضا أفضل مثل ما للرجال . وکذا یستحبّ الصلاة فی مشاهد الائمّة علیهم‌السلام ؛ خصوصا مشهد أمیرالمؤمنین علیه‌السلام وحائر أبی عبداللّه الحسین علیه‌السلام .

م « ۴۰۴ » یکره تعطیل المسجد ، وقد ورد أنّه أحد الثلاثة الذین یشکون إلی اللّه عزّ وجلّ یوم القیامة ، والآخران عالم بین جهّال ، ومصحف معلّق قد وقع علیه الغبار لا یقرء فیه ، وورد أنّ من مشی إلی مسجد من مساجد اللّه فله بکلّ خطوة خطاها حتّی یرجع إلی منزله عشر حسنات ، ومحی عنه عشر سیئات ، ورفع له عشر درجات .

م « ۴۰۵ » من المستحبّات الأکیدة بناء المسجد مع المناسبة واللزوم ، وفیه أجر عظیم وثواب جسیم ، وقد ورد أنّه قال رسول اللّه صلی‌الله‌علیه‌وآله : «من بنی مسجدا فی الدنیا أعطاه اللّه بکلّ شبر منه ـ أو قال : بکلّ ذراع منه ـ مسیرة أربعین ألف عام مدینة من ذهب وفضّة ودرّ

۱ـ مستدرک الحاکم، ج۱، بیروت، دارالمعرفة، ص۲۴۶٫

(۱۲۱)

ویاقوت وزمرّد وزبرجد ولؤلؤ»(۱) ، یظهر من هذا الحدیث أهمّیة بناء المسجد مع الاهتمام بالمناسبة واللزوم لبنائه .

م « ۴۰۶ » لا إشکال فی إجراء صیغة الوقف فی صیرورة الأرض مسجدا بأن یقول : وقفتها مسجدا قربةً إلی اللّه تعالی ، ولکن لیس بلازم ، بل یکفی البناء بقصد کونه مسجدا مع قصد القربة وصلاة شخص واحد فیه بإذن البانی فتصیر مسجدا .

م « ۴۰۷ » تکره الصلاة فی الحمّام حتّی المسلخ منه ، وفی المزبلة والمجزرة والمکان المتّخذ للکنیف ولو سطحا متّخذا مبالاً وبیت المسکر ، وفی أعطان الإبل ، وفی مرابط الخیل والبغال والحمیر والبقر ومرابض الغنم والطرق ؛ إن لم تضرّ بالمارّة ، وإلاّ حرمت ، وفی قری النمل ومجاری المیاه وإن لم یتوقّع جریانها فیها فعلاً ، وفی الأرض السبخة ، وفی کلّ أرض نزل فیها عذاب ، وعلی الثلج ، وفی معابد النیران ، بل کلّ بیت أعدّ لإضرام النار فیه ، وعلی القبر وإلیه وبین القبور ، وترتفع الکراهة فی الأخیرین بالحائل ، وببعد عشرة أذرع ، ولا بأس بالصلاة خلف قبور الائمّة علیهم‌السلام ، ولا عن یمینها وشمالها ، وإن کان الأولی عند الرأس علی وجه لا یساوی الإمام علیه‌السلام ، وکذا تکره وبین یدیه نار مضرمة أو سراج أو تمثال ذی روح ، وتزول فی الأخیر بالتغطیة ، وتکره وبین یدیه مصحف أو کتاب مفتوح ، أو مقابله باب مفتوح أو حائط ینزع من بالوعة یبال فیها ، وترتفع بستره ، وکراهة بعض تلک الموارد لا یثبت ، والأمر سهل ؛ لأنّ فی تلک الموارد لا تحسن .


فصل فی أجزاء الصلاة


القول فی الأذان والإقامة

۱ـ وسائل الشیعة ، ج۵ ، قم ، مؤسسة آل البیت علیهم‌السلام ، ص۲۰۴ .

(۱۲۲)

م « ۴۰۸ » لا إشکال فی تأکد استحبابهما للصلوات الخمس ، أداءً وقضاءً ، حضرا وسفرا ، فی الصحّة والمرض ، للجامع والمنفرد ، للرجال والنساء حتّی قال بعض بوجوبهما ، ولکن لا شبهة فی استحبابهما مطلقا وکان فی ترکهما حرمان عن ثواب جزیل .

م « ۴۰۹ » یسقط الأذان فی العصر والعشاء إذا جمع بینهما وبین الظهر والمغرب من غیر فرق بین موارد استحباب الجمع مثل عصر یوم الجمعة وعصر یوم عرفة وعشاء لیلة العید فی المزدلفة ، حیث أنّه یستحبّ الجمع بین الصلاتین فی هذه المواضع الثلاثة وبین غیرها ، ویتحقّق التفریق المقابل للجمع بطول الزمان بین الصلاتین ، ویفعل النافلة الموظّفة بینهما ، فبإتیان نافلة العصر بین الظهرین ونافلة المغرب بین العشائین یتحقّق التفریق الموجب لعدم سقوط الأذان ، وسقوط الأذان فی حال الجمع عصر یوم عرفة وعشاء لیلة العید بمزدلفة عزیمة ؛ بمعنی عدم مشروعیته ، فیحرم إتیانه بقصدها ، والصحیح الترک فی جمیع موارد الجمع .

م « ۴۱۰ » یسقط الأذان والإقامة فی مواضع :

منها ـ للداخل فی الجماعة التی أذّنوا وأقاموا لها وإن لم یسمعهما ولم یکن حاضرا حینهما .

ومنها ـ من صلّی فی مسجد فیه جماعة لم تتفرّق ؛ سواء قصد الإتیان إلیها أم لا ، وسواء صلّی جماعة ؛ إماما أو مأموما أو منفردا ، فلو تفرّقت أو أعرضوا عن الصلاة وتعقیبها وإن بقوا فی مکانهم لم یسقطا عنه ، کما لا یسقطان لو کانت الجماعة السابقة بغیر أذان وإقامة ولو کان ترکهم لهما من جهة اکتفائهم بالسماع من الغیر ، وکذا فی ما إذا کانت باطلة من جهة فسق الإمام مع علم المأمومین به أو من جهة أخری ، وکذا مع عدم اتّحاد مکان الصلاتین عرفا ؛ بأن کانت إحداهما داخل المسجد والأخری علی سطحه ، أو بعدت إحداهما عن الأخری کثیرا ، ولا یختصّ الحکم بالمسجد ، فیجری مطلقا فی المسجد وغیره ، وکذا فی ما لم تکن صلاته مع الجماعة أدائیتین بأن کانت إحداهما أو کلتاهما قضائیة عن النفس أو الغیر علی وجه التبرّع أو الإجارة ، وکذا فی ما لم تشترکا فی الوقت ، کما إذا کانت الجماعة السابقة عصرا وهو یرید أن یصلّی المغرب .

(۱۲۳)


القول فی واجبات الصلاة

م « ۴۱۱ » ینبغی للمصلّی إحضار قلبه فی تمام الصلاة ؛ أقوالها وأفعالها ، فإنّه لا یحسب للعبد من صلاته إلاّ ما أقبل علیه ، ومعناه الالتفات التامّ إلیها وإلی ما یقول فیها ، والتوجّه الکامل نحو حضرة المعبود جلّ جلاله ، واستشعار عظمته وجلال هیبته ، وتفریغ قلبه عمّا عداه ، فیری نفسه متمثّلاً بین یدی ملک الملوک ، عظیم العظماء ، مخاطبا له ، مناجیا إیاه ، فإذا استشعر ذلک وقع فی قلبه هیبة یهابه ثمّ یری نفسه مقصّرا فی أداء حقّه فیخافه ، ثمّ یلاحظ سعة رحمته فیرجو ثوابه ، فیحصل له حالة بین الخوف والرجاء ، وهذه صفة الکاملین ، ولها درجات شتّی ومراتب لا تحصی علی حسب درجات المتعبّدین ، وینبغی له الخضوع والخشوع ، والسکینة والوقار ، والزی الحسن ، والطیب والسواک قبل الدخول فیها ، والتمشیط ، وینبغی أن یصلّی صلاة مودّع فیجدّد التوبة والإنابة والاستغفار ، وأن یقوم بین یدی ربّه قیام العبد الذلیل بین یدی مولاه ، وأن یکون صادقا فی مقالة : «إیاک نعبد وایاک نستعین» ، لا یقول هذا القول وهو عابد لهواه ومستعین بغیر مولاه ، وینبغی له أیضا أن یبذل جهده فی التحذّر عن موانع القبول من العجب والحسد والکبر والغیبة وحبس الزکاة وسائر الحقوق الواجبة ممّا هو من موانع القبول .

م « ۴۱۲ » أفعال الصلاة واجبة ومسنونة ، والواجب أحد عشر : النیة ، وتکبیرة الإحرام ، والقیام ، والرکوع ، والسجود ، والقراءة ، والذکر ، والتشهّد ، والتسلیم والترتیب ، والموالاة ، وسیأتی أنّ بعض ما ذکر رکن تبطل الصلاة بزیادته ونقصانه عمدا وسهوا ، وغیر الرکن من الواجبات لا تبطل الصلاة بزیادته أو نقصانه سهوا دون عمد .


القول فی النیة

م « ۴۱۳ » النیة عبارة عن قصد الفعل ، ویعتبر فیها التقرّب إلی اللّه تعالی وامتثال أمره ، ولا یجب فیها التلفّظ ؛ لأنّها أمر قلبی ، کما لا یجب فیها الإخطار ؛ أی : الحدیث الفکری

(۱۲۴)

والإحضار بالبال ، بأن یرتّب فکره وخزانة خیاله مثلاً أصلّی الصلاة فلانیة امتثالاً لأمره ، بل یکفی الداعی ، وهو الإرادة الإجمالیة المؤثّرة فی صدور الفعل المنبعثة عمّا فی نفسه من الغایات علی وجه یخرج به عن الساهی والغافل ، ویدخل فعله فی فعل الفاعل المختار ؛ کسائر أفعاله الإرادیة والاختیاریة ، ویکون الباعث والمحرّک للعمل الامتثال ونحوه .

م « ۴۱۴ » یعتبر الإخلاص فی النیة ، فمتی ضمّ إلیها ما ینافیه بطل العمل ؛ خصوصا الریاء ، فإنّه مفسد علی أی حال ؛ سواء کان فی الابتداء أو الأثناء فی الأجزاء الواجبة أو المندوبة ، وکذلک فی الأوصاف المتّحدة مع الفعل ، ککون الصلاة فی المسجد أو جماعة ونحو ذلک ، ویحرم الریاء المتأخّر وإن لم یکن مبطلاً ، کما لو أخبر بما فعله من طاعة رغبة فی الأغراض الدنیویة من المدح والثناء والجاه والمال ، فقد ورد فی المرائی عن النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله ، أنّه قال : «المرائی یدعی یوم القیامة بأربعة أسماء : یا فاجر ، یا کافر ، یا غادر ، یا خاسر ، حبط عملک ، وبطل أجرک ، ولا خلاص لک الیوم ، ألتمس أجرک ممّن کنت تعمل له» .

م « ۴۱۵ » غیر الریاء من الضمائم المباحة أو الراجحة ؛ إن کانت مقصودةً تبعا وکان الداعی والغرض الأصلی امتثال الأمر الصلاتی محضا ، فلا إشکال ، وإن کان بالعکس بطلت بلا إشکال ، وکذا إذا کان کلّ منهما جزءً للداعی ؛ بحیث لو لم ینضمّ کلّ منهما إلی الآخر لم یکن باعثا ومحرّکا ، بطل العمل فی جمیع موارد اشتراک الداعی حتّی مع تبعیة داعی الضمیمة ، فضلاً عن کونهما مستقلّین .

م « ۴۱۶ » لو رفع صوته بالذکر أو القراءة لإعلام الغیر لم تبطل الصلاة بعد ما کان أصل إتیانهما بقصد الامتثال ، وکذلک لو أوقع صلاته فی مکان أو زمان خاصّ لغرض من الأغراض المباحة ؛ بحیث یکون أصل الإتیان بداعی الامتثال وکان الداعی علی اختیار ذلک المکان أو الزمان لغرض کالبرودة ونحوها .

م « ۴۱۷ » یجب تعیین نوع الصلاة التی یأتی بها فی القصد ولو إجمالاً ؛ بأن ینوی مثلاً

(۱۲۵)

ما اشتغلت به ذمّته إذا کان متّحدا ، أو ما اشتغلت به ذمّته أوّلاً أو ثانیا إذا کان متعدّدا .

م « ۴۱۸ » لا یجب قصد الأداء والقضاء بعد قصد العنوان الذی یتّصف بصفتی القضاء والأداء کالظهر والعصر مثلاً ولو علی نحو الإجمال ، فلو نوی الإتیان بصلاة الظهر الواجبة علیه فعلاً ولم یشتغل ذمّته بالقضاء کفی ، نعم لو اشتغلت ذمّته بالقضاء أیضا لابّد من تعیین ما یأتی به ، وأنّه فرض لذلک الیوم أو غیره ، ولو کان من قصده امتثال الأمر المتعلّق به فعلاً وتخیل أنّ الوقت باق فنوی الأداء فبان انقضاء الوقت صحّت ووقعت قضاءً ؛ کما لو نوی القضاء بتخیل خروج الوقت فبان عدم الخروج صحّت ووقعت أداءا .

م « ۴۱۹ » لا یجب نیة القصر والإتمام فی موضع تعینهما ، بل ولا فی أماکن التخییر ، فلو شرع فیالظهر مثلاً مع التردید والبناء علی أنّه بعد تشهّد الأوّل إمّا یسلّم علی الرکعتین أو یلحق بهما الأخیرتین صحّت ، بل لو عین أحدهما لم یلتزم به ، وکان له العدول إلی الآخر ، بل یصحّ مع عدم التعین بالتعیین ، ولا یحتاج إلی العدول ، بل القصر یحصل بالتسلیم بعد الرکعتین ، کما أنّ الإتمام یحصل بضمّ الرکعتین إلیهما خارجا من غیر دخل القصد فیهما ، فلو نوی القصر فشک بین الإثنین والثلاث بعد إکمال السجدتین یبنی علی الثلاث ، ویعالج صلاته عن الفساد من غیر لزوم نیة العدول ، بل لابدّ أن یتعین العمل بحکم الشک ، ونیة العدول فی أشباهه ثمّ العلاج بلا إعادة العمل .

م « ۴۲۰ » لا یجب قصد الوجوب والندب ، بل یکفی قصد القربة المطلقة .

م « ۴۲۱ » لا یجب حین النیة تصوّر الصلاة تفصیلاً ، بل یکفی الإجمال .

م « ۴۲۲ » لو نوی فی أثناء الصلاة قطعها أو الإتیان بالقاطع مع الالتفات إلی ما فاته للصلاة فإن أتمّ صلاته فی تلک الحال بطلت ، وکذا لو أتی ببعض الأجزاء ثمّ عاد إلی النیة الأولی واکتفی بما أتی به ، ولو عاد إلی الأوّل قبل أن یأتی بشیء لم یبطل ، وکذا مع الإتمام أو الإتیان ببعض الأجزاء فی تلک الحال لو لم یلتفت إلی منافاة ما ذکر للصلاة .

م « ۴۲۳ » لو شک فی ما بیده أنّه عینها ظهرا أو عصرا ویدری أنّه لم یأت بالظهر ینوبها ظهرا فی غیر الوقت المختصّ بالعصر ، وکذا لو شک فی إتیان الظهر ، وأمّا فی الوقت

(۱۲۶)

المختصّ به إن علم أنّه لم یأت بالعصر رفع الید عنها واستأنف العصر إن أدرک رکعةً أو بعضها من الوقت وقضی الظهر بعده ، وإن لم یدرک رفع الید عنها وقضی الصلاتین ، وإن لم یدر إتیان الظهر فلابدّ من عدم الاعتناء بشکه ، ولو علم بإتیان الظهر قبل ذلک یرفع الید عنها ویستأنف العصر ، نعم لو رأی نفسه فی صلاة العصر وفی أنّه من أوّل الأمر نواها أو نوی الظهر بنی علی أنّه من أوّل الأمر نواها .

م « ۴۲۴ » یجوز العدول من الصلاة إلی أخری فی مواضع : منها فی الصلاتین المرتّبتین کالظهرین والعشائین إذا دخل فی الثانیة قبل الأولی سهوا أو نسیانا ، فإنّه یجب أن یعدل إلیها إن تذکر فی الأثناء ولم یتجاوز محلّ العدول ، بخلاف ما إذا تذکر بعد الفراغ أو بعد تجاوز محلّ العدول ، کما إذا دخل فی رکوع الرکعة الرابعة من العشاء فتذکر ترک المغرب ، فلا عدول ، بل یصحّ اللاحقة فیأتی بعد بالسابقة فی الفرض الأوّل ؛ أی : التذکر بعد الفراغ ، بل فی الفرض الثانی أیضا ، وکذا الحال فی الصلاتین المقضیتین المترتّبتین ، کما لو فات الظهران أو العشاءان من یوم واحد فشرع فی قضائهما مقدّما للثانیة علی الأولی فتذکر ، بل یکون الأمر کذلک فی مطلق الصلوات القضائی .

ومنها ـ إذا دخل فی الحاضرة فذکر أنّ علیه قضاء ، فإنّه یستحبّ أن یعدل إلیه مع بقاء المحلّ إلاّ إذا خاف فوت وقت فضیلة ما بیده فلا یکون العدول مستحبّا .

ومنها ـ العدول من الفریضة إلی النافلة ، وذلک فی موضعین : أحدهما فی ظهر یوم الجمعة لمن نسی قراءة سورة الجمعة وقرء سورة أخری وبلغ النصف أو تجاوز ، ثانیهما فی ما إذا کان متشاغلاً بالصلاة وأقیمت الجماعة وخاف السبق ، فیجوز له العدول إلی النافلة وإتمامها رکعتین لیلحق بها .

م « ۴۲۵ » لا یجوز العدول من النفل إلی الفرض ، ولا من النفل إلی النفل حتّی فی ما کان کالفرائض التوقیت والسبق واللحوق ، وکذا لا یجوز من الفائتة إلی الحاضرة ، فلو دخل فی فائتة ثمّ ذکر فی أثنائها أنّ الحاضرة قد ضاق وقتها ، قطعها وأتی بالحاضرة ، ولا یجوز العدول عنها إلیها ، وکذا لا یجوز فی الحاضرتین المرتّبتین من السابقة إلی اللاحقة ؛

(۱۲۷)

بخلاف العکس ، فلو دخل فی الظهر بتخیل عدم إتیانه فبان فی الأثناء إتیانه لم یجز له العدول إلی العصر ، وإذا عدل فی موضع لا یجوز العدول المعدول عنه لو تذکر قبل الدخول فی رکن ، فعلیه الإتیان بما أتی بغیر عنوانه بعنوانه .

م « ۴۲۶ » لو دخل فی رکعتین من صلاة اللیل مثلاً بقصد الرکعتین الثانیتین فتبین أنّه لم یصلّ الأولیین صحّت وحسبت له الأولیین قهرا ، ولیس هذا من باب العدول ولا یحتاج إلیه ؛ حیث إن الأوّلیة والثانویة لا یعتبر فیها القصد ، بل المدار علی ما هو الواقع .


القول فی تکبیرة الإحرام

م « ۴۲۷ » وتسمّی تکبیرة الافتتاح أیضا ، وصورتها : «اللّه أکبر» ، ولا یجزی غیرها ولا مرادفها من العربیة ، ولا ترجمتها بغیر العربیة ، وهو رکن تبطل الصلاة بنقصانها عمدا وسهوا ، وکذا بزیادتها ، فإذا کبّر للافتتاح ثمّ زاد ثانیة له أیضا بطلت الصلاة واحتاج ثالثة ، فإن أبطلها برابعة احتاج إلی خامسة وهکذا ، ویجب حالها القیام منتصبا ، فلو ترکه عمدا أو سهوا بطلت ، بل لابدّ من تقدیمه علیها مقدّمةً من غیر فرق فی ذلک بین المأموم الذی أدرک الإمام راکعا وغیره ، بل یتربّص فی الجملة حتّی یعلم وقوع التکبیر تامّا قائما منتصبا ، والاستقرار فی القیام کالقیام فی البطلان بترکه عمدا أو سهوا ، فلو ترک الاستقرار سهوا أتی بالمنافی ثمّ کبّر مستقرّا ، ولا یصحّ منه الإتمام ثمّ الإعادة بتکبیر مستقرّا .

م « ۴۲۸ » یصحّ وصلها بما قبلها من الدعاء لیحذف الهمزة من «اللّه» ویجوز وصلها بما بعدها من الاستعاذة أو البسملة ، فیظهر إعراب راء «أکبر» وترکه من الجانبین أحسن ، کما أنّ الأحسن تفخیم اللام والراء وإن کان ترکه یجوز .

م « ۴۲۹ » یستحبّ زیادة ستّ تکبیرات علی تکبیرة الإحرام قبلها أو بعدها أو بالتوزیع ، والأوّل أحسن ، فیجعل الافتتاح السابعة ، والأفضل أن یأتی بالثلاث ولاءً ثمّ یقول : «اللّهم أنت الملک الحقّ المبین ، لا إله إلاّ أنت ، سبحانک إنّی ظلمت نفسی ، فاغفر لی ذنبی ، إنّه لا یغفر الذنوب إلاّ أنت» ثمّ یأتی بإثنتین فیقول : «لبّیک وسعدیک ، والخیر

(۱۲۸)

فی یدیک ، والشرّ لیس إلیک ، والمهدی من هدیت لا ملجأ منک إلاّ إلیک ، سبحانک وحنانیک ، تبارکت وتعالیت ، سبحانک ربّ البیت» ، ثمّ کبّر تکبیرتین ، ثمّ یقول : «وجّهت وجهی للذی فطر السماوات والأرض ، عالم الغیب والشهادة ، حنیفا مسلما ، وما أنا من المشرکین . إنّ صلاتی ونسکی ومحیای ومماتی للّه ربّ العالمین ، لا شریک له ، وبذلک أمرت ، وأنا من المسلمین» ، ثمّ یشرع فی الاستعاذة والقراءة .

م « ۴۳۰ » یستحبّ للإمام الجهر بتکبیرة الإحرام بحیث یسمع من خلفه ، والاخفات بالستّ الباقیة .

م « ۴۳۱ » یستحبّ رفع الیدین عند التکبیر إلی الأذنین ، أو إلی حیال وجهه ؛ مبتدءً بالتکبیر بابتداء الرفع ومنتهیا بانتهائه ، والأولی أن لا یتجاوز الأذنین ، وأن یضمّ أصابع الکفّین ، ویستقبل بباطنهما القبلة .

م « ۴۳۲ » إذا کبّر ثمّ شک وهو قائم فی کونه تکبیرة الإحرام أو الرکوع بنی علی الأوّل .


القول فی القیام

م « ۴۳۳ » القیام رکن فی تکبیرة الإحرام التی تقارنها النیة ، وفی الرکوع ، وهو الذی یقع الرکوع عنه ، وهو المعبّر عنه بالقیام المتّصل بالرکوع ، فمن أخلّ به فی هاتین الصورتین عمدا أو سهوا بأن کبّر للافتتاح وهو جالس أو صلّی رکعةً تامّةً من جلوس أو ذکر حال الهوی إلی السجود ترک الرکوع وقام منحنیا برکوعه ، أو ذکر قبل الوصول إلی الرکوع وقام متقوّسا وغیر منتصب ولو ساهیا بطلت صلاته ، والقیام فی غیرهما واجب ، لیس برکن ، لا تبطل الصلاة بنقصانه إلاّ عن عمد ، کالقیام حال القراءة ، فمن سهی وقرء جالسا ثمّ ذکر وقام ، فصلاته صحیحة ، وکذا بزیادته ، کمن قام ساهیا فی محلّ القعود .

م « ۴۳۴ » یجب مع الإمکان الاعتدال فی القیام والانتصاب بحسب حال المصلّی ، فلو انحنی أو مال إلی أحد الجانبین بحیث خرج عن صدقه بطل ، ونصب العنق أحسن ، وفی جواز إطراق الرأس اشکال ، ولا یجوز الاستناد إلی شیء حال القیام مع الاختیار ، نعم لا

(۱۲۹)

بأس به مع الاضطرار ، فیستند إلی إنسان أو غیره ، ولا یجوز القعود مستقلاًّ مع التمکن من القیام مستندا .

م « ۴۳۵ » یعتبر فی القیام عدم التفریج الفاحش بین الرجلین بحیث یخرج عن صدق القیام ، والأحسن عدم التفریج غیر المتعارف وإن صدق علیه القیام .

م « ۴۳۶ » لا یجب التسویة بین الرجلین فی الاعتماد ، ویجب الوقوف علی القدمین ، ولا یجوز علی قدم واحدة ، ولا علی الأصابع ، ولا علی أصلهما .

م « ۴۳۷ » إن لم یقدر علی القیام أصلاً ولو مستندا أو منحنیا أو متفرّجا وبالجملة لم یقدر علی جمیع أنواع القیام حتّی الاضطراری منه بجمیع أنحائه صلّی من جلوس ، ویعتبر فیه الانتصاب والاستقلال ، فلا یجوز فیه الاستناد والتمایل مع التمکن من الاستقلال والانتصاب ، ویجوز مع الاضطرار ، ومع تعذّر الجلوس رأسا صلّی مضطجعا علی الجانب الأیمن کالمدفون ، فإن تعذّر منه فعلی الأیسر عکس الأوّل ، فإن تعذّر صلّی مستلقیا کالمحتضر .

م « ۴۳۸ » لو تمکن من القیام ولم یتمکن من الرکوع قائما صلّی قائما ثمّ جلس ورکع جالسا ، وإن لم یتمکن من الرکوع والسجود أصلاً ولا من بعض مراتبهما المیسورة حتّی جالسا صلّی قائما وأومأ للرکوع والسجود ، ویجب فی ما إذا تمکن من الجلوس أن یکون ایماؤه للسجود جالسا ، بل الواجب وضع ما یصحّ السجود علی جبهته إن أمکن .

م « ۴۳۹ » لو قدّر علی القیام فی بعض الرکعات دون الجمیع وجب أن یقوم إلی أن یعجز فیجلس ، ثمّ إذا قدّر علی القیام قام وهکذا .

م « ۴۴۰ » یجب الاستقرار فی القیام وغیره من أفعال الفریضة کالرکوع والسجود والقعود ، فمن تعذّر علیه الاستقرار وکان متمکنا من الوقوف مضطربا قدّمه علی القعود مستقّرا ، وکذا الرکوع والذکر ورفع الرأس ، فیأتی بکلّ منها مضطربا ، ولا ینتقل إلی الجلوس وإن حصل به الاستقرار .

(۱۳۰)


القول فی القراءة والذکر

م « ۴۴۱ » یجب فی الرکعة الأولی والثانیة من الفرائض قراءة الحمد وسورة کاملة عقیبها ، وله ترک السورة فی بعض الأحوال ، بل قد یجب مع ضیق الوقت والخوف ونحوهما من أفراد الضرورة ، ولو قدّمها علی الفاتحة عمدا استأنف الصلاة ، ولو قدّمها سهوا وذکر قبل الرکوع فإن لم یکن قرء الفاتحة بعدها أعادها بعد أن یقرء الفاتحة ، وإن قرءها بعدها أعادها دون الفاتحة .

م « ۴۴۲ » تجب قراءة الحمد فی النوافل کالفرائض ؛ بمعنی کونها شرطا فی صحّتها ، وأمّا السورة فلا تجب فی شیء منها وإن وجبت بالعارض بنذر ونحوه ، نعم النوافل التی وردت فی کیفیتها سور خاصّة یعتبر فی تحقّقها تلک السور ، إلاّ أن یعلم أنّ إتیانها بتلک السور شرط لکمالها لا لأصل مشروعیتها وصحّتها .

م « ۴۴۳ » یجوز قراءة أزید من سورة واحدة فی رکعة من الفریضة علی کراهیة ؛ بخلاف النافلة فلا کراهة فیها ، والترک فی الفریضة أحسن .

م « ۴۴۴ » لا تجوز قراءة ما یفوت الوقت بقراءته من السور الطوّال ، فإن فعله عامدا بطلت صلاته ، وإن کان سهوا عدل غیرها مع سعة الوقت ، وإن ذکر بعد الفراغ منها وقد فات الوقت أتمّ صلاته ، وکذا لا تجوز قراءة إحدی السور العزائم فی الفریضة ، فلو قرءها نسیانا إلی أن قرء آیة السجدة أو استمعها وهو فی الصلاة فالأحسن أن یؤمی إلی السجدة وهو فی الصلاة ثمّ یسجد بعد الفراغ ، ویجوز الاکتفاء بالسورة .

م « ۴۴۵ » البسملة جزء من کلّ سورة ، فیجب قراءتها عدا سورة البراءة .

م « ۴۴۶ » کلّ واحد من سورة «الفیل» و«الایلاف» سورة واحدة ، وکذلک «والضحی» و«ألم نشرح» ، وتجزی واحدة منها ، ولا حاجة إلی الجمع بینهما مع الکراهة فی جمعهما کما فی غیرهما .

م « ۴۴۷ » یجب تعیین السورة عند الشروع فی البسملة ، ولو عین سورة ثمّ عدل إلی غیرها تجب إعادة البسملة للمعدول إلیها ، وإذا عین سورة عند البسملة ثمّ نسیها ولم یدر

(۱۳۱)

ما عین أعاد البسملة مع تعیین سورة معینة ، ولو کان بانیا من أوّل الصلاة أن یقرء سورة معینة فنسی وقرء غیرها أو کانت عادته قراءة سورة فقرء غیرها کفی ولم یجب إعادة السورة .

م « ۴۴۸ » یجوز العدول اختیارا من سورة إلی غیرها ما لم یبلغ النصف عدا التوحید والجحد ؛ فإنّه لا یجوز العدول منهما إلی غیرهما ، ولا من إحداهما إلی الأخری بمجرّد الشروع ، نعم یجوز العدول منهما إلی الجمعة والمنافقین فی ظهر یوم الجمعة ، وفی الجمعة إذا شرع فیهما نسیانا ما لم یبلغ النصف .

م « ۴۴۹ » یجب الاخفات بالقراءة عدا البسملة فی الظهر والعصر ، ویجب علی الرجال الجهر بها فی الصبح والمغرب والعشاء ، فمن عکس عامدا بطلت صلاته ویعذر الناسی ، بل مطلق غیر العامد والجاهل بالحکم من أصله الغیر المتنبّه للسؤال ، بل لا یعیدون ما وقع منهم من القراءة بعد ارتفاع العذر فی الأثناء ، أمّا العالم به فی الجملة إلاّ أنّه جهل محلّه أو نساه والجاهل بأصل الحکم المتنبّه للسؤال عنه أیضا یصحّ لهما ، ولا حاجة إلی الاستئناف مع حصول نیة القربة منهما ، ولا جهر علی النساء ، بل یتخیرن بینه وبین الإخفات حتّی مع وجود الأجنبی ، ویجب علیهنّ الإخفات فی ما یجب علی الرجال ویعذرن فی ما یعذرون فیه .

م « ۴۵۰ » یستحبّ للرجال الجهر بالبسملة فی الظهرین للحمد والسورة ؛ کما أنّه یستحبّ له الجهر بالقراءة فی ظهر یوم الجمعة .

م « ۴۵۱ » مناط الجهر والإخفات ظهور جوهر الصوت وعدمه ، لا سماع من بجانبه وعدمه ، ولا یجوز الإفراط فی الجهر کالصیاح ، کما أنّه لا یجوز الإخفات بحیث لا یسمع نفسه مع عدم المانع .

م « ۴۵۲ » یجب أن تکون القراءة صحیحة ، فلو أخلّ عامدا بحرف أو حرکة أو تشدید أو نحو ذلک علی نوع یغیر المعنی بطلت صلاته ، ومن لا یحسن الفاتحة أو السورة یجب علیه تعلّمهما .

(۱۳۲)

م « ۴۵۳ » المدار فی صحّة القراءة علی أداء الحروف من مخارجها علی نحو یعدّه أهل اللسان مؤدیا للحرف الفلانی دون حرف آخر ، ومراعاة حرکات البنیة وما له دخل فی هیأة الکلمة ، والحرکات والسکنات الإعرابیة والبنائیة علی وفق ما ضبطه علماء العربیة بلا إفراط وتفریط ، وحذف همزة الوصل فی الدرج کهمزة «ال» وهمزة «إهدنا» وإثبات همزة القطع کهمزة «أنعمت» ، ولا یلزم مراعاة تدقیقات علماء التجوید فی تعیین مخارج الحروف ، فضلاً عمّا یرجع إلی صفاتها من الشدّة والرخوة والتفخیم والترقیق والاستعلاء وغیر ذلک ، ولا الإدغام الکبیر ، وهو إدراج الحرف المتحرّک بعد إسکانه فی حرف مماثل له مع کونهما فی کلمتین ؛ مثل «یعلم ما بین أیدیهم» بإدراج المیم فی المیم ، أو فی مقارب له ولو فی کلمة واحدة ؛ ک«یرزقکم» و«زحزح عن النار» بإدراج القاف فی الکاف ، والحاء فی العین ، بل ترک مثل هذا الإدغام ؛ خصوصا فی المقارب أحسن ، بل ولا یلزم مراعاة بعض أقسام الإدغام الصغیر کإدراج الساکن الأصلی فی ما یقاربه ک «من ربّک» بإدراج النون فی الراء وإن کانت الرعایة فی جمیع ذلک أحسن . ومراعاة المدّ اللازم لازم ، وهو ما کان حرف المدّ وسبباه ؛ أی : الهمزة والسکون فی کلمة واحدة ؛ مثل «جاء» و«سوء» و«جی‌ء» و«دابّة» و«ق» و«ص» ، وترک الوقف علی المتحرّک ، والوصل مع السکون ، وإدغام التنوین والنون الساکنة فی حروف «یرملون» لیس بواجب وإن کان أحسن .

م « ۴۵۴ » اللازم عدم التخلّف عن إحدی القراءات السبع ؛ کما أنّ الواجب عدم التخلّف عمّا المصاحف الکریمة الموجودة بین أیدی المسلمین ، وإن کان التخلّف فی بعض الکلمات مثل «ملک یوم الدین» و«کفوا أحد» غیر مضرّ ، مع جواز القراءة بإحدی القراءات .

م « ۴۵۵ » یجوز قراءة «مالک یوم الدین» و«ملک یوم الدین» لعدم التفاوت فی المعنی وإن کان الأوّل أصحّ ، وکذا یجوز فی الصراط أن یقرء بالصاد والسین ، وإن کان الأوّل أصحّ ، وفی «کفوا أحد» بوجوه أربعة : بضمّ الفاء وسکونه مع الهمزة أو الواو ، وإن کان الأحسن بضم الفاء مع الواو .

(۱۳۳)

م « ۴۵۶ » من لا یقدر إلاّ علی الملحون أو تبدیل بعض الحروف ولا یستطیع أن یتعلّم أجزءه ذلک ، ولا یجب علیه الإتمام ، ومن کان قادرا علی التصحیح والتعلّم فی ما لا یصحّ ولم یتعلّم یجب علیه الائتمام مع الإمکان .

م « ۴۵۷ » یتخیر فی ما عدا الرکعتین الأولیین من الفریضة بین الذکر والفاتحة ، الأفضل للإمام القراءة ، وللمأموم الذکر ، وهما للمنفرد سواء ، وصورته : «سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلاّ اللّه واللّه أکبر» ، وتجب المحافظة علی العربیة ، ویکفی مرّة واحدة ، ویکون التکرار ثلاثا مستحبّا ، وإتیانها مرّتین بنیتها لا یصحّ . والأولی إضافة الاستغفار إلیها ، ویجب الإخفات فی الذکر والقراءة حتّی البسملة ، ولا یجب إتّفاق الرکعتین الأخیرتین فی الذکر أو القراءة .

م « ۴۵۸ » لو قصد التسبیح مثلاً فسبق لسانه إلی القراءة وتحقّق القصد إلیها ولو ارتکازا فالصحیح الاجتزاء به ، ومع عدم تحقّقه لا یصحّ ، وکذا الحال لو فعل ذلک غافلاً من غیر قصد إلی أحدهما ، فإنّه مع قصده ولو ارتکازا یصحّ وإلاّ فلا .

م « ۴۵۹ » لو قرء الفاتحة بتخیل أنّه فی الأولیین فتبین کونه فی الأخیرتین یجتزی بها ، وکذا لو قرءها بتخیل أنّه فی الأخیرتین فتبین کونه فی الأولیین .

م « ۴۶۰ » یجب أن لا یزید الذکر علی ثلاثة تسبیحات إلاّ بقصد الذکر المطلق .

م « ۴۶۱ » یستحبّ قراءة «عمّ یتسائلون» أو «هل أتی» أو «الغاشیة» أو «القیامة» وأشباهها فیالصبح ، وقراءة «سبّح اسم» أو «والشمس» فی الظهر ، و«إذا جاء نصر اللّه» و«ألهیکم التکاثر» فی العصر والمغرب ، والأولی اختیار قراءة «الجمعة» فی الرکعة الأولی من العشاءین ، و«الأعلی» فی الثانیة منهما لیلة الجمعة ، وقراءة سورة «الجمعة» فی الرکعة الأولی ، و«المنافقین» فی الثانیة فی الظهر والعصر من یوم الجمعة ، وکذا فی صبح یوم الجمعة ، أو یقرء فیها فی الأولی «الجمعة» ، و«التوحید» فی الثانیة ، وفی المغرب فی لیلة الجمعة فی الأولی «الجمعة» وفی الثانیة «التوحید» ، کما أنّه یستحبّ فی کلّ صلاة قراءة سورة «القدر» فی الأولی و«التوحید» فی الثانیة .

(۱۳۴)

م « ۴۶۲ » قد عرفت أنّه یجب الاستقرار حال القراءة والأذکار ، فلو أراد حالهما التقدّم أو التأخّر أو الانحناء لغرض یجب ترکهما حال الحرکة ، لکن لا یضرّ مثل تحریک الید أو أصابع الرجلین وإن کان الترک أولی ، ولو تحرّک حال القراءة قهرا أعاد ما قرءه فی تلک الحالة .

م « ۴۶۳ » لو شک فی صحّة قراءة آیة أو کلمة یجب إعادتها إذا لم یتجاوز ، ویجوز بصدد الاحتیاط مع التجاوز ، ولو شک ثانیا أو ثالثا لا بأس بالتکرار ما لم یکن عن وسوسة وإلاّ فلا یعتنی بشکه .


القول فی الرکوع

م « ۴۶۴ » یجب فی کلّ رکعة من الفرائض الیومیة رکوع واحد ، وهو رکن تبطل الصلاة بزیادته ونقصانه عمدا وسهوا ، إلاّ فی الجماعة للمتابعة بتفصیل یأتی فی محلّه ، ولابدّ فیه من الانحناء المتعارف بحیث تصل یده إلی رکبته ، والأحسن وصول الراحة إلیها وإن یکفی مسمّی الانحناء .

م « ۴۶۵ » من لم یتمکن من الانحناء المزبور اعتمد ، فإن لم یتمکن ولو بالاعتماد أتی بالممکن منه ، ولا ینتقل إلی الجلوس وإن تمکن منه جالسا ، نعم لو لم یتمکن من الانحناء أصلاً انتقل إلیه ، فلا حاجة إلی صلاة أخری بالایماء قائما ، وإن لم یتمکن من الرکوع جالسا أجزء الایماء حینئذ ، فیؤمی برأسه قائما ، فإن لم یتمکن غمض عینیه للرکوع وفتحهما للرفع منه ، ویتحقّق رکوع الجالس بانحنائه ؛ بحیث یساوی وجهه رکبتیه ، والأفضل الزیادة علی ذلک بحیث یحاذی مسجده إن أمکن مع عدم المشقّة .

م « ۴۶۶ » یعتبر فی الانحناء أن یکون بقصد الرکوع ، فلو انحنی بقصد وضع شیء علی الأرض مثلاً لا یکفی فی جعله رکوعا ، بل لابدّ من القیام ثمّ الانحناء له .

م « ۴۶۷ » من کان کالراکع خلقةً أو لعارض إن تمکن من الانتصاب ولو بالاعتماد لتحصیل القیام الواجب لیرکع عنه وجب ، وإن لم یتمکن من الانتصاب التامّ فلابدّ منه فی

(۱۳۵)

الجملة وما هو أقرب إلی القیام ، وإن لم یتمکن أصلاً وجب أن ینحنی أزید من المقدار الحاصل إن لم یخرج بذلک عن حدّ الرکوع ، وإن لم یتمکن منه بأن لم یقدر علی زیادة الانحناء أو کان انحناؤه بالغا أقصی مراتب الرکوع بحیث لو زاد خرج عن حدّه نوی الرکوع بانحنائه ، ولا حاجة إلی الإیماء بالرأس إلیه ، ومع عدم تمکنه من الإیماء یجعل غمض العینین رکوعا وفتحهما رفعا أو ینوی الرکوع بالانحناء مع الإیماء وغمض العین مع الإمکان .

م « ۴۶۸ » لو نسی الرکوع فهوی إلی السجود وتذکر قبل وضع جبهته علی الأرض رجع إلی القیام ثمّ رکع ، ولا یکفی أن یقوم منحنیا إلی حدّ الرکوع ، ولو تذکر بعد الدخول فی السجدة الأولی أو بعد رفع الرأس منها انصرف ثمّ أعادها .

م « ۴۶۹ » لو انحنی بقصد الرکوع ولما وصل إلی حدّه نسی وهوی إلی السجود فإن تذّکر قبل أن یخرج من حدّه بقی علی تلک الحال مطمئنّا وأتی بالذکر ، وإن تذّکر بعد خروجه عن حدّه فإن عرض النسیان بعد وقوفه فی حدّ الرکوع آنا مّا فعلیه السجود بلا انتصاب ، وإلاّ فعلیه الانتصاب ثمّ الهوی إلی السجود وإتمام الصلاة بلا إعادتها .

م « ۴۷۰ » یجب الذکر فی الرکوع ، ویجتزی بمطلقه ، ومقداره الثلاث من الصغری أو الواحدة من الکبری ، بلا فرق فی الاختیار بینهما . واختیار الثلاث فی التسبیح من الصغری ، وهی «سبحان اللّه» أو الکبری الواحدة ، وهی «سبحان ربّی العظیم وبحمده» .

م « ۴۷۱ » یجب الطمأنینة حال الذکر الواجب ، فإن ترکها عمدا بطلت صلاته ؛ بخلافه سهوا ، ولا حاجة إلی الاستئناف معه ، ولو شرع فی الذکر الواجب عامدا قبل الوصول إلی حدّ الرکوع أو بعده قبل الطمأنینة أو أتمّه حال الرفع قبل الخروج عن إسمه أو بعده لم یجز الذکر المزبور ، وبطلت صلاته ، وبطل ذلک الذکر المندوب أیضا لو جاء به کذلک بقصد الخصوصیة وإلاّ فلا إشکال ، ولو لم یتمکن من الطمأنینة لمرض أو غیره سقطت ، لکن یجب علیه إکمال الذکر الواجب قبل الخروج عن مسمّی الرکوع ، ویجب أیضا رفع الرأس منه حتّی ینتصب قائما مطمئنّا ، فلو سجد قبل ذلک عامدا بطلت صلاته .

(۱۳۶)

م « ۴۷۲ » یستحبّ التکبیر للرکوع ، وهو قائم منتصب ، والأحسن عدم ترکه ، ویستحبّ رفع الیدین حال التکبیر ، ووضع الکفّین مفرّجات الأصابع علی الرکبتین حال الرکوع ، وعدم ترکه مع الإمکان ، وکذا یستحبّ ردّ الرکبتین إلی الخلف وتسویة الظهر ومدّ العنق والتجنیح بالمرفقین ، وأن تضع المرأة یدیها علی فخذیها فوق الرکبتین ، واختیار التسبیحة الکبری ، وتکرارها ثلاثا أو خمسا أو سبعا بل أزید ، ورفع الیدین للانتصاب من الرکوع ، وأن یقول بعد الانتصاب : «سمع اللّه لمن حمده» وأن یکبّر للسجود ویرفع یدیه له ، ویکره أن یطأطأ رأسه حال الرکوع ، وأن یضمّ یدیه إلی جنبیه ، وأن یدخل یدیه بین رکبتیه .


القول فی السجود

م « ۴۷۳ » یجب فی کلّ رکعة سجدتان ، وهما معا رکن تبطل الصلاة بزیادتهما معا فی الرکعة الواحدة ، ونقصانهما کذلک عمدا أو سهوا ، فلو أخلّ بواحدة زیادةً أو نقصانا سهوا فلا بطلان ، ولابدّ فیه من الانحناء ووضع الجبهة علی وجه یتحقّق به مسمّاه ، وعلی هذا مدار الرکنیة والزیادة العمدیة والسهویة .

ویعتبر فیه أمور أخر لا مدخل لها فی ذلک :

منها ـ السجود علی ستّة أعضاء : الکفّین والرکبتین والإبهامین ، والمعتبر باطن الکفّین ، ویجب فیه الاستیعاب العرفی مع الاختیار ، وأمّا مع الاضطرار فیجزی مسمّی الباطن ، ولو لم یقدر إلاّ علی ضمّ الأصابع إلی کفّه والسجود علیها یجتزی به ، ومع تعذّر ذلک کلّه یجزی الظاهر ، ومع عدم إمکانه أیضا لقطع ونحوه ینتقل إلی الأقرب من الکفّ ، وأمّا الرکبتان فیجب صدق مسمّی السجود علی ظاهرهما وإن لم یستوعبه ، وأمّا الابهامان فلابدّ من مراعاة طرفیهما ، ولا یجب الاستیعاب فی الجبهة ، بل یکفی صدق السجود علی مسمّاها ، ویتحقّق بمقدار رأس أنملة ، والأفضل أن یکون بمقدار درهم ، ولا فرق بین التفرقه والاجتماع ، فیجوز علی السبحة إذا کان ما وقع علیه الجبهة بمقدار

(۱۳۷)

رأس أنملة ، ولابدّ من رفع ما یمنع من مباشرتها لمحلّ السجود من وسخ أو غیره فیها أو فیه حتّی لو لصقت بجبهته تربة أو تراب أو حصاة ونحوها فی السجدة الأولی تجب إزالتها للثانیة ، والمراد بالجبهة هنا بین قصاص الشعر وطرف الأنف الأعلی والحاجبین طولاً وما بین الجبینین عرضا .

م « ۴۷۴ » یجب الاعتماد علی الأعضاء السبعة ، فلا یجزی مجرّد المماسّة ، ولا یجب مساواتها فیه ؛ کما لا تضرّ مشارکة غیرها معها فیه ؛ کالذراع مع الکفّین وسائر أصابع الرجلین مع الإبهامین .

ومنها ـ وجوب الذکر علی نحو ما تقدّم فی الرکوع ، والتسبیح الکبری هیهنا «سبحان ربّی الأعلی وبحمده» .

ومنها ـ وجوب الطمأنینة حال الذکر الواجب نحو ما سمعته فی الرکوع .

ومنها ـ وجوب کون المساجد السبعة فی محالّها حال الذکر ، فلا بأس بتغییر المحلّ فی ما عدا الجبهة بین الذکر الواجب حال عدم الاشتغال ، فلو قال : «سبحان اللّه » ثمّ رفع یده لحاجة أو غیرها ووضعها وأتی بالبقیة لا یضرّ .

ومنها ـ وضع الجبهة علی ما یصحّ السجود علیه علی ما مرّ فی مبحث المکان .

ومنها ـ رفع الرأس من السجدة الأولی والجلوس مطمئنّا معتدلاً .

ومنها ـ أن ینحنی للسجود حتّی یساوی موضع جبهته موقفه ، فلو ارتفع أحدهما علی الآخر لم تصحّ إلاّ أن یکون التفاوت بینهما قدر لبنة موضوعة علی سطحها الأکبر فی اللبن المتعارفة أو أربع أصابع کذلک مضمومات ، ولا یعتبر التساوی فی سائر المساجد لا بعضها مع بعض ، ولا بالنسبة إلی الجبهة ، فلا یقدح ارتفاع مکانها أو انخفاضه ما لم یخرج به السجود عن مسمّاه .

م « ۴۷۵ » المراد بالموقف الذی یجب عدم التفاوت بینه وبین موضع الجبهة بما تقدّم الرکبتان والإبهامان ، فلو وضع إبهامیه علی مکان أخفض أو أعلی من جبهته بأزید ممّا تقدّم بطلت صلاته وإن ساوی موضع رکبتیه مع موضع جبهته .

(۱۳۸)

م « ۴۷۶ » لو وقعت جبهته علی مکان مرتفع أزید من المقدار المغتفر فإن کان الارتفاع بمقدار لا یصدق معه السجود عرفا یجب رفعها ووضعها علی المحلّ الجائز ، ویجوز جرّها أیضا ، وإن کان بمقدار یصدق معه السجود عرفا یجب الجرّ إلی الأسفل إن أمکن ، ولو لم یمکن یصحّ الرفع والوضع بلا إعادة الصلاة بعد إتمامها .

م « ۴۷۷ » لو وضع جبهته من غیر عمد علی الممنوع من السجود علیه جرّها عنه إلی ما یجوز السجود علیه ، وتصحّ صلاته ، ولیس له رفعها عنه ، ولو لم یمکن إلاّ الرفع المستلزم لزیادة السجود یجب إتمام صلاته بلا استئنافها من رأس ؛ سواء کان الالتفات إلیه قبل الذکر الواجب أو بعده ، حتّی لو کان الالتفات قبل رفع الرأس من السجود کفاه الإتمام .

م « ۴۷۸ » من کان بجبهته علّة کالدمل فإن لم تستوعبها وأمکن وضع الموضع السلیم منها علی الأرض ولو بحفر حفیرة وجعل الدمل فیها وجب ، وإن استوعبتها أو لم یمکن وضع الموضع السلیم منها علی الأرض سجد علی أحد الجبینین ، والأولی تقدیم الأیمن علی الأیسر ، وإن تعذّر سجد علی ذقنه ، وإن تعذّر یصحّ تحصیل هیأة السجود بوضع بعض وجهه أو مقدّم رأسه علی الأرض ، ومع تعذّره یصحّ تحصیل ما هو الأقرب إلی هیأته .

م « ۴۷۹ » لو ارتفعت جبهته من الأرض قهرا وعادت إلیها قهرا یکون عودا إلی السجدة الأولی فیحسب سجدةً واحدةً ؛ سواء کان الارتفاع قبل القرار أو بعده ، فیأتی بالذکر الواجب ، ومع القدرة علی الإمساک بعد الرفع یحسب هذا الوضع سجدةً واحدةً مطلقا ؛ سواء کان الرفع قبل القرار أو بعده .

م « ۴۸۰ » من عجز عن السجود فإن أمکنه تحصیل بعض المراتب المیسورة من السجدة یجب محافظا علی ما عرفت وجوبه من وضع المساجد فی محالّها مع التمکن والاعتماد والذکر والطمأنینة ونحوها ، فإذا تمکن من الانحناء فعل بمقدار ما یتمکن ورفع المسجد إلی جبهته واضعا لها علیه ؛ مراعیا لما تقدّم من الواجبات ، وإن لم یتمکن من الانحناء أصلاً أومأ إلیه برأسه ، وإن لم یتمکن فبالعینین ، والواجب له رفع المسجد مع

(۱۳۹)

ذلک إذا تمکن من وضع الجبهة علیه ، ومع عدم تحقّق المیسور من السجود لا یجب وضع المساجد فی محالّها .

م « ۴۸۱ » یستحبّ التکبیر حال الانتصاب من الرکوع للأخذ فی السجود للرفع منه ، والسبق بالیدین إلی الأرض عند الهوی إلیه ، واستیعاب الجبهة علی ما یصحّ السجود علیه ، والإرغام بمسمّاه بالأنف علی مسمّی ما یصحّ السجود علیه ، وتسویة موضع الجبهة مع الموقف ، بل جمیع المساجد ، وبسط الکفّین مضمومتی الأصابع حتّی الإبهام حذاء الأذنین موجّها بهما القبلة ، والتجافی حال السجود بمعنی أرفع البطن عن الأرض ، والتجنیح بأن یرفع مرفقیه عن الأرض مفرّجا بین عضدیه وجنبیه مبعّدا یدیه عن بدنه جاعلاً یدیه کالجناحین ، والدعاء بالمأثور قبل الشروع فی الذکر وبعد رفع الرأس من السجدة الأولی ، واختیار التسبیحة الکبری وتکرارها ، والختم علی الوتر ، والدعاء فی السجود أو الأخیر منه بما یرید من حاجات الدنیا والآخرة ؛ سیما طلب الرزق الحلال بأن یقول : «یا خیر المسؤولین ، ویا خیر المعطین ، أرزقنی وارزق عیالی من فضلک ، فإنّک ذو الفضل العظیم» .

والتورّک فی الجلوس بین السجدتین وبعدهما ، بأن یجلس علی فخذه الأیسر جاعلاً ظهر القدم الیمنی فی بطن الیسری ، وأن یقول بین السجدتین : «أستغفر اللّه ربی وأتوب إلیه» ووضع الیدین حال الجلوس علی الفخذین الیمنی علی الیمنی ، والیسری علی الیسری ، والجلوس مطمئنّا بعد رفع الرأس من السجدة الثانیة قبل أن یقوم ، وهو المسمّی ب «الجلسة الاستراحة» ، وأن یقول إذا أراد النهوض إلی القیام : «بحول اللّه وقوّته أقوم وأقعد» وأن یعتمد علی یدیه عند النهوض من غیر عجن بهما ؛ أی : لا یقبضهما ، بل یبسطهما علی الأرض .

م « ۴۸۲ » تختصّ المرأة ندبا فی الصلاة بآداب الزینة بالحلی والخضاب ، والإخفات فی قولها ، والجمع بین قدمیها حال القیام ، وضمّ ثدییها بیدیها حاله ، ووضع یدیها علی فخذیها حال الرکوع ، غیر رادّة رکبتیها إلی ورائها ، والبدءة للسجود بالقعود ، والتضمّم

(۱۴۰)

حاله لاطئةً بالأرض فیه غیر متجافیة ، والتربّع جلوسها مطلقا .


القول فی سجدتی التلاوة والشکر

م « ۴۸۳ » یجب السجود عند تلاوة آیات أربع فی السور الأربع : آخر «النجم» و«العلق» و«لا یستکبرون» فی «الم تنزیل» و«تعبدون» فی «حم فصّلت» ، وکذا عند استماعها وسماعها ، والسبب مجموع الآیة ، فلا یجب بقراءة بعضها ولو لفظ السجدة منها ، ووجوبها فوری ، لا یجوز تأخیرها ، ولو أخّرها ولو عصیانا وجب إتیانها ولا تسقط .

م « ۴۸۴ » یتکرّر السجود مع تکرّر السبب مع التعاقب وتخلّل السجود ، وهو مع التعاقب بلا تخلّله ، ومع عدم التعاقب أیضا کذلک .

م « ۴۸۵ » إن قرءها أو استمعها فی حال السجود یجب رفع الرأس منه ثمّ الوضع ، ولا یکفی البقاء بقصده ، ولا الجرّ إلی مکان آخر ، وکذا فی ما إذا کان جبهته علی الأرض ؛ لا بقصد السجدة فسمع أو قرء آیة السجدة .

م « ۴۸۶ » یعتبر فی وجوبها علی المستمع کون المسموع صادرا بعنوان التلاوة وقصد القرانیة ، فلو تکلّم شخص بالآیة لا بقصدها لا تجب بسماعها ، وکذا لو سمعها من صبی غیر ممیز أو نائم أو من حبس صوت .

م « ۴۸۷ » یعتبر فی السماع تمییز الحروف والکلمات ، فلا یکفی سماع الهمهمة .

م « ۴۸۸ » یعتبر فی هذا السجود بعد تحقّق مسمّاه : النیة ، وإباحة المکان ، ووضع المواضع السبعة ، ووضع الجبهة علی ما یصحّ السجود علیه ، ولا یجوز ترک السجود علی المأکول والملبوس ، نعم لا یعتبر فیه الاستقبال ، ولا الطهارة من الحدث والخبث ، ولا طهارة موضع الجبهة ، ولا ستر العورة .

م « ۴۸۹ » لیس فی هذا السجود تشهّد ولا تسلیم ولا تکبیرة افتتاح ، نعم یستحبّ التکبیر للرفع عنه ، ولا یجب فیه الذکر ، بل یستحبّ ویکفی مطلقة ، والأولی أن یقول : «لا إله إلاّ اللّه حقّا حقّا ، لا إله إلاّ اللّه ایمانا وتصدیقا ، لا إله إلاّ اللّه عبودیةً ورقّا ،

(۱۴۱)

سجدتُ لک یا ربِّ تعبّدا ورقّا ، لا مستنکفا ولا مستکبرا ، بل أنا عبد ذلیل خائف مستجیر» .

م « ۴۹۰ » السجود للّه تعالی فی نفسه من أعظم العبادات ، وقد ورد فیه : «أنّه ما عبد اللّه بمثله» ، و«أقرب ما یکون العبد إلی اللّه وهو ساجد» ، ویستحبّ أکیدا للشکر للّه عند تجدّد کلّ نعمة ، ودفع کلّ نقمة ، وعند تذکرهما ، وللتوفیق لأداء کلّ فریضة أو نافلة ، بل کلّ فعل خیر حتّی الصلح بین اثنین ، ویجوز الاقتصار علی واحدة ، والأفضل أن یأتی بإثنتین بمعنی الفصل بینهما بتعفیر الخدّین أو الجبینین ، ویکفی فی هذا السجود مجرّد وضع الجبهة مع النیة ووضع المساجد السبعة ، ووضع الجبهة علی ما یصحّ السجود علیه ، کونه ملبوسا أو مأکولاً لیس بلازم . ویستحبّ فیه افتراش الذراعین وإلصاق الجؤجؤ والصدر والبطن بالأرض ، ولا یشترط فیه الذکر وإن استحبّ أن یقول : «شکرا للّه» أو «شکرا شکرا» مأة مرّة ، ویکفی ثلاث مرّات ، بل مرّة واحدة .

وأحسن ما یقال فیه ما ورد عن مولانا الکاظم علیه‌السلام ، قل وأنت ساجد : «اللّهمّ إنّی أشهدک وأشهد ملائکتک وأنبیائک ورسلک وجمیع خلقک ، إنّک أنت اللّه ربّی ، والإسلام دینی ، ومحمّدا نبیی ، وعلیا والحسن والحسین ـ تعدّهم إلی آخرهم ـ أئمّتی ، بهم أتولّی ومن أعدائهم أتبرّء ، اللّهمّ إنّی أنشدک دم المظلوم ـ ثلاثا ـ اللّهمّ إنّی أنشدک بإیوائک علی نفسک لأعدائک لتهلکنّهم بأیدینا وأیدی المؤمنین ، اللّهمّ إنّی أنشدک بإیوائک علی نفسک لأولیائک لتظفرنّهم بعدوّک وعدوّهم أن تصلّی علی محمّد وعلی المستحفظین من آل محمّد ـ ثلاثا ـ اللّهمّ إنّی أسألک الیسر بعد العسر ـ ثلاثا» ـ ثمّ تضع خدّک الأیمن علی الأرض وتقول : «یا کهفی حین تعیننی المذاهب وتضیق علی الأرض بما رحبت ، یا باری‌ء خلقی رحمةً بی ، وقد کنت عن خلقی غنیا ، صلّ علی محمّد وعلی المستحفظین من آل محمّد» ، ثمّ تضع خدّک الأیسر وتقول : «یا مذلّ کلّ جبّار ، ویا معزّ کلّ ذلیل ، قد وعزّتک بلغ مجهودی» ثلاثا ، ثمّ تقول : «یا حنّان ، یا منّان ، یا کاشف الکرب العظام»(۱) ،

۱ـ الکافی ، محمد بن یعقوب الکلینی ، ج۳ ، طهران ، دار الاسلامیة ، ص۳۲۵ .

(۱۴۲)

ثمّ تعود للسجود فتقول مأة مرّة : «شکرا شکرا» ثمّ تسأل حاجتک تقضی إن شاء اللّه .


القول فی التشهّد

م « ۴۹۱ » یجب التشهّد فی الثنائیة مرّةً بعد رفع الرأس من السجدة الأخیرة ، وفی الثلاثیة والرباعیة مرّتین : الأولی بعد رفع الرأس من السجدة الأخیرة فی الرکعة الثانیة ، والثانیة بعد رفع الرأس منها الرکعة الأخیرة ، وهو واجب غیر رکن تبطل الصلاة بترکه عمدا لا سهوا حتّی رکع ، وإن وجب علیه قضاؤه .

والواجب فیه أن یقول : «أشهد أن لا إله اللّه ، وحده لا شریک له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، اللّهمّ صلّ علی محمّد وآل محمّد» ، ویستحبّ الابتداء بقوله : «الحمد للّه» أو «بسم اللّه وباللّه والحمد للّه وخیر الأسماء للّه» ، أو «الأسماء الحسنی کلّها للّه» ، وأن یقول بعد الصلاة علی النبی وآله صلی‌الله‌علیه‌وآله : «وتقبّل شفاعته فی أمّته وارفع درجته» .

م « ۴۹۲» لا إشکال فی قصد التوظیف والخصوصیة فی التشهّد الثانی ، ویجب فیه اللفظ الصحیح الموافق للعربیة ، ومن عجز عنه وجب علیه تعلّمه .

م « ۴۹۳ » یجب الجلوس مطمئنّا حال التشهّد بأی کیفیة کان ، ویکره الإقعاء ، وهو أن یعتمد بصدر قدمیه علی الأرض ویجلس علی عقبیه ، ویستحبّ فیه التورّک ؛ کما یستحبّ ذلک بین السجدتین وبعدهما کما تقدّم .


القول فی التسلیم

م « ۴۹۴ » التسلیم واجب فی الصلاة ، وجزء منها ، والثانی علی تقدیر الإتیان بالأوّل جزء مستحبّ ، وعلی تقدیر عدمه جزء واجب ، ویتوقّف تحلّل المنافیات والخروج عن الصلاة فیه ، وله صیغتان : الأولی : «السلام علینا وعلی عباد اللّه الصالحین» ، والثانیة : «السلام علیکم» بإضافة «و رحمة اللّه وبرکاته» ، والثانیة علی تقدیر الإتیان بالأولی

(۱۴۳)

جزء مستحبّ ، وعلی تقدیر عدمه جزء واجب ، ویجوز الاجتزاء بالثانیة أو بالأولی أیضا ، وأمّا «السلام علیک أیها النبی ورحمة اللّه وبرکاته» لا یحصل بها تحلّل ، ولا تبطل الصلاة بترکها عمدا وسهوا ، لکنّ المحافظة علیها أحسن ، کما أنّ الجمع بین الصیغتین بعدها مقدّما للأولی أیضا أحسن .

م « ۴۹۵ » یجب فی التسلیم بکلّ من الصیغتین العربیة والإعراب ، ویجب تعلّم إحداهما مع الجهل ، کما أنّه یجب الجلوس حالته مطمئنّا ، ویستحبّ فیه التورّک .


القول فی الترتیب

م « ۴۹۶ » یجب الترتیب فی أفعال الصلاة ، فیجب تقدیم تکبیرة الإحرام علی القراءة ، والفاتحة علی السورة ، وهی علی الرکوع ، وهو علی السجود وهکذا ، فمن صلّی مقدّما للمؤخّر وبالعکس عمدا بطلت صلاته ، وکذا سهوا لو قدّم رکنا علی رکن ، أمّا لو قدّم رکنا علی ما لیس برکن سهوا ، کما لو رکع قبل القراءة ، فلا بأس ، ویمضی فی صلاته ، وکذا لو قدّم غیر رکن علی رکن سهوا ، کما لو قدّم التشهّد علی السجدتین فلا بأس ، لکن مع إمکان التدارک یعود إلی ما یحصل به الترتیب وتصحّ صلاته ، کما أنّه لا بأس بتقدیم غیر الأرکان ، بعضها علی بعض سهوا ، فیعود أیضا إلی ما یحصل به الترتیب مع الإمکان وتصحّ صلاته .


القول فی الموالاة

م « ۴۹۷ » یجب الموالاة فی أفعال الصلاة بمعنی عدم الفصل بین أفعالها علی وجه تنمحی صورتها ؛ بحیث یصحّ سلب الإسم عنها ، فلو ترک الموالاة بالمعنی المزبور عمدا أو سهوا بطلت صلاته ، وأمّا الموالاة بمعنی المتابعة العرفیة فواجبة أیضا ، فتبطل الصلاة بترکها عمدا لا سهوا .

م « ۴۹۸ » کما تجب الموالاة فی أفعال الصلاة بعضها مع بعض تجب فی القراءة والتکبیر والذکر والتسبیح بالنسبة إلی الآیات والکلمات ، بل والحروف ، فمن ترکها عمدا

(۱۴۴)

فی إحدی المذکورات الموجب لمحو أسمائها بطلت صلاته فی ما إذا لزمت من تحصیل الموالاة زیادةً مبطلة ، بل مطلقا ، وإن کان سهوا فلا بأس ، فیعید ما تحصل به الموالاة إن لم یتجاوز المحلّ ، لکن هذا إذا لم یکن فوات الموالاة المزبورة إحدی المذکورات موجبا لفوات الموالاة فی الصلاة بالمعنی المزبور ، وإلاّ فبطلت ، ولو مع السهو .


بقی الأمران : القنوت والتعقیب


القول فی القنوت

م « ۴۹۹ » یستحبّ القنوت فی الفرائض الیومیة ، ویتأکد فی الجهریة ، بل عدم ترکه فیها أولی ، ومحلّه قبل الرکوع فی الرکعة الثانیة بعد الفراغ عن القراءة ، ولو نسی أتی به بعد رفع الرأس من الرکوع ، ثمّ هوی إلی السجود ، وإن لم یذکره فی هذا الحال وذکره بعد ذلک فلا یأتی به حتّی یفرغ من صلاته فیأتی به حینئذ ، وإن لم یذکره إلاّ بعد انصرافه فعله متی ذکره ولو طال الزمان ، ولو ترکه عمدا فلا یأتی به بعد محلّه ، ویستحبّ أیضا فی کلّ نافلة ثنائیة فی المحلّ المزبور حتّی نافلة الشفع ، ویستحبّ أکیدا الوتر ، ومحلّه ما عرفت قبل الرکوع بعد القراءة .

م « ۵۰۰ » لا یعتبر فی القنوت قول مخصوص ، بل یکفی فیه کلّ ما تیسّر من ذکر ودعاء ، بل یجزی البسملة مرّة واحدة ، بل «سبحان اللّه» خمس أو ثلاث مرّات ، کما یجزی الاقتصار علی الصلاة علی النبی وآله ، والأحسن ما ورد عن المعصوم علیه‌السلام ، من الأدعیة ، بل والأدعیة التی فی القران ، ویستحبّ فیه الجهر ؛ سواء کانت الصلاة جهریة أو إخفاتیة ، إماما أو منفردا ، بل أو مأمونا إن لم یسمع الإمام صوته .

م « ۵۰۱ » لا یعتبر رفع الیدین فی القنوت وإن کان الأحسن عدم ترکه .

م « ۵۰۲ » یجوز الدعاء فی القنوت وفی غیره بالملحون مادّةً أو إعرابا إن لم یکن فاحشا أو مغیرا للمعنی ، وکذا الأذکار المندوبة ، أمّا الأذکار الواجبة فلا یجوز فیها غیر العربیة الصحیحة .

(۱۴۵)


القول فی التعقیب

م « ۵۰۳ » یستحبّ التعقیب بعد الفراغ من الصلاة ولو نافلةً وفی الفریضة آکد ؛ خصوصا فی الغداة ، والمراد به الاشتغال بالدعاء والذکر والقران ونحو ذلک .

م « ۵۰۴ » یعتبر فی التعقیب أن یکون متّصلاً بالفراغ من الصلاة علی وجه لا یشارکه الاشتغال بشیء آخر یذهب بهیأته عند المتشرّعة کالصنعة ونحوها ، والأولی فیه الجلوس فی مکانه الذی صلّی فیه ، والاستقبال والطهارة ، ولا یعتبر فیه قول مخصوص ، والأفضل ما ورد عنهم علیهم‌السلام ممّا تضمّنته کتب الأدعیة والأخبار ، وأفضلها تسبیح الصدّیقة الطاهرة الزهراء المرضیة علیهاالسلام ، وکیفیته أربع وثلاثون تکبیرة ، ثمّ ثلاث وثلاثون تحمیدة ، ثمّ ثلاث وثلاثون تسبیحة ، ولو شک فی عددها یبنی علی الأقلّ إن لم یتجاوز المحلّ ، فلو سهی فزاد علی عدد التکبیر أو غیره رفع الید عن الزائد وبنی علی الأربع وثلاثین أو الثلاث وثلاثین ، والأولی أن یبنی علی نقص واحدة ثمّ یکمل العدد بها فی التکبیر والتحمید دون التسبیح .

ومن التعقیبات قول : «لا إله إلاّ اللّه ، وحده وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وأعزّ جنده ، وغلب الأحزاب وحده ، فله الملک وله الحمد ، یحیی ویمیت ، وهو علی کلّ شیء قدیر» .

ومنها ـ قول : «اللّهمّ صلّ علی محمّد وآل محمّد ، وأجرنی من النار ، وارزقنی الجنّة ، وزوّجنی من الحور العین» .

ومنها ـ قول : «اللّهمّ اهدنی من عندک ، وافض علی من فضلک ، وانشر علی من رحمتک ، وأنزل علی من برکاتک» .

ومنها ـ قول : «أعوذ بوجهک الکریم ، وعزّتک التی لا ترام ، وقدرتک التی لا یمتنع منها شیء من شرّ الدنیا والآخرة ، ومن شرّ الأوجاع کلّها ، ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه العلی العظیم» .

ومنها ـ قول : «اللّهمّ إنّی أسألک من کلّ خیر أحاط به علمک ، وأعوذ بک من کلّ شرّ

(۱۴۶)

أحاط به علمک ، اللّهمّ إنّی أسألک عافیتک فی أموری کلّها ، وأعوذ بک من خزی الدنیا وعذاب الآخرة» .

ومنها ـ قول : «سبحان اللّه ، والحمد للّه ، ولا إله إلاّ اللّه ، واللّه أکبر» مأة مرّةً أو ثلاثین .

ومنها ـ قراءة آیة الکرسی والفاتحة وآیة : «شهد اللّه أنّه لا إله إلاّ هو» وآیة : «قل اللّهمّ مالک الملک» .

ومنها ـ الإقرار بالنبی والائمّة علیهم‌السلام .

ومنها ـ سجود الشکر ، وقد مرّ کیفیته سابقا .

مطالب مرتبط