الرسائل التسع الفقهیه

 

 الرسائل التسع الفقهیة

الرسائل التسع الفقهیة

شناسنامه

سرشناسه : نکونام، محمدرضا‏‫، ۱۳۲۷ -‬
‏عنوان و نام پديدآور : ‏‫الرسائل‌‌التسع‌الفقهیة‬/‏‫ محمدرضا نکونام.‬
‏مشخصات نشر : ‏‫اسلامشهر: ‏‫انتشارات صبح فردا‬، ‏‫۱۳۹۳.‬
‏مشخصات ظاهری : ‏‫۸۴ ص.؛ ‏‫۹/۵×۱۹ س‌م.
‏شابک : ‏‫‬‮‭۹۷۸-۶۰۰-۷۳۴۷-۲۶-۳‬
‏وضعیت فهرست نویسی : فیپا
‏يادداشت : ‏‫عربی.‬
‏موضوع : فقه جعفری — قرن ۱۴
‏رده بندی کنگره : ‏‫‮‬‮‭BP۱۸۳/۵‏‫‬‮‭/ن۸ر۵ ۱۳۹۳
‏رده بندی دیویی : ‏‫‬‮‭۲۹۷/۳۴۲
‏شماره کتابشناسی ملی : ‏‫۳۵۰۳۹۷۰

 

(۴)


فهرس المطالب

    الطلیعة··· ۷

الرسالة الأولی

علم الفقه ونقائصه وخلله

علم الفقه ونقائصه وخلله··· ۹

الرسالة الثانیة

أمارة الید وقانون الأخذ

    المالکیة والاکتساب··· ۱۵

    هذا الأمر فی ایران بعد الثورة الإسلامیة··· ۱۶

    الید محترمة··· ۲۰

الرسالة الثالثة

الستر والعفاف للانسان

الآیتان من سورة النور··· ۲۷

آیات أخری من سورة النور··· ۳۷

الآیتان من سورة الأحزاب··· ۴۲

النساء والشغل والاکتساب··· ۴۴

(۵)

الرسالة الرابعة

الاستمتاع من البکر بلا إذن أبویها

    عدم الاستمتاع باعتبار ثان··· ۵۰

الرسالة الخامسة

ذبیحة أهل الکتاب

ذبیحة المخالف··· ۵۲

    المبغض والمستضعف من المخالفین··· ۵۷

الرسالة السادسة

عمل التصاویر والتماثیل

عمل التصاویر والتماثیل··· ۵۹

الرسالة السابعة

الحیوان البحری

    الأدلّة المانعة··· ۶۳

أدلّة الجواز··· ۶۴

    عمومیة الجواز··· ۶۵

الرسالة الثامنة

المسوخ

    المباحث العقلیة فی المسوخ··· ۶۹

الرسالة التاسعة

الخمر

    سائر أحکام الخمر··· ۷۸

مصادر التحقیق··· ۸۳

(۶)


الطلیعة

الحمدلله ربّ العالمین، والسلام و الصلوة علی محمّد وآله الطاهرین، واللعن الدائم علی أعدائهم أجمعین.

هذا الکتاب مؤلّف من عدّة الرسائل الفقهیة: منها علم الفقه و نقائصه وخلله التی تعدّ أسباب نقصان الفقه الشیعی عن الاستقامة.

ومنها أمارة الید وقانون الأخذ، وموارد العمل بها، وکیفیة أخذها بعد الثورة الإسلامیة فی ایران، والتنقیدات والردود حولها.

ومنها الستر والعفاف التی تبحث عن الستر فی النساء وکیفیة الاستدلال علیه بآیات فی سورتی «الأحزاب» و«النور»، وعن اشتغالهنّ فی المجتمع.

ومنها الاستمتاع من البکر بلا إذن أبویها التی تجوز هذا الأمر باعتبار أوّلی، وتمنعها باعتبار الأمور الثانویة.

(۷)

ومنها ذبیحة أهل الکتاب واثبات کفرهم.

والرسالة السادسة تثبت عدم حرمة التصاویر والتماثیل مطلقا.

والرسالة السابعة تبحث عن حکم ما لیس علی صورة السمک من أنواع الحیوان البحری.

والرسالة الأخیرة تبین حکم بیع المسوخات وأکلها وتبحث عن هویة المسوخ وکیفیته وسائر المباحث العقلیة التی تعلّق به.

وفی الختام نرجو من اللّه التوفیق، والحمدللّه أولاً وآخرا.

(۸)


الرسالة الأولی

علم الفقه ونقائصه وخلله

الشیعة الإمامیة تکون ذا الاقتدار والسعة فی الفقه، وهو نری فی الفروعات الشرعیة بکثرتها المعجبة؛ کما کان کذلک فی سائر الفنون والعلوم المتداولة النقلیة والعقلیة.

فقه الإمامیة ذو کمّیة عالیة فوق حدّ الإحصاء، وکیفیة حسنة فوق التحسین والبیان، لاسیما من جهة المناط والمستند، وهو الفحص والدقّة والأخذ من العصمة بطریق الاستنباط والاجتهاد، وهو المجاهدة فی اکتساب المبانی من الکتاب والسنّة، وهذه سیرة علمائنا فی الفقه من البدء الی الآن فی تحصیل الأحکام الشرعیة الفرعیة لأنفسهم لمقلّدیهم علی منوال واحد.

(۹)

فقهاء الإمامیة وأصحابنا المجتهدون فی طول حیاتهم الشریفة باحثون عن المباحث والمسائل الفرعیة علی قدر طاقتهم البشریة، ویستنبطون الأحکام أصولاً وفروعا بأحسن الوجه الممکن علی حدّ التحسین، بل الإعجاز فی کثیر من المباحث والأفراد.

ولکن مع هذا باب التحقیق وتشقیق الفروع مفتوح إلی الآن؛ کما کان مفتوحا للداخلین، ولا یختم الأمر فیه، ورُبّ مسألة من المسائل المهمّة والفروعات الشرعیة اللازمة من المستحدثات وغیرها محتاج إلی البحث والنظر بعد الطرح والعنوان، وکثیر منها أصولاً وفروعا لم یبحث عنها حتّی الآن فی الفقه أصلاً بالنسبة لأهمّیة موردها أو بعد البحث والعنوان وبعد اللتیا والتی مخدوش أو ناقص، ولا یشفی العلیل ولایدفع الحاجة من الفقیر مع أنّ کثیرا من المباحث والمسائل المعنونة تکرار المکرّرات طابق النعل بالنعل بلا زیادة أو تغیر فیها.

فالحاجة إلی الآن فی تحصیل الأحکام ودفع الإجمال والإبهام فی الفقه مع حفظ الدقّة والسداد محسوسة للفقیة الفطن.

(۱۰)

وخلافا علی ذلک یکون البحث فی کثیر من المباحث والمسائل المدوّنة فوق حدّ اللزوم والحاجة بعد الوضوح، وعدم أهمّیة هذا المقدار من البحث محسوس للفقیه أیضا، وهذه الأمور باعثة لرسوخ النقائص ودخول الخلل فی الفقه الشیعی فی طول المدی.

فعلی هذا، أسباب نقصان الفقه الشیعی عن الحدّ التامّ والاستقامة فی الأدوار التأریخیة کثیرة، یذکر فی المقام بعضها للتوجّه إلیها فی إرشاد المحصّلین الکرام.

الأوّل، عدم الحاجة واللزوم فی نظرهم إلی البحث عن کثیر من المباحث المنسیة، کمباحث الحکومة العامّة والحقوق الاجتماعیة الکلیة، وجهات شتّی من المباحث الاقتصادیة المتداولة.

الثانی، عدم الفرصة من العمر للبحث والتحلیل عن جمیع هذه المباحث، بعد صرف العمر فی التعلیم والتدریس والتدوین للمکرّرات والمحفوظات: من الطهارة والصلاة والبیع والمکاسب أخذا من السلف، بدء کلّ مجتهد فی الأمر کما بدء أستاذه أیضا، بلا فرصة لتحدید المسائل المختلفة المهمّة

(۱۱)

واستخراج الفروعات المحتاج إلیها فی جهات شتّی من غیر هذه الأبواب المتداولة.

الثالث، أنّ هذه السیرة من البحث أن یبحث عن المسائل علی ترتیب واحد، مع أهمّیة واحدة عن جمیعها ناقصة من الأساس جدّا؛ لأنّ موقعیة المسائل مختلفة کیفیةً وکمّیةً، والترتیب لازم أن یکون بالأهمّیة والحاجة؛ لا بالتسلسل الصرف، الذی یکون واحدا بعد واحد، بلا رعایة الموقعیة للمسألة؛ لأنّ الفقیه لابدّ أن یبحث عن المباحث الحدیثة والمسائل المستحدثة والأمور اللازمة؛ وأن یستنبط الفروعات المحتاجة إلیها الجامعة أو نفسه علی قدر الطاقة، وأن یجرّد المباحث من الزیادات وممّا لا طائل تحته، وأن لا یشغل بتکریر المکرّرات ویصرف العمر فی تسوید المسوّدات وتجدید المحفوظات والخواطر الماضیة تیمّنا وتبرّکا للسلف الصالح؛ لأنّ بعض المسائل لا یحتاج إلی البحث الزائد أو التکرار؛ لأنّه منقّح، ولا یمکن أن یضاف إلیه حتّی یجتهد فیه ، وهو کامل وتکراره تقلید صرف، والإحاطة بهذه المسائل علم والاطّلاع علی اجتهاد القدماء وغیر موارد اللزوم

(۱۲)

لیس بعلم، ولا یصدق علیها الاستنباط والاجتهاد ولو کان علی عنوان الاجتهاد.

وما یکون فی مقابل هذا من المباحث والمسائل فیحتاج إلی البحث والتحقیق، وبعضها مستحدثة، ویلزم للفقیه أن یبحث عنها علی النحو المستوفی فوق حدّ المتداول المعمول.

وبعد التأمّل فی هذه الأمور والغوص فیها ورد فی نفسی أن أکون باحثا عن المسائل المهمّة والمباحث المخدوشة الماضیة أو غیر المعنونة فی الفقه إلی الآن علی نسق خاصّ حدیث، فها أنا باحث فی الفقه علی هذا المنوال .

(۱۳)

(۱۴)


الرسالة الثانیة

أمارة الید وقانون الأخذ

الید أمارة معتبرة فی جمیع الجوامع الانسانیة، ولکنّها محدودة ومقیدة بالدلیل علی خلافها، أو بالقرینة المخالفة الموجودة فی موارد مهمّة، وفی هذه الموارد مع دلیل معتبر علی خلافها یؤخذ المال أیا مّا کان من أی فرد کان.

وفی موارد الشبهة أو القرائن العقلائیة الموجودة علی خلاف الید یصحّ أن یسأل منه، والسؤال حقّ طبیعی للجامعة وأفرادها، وإن کانت عملیة السؤال علی ذمّة القانون ومجاری الأمور العامّة.


المالکیة والاکتساب

المالکیة ـ وإن کانت مطلقةً ولا قید فیها ـ لابدّ أن یکون اکتسابها من طریق مشروع، والحرمة

(۱۵)

للمال علی الاحراز أو عدم الاحراز، فی جهة خلافه.

وفی الموارد العامّة العادیة لا حاجة إلی الاحراز ـ وإن کان الاحراز یوجد بالبینة أو بالید ـ إلاّ فی الموارد المهمّة مع شدّة الحاجة ومع قرینة واضحة عقلائیة علی خلافها یکون السؤال حقّا طبیعیا للعموم من طریق القانون بأن یسأل من مالکها من أی طریق کسبت هذا الشیء المشکوک ومن أی فرد أخذت هذا المال وبأی سبب شرعی تصیر مالکا؟ ویکون هذا الأمر قانون طبیعی مسمّی بأنّ المرء من أی طریق کسب هذا الشیء فی الموارد الخطیرة المشکوکة.

فالید محترمة، والمالکیة محقّقة، والجامعة سائلة فی موارد الشبهة من جهة القانون الإجرائی، وعلی مالکه أن یجیب بالوجه المعقول والمشروع، وإلاّ صار المال مشکوک المالک، وأخذ منه، ویمنع من تصرّفه فیه.


هذا الأمر فی ایران بعد الثورة الإسلامیة

الأمّة الإسلامیة فی ایران بعد الثورة مبتلاة بهذا الأمر من جهة المترفین والمستکبرین والخوانین

(۱۶)

والأمراء فی عصر الطاغوت وأیادیهم العالیة والدانیة، فلیس هذه المسألة إلاّ من طبقة خاصّة من الأفراد الذین یصدّون الناس فی السابق عن حقوقهم الطبیعی والشرعی، لا ولیس هذا فی المستضعفین من الناس إلاّ قلیلاً لا یعتدّ به، ولا یتعلّق الغرض به أصلاً؛ إلاّ تطفّلاً وضمنا بعد السؤال من الطبقة المترفة الأولی، والسؤال فی هذا الأمر من الطبقة الثانیة قبل الأولی کان انحرافا بینا وانحطاطا للأمر والجریان.

واجراء هذا القانون الطبیعی علی الوجه الصحیح یرفع الفقر والحاجة العامّة من الجامعة فی ایران بعد الثورة فی جمیع شؤون الناس ومن أی طبقة کانت ـ أجیرا کان أو غیره ومدینةً کانت أم غیرها ـ لأنّه أمر عام لجمیع الأطراف والأکناف فی المملکة، ولا یصحّ جمیع ما أخذ وضبط، بل یجب اعطاء ما للناس إلیهم؛ أعنی إلی مالک الشیء حقیقةً.

ومع هذا یمکن أن یرتفع المشکلات من الجامعة الإسلامیة فی ایران فعلاً، ولا حاجة إلی التمسّک بالأمور الخیالیة والخلافیة بضرب من المادّة والتبصرة مثل «بند جیم» وغیره، والدفاع عنه أو

(۱۷)

التخریب له بالتمهّلات الباطلة أو غیر الشرعیة أو المضرّة للاجتماع، بل لیس هذا جمیعا إلاّ معارضة محضة وخصومات شخصیة أو تبلیغات حزبیة أو أفکار اعتقادیة، ولکن أیا ما کان لا یثمر للناس شیئا، ولا یسمن ولا یغنی لهم من جوع.

فحاکمیة الید بالاطلاق من غیر سؤال فی جمیع الموارد ـ ولو کان مسروقا ـ تفریط، کما کان فی الأخذ والانتقام بلا ملاک افراط، فلا هذا ولا ذاک، بل سواء السبیل علی حَدّ الشرع المبین من عند اولیاء الدین، وهذا طریق القوام من الأمر فی الجامعة الاسلامیة؛ لأنّ الأوّل لیس من دأب الشرع والدین، والعمل بالثانی لا یؤخذ به حقوق المحرومین الذین کانت منافعهم وثمرات حیاتهم من سالف الزمان مغصوبا بید الغاصب من أیادی السلطنة والطاغوت أو الحواشی لهم، وعلی عهدة هذه الثورة الاسلامیة؛ لأنّ المحرومین المستضعفین محتاجون إلی حقوقهم المسروقة بالإطلاق والتمام، لا بالأخذ بعنوان الأرض، مثل «بند جیم»، أوالترحّم والکرم بالغرض والانفاق الیسیر؛ لأنّهم لا یحتاجون إلی ذلک، بل محتاجون إلی أخذ حقوقهم رأسا علی

(۱۸)

وجه شرعی ووزان دینی، بلا عجلة وإهمال.

فلهذا أخذ ما زاد علی الثلث من عرف المحلّ فی الأرض من أموال العموم ـ ولو کان من المترفین ـ لیس بشیء جدّا؛ لأنّ هذا المقدار بلا ملاک من جانب الشرع ولا دلیل له أصلاً؛ لأنّ المالک إن کان مالکا شرعیا أو عقلائیا فلا ینحصر فی الثلث وما فوقها أیا مّا کان، وإن لم یکن مالکا شرعیا فلیس له شیء أصلاً من الثلث ومادون ذلک ولو کان قلیلاً.

وإن قلت مع الأخذ فی صورة التعدّی والغصب یصیر المالک فقیرا، وهذا لیس من دأب الدین والأخلاق الاجتماعی، قلت فی جواب: نعم وکان کذلک، وصار الغاصب فقیرا ظاهرا، کما کان فقیرا واقعا فی طول المدّة، وکان غنائه صوریا تحت قوام الدولة الطاغوتیة، ولیس بمالک أبدا.

وأمّا فقره وافلاسه بعد الأخذ علی عهدة الدولة الاسلامیة ، واعطاء ما یحتاج إلیه عادةً من بیت المال الاسلامیة، کما کان وظیفة الدولة فی جمیع موارد الفقر والحاجة عند ما لم تقض حاجته من جانب آخر وجهة أخری، ومع عدم قدرة الدولة الحقّة علی تأمین هذا المورد کان المالک غاصبا

(۱۹)

سابقا، وفقیرا الآن، ومع المحرومین سواء؛ لأنّه لا یکون أفضل من سائر المحرومین ولیس بأقدم منهم.

فأمارة الید فی مورد هذه الأجانب المترفین لیس بشیء مع وجود قرینة الغصب والتعدّی لحقوق المحرومین فی السابق من عصر الطاغوت.


الید محترمة

فبالجمله فی ختام البحث یقال: إنّ الید محترمة، والمالکیة حقّة، والاجراء والرعایة لهذا القانون الطبیعی والقاعدة العقلائیة علی هذا الحدود من الأمر واجب وضروری جدّا، مع حقّانیة بنیانه، وفی صورة إهماله کان المحروم محروما والغاصب غاصبا، وصرف أخذ الأرض منه لیس بشیء؛ لأنّ حقوق المحرومین فوق هذا بمراتب، وهذا المقدار من الأخذ علی فرض اجراء الصحیح لیس برافع للمشکلات وتوجد مشکلات أخر أیضا من جوانب شتّی، علی أنّ هذا لیس بأخذ الحقّ حقیقةً، والأرض فی أیدی المحرومین إن وقعت، صارت معطّلةً، فلابدّ من الالتجاء إلی الدولة فی رفع الحوائج وتمهید الراحة، وهذا لا یمکن أن یوجد بلا

(۲۰)

عوض للدولة، فمع العوض لیس هذا إلاّ استثمارا دولیة فی صورة ظاهرة من الشرع.

فحمایة المحرومین بالعمل الصحیح لا بالشعار والعمل غیر الصالح للشرع، وحمایة المترفین علی عکس ذلک وصرف القول فی جهة الدفاع عن المترفین حمایة واقعا.

فلیس هذان الطریقان صراط الحق وسواء السبیل، بل الحق سیرة المعصومین :، والحمایة فی العمل والقول لأجل المحرومین، وهذان الطریقان افراط وتفریط فی النظر والعمل ، مع أنّهما حرامان الآن لا أقل، ولا لسان للمحرومین إلاّ حرمانهم، والتمنّی من الحقّ تعالی لرفعه، إن شاء اللّه تعالی.

(۲۱)

(۲۲)


الرسالة الثالثة

الستر والعفاف للانسان

الستر والعفاف لِجُثّة الآدمی ووقار الانسان، ولا سیما فی النساء بالضرورة والعیان ومشاهدة الوجدان ولا کلام فیه.

وهذا الأمر لا یکون من مختصّات الدیانة أو دین الاسلام ، بل هو سنّة حسنة نظرا وعملاً فی غیر أهل الدیانة من الأقوام والملل، ولکن مع خصوصیات شتّی وقیودات متشتّتة فی کلّ واحدة منها.

أصل الستر ونوع من الحفاظ جبلّی فی الانسان؛ حتّی یکون الأمر فی بعض الحیوانات کذلک أیضا، ویظهر ذلک من سیرة بعض الحیوانات الأهلیة، بل الوحوش أیضا.

(۲۳)

وهذا الأمر لا یکون فی النساء أمرا جعلیا عرضیا بأی أنواع الجعل والاعتبار، بل هو معلول خاصّة القوی التی تکون فی باطن الانسان، ولا سیما فی النساء، وجمیع ذلک ـ مضافا بأنّه یحکم به العقل والوجدان ـ یظهر من القران أیضا، کما فی سورة الأعراف؛ «یا بنی آدم قد أنزلنا علیکم لباسا یواری سَوءاتِکم وریشا»(۱).

وأیضا: «یا بنی آدم لا یفتِننَّکم الشیطان کما أخرج أبویکم من الجنّة ینزِعُ عنهما لباسَهُما لِیرِیهما سَوْءاتهما»(۲). ویظهر من ذلک الطباعة والخلیقة للستر والحفاظ فی الانسان، کما یظهر من جملة: «قد أنزلنا علیکم»، وجعل حفظ العورة باللباس فی الانسان منّة من اللّه تعالی علیه، وهذا معلول أیضا لموهبة العقل والادراک الذی جعل الانسان ذاتیا.

واللباس زینة الانسان، مع أنَّه من شأنه، کما تطلق الزینة علی اللباس فی القران المجید: «یا بنی آدم خذوا زینتکم عند کلّ مسجد، قل من حرّم زینة اللّه التی أخرج لعباده»(۳)، وکان ذلک من آیات اللّه

۱ـ اعراف / ۲۶٫

۲ـ اعراف / ۲۷٫

۳ـ اعراف / ۳۲٫

(۲۴)

لقومٍ یعلمون، وکان ذلک ردّا علی جمیع ما قیل فی المقام لفلسفة الحجاب والعفاف فی النساء من جانب الأجانب.

ومن جمیع ذلک یتبین جبلیة هذا الأمر فی النساء، ولا ینعزل من النساء عَوْضُ ـ أیة امرأة کانت وفی أی حال کانت – وإن کانت للنساء فی أمر الستر والعفاف الاختلاف الفاحش ویکون الأمر فی کثیر منها ـ لولا الجمیع ـ علی غیر الصواب؛ سواء کان هذا الخطأ قهرا أو خُلقا أو سنّةً أو اعتقادا ، ولکن لا یضرّ ذلک فی أصل الستر والحفاظ الذی کان الجمیع موجودا طباعةً وخلیقةً؛ لأنّه أمر باطنی وطَبْعی، ومنشأ لنوع الخلقیات والخصوصیات فی النساء، بل فی کلّ انسان من الرجال والنساء.

ما قیل فی أسباب الستر والحفاظ فی النساء من جانب الأجانب من العوامل الاعتباریة أو الاجتماعیة العرضیة من قبیل الحسادة والخوف من الغیر أو المنع الموجود من جانب النساء للتجاوز أو التحریک وغیر ذلک من العقائد لیس بشیء، وکان الجمیع مخدوشا ومنشأً من سوء الفهم وتعصّبات الجاهلیة الاولی والثانیة، وکان الجمیع من

(۲۵)

مسموعات الأذهان المادّیة فی العالم، لاسیما فی هذه الأعصار الأخیرة المتجدّدة الملحدة فی الفکر، والمنحرفة فی الأخلاق، وتفصیل ذلک محتاج إلی البسط والتوسعة فی مقامه.

وعلی هذا أنّ الستر والحفاظ الموجود فی النساء لیس عاملاً لاستثمارها أو احتقارها رأسا، وإن کانت طائفة النسوان واقعةً دائما تحت قیادة الجور من جهات شتّی، ولکن ذلک امر آخر لا یرتبط بالمقام أصلاً؛ لأنَّ ستر النساء أمر، والاجحاف لهذه الطائفة من جانب الرجال أمر آخر.

وفی الاسلام یکون کلّ واحد من الرجل والمرأة فی مقابل الأحکام والحقوق مساویا، مع خصوصیات مختصّة بکلّ واحد منها: «وإنّ اللّه لیس بظلاّم للعبید»(۱)، أی فرد کان، رجلاً أو امرأةً. والغایة للحفاظ والستر فی النساء متعدّدة: نفسیة واجتماعیة وبهاء فی النساء فی حفظ حدود شخصیتهنّ ورعایة لحفظ الحدود وتحکیم الأوضاع الاجتماعیة فی کثیر من الجهات العمومیة والفردیة.

۱ـ آل عمران / ۱۸۲٫

(۲۶)

وکیفیة الصحیحة السالمة للستر والحفاظ هی التی وردت فی الشرع النبوی، والکلام فی المقام أیضا کان لذلک الستر فی النساء علی ما ورد من نوعه السالم فی الشرع، وعوامله وغایاته وغیر ذلک من المسائل المربوطة بهذا الموضوع من جهة الحدود والکیفیة، لا فی أصله؛ لأنّه واضح عقلاً وضروری شرعا، وتمام الکلام فی المقام بیان نوع الستر وقدر اللازم منه علی ما فی الشرع النبوی من الکتاب بلسان السنّة.

فالعمدة فی المقام تحصیل لسان الدین بکمال الدّقة، وعمدة آیات الباب فی سورتی «الأحزاب» و«النور»، ویذکر فی المقام هذه الآیات بتمامها، ویبین ما یظهر من جمیع فقراتها.


الآیتان من سورة النور

«قل للمؤمنین یغضّوا من أبصارهم ویحفظوا فروجهم، ذلک أزکی لهم إنَّ اللّه خبیر بما یصنعون * وقل للمؤمنات یغضضن من أبصارهنّ ویحفظن فروجهنّ ولا یبدین زینتهنّ إلاّ ما ظهر منها ولیضربن بخمرهنّ علی جیوبهنَّ، ولا یبدین زینتهنّ

(۲۷)

إلاّ لبعولتهنّ أو آبائهنّ أو آباء بعولتهنّ أو أبنائهنّ أو أبناء بعولتهنّ أو اخوانهنّ أو بنی اخوانهنّ أو بنی اخواتهنَّ أو نسائهنّ أو ما ملکت أیمانهنّ أو التابعین غیر أولی الإربة من الرّجال أو الطفل الذین لم یظهروا علی عورات النساء ولا یضربن بأرجلهنَّ لیعلم ما یخفین من زینتهنّ وتوبوا إلی اللّه جمیعا أیهَ المؤمنون لعلّکم تفلحون»(۱).

وأمّا تفسیرهما:

«قل للمؤمنین یغضّوا من أبصارهم ویحفظوا فروجهم ذلک أزکی لهم إن اللّه خبیر بما یصنعون».

خطاب المؤمنین علی ذلک دلیل علی رعایتهم واهتمامهم بالعفاف والحفاظ لا أنّ الحفاظ منحصر بهم وأنَّه مختص بهم فقط، فکان الحفاظ أیضا علامة ایمانهم وعفافهم.

والمراد من الغضّ قصر الرؤیة والنظر، وجواز النظر علی النحو الآلی والتبعی کما هو مقتضی الطبیعة الانسانیة والمباشرة لایفاء الغرائز، لا قطع النظر بالکلّیة وحرمة الرؤیة حین المباشرة

۱ـ نور / ۳۰ ـ ۳۱٫

(۲۸)

والمخاطبة، ولا تمام النظر واستمراره استقلالاً ، وکان هذا معنی الغضّ الذی هو یکون غیر الغمض، وهو قطع النظر والرؤیة بالکلّیة عن المنظور والمرئی.

الابصار جمع البصر، وهو العین بلحاظ العمل، لا مطلقا، ویطلق فی اللغة علی ثانی العین، لا البصر. «ویحفظوا فروجهم» وحفظ الفرج فی المقام بمعنی الستر والحفظ للعورة عن الغیر بلسان السنّة، ولا یکون بمعنی الحفظ عن الزنا کما فی غیر هذا المورد بلسان القران الکریم.

«ذلک أزکی لهم»، هذا بیان لحکمة وجوب الستر والعفاف.

«إنّ اللّه خبیر بما یصنعون»، وهذا الذیل بیان ما هو خارج عن تحقیق هذا الأمر فی کیفیة المؤمنین وإن کانوا یتظاهرون لولا الکمیة به فی بعض الحالات الصوریة وتظاهر الأمر، کما هو مرسوم فی المؤمنین مع الأسف، ولم یهتمّوا به بالکلّیة وفی جمیع المواقع والحالات، کما أنّ الأهمّیة به فی جمیع المواقع والحالات علامة ایمان المؤمن، ورعایته دلیل علی عفافه.

(۲۹)

«وقل‌للمؤمنات یغضضن من أبصارهنّ ویحفظن فروجهنّ».

هذا حکم النساء بعد بیان حکم الرجال بلسان سواء فی کلمة الغضّ والحفظ، ولا فرق فی هذه الجهات بینهما أصلاً.

وتقدیم حکم الرجال علی النّساء فی هذه الجهات حاک عن کثرة العصیان والتخلّف فی الرّجال، وأهمّیة الترک من جانبهم لدفع الفساد، مضافا إلی أنّ حیاء النساء مانع سدید فی ترک النظر وحفظ الحفاظ، وهو أمر قهری لها وتوفیق طبعی لهنّ فی قلّة بعض هذه المعاصی ولو قهرا.

وهذه الأحکام مشترکة بین جمیع المؤمنین والمؤمنات، ولا یختصّ بالنساء والرجال؛ لأنَّ الانحراف من جانب واحدٍ منهما یسری إلی الآخر نوعا من غیر اختصاص لأحدهما، وإن کانت الخصوصیات لکلِّ واحد منهما مختلفة جدّا.

«ولا یبدین زینتهنَّ إلاّ ما ظهر منها».

صدر هذه الفقرة من الآیة حکم للنساء علی حفظ زینتهنَّ ، وحکم لغیر ذلک من الأعضاء والجوارح قهرا، ولکن یستثنی منها بالامتنان

(۳۰)

والتخفیف؛ الاّول حکم التخفیف من اللّه تعالی للنساء وهو عدم لزوم حفظ زینتهنّ، وبعد فهذا استثناء آخر فی الآیة لعدم وجوب الحفظ لهنّ فی مقابل المحارم فقط علی ما بین من الحدود لکلّ واحد منهما.

وکان المراد من الزینة بعد شدّة الاختلاف بین العلماء الزینة الظاهریة القهریة الطبیعیة فی الظهور، لا فی الاظهار من جانب النساء، کما عفی لهنّ ظهور محل الزینة أیضا، لا فی الاظهار، فالظّهور القهریة فی محلّ الزینة، والزینة طبعا غیر الاظهار لها اختیارا وعمدا من جانب النساء، والجواز فی الأوّل لا فی الثانی.

ومناط هذا التخفیف والامتنان من الشارع لجمیع المؤمنین والمؤمنات عدم وجود العسر والمشقّة والکلفة للنساء والرجال من أهل الایمان، مضافا إلی أنّ فی هذا الامتنان والتخفیف ابتلاء للجمیع، ولو لم یقو الایمان فیهم، لصدر منهم العصیان ولوقع الجمیع فی الحرمان، ومع الرعایة یحفظ الجمیع من شرّ الشیطان ونفس الأمّارة.

فالمناط للحرمة والاغواء وإن کان موجودا فی

(۳۱)

الوجه والکفّین، بل المناط فیهما أتمّ وأشدّ من سائر الأعضاء والجوارح، لا سیما الوجه إلاّ أنّ العفو من اللّه فیهما للنساء یکون بملاک اللابدّیة، مضافا إلی الابتلاء وکمال الامتنان والعیشة للناس.

ولا فرق فی ذلک الحکم بین الصلاة وغیرها، ولکنّ الحکم کما ذُکر منحصر فی الظهور القهری والطبیعی علی النحو الآلی والتبعی فی النظر والرؤیة من جانب الرّجال، والحفظ من جانب النساء، لا فی الاظهار العمدی بأی طریق وبأی لحاظٍ کان، وأنّه مرض نفسانی فی کثیر من النساء لولا الجمیع، وهو معصیة کبیرة وسبب قوی فی انحراف کثیر من الأفراد، وعامل عام لفسادِ المجتمع مع الأسف.

«یضربن بخمرهنَّ علی جیوبهنَّ».

والمراد من هذه الفقرة حفظ الأعالی من الأعضاء بمعرض أنظار الناس غیر الوجه قهرا، بأی طریقٍ کان، وهو أمر کلی ینطبق علی کثیر من الأنواع الموجودة فی العرب والعجم، ولا یفهم منه الحجاب المرسوم فینا أو فی غیر مجتمعنا، فهو وإن کان الحفاظ المرسوم لدی العرب فی زمان النزول یکون موردا له، إلاّ أنّ المهمّ منع نظر الغیر عن النساء

(۳۲)

علی نحو المعقول والمناسب بنحو الکلیة والعموم من جانب الآیة، والتشخیص علی عهدة النساء.

«ولا یبدین زینتهنَّ إلاّ لبعولتهنّ».

هذا استثناء ثامن فی حفظ النساء من جانب المحارم، وعدّة المحارم علی ما فی القران اثنتا عشرة فرقة بالکلّیة والعموم، ومناط هذا العفو والتخفیف کما ذکر، الراحة فی العشیة وعدم العسر والحرج بین الأقارب.

وهم البعل، وآباء البعل، وابناء البعل، وآباؤهنّ، وأبناؤهنّ، وإخوانهنّ، وأخواتهنّ، وبنی اخوانهنّ وأخواتهنّ ، ونساء المسلمین، وما ملکت ایمانهنّ؛ غلاما کان أو أمةً، والتابعین غیر أولی الإربة من الرجال، والطفل الغیر البالغ الذی لم یظهر علی عورات النساء.

لا فرق بین الزوج والزوجة وبین سائر المحارم من حیث النظر، إلاّ فی العورتین، ویحلّ النظر للزوج والزوجة إلی کلّ عضو من بدن الآخر من غیر منع وحدّ وبأی لحاظ، ولکنّ المحارم الآخر محدودون بغیر النظر إلی العورتین، وکان المعفوّ فی سائر الناس؛ أی: فی غیر المحارم الوجه والکفّین، وفی المحارم الجمیع غیر العورتین.

(۳۳)

وحریم الحفظ فی المحارم فی ما بین السرّة إلی الرکبة خیر وکمال للجمیع، ولکن لا دلیل علیه إلاّ ما قیل وهو ضعیف بعد لسان القران الکریم والأصل الموجود فی المحارم .

والمراد من النساء فی الآیة نساء المؤمنات، وبمقتضی ظهور هذه الآیة لیس للمرأة المؤمنة أن تتجرّد البدن بین یدی مشرکة أو کتابیة، وکان ذلک بلسان المفهوم، ویکون مناط الحرمة هذا البیان ـ کما فی الروایات ـ لأنّهنّ قد یصفن المؤمنات لأزواجهنّ وإخوانهنّ، وهذا العمل حرام للمسلمة، ولا یجوز أن یصفن المؤمنات لمحارمهنّ أبدا، ومع هذا لا یفتی بهذه الحرمة؛ لأنّ لسان الأخبار مقرونة بلفظة «ینبغی». ولا یحرز منها التحکیم والالزام، والمراد من الضمیر مجمل بلحاظ تعدّد الاحتمالات، ولکن أظهر الاحتمالات الاشتراک فی الدین، وهو یشمل الجمیع أیضا، ولکن لسان الأخبار أوسع من هذا.

«أو ما ملکت أیمانهنّ»

غلاما کان أو أمةً، کما هو ظاهر القران الکریم ولسان السنة ـ وإن کان لا یفتی بهذا مطلقا ـ ومع

(۳۴)

الجواز لا فرق بین الأمة والعبید للإطلاق من جانب الآیة وأیضا السنّة.

«أو التّابعین غیر أولی الإربة من الرّجال».

فی هذا العنوان أمران: «التابعین» و«غیر أولی الإربة من الرّجال» وهذا ینطبق علی المجانین والبلهاء الذین لا شهوة فیهم، وکذلک الأفراد العقیم من الشهوة الذین لا یحتاجون إلی النّساء ولا ینصرف أذهانهم إلیها، وإن قیل: إنّ المراد من هذا العنوان نفس غیر أولی الاربة من الرجال والتابعین غیر الغالب فلا بعد فی ذلک أن یجری الحکم فی الفقراء والمساکین الذین لا ینصرف أذهانهم إلی النساء، ولکن هذا حکم للأشخاص بغیر الوصف العنوانی المحرز فی الأفراد شخصیةً ولا نوعیةً ولا کلیة.

«أو الطفل الذین لم یظهروا علی عوارت النساء».

المراد من هذه الفرقه الأطفال الذین لم یقدروا علی أن یتمتّعوا من النساء، ولو کان التمیز فیهم موجودا محقّقا، فعلی هذا لا یحتاج الستر للنساء من الأطفال الغیر البالغة قبل البلوغ، وهذا مقتضی

(۳۵)

الامتنان والسعة فی هذه الأمور من الاستحسانات النفسیة، ولا دلیل علیه، وإن کان العفاف والاحتیاط فی جمیع المراحل متسحسنا، وهذا أمر آخر.

«ولا یضربن بأرجلهنّ لیعلم ما یخفین من زینتهنَّ».

ویفهم منها حرمة الإظهار وایجاد التوجّه إلی أنفسهنّ بأی وجهٍ وفی أی مورد کان حتّی فی مقام الامکان لتوجّه الغیر ـ ولو توجّه بالفعل وفی معرض التوجّه من الغیر ولم یتوجّه الغیر إلی هذا الاظهار منهنّ.

«وتوبوا إلی اللّه جمیعا أیها المؤمنون لعلّکم تتّقون».

وهذا بیان واشارة إلی عدم الاهتمام من المؤمنین والمؤمنات بهذه الأمور علی نحو الوظائف الشرعیة المنوّرة، کما هو کذلک خارجا فی مستوی العموم؛ خصوصا فی النّساء ، وإن کان الرجال کذلک أیضا فی عدم الموالات بهذه الأمور.

وهناک آیات أخری لهذا الباب من سورة النور أیضا یذکر فی المقام ویبین ما یساعد علیه الدلیل.

(۳۶)


آیات أخری من سورة النور

«یا أیها الذین آمنوا لیستأذنکم الذّین ملکت أیمانکم والذین لم یبلغوا الحلم منکم ثلاث مرّات من قبل صلاة الفجر وحین تضعون ثیابکم من الظهیرة، ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لکم، لیس علیکم ولا علیهم جناح بعدهنّ، طوافون علیکم بعضکم علی بعض، کذلک یبین اللّه لکم الآیات، واللّه علیم حکیم»،

و«إذا بلغ الأطفال منکم الحلم فلیستأذنوا کما یستأذن الذین من قبلهم، کذلک یبین اللّه لکم آیاته، واللّه علیم حکیم»،

«والقواعد من النساء اللاّتی لا یرجون نکاحا، فلیس علیهنّ جناح أن یضعن ثیابهنّ غیر متبرّجات بزینة، وأن یستعففن خیر لهنّ، واللّه سمیع علیم»(۱).

«یا أیها الذین آمنوا»

الخطاب لأهل الایمان کان لأهمیتهم ورعایتهم بالحکم وإلاّ یشمل الجمیع.

«لیستأذنکم الذین ملکت أیمانکم والذین لم یبلغوا الحلم منکم ثلاث مرّات».

۱ـ نور / ۵۸ ـ ۶۰٫

(۳۷)

وجوب الإذن لهاتین الطائفتین ثلاث مرّات لا غیر، دلیل علی عدم وجوب الإذن وعلی جواز الدخول لهاتین الطائفتین فی غیر هذه الموارد الثلاث، وهذا الحکم أیضا نوع امتنان وسعة للمؤمنین والمؤمنات فی العیشة الداخلیة من جانب الدّین، والمناط لعدم جواز الدخول فی الموارد الثلاث عدم التلبّس الطبیعی فی هذه المواقع فی الخلوة وحفظ حریم العفّة والعفاف.

المراد من «الذین ملکت أیمانکم» فی الآیة الأمة والغلام بلا فرقٍ بینهما، لأنّ کلّ واحد منهما یطلق علیه ملک یمین بلسان القران الکریم وفی الأدب والسنة أیضا.

«والذین لم یبلغوا الحلم منکم».

المراد من «الذین لم یبلغوا الحلم منکم»؛ الأطفال الغیر البالغة بالصراحة والعیان، وکان الشرط فی الإذن لهذه الأطفال البلوغ لا التمیز، وهذه الآیة تأیید للآیة المذکورة من قبل «أو الطفل الذین لم یظهروا علی عورات النساء»، فالشرط فی المنع لجمیع الموارد البلوغ لا التمیز، وهذا أیضا سعة وامتنان فی العیشة الداخلیة للناس، خصوصا لأهل

(۳۸)

الایمان، یفهم من النظر الأصیل فی القران الکریم لهذا الأمر: أنّ الإذن فی غیر هذه الموارد الثلاث موجب للعسر والحرج، ومع وجود الملاک للحرمة فی غیر هذه المواضع الثلاث أیضا یجوّز الشارع الدخول للامتنان والسعة، ولهذا قال بعده: «لیس علیکم ولا علیهم جناح بعدهنّ طوافون علیکم بعضهم علی بعض».

«والقواعد من النساء اللاتی لا یرجون نکاحا فلیس علیهنّ جناح أن یضعن ثیابهنّ غیر متبرّجات بزینة وأن یستعففن خیر لهنّ».

المراد من «القواعد من النساء» علی ما فی القران الکریم اللاتی لا یرجون نکاحا، وهنّ اللواتی قعدن عن المحیض والولد لکبرها لا یرجون نکاحا.

المراد من الثیاب، الثیاب الثانیة کالخمار والجلباب، والمناط فی الجواز أیضا الامتنان والسعة لعدم وجود العسر والحرج فی الدّین.

وهذا الجواز مقید بعدم تبرّج الزینة وعدم المنافاة فی الجواز من جانب الشارع والتأکید فیه أیضا علی الحفاظ ولزوم العفاف فی النساء فی جمیع المواقع علی ما تیسّر منه.

(۳۹)

وبعض آیات الباب کان فی سورة الأحزاب، ومنها ما یرتبط بالمقام من بعض الجهات.

«یا نساء النبی لستنّ کأحد من النساء إن اتقیتنّ، فلا تخضعن بالقول فیطمع الذی فی قلبه مرض، وقلن قولاً معروفا، وقرن فی بیوتکنّ، ولا تبرّجن تبرّج الجاهلیة الأولی» (۱).

الأهمیة والخاصیة لنساء النبی کانت بواسطة النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله ، ومعروفیتهنّ أیضا کانت من حیث السیاسة من جهة نبوّة النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله لا من جهة النسائیة الخاصّة فیهنّ أو النفسیة المخصوصة، وهذا هو المناط فی عدم تزویجهنّ للغیر بعد النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله ، ویفهم من جملة «أن أتقیتن» أنّهنّ لم یکن معصومات، ویمکن منهنّ ارتکاب المعصیة کغیرهنّ فی هذه الجهة.

«فلا تخضعن بالقول…».

مفهوم من هذه الفقرة الإذن والجواز للتکلّم فی صورة اللزوم وفی الموارد اللازمة، لکن لا مع الغنج أو النوع الخاص المتفنّن کما قیل فی عدم الاظهار، ولا فرق فی هذه الجهات بین نساء النبی وغیرهنّ،

۱ـ احزاب / ۳۲٫

(۴۰)

وحرام علی الجمیع الاظهار من حیث الحفاظ والقرن الخاص والنوع الخاصّ المتفنّن من الکلام، وجمیع ذلک حرام.

ویفهم من الجمیع العفاف والحفاظ من جمیع النسوان من حیث البدن والقول وسائر الجهات المربوطة بهنّ بلا منع من جانب الشارع فی جهات ضروریة من الفردیة والاجتماعیة.

والمراد من لفظة: «قرن فی بیوتکنّ» أیضا عدم الخروج من البیت وعدم الحضور فی الاجتماع بعنوان الاظهار والشرکة أو الدخول فی الأمور أو الاشتغال بالأمور السیاسیة بعنوان زوجة النبی، وإلاّ لا منع علیهنّ من حیث الجنس بلا خصوصیة أخری کما یکون عمل النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله أیضا علی هذا المنوال فی مدّة حیاته الشریفة بالنسبة إلی زوجاته فی السفر والحضر.

«فیطمع الذی فی قلبه مرض».

یفهم من هذه الفقرة سلامة البعض وعدم تأثیر هذه الأمور فیهم، ولکن بعض الناس مستعد للانحراف مع التوطین والاظهار من جانب النساء، ویدفع ویبین هذا الأمر بهذا البیان .

(۴۱)

وهذا دلیل علی عدم منع النساء من جانب الشارع أیضا من حیث العیشة الطبیعیة من غیر اظهار أو نوع خاص من التمریضات النفسانیة.

«وإذا سألتموهنّ متاعا فاسألوهنّ من وراء حجاب».

المراد به عدم الاختلاط بین نساء النبی وبین الأصحاب، وعدم جواز دخول الرجال علیهنّ، وعدم الفرق فی هذا الجهة بین نساء النبی وسائر النساء، وعدم جواز اختلاطهنّ بالرجال ، ولا الرجال بالنساء فی داخل البیت وغیره، وحرمة الاختلاط مطلقا إلاّ فی ما بین المحارم وعدم التوطین القبلیة، وهذا الحکم لحفظ حریم العفاف فی العموم، وهو ضروری جدّا.

ومن آیات الباب، الآیتان من سورة الأحزاب.


الآیتان من سورة الأحزاب

«یا أیها النبی قل لأزواجک وبناتک ونساء الموءمنین یدنین علیهنّ من جلابیبهنّ ذلک أدنی أن یعرفن فلا یؤذین»(۱).

 

۱ـ احزاب / ۵۹٫

(۴۲)

وهذا الحکم أیضا کان لجمیع النسوان بأن یدنین علیهنّ من جلابیبهنّ، وکان المدار حفظ البدن من الغیر بالستر، بأی وجه کان، لا بوجه خاصّ أو بستر من الأنواع الغیر العادیة.

والمراد من الجلباب الخمار المعروف فی زمان النزول، لکن لا فرق فی أنواع الخمار، والمهمّ فی ایفاء الوظیفة الستر وحفظ العفاف وعدم الاظهار والغنج، بأی وجه کان.

العفو فی الوجه والکفّین لعدم وجوب الستر فیهما مسلّم بمقتضی الطبیعة ولسان الآیة والسنّة، وعدم وجوب الستر فی الوجه والکفّین لا ینافی حرمة النظر إلاّ فی ما ظهر قهرا فی المخاطبة والمباشره بین الناس.

وحرمة النظر إلاّ ما ظهر کانت لحفظ النساء والرجال من الوقوع فی الحرام، مضافا إلی حفظ حرمة نساء المسلمین بهذا الحکم، ولهذا لا حرمة فی النظر إلی نساء أهل الذمّة مع عدم الالتذاذ به.

والسیرة لوجوب الستر فی الوجه والکفّین لیست بموجودة ، خصوصا بالوجه الکذائی الموجود فی هذه الأعصار من جانب المؤمنین، ومع

(۴۳)

هذه السیرة لا یفهم منها الوجوب والاتّفاق فی البین، خصوصا مع القرینة الموجودة فی البین بأنّ هذا العمل من الاستحسانات الجمودیة لبعض الأقشار من العلماء والعوام، بل لغیر أهل الاسلام، ویسری منهم إلی بعض الطبقات من المسلمین، مع أنّ العفاف والستر بأی وجهٍ معقول، خیر ومستحسن مطلقا، لکن لا مع الاستهجان المضحکة فی ما بین الناس.

لا بأس بسماع صوت الأجنبیة ما لم یکن تلذّذ وریبة فیه ، وکذلک الاستماع، ویحرم علی النساء إسماع صوتها الذی فیه تهییج للغیر، بل مع ترقیقه، ولکن لا مطلق الإسماع للغیر، ویظهر جمیع ذلک من جملة: «ولا تخضعن بالقول»، ویظهر منها أیضا جواز التکلّم للنساء مع الغیر بقدر المتعارف وعلی نحو المتعارف.


النساء والشغل والاکتساب

لا منع من جانب الشریعة للنساء فی جهة الاکتساب والشغل کلیةً کما فی الرّجال، إلاّ من جهة الإذن من جانب الزوج للزوجة مع تحقّق الزواج.

(۴۴)

أنواع الاکتساب والشغل کلیةً بالنسبة إلی النساء ثلاثة أقسام: حرام وواجب ومباح.

المشاغل المحرّمة بدلیل الشرع مع تأیید العقل والتجربة: القضاء والافتاء والرّئاسة الکلیة الاجتماعیة وغیرها، وکلّ موردٍ من هذا القبیل لابدّ فیه من دلیل قاطع بین من جانب الشرع أو العقل، وإلاّ لا منع للنساء بالنسبة إلی جمیع أنواع الاکتساب بالأصل.

القسم الواجب من المشاغل بالنسبة إلی النساء، المشاغل اللازمة علیهنّ کفائیة لأمور النّساء وحفظ حریم الشخصیة النسائیة فی المجتمع بالنسبة إلی الحاجة الخاصّة لجمیع الأمور اللازم لها الکلیة، وکلّ ذلک أیضا معلوم مشخّص من جانب العقل والشّرع، والإهمال الموجود فی هذه الجهات یکون من جانب المتشرّعین من العلماء والعوام.

والمباح من أنواع الاکتساب للنساء قهرا غیر هذین القسمین المعلومین بالدلیل.

المرأة کالرّجل إنسان کامل مع خصوصیات مشخّصة وکلّیات مشترکة بین الجمیع، ولابدّ للجمیع من رعایة هذین الأمرین لحفظ الحدود وایفاء الحقوق.

(۴۵)

وکانت الرجال فی القسمة بالنسبة إلی الأمور الاجتماعیة مسؤولین بالنسبة إلی الأمور المشترکة بین الجمیع مع الأمور المختصّة بهم، والنساء أیضا مسؤولون بالنسبة إلی الأمور المختصّة بهنّ مع لزوم الحمایة لهنّ من جانب الرجال فی جمیع الجهات.

الأصل فی المسؤولیة بالنسبة إلی الأمور الاجتماعیة الکلیة المشترکة علی عهدة الرجال، ومسؤولیة النساء أوّلاً وبالطبع البیت، وما یعرض علیها غیر الأمور المختصّة بهنّ فی الاجتماع فی الأصل للرجال بالنسبة إلی البیت للأمور الداخلیة علی خلاف ما فی النساء، مع عدم الإهمال من جانب کلّ واحد منهما بالنسبة إلی الأمور الخاصّة بهم، فعلی هذا یکون الرجال موجودات اجتماعیة، والنساء موجودات اجتماعیة علی التقریب العام.

وکثیر من المشکلات فی سطح المجتمع وداخل البیت وما یرتبط بهما ناش من سوق الناس فی جمیع الأمور إلی غیر ما ترتسم فی المقام، ولا علاج فی إصلاحها إلاّ الرجوع إلی ما ترتسم فی المقام إجمالاً من فرعیة الاجتماع للنساء وفرعیة الأمور الداخلیة للرجال، وبالعکس فی الجانب الأصلی

(۴۶)

للرجال والنساء بلا تعصّبٍ واهمال فی جمیع سطوح الأمور.

ولا فرق فی هذه الأمور بین الأمور العلمیة فی جمیع المراحل وجمیع الطبقات المختلفة وعدم تجویز الخروج للنساء من حیث ایفاء الوظائف المشخصّة المجتمعیة؛ لاحتمال تحقّق المعصیة منهنّ مساو لتحقّق کثیر من المعاصی والمفاسد الواضحة، والمنع من ایجاد المشاغل المخصوصة بهنّ وتخریب الأمور اللازمة لهنّ من التعلیم والعمل فی کثیر من الجهات من قبیل الطبابة وغیرها مساو للحاجة الشدیدة من جانب النساء إلی الرّجال فی کثیرٍ من المحرّمات الأوّلیة وموجب لتحقّق کثیر من المفاسد الواضحة والمقاصد الخبثیة بالنسبة إلی الجمیع وفی جمیع طبقات المجتمع.

(۴۷)

(۴۸)


الرسالة الرابعة

الاستمتاع من البکر بلا إذن أبویها

الاستمتاع من البکر مع وجود أبویها هل یحتاج إلی الإذن أم لا ؟ والحقّ ـ کما قال به کثیر ـ الجواز، لعدم الدلیل علی المنع، إلاّ ما ادّعی من الحدیث مع ضعف سنده و احتمال تقیته .

ویدلّ علی جوازه الأصل والآیة بالإطلاق والعموم والروایات الصریحة فی الباب مع ما فیها من الحکمة والعلّة، التی أشار المعصوم علیه‌السلام إلی بعضها، وأمّا بعد الإذن والجواز فهل جعل ذلک إلاّ لهنّ ؟ قال: بعد ذلک فلیستترن ولیستعففن؛ أی یستترن عن النّاس ولیستعففن عن الافضاء الذی عار للبکر فی الناس، وهذا من العوامل العامّة للعفاف ودفع المعصیة فی صورة الدیانة والعقل لهما.

(۴۹)


عدم الاستمتاع باعتبار ثان

ولکن فی زماننا هذا ـ مع وجود کثرة الفجور وعدم الصلاح والدّیانة ـ لا یجوز هذا الأمر باعتبار ثان، وهو العار والافضاء الکثیر الذی یعیر مع جوازه ویصیر عاملا للفحشاء والخیانة وکثرة الخذلان والارتباطات غیر شرعیة بین الجنسین المخالفین فی مجتمعنا، هذا، فلا یجوز التمتّع بالبکر مع عدم اذن من أبیها الیوم قطعا إلاّ مع عدم العوارض المذکورة بالاطمئنان النوعی، لأنّ مناط الجواز العفاف، وفی الیوم مناط العفاف المنع وایجاد الحاجز بین الجنسین المخالفین علی قدر الإمکان والمقدرة.

(۵۰)


الرسالة الخامسة

ذبیحة أهل الکتاب

لا بحث فی وجوب إسلام الذابح، وإنّما الکلام فی ذبیحة الکتابی أو المخالف؛ أمّا الأوّل فسیرة القوم علی حرمة أکل ذبیحة الکتابی، والروایات فی هذا الباب کثیرة إلاّ أنّ فی مقابلها روایات أخر دالّة علی الجواز، ولکن لا یعمل بها؛ لأنّها فی موضع التقیة، وهی أشدّ موقع لها، مضافا علی ضعف کثیرة منها. لکنّ الأسف للشهید الثانی کیف تحیر فی الباب، وقال ما هو لیس فی شأنه: «إنّ هذا کمَثل کفایة إطلاق الاسم، ولو کان من کافر»؛ وهو یلیق بما قال فی مقامه صاحب الجواهر وهو ما لو وقع من غیره هذا لعدّ من الخرافة، وأعجب منه صاحب

(۵۱)

الریاض، وهو مع شدّة إنکاره علی صاحب المسالک مال إلی القول بالتسمیة، بقوله العمل بالروایة الثالثة.

فمع اثبات کفر الیهود والنصاری والمجوس بالخرافات الاعتقادیة المضّرة بالدین من الأقانیم الثلاثة وغیرها، وشدّة إصرارهم فی هذه الخرافات، والالتزام بلوازمها مع التفهیم، لا بحث فی کفرهم وحرمة ذبیحتهم للمسلم.


ذبیحة المخالف

وأمّا ذبیحة المخالف فظاهر المشهور الحکم بالجواز؛ لظاهر الآیات والروایات إلاّ أنّ فی مقابله من البعض الحرمة أو الکراهة إلاّ فی الضرورة الاصطلاحیة أو الأعمّ منها.

فالکراهة للجمع بین هذه الروایات، وهی المهمّ لما یشعر ویصرّح بها فی الروایات الخاصّة المستفیضة والمتواترة بکفر المخالف ونجاستهم وعدم اختلاط المؤمنین معهم، لا فی هذا الباب فقط، بل فی جمیع الأبواب وأسباب المعیشة؛ إلاّ بالضرورة من الأمر والبصیر بحقیقة الایمان والمتوقد من نور اللّه تعالی یفهم هذا من مذاق

(۵۲)

المعصوم علیه‌السلام ؛ إلاّ أنّ هذا عسیر وحرج للمؤمنین، ولا یمکن أن یعمل به وشاقّ للمؤمنین جدّا ، ولهذا لم یظهره القدماء من الأصحاب، مع أنّهم یعتقدون بکفر المخالف باطنا لم یظهروه لهذا ولکثیر من الجهات؛ ولهذا وضعت قوانین أخر فی مقابل الکفر للجواز فی کلّ الأبواب.

والتحقیق عندی لیس کذلک فلا أقول: الإباحة والطهارة ولا الحرمة والنجاسة أو الکفر فی ظاهر الإسلام أو الکراهة المطلقة، بل الحکم فی قبال المخالف نوعان:

الأوّل ـ الحکم الظاهری بالجواز للعموم من الناس.

والثانی ـ الحرمة والاجتناب للمؤمنین حقّا إلاّ فی حال التقیة والضرورة.

الأوّل صرّح به فی کثیر من الأخبار، والثانی صرّح به أیضا فی جمیع الروایات الخاصّة ولا سیما فی روایة زکریا بن آدم حیث قال ابوالحسن علیه‌السلام : «إنّی أنهاک عن ذبیحة کلّ من کان علی خلاف الذی أنت علیه وأصحابک إلاّ فی وقت الضرورة»(۱).

 

۱ـ محمّد بن حسن، الحرّ العاملی، وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، ج۲۴، قم، مؤسسة آل‌البیت علیهم‌السلام ، الطبعة الثانیة، ۱۴۱۴ ق، ص۵۱ و۶۷٫

(۵۳)

یفهم من ظاهر هذا الخبر ولحن الخطاب وضمائره فی الحدیث أنّ هذا الحکم یختصّ بزکریا بن آدم وأصحابه لا للجمیع، لا سیما العبارة الأخیرة: «إلاّ فی وقت الضرورة» التی بمعناها الاصطلاحیة، ولکن لیس هذا الحکم شاملاً للجمیع، بل للمؤمنین حقّا؛ أی: الذی أنت علیه وأصحابک.

فالحکم بالحلّیة أو الحرمة والکفر أو ظاهر الإسلام والنجاسة أو الطهارة مستند بالمعصوم إلاّ أنّ الأوّل للعموم من النّاس والثانی للمؤمنین حقّا، فلا یلیق بالمؤمن أن یأکل ذبیحة المخالف إلاّ فی حال الضرورة الاصطلاحیة.

وهذا الخبر أدلّ دلیل علی کفر المخالف واقعا، والمماشاة الظاهریة من المعصوم علیه‌السلام والمؤمنین لهم التوسیع والتیسیر للشیعة، وهذا هو مورد التقیة لنا فی زمان الغیبة.

ولیس معنی هذا الخبر الکراهة، کما جمع الشهید الثانی وغیره، ولا الحرمة الظاهریة للعموم لعدم التیسیر للمؤمنین، وهذا الحکم من مذاق

(۵۴)

المعصوم علیه‌السلام ، کما یفهم بنور من اللّه، وهو ما قلنا فی هذا الباب وفی جمیع الأبواب، وهذا الحکم مهم فی ذلک الباب.

وکفر المخالف بدیهة من العقل والنقل، أمّا العقل فواضح، لأنّ المعصومین والائمّة المهدیین علیهم‌السلام وسائط فیض اللّه، ومع الانکار لوسائط الفیض لا یبقی شیء من الحقّ لهم أصلاً، وسائر الأدلّة العقلیة التی فی الباب لا تعدّ ولا تحصی.

وأمّا النقل فجمیع الروایات الخاصّة بالکنایة والصراحة صرّح بأعلی صوت حفی جلی علی کفر من جاحد الإمامة والولایة للائمّة المعصومین علیهم‌السلام .

والمنصف بعد الرجوع إلی أبواب الحدیث من الأحادیث الاعتقادیة والفرعیة الفقهیة لا یشتبه له الأمر إلاّ من لا ینظر بنور من اللّه ولا یکون فیه خیر، وفی قلبه مرض أو وسواس شیطانی، وإلاّ استفاضة النصوص وتواترها بکفر المخالف وأنّه مجوس هذه الأمة وشرّ من الیهود والنصاری بلا بحث وتحیر، کما قال صاحب الجواهر: «إنّ المراد منها بیان حالهم فی الآخرة لا فی الدنیا»، ولکن هذا الکلام من هذا النحریر لبعید، إلاّ أن یکون المقال منه علی التقیة

(۵۵)

والمماشاة، کما کان دأب جمیع القدماء فی بیان هذا الأمر أو لعدم احتمال هذا المقال وهذا المقام عن المعصومین علیهم‌السلام فی بیان هذا الحکم وخبث الطینة من المخالف؛ لأنّ هذه الأحادیث فی ارتداد المخالف وکفرهم من الأخبار التی یقول به المعصوم علیه‌السلام لا یحتملها إلاّ نبی مرسل أو ملک مقرّب أو مؤمن امتحن اللّه قبله بالایمان وإلاّ من أدرک هویة المخالف وعلوّ الرفعة للإمامة والولایة لا یشتبه له الأمر أصلاً، کیف لا یکون کذلک مع صراحة الأخبار بالکفر والارتداد وعدم الایمان ولا رأس فی ایمانهم ولا عبودیة لهم وسائر الأوصاف، وکیف یمکن أن یحمل جمیع ذلک بعدم المقبولیة لهم مع الصحّة، وهل هذا إلاّ فقد احتمال إدراک الحدیث أو عدم القدرة علی الاظهار للحقّ الحقیق أو عدم لزوم الانکشاف کما یکون دأب العلماء من المؤمنین. من لا ایمان ولا دین ولا قبول له ولا رأس فی ایمانه وهو المصداق الأتم للهلاکة کیف یوجد بالصحّة وهل هو إلاّ الهالک، وهل یکون الاسلام والصحّة علی هذا المقدار من الدنوّ.

فالحکم بالجواز والحرمة والطهارة والنجاسة

(۵۶)

للعامّة والخاصّة مطابق للدلیل ومستند إلی المعصوم علیه‌السلام ، وأیضا الکفر للمخالف، وأنّ الحکم بإسلامهم یکون عن تقیة للتدبیر بالمنع عن التعسیر للمؤمنین.


المبغض والمستضعف من المخالفین

وبعد بیان هذا الأمر العظیم لابدّ من الإشارة إلی أمرین: الأوّل ـ المبغضون من المخالفین للائمّة المعصومین علیهم‌السلام والناصبی لهم، والثانی ـ المستضعفون من المخالفین.

أمّا الأوّل، فلا بحث فی کفرهم، وهم من أشدّ الکفّار وأبغض المعاندین عند اللّه تعالی، وهم من المخلّدین فی النّار الدائم وفی أشدّ العذاب ولیس فوق عذابهم عذاب.

وأمّا الثانی، فلا بأس فی الترحّم لهم وإن کانوا مسؤولین لأمر دینهم، ولیسوا مصونین من العذاب وإن کان عذابهم أخفّ من عذاب غیرهم من المخالف، وهو امتنان علیهم من الحقّ تعالی.

(۵۷)

(۵۸)


الرسالة السادسة

عمل التصاویر والتماثیل

لا خلاف ولا إشکال بین الفقهاء فی حرمة عمل التصاویر والتماثیل من ذوات الأرواح المجسّمة، وأیضا فی جمیع صور ذوات الأرواح المنقّشة، مع خلاف فیه، والروایات فیها کثیرة، مطلقةً ومقیدةً، صحیحةً وغیر صحیحة، والأمر من حیث المستند سهل، ولا یمکن الإنکار له، ولکنّ الأمر فی مناطه وعلّة حرمته هو أنّ هذا الحکم من الحرمة مع کثرة روایات الباب وشدّة الأمر فی بعضها وهو: «من جدّد قبرا أو مثّل مثالاً خرج من الإسلام»(۱) أو «أشدّ

۱ـ أبوجعفر، محمّدبن علی(الشیخ الصدوق)، من لا یحضره الفقیه، ج۱، التحقیق: علی اکبر غفّاری، قم، جامعة المدرّسین، الطبعة الثانیة، ۱۴۰۴ ق، ص۱۸۹٫

(۵۹)

الناس عذابا عند اللّه یوم القیامة، المصوّرون»(۱).

ولکن نقول لا یناسب الحکم بحرمة النقش والتصویر الذین من ودائع اللّه فی طبیعة الإنسان، مع أنّ الاسلام لا یخالف الودائع الانسانیة والغرائز البشریة، ولاسیما الودائع التی تکون من الکمالات، وهی عمل التصویر والنقش الذی یکون من أقسام العلوم الدقیقة اللطیفة.

مضافا إلی أنّ هذا العمل لا یکون أعظم من شرب الخمر والزنا والسرقة، ولا یخرج الانسان بهذه الأعمال الشنیعة من الاسلام، وکیف خرج من الاسلام بهذا العمل الذی خیرا فی الواقع من أمره.

فعلی هذا تکون الحرمة منحصرة فی عمل التصاویر علی طباع الأصنام والأوثان للعبید الجهلة لها مطلقا؛ سواء کان مجسّما أو مصوّرا، حیوانا أو غیره، علی فرض الوقوع والتحقّق، فمع عدم تحقّق الموضوع والابتلاء فی الکفر والشرک لا یناسب الحرمة والشدّة علی هذا البیان؛ فالحرمة مقیدة بالموضوع بالنسبة إلی الانحراف فی مجتمع أو فرد،

۱ـ محمّدبن علی الأحسائی، عوالی اللئالی العزیزیة، قم، مطبعة سیدالشهداء علیه‌السلام ، الطبعة الأولی، ۱۴۰۳ ق، ص۱۴۸٫

(۶۰)

کما کان کذلک فی زمن الرسول صلی‌الله‌علیه‌وآله والبادی من الاسلام من علقة کثیر من المسلمین مع إسلامهم بهذه التماثیل وحبّهم لها، کما کان الحبّ لها منهم قبل الإسلام، والإسلام لجهة دفع هذا الدّاء العمومی من المجتمع ورفع الأمراض المسریة فی الباب خالف لها شدیدا لجهة اصلاح الأمر بین الناس، وإلاّ عند فقدان هذه الأمور فلا یناسب هذا الحکم.

فبناءً علی ذلک فی زماننا هذا لا حرمة فی الباب أصلاً، إلاّ فی الأمکنة التی فی العالم یکون علی منوال الابتداء فی الإسلام، فالحرمة مقیدة بالموضوع والابتداء، ولیست مطلقا فلا یکون عمل التصاویر والتماثیل علی جمیع أنحائه محرّما أصلاً، وکذلک الاقتناء لها والبیع و الشراء لها وجمیع مسائلها إلاّ ما کان حاو لفساد أو حیات کفر وشرک أو بقاء فساد علی أصل ذلک، وهو غیر البحث فی المقام.

(۶۱)

(۶۲)


الرسالة السابعة

الحیوان البحری

المعروف من مذهب الأصحاب تحریم ما لیس علی صورة السمک من أنواع الحیوان البحری. وادّعی نفی الخلاف فی التحریم بین أصحابنا، والإشکال فی هذا المنع من الأصحاب والجواز من بعض متأخّری المتأخّرین، ولا غرو فی العنوان للتحقیق.


الأدلّة المانعة

أنّه لا دلیل للمنع إلاّ الشهرة، أو نفی الخلاف المدّعی، ومفهوم موثوقة الساباطی التی لا یعمل بمنطوقها أیضا عند المانعین، وعمومیة حرمة المیتة، وعدم حصول التذکیة الشرعیة.

والأخیران لیس بشیء، لعدم العمومیة فی المیتة

(۶۳)

وعدم الانحصار فی التذکیة، بل فی الأخیر یمکن أن یدّعی التذکیة فی الحیوان البحری بالأخذ کما فی الجراد، ولا دلیل علی انحصار التذکیة فی الجمیع علی طریق الحیوان البرّی.


أدلّة الجواز

وفی مقابله الأدلّة الظاهرة فی الجواز من الآیات والروایات والأصول المهمّة.

أمّا الآیات، فمنها: «هو الذی سخّر البحر لتأکلوا منه لحما طریا»(۱)، وإطلاق «وإذ حللتم فاصطادوا»(۲)، «وأحلّت لکم بهیمة الأنعام إلاّ ما یتلی علیکم»(۳)، وإطلاق «لا تقتلوا الصید وأنتم حرم»(۴)، و«حرّم علیکم صید البرّ ما دمتم حُرما»(۵)، وصریح: «أحلّ لکم صید البحر وطعامه متاعا لکم وللسیارة»(۶) ، وآیات التسخیر والجواز والحلّیة، وأمّا الروایات فی الباب والأصول المهمّة فواضحة.

ولا حاکم علی جمیع ذلک سوا ما یتخیل من

۱ـ النحل / ۱۴٫

۲ـ المائدة / ۲٫

۳ـ المائدة / ۱٫

۴ـ المائدة / ۹۵٫

۵ ـ المائدة / ۹۶٫

۶ ـ المائدة / ۹۶٫

(۶۴)

مفهوم الموثّقة المطروحة، وعمومیة حرمة المیتة، وعدم حصول التذکیة، وکلّ ذلک لیس بشیء کما سبق.

والعمدة فی المنع الشهرة من الأصحاب، ولا دلیل غیر ذلک، لاسیما الشهرة المعنونة من القدماء، ولعّل هذه الشهرة فی منع الحیوان البحری لعدم الاستفادة فی المضی من الأعصار من حیوانات البحری، وهذا الاهمال فی اصطیاد الحیوان الذی خلق لرفع حاجات الانسان صار فی حکم المسلّم، وعدم امکان الاستفادة أو عدم مشروعیة فی ذلک، وهذا سبب لذلک الحکم من مشهور القدماء.


عمومیة الجواز

والتحقیق عندی العمومیة فی الجواز فی حیوان البحر، إلاّ ما خرج بالدلیل للآیات والروایات فی الباب، وآیات التسخیر بالنسبة لجمیع ما فی السموات والأرض، وآیات الحلّیة والجواز وأصالة الجواز وقاعدة الحلیة، ولا حاکم علی جمیع ذلک إلاّ ما خرج بالنصّ والدلیل، ولا ملاک غیر ذلک لنا فی شیء.

(۶۵)

(۶۶)


الرسالة الثامنة

المسوخ

من العناوین المذکورة فی باب المکاسب المحرّمة المسوخ، ویبحث فیه هل یجوز بیعها وأکلها أم لا ؟

قال الشیخ الطوسی قدس‌سره فی المبسوط(۱) وکثیر من القدماء والتابعین له: حرمة بیعها وأکلها جمیعا، لنجاستها وعدم منفعة فیها، ویدّعی علیه الإجماع، ولکنّه خال عن التحقیق، ولا دلیل علی نجاستها من

۱ـ ر.ک: محمّدبن الحسن الطوسی، المبسوط فی فقه الإمامیة، ج۲، تحقیق محمّدتقی الکشفی، طهران، المکتبة المرتضویة، ۱۳۸۷ ق، ص۱۶۶٫

(۶۷)

حیث المسوخیة إلاّ بعض الروایات المطروحة أو المأوّلة کروایات نجاسة لبن الجاریة وذرق الدجاج والحدید.

وفی مقابل حرمة بیعها وعدم جواز أکلها عمومات جمیع أبواب الفقه من الحیوان والسؤر، وخروج الحیوانات النجسة بالنصّ مثل الکلب والخنزیر، وهما أیضا من المسوخات.

فالحقّ کما قال به شیخ المتأخّرین فی کتابی «المکاسب» و«الطهارة» بالإجمال والتفصیل: إنّ لا بأس بطهارتها وجواز بیعها منوطا بالمنفعة المحلّلة الظاهریة العقلائیة فی حال الاختیار(۱)، والبحث من هذه الجهة واضح، والمهمّ البحث الآتی، وهو الکمّیة والکیفیة لها.

وبعد هذا یقال: ما هو المسوخات وکم عدّتها وکیفیة حیاتها ؟ من الحدیث المسند بطریق الصدوق قدس‌سره عن أبی عبدالله علیه‌السلام : «ان المسوخ من

۱ـ ر . ک: الشیخ مرتضی الأنصاری، المکاسب المحرّمة، لجنّة التحقیق، ج۱، قم، باقری، الطبعة الأولی، ۱۴۱۵ق، ص۴۳٫

(۶۸)

بنی آدم ثلاثة عشرة صنفا»(۱) الحدیث؛ ویوجد فی روایات أخر غیرها أیضا، وقال المرحوم المجلسی قدس‌سره : أصنافه کما یوجد فی طفیف الأخبار ثلاثین صنفا.

وفی روایة الفقیه: ان المسوخات جمیعها لم تبق أکثر من ثلاثة أیام ثمّ ماتت(۲). یفهم من هذا الحدیث أنّ المسوخات لیست هی هذه الحیوانات الموجودة، بل الأمم الماضیة فی صورة الابتلاء بعد المسخ یشبه بهذه الحیوانات الطبیعیة من جهة الوجه ویموت بعد قلیل من الزمان، ولا یبقی أعقابها أصلاً، فلا نفع فی البحث من جهة البیع والأکل من حیث المسوخة قهرا.


المباحث العقلیة فی المسوخ

واهتمام المباحث النقلیة للمسوخة من جهة کثرة الابتلاء فی الأمم السالفة لهذا الأمر لا یوجد فی الأمّة المحمّدیة صلی‌الله‌علیه‌وآله أصلاً، فما هو سرّ الأمر

۱ـ أبی جعفر، محمّدبن علی، الشیخ الصدوق، علل الشرائع، ج۲ ، النجف الأشرف، المطبعة الحیدریة، ۱۳۸۶ق، ص۴۸۷ .

۲ـ علل الشرائع، ج۲، ص۴۸۹٫

(۶۹)

ولمیة الإمکان والوقوع للمسوخ عقلاً ، وکیفیة أمره فی الآخرة من حیث الجزاء والعمل، وهل یکون هذا إلاّ ثمرة أعمالهم الخبیثة التی تکون فی جمیع البشر ، ولکن لا یظهر للجمیع فی الدنیا وفی الأمّة المحمّدیة أصلاً من جهة انتسابها إلی النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله . والجواب عن هذه الأمور بالإجمال أنّ کثرة الابتلاء بهذا الأمر فی الأمم السالفة سوء أعمالهم الموبقة، وعدم استعدادهم فی ادراک الأمور العقلیة واکتفاءهم بالأمور الحسیة. وعلّة عدم وجدان المسوخ فی هذه الأمّة شرف النبی صلی‌الله‌علیه‌وآله والأمّة واستعدادهم لإدراک الابتلاءات العقلیة فی غیر الصالحین لهذه الأمّة، ولا یحتاج فی الابتلاء لهم إلی الأمور الحسیة الکذائیة، بل ابتلاهم اللّه بالعذاب الروحیة والوجدانیة أشدّ ممّا کان فی الأمم السالفة.

الإمکان والوقوع فی المسألة مبینة فی الفلسفة فی بیان کیفیة أعمالهم، وفیها أنّ المسوخة لیست إلاّ الظهور للعمل والانکشاف لواقع الأمر، ففی الواقع، المسوخ هو العریان بسبب ظهور عمله فی الدنیا کما

(۷۰)

کان فی الآخرة للجمیع، إلاّ أنّهم ینتفعون من هذا الأمر لانکسار الحرمة والهیأة فی الدنیا.

هذا هو الإجمال فی المسألة، والزیادة فیها تحتاج إلی مقام آخر.

(۷۱)

(۷۲)


الرسالة التاسعة

الخمر

ما ذکر للخمر من العناوین فی القران الکریم والحدیث:

« إثم کبیر»(۱).

« منافع للناس»(۲).

« رجس»(۳).

« من عمل الشیطان»(۴).

« لعلّکم تفلحون»(۵).

« یریده الشیطان»(۶).

 

۱ـ البقرة/۲۱۹٫

۲ـ البقرة/۲۱۹٫

۳ـ المائدة/۹۰٫

۴ـ المائدة/۹۰٫

۵ـ المائدة/۹۰٫

۶ـ المائدة/۹۱٫

(۷۳)

« یوقع بینکم العداوة والبغضاء»(۱).

« یصدّ عن ذکراللّه»(۲).

« یصدّ عن الصلاة»(۳).

« سکاری»(۴).

« لا یعلم الانسان ما یقول»(۵).

ما ذکر للخمر من الأحکام فی القران الکریم والروایات

« اثمهما أکبر من نفعهما»(۶).

« فاجتنبوه»(۷).

« فهل أنتم منتهون»(۸).

« لا تقربوا الصلاة وأنتم سکاری»(۹).

«الخبیث»(۱۰).

«أصله حرام»(۱۱).

«ان اللّه لم یجعل فیه شفاء»(۱۲).

 

۱ـ المائدة/۹۱٫

۲ـ المائدة/۹۱٫

۳ـ المائدة/۹۱٫

۴ـ النساء/۴۳٫

۵ـ النساء/۴۳٫

۶ـ البقرة/۲۱۹٫

۷ـ المائدة/۹۰٫

۸ـ المائدة / ۹۱٫

۹ـ النساء/۴۳٫

۱۰ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۷۹٫

۱۱ـ الوسائل، ج۲، ص۱۰۵۷٫

۱۲ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۷۵٫

(۷۴)

«وفسادها»(۱).

«مدمن الخمر کعابد وثن»(۲).

«یورثه الارتعاش»(۳).

«تذهب بنوره»(۴).

«اذا أصاب ثوبک، فاغسل»(۵).

«إن لم تعرف موضعه، فاغسله کله»(۶).

«إن صلّیت فیه فأعد»(۷).

«لا تصلّ فی الثوب الذی أصابه خمر»(۸).

«إن الحنطة إذا أصیب علیها خمر لا یطهر عجینها وخبزها»(۹).

«للإناء الذی شرب فیه الخمر لغسل ثلاث مرّات»(۱۰).

«البئر الذی یقع فیه الخمر ینزح کلّه»(۱۱).

«ینزح الثلاثون أو عشرون»(۱۲).

 

۱ـ علل‌الشرائع،ج۲،ص۴۷۶٫

۲ـ الوسائل، ج۱۶، ص۳۱۰٫

۳ـ الوسائل، ج۱۶، ص۳۱۰٫

۴ـ علل‌الشرائع،ج۲،ص۴۷۶٫

۵ ـ الکافی، ج۳، ص۴۰۵٫

۶ ـ الکافی، ج۳، ص۴۰۵٫

۷ـ الکافی، ج۳، ص۴۰۵٫

۸ ـ الوسائل، ج۲، ص۱۰۵۷٫

۹ـ الوسائل، ج۲، ص۱۰۵۶٫

۱۰ـ الوسائل، ج۲، ص۱۰۷۴٫

۱۱ـ الوسائل، ج۱، ص۱۳۲٫

۱۲ـ الوسائل، ج۱، ص۱۳۲٫

(۷۵)

«القدر الذی فیه لحم ومرق کثیر إذا قطع فیه قطرة خمر یهراق»(۱).

«إذا قطر خمر فی عجین فسد»(۲).

«لا یؤکل فی آنیة أهل الکتاب… لأنّهم لا یتوقون الخمر»(۳).

«حرمة الجلوس علی مائدة فیها خمر»(۴).

«ما یبل المیل منه ینجس حبّا من الماء»(۵).

«لا یصحّ ثمنه»(۶).

«حرم اللّه ثمنه»(۷).

«لجلدت شاربه ثمانین جلدة»(۸).

«لقتلت بایعه»(۹).

«لا یجوز تزویجه»(۱۰).

«لا یقبل صلاته سبعا أو أربعین صباحا»(۱۱).

«لا یتداوی به»(۱۲).

 

۱ـ مستدرک الوسائل، ج۲، ص۶۱۲٫

۲ـ الوسائل، ج۲، ص۱۰۵۶٫

۳ـ الوسائل، ج۱۶، ص۳۸۵٫

۴ـ الوسائل، ج۱۶، ص۴۰۰٫

۵ ـ الوسائل، ج۲، ص۱۰۵۶٫

۶ ـ الوسائل، ج۱۲، ص۶۱٫

۷ـ الوسائل، ج۱۲، ص۶۱٫

۸ ـ الوسائل،ج۱۲،ص۱۶۶٫

۹ـ الوسائل، ج۱۲، ص۱۶۶٫

۱۰ـ الوسائل، ج۱۴، ص۵۳٫

۱۱ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۳۸٫

۱۲ـ الوسائل، ج۱۷، ص۶۷٫

(۷۶)

«إن عاد بعد الحدّین فاقتلوه»(۱).

«بیع العصیر فیمن یعمله خمرا حرام»(۲).

«یعدم مروّته»(۳).

«یحمله علی أن یجسر علی سفک الدماء»(۴).

«ورکوب الزنا»(۵).

«لا یؤمن أن یثیب علی حرمة»(۶).

«لا یزداد شاربه الا شر»(۷).

«لا یعقل»(۸).

«حرمها لفعلها وفسادها»(۹).

«لا شفاء فیه»(۱۰).

«لا یشرب الخمر وهو مؤمن»(۱۱).

«من شرب الخمر خرج من الایمان»(۱۲).

«ملعون من کان مصرّا علی شرب الخمر»(۱۳).

 

۱ـ وسائل الشیعة، ج۱۸، ص۴۷۵٫

۲ـ الوسائل، ج۱۲، ص۱۶۸٫

۳ـ الوسائل، ج۱۶، ص۳۱۰٫

۴ـ الوسائل، ج۱۶، ص۳۱۰٫

۵ ـ الوسائل، ج۱۶، ص۳۱۰٫

۶ ـ الوسائل،ج۱۶،ص۳۱۰٫

۷ـ الوسائل، ج۱۶، ص۳۱۰٫

۸ ـ الوسائل،ج۱۱،ص۵۱۸٫

۹ـ الوسائل، ج۱۶، ص۳۱۰٫

۱۰ـ مستدرک الوسائل، ج۱۷، ص۱۷٫

۱۱ـ الوسائل،ج۱۱،ص۲۵۴٫

۱۲ـ الوسائل، ج۱۱، ص۲۵۵٫

۱۳ـ الوسائل، ج۱۱، ص۵۱۹٫

(۷۷)

«وغارسها وعامرها وشاربها وساقیها»(۱).

«شارب الخمر من السُفلة»(۲).

«قرنها اللّه بالأوثان»(۳).

«لا سفیه أسفه من شارب الخمر»(۴).

«من سهم ابلیس»(۵).

«ما بعث الله نبیا إلاّ بتحریم الخمر»(۶).


سائر أحکام الخمر

«إذا تحوّل عن اسم الخمر فلا بأس»(۷).

«من فاق علی نفسه العطش یشرب منه»(۸).

«لا یعطی من الزکاة»(۹).

«من الکبائر»(۱۰).

«لا یدخل الجنّة مدمن الخمر».

«ثمنه سحت»(۱۱).

«من یؤجر بیته لبیع الخمر تحرم أجرته»(۱۲).

 

۱ـ الوسائل، ج۱۲، ص۱۶۴٫

۲ـ الوسائل، ج۲، ص۲۳۴٫

۳ـ الوسائل، ج۱۲، ص۲۴۰٫

۴ـ الوسائل، ج۱۳، ص۲۳۰٫

۵ ـ الوسائل، ج۱۲، ص۱۲۶٫

۶ ـ الوسائل، ج۳، ص۵۷۳٫

۷ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۹۷٫

۸ ـ الوسائل،ج۱۷،ص۳۰۲٫

۹ـ الوسائل، ج۶، ص۱۷۱٫

۱۰ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۵۰٫

۱۱ـ الوسائل، ج۶، ص۳۱۷٫

۱۲ـ الوسائل، ج۱۲، ص۱۲۶٫

(۷۸)

«لا یؤتمن أمانته»(۱).

«لا تسترضع شاربة الخمر»(۲).

«إذا أسکر کثیره، فقلیله حرام»(۳).

«حرام بیعها وشرائها ولا انتفاع بها»(۴).

«سقاه اللّه من طینة بئر خبال»(۵).

«قبل الثلثین من سهم ابلیس»(۶).

«لا یسقی للدواب»(۷).

«لا یشفع إذا شفع»(۸).

«لا یصدق إذا حدث»(۹).

«لا یعاد إذا مرض»(۱۰).

«لا یشهد جنازته»(۱۱).

«لا تزکوا إذا أشهد»(۱۲).

«لا تأتمنوه علی أمانة»(۱۳).

 

۱ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۴۸٫

۲ـ الوسائل، ج۱۵، ص۱۸۵٫

۳ـ الوسائل، ج۱۷، ص۷۵٫

۴ـ الوسائل، ج۱۲، ص۱۶۴٫

۵ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۲۳٫

۶ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۲۶٫

۷ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۴۶٫

۸ـ الوسائل، ج۱۳، ص۲۳۰٫

۹ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۴۷٫

۱۰ـ الوسائل، ج۱۴، ص۵۳٫

۱۱ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۴۳٫

۱۲ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۴۷٫

۱۳ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۴۷٫

(۷۹)

«شرب الخمر أشدّ من ترک الصلاة»(۱).

«من یبجّل مودّتنا فلیجنب کلّ مسکر»(۲).

«المضطر لا یشرب الخمر»(۳).

«اذا سکر هذی»(۴).

«إذا شربها فرق اللّه علیه سرباله»(۵).

«کان ولیه وأخوه الشیطان»(۶).

«یسوقه إلی کلّ شرّ»(۷).

«یصرفه عن کلّ خیر»(۸).

«یصیر إلی حال لا یعرف ربّه»(۹).

«مفتاح باب المعصیة»(۱۰).

«رأس کلّ إثم»(۱۱).

«مکذّب بکتاب اللّه»(۱۲).

«أشدّ من الزنا والسرقة»(۱۳).

«أکبر الکبائر شرب الخمر»(۱۴).

 

۱ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۴۷٫

۲ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۶۲٫

۳ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۷۷٫

۴ـ الوسائل، ج۱۸، ص۴۳۳٫

۵ ـ الوسائل، ج۱۴، ص۱۷٫

۶ ـ الوسائل، ج۱۴، ص۱۷٫

۷ـ الوسائل، ج۱۴، ص۱۷٫

۸ ـ الوسائل، ج۱۴، ص۱۷٫

۹ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۵۰٫

۱۰ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۵۱٫

۱۱ـ الوسائل،ج۱۷،ص۲۵۱٫

۱۲ـ الوسائل، ج۱۷، ص۴۹٫

۱۳ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۵۲٫

۱۴ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۵۲٫

(۸۰)

«لأنّها أمّ الخبائث»(۱).

«یسلب بسببه لبّه»(۲).

«تقطع الرحم»(۳).

«یأتی بکلّ فاحشة»(۴).

«زمامه بید الشیطان»(۵).

«إنّ أمره الشیطان سجد للأوثان»(۶).

«شارب الخمر کافر»(۷).

«لا عصمة بیننا وبینه»(۸).

«حرّم اللّه لما فیها من الفساد ومن تغییر عقول شاربها»(۹).

«یحمله علی انکار اللّه والفریة علیه وعلی رسله»(۱۰).

۱ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۵۳٫

۲ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۵۳٫

۳ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۵۳٫

۴ـ الوسائل،ج۱۷،ص۲۵۳٫

۵ ـ الوسائل،ج۱۷،ص۲۵۳٫

۶ ـ الوسائل،ج۱۷،ص۲۵۳٫

۷ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۵۶٫

۸ ـ الوسائل،ج۱۷،ص۲۶۲٫

۹ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۶۲٫

۱۰ـ الوسائل، ج۱۷، ص۲۶۲٫

(۸۱)

(۸۲)


مصادر التحقیق

۱) القرآن الکریم.

۲) الأحسایی، محمّدبن علی، عوالی اللئالی العزیزیة، قم، مطبعة سیدالشهداء علیه‌السلام ، الطبعة الأولی، ۱۴۰۳ ق.

۳) الأنصاری، الشیخ مرتضی، المکاسب المحرّمة، لجنة التحقیق، قم، المطبعة باقری، الطبعة الأولی، ۱۴۱۵ ق .

۴) الحرّ العاملی، محمّدبن حسن، وسائل الشیعة إلی تحصیل مسائل الشریعة، طهران، الاسلامیة (بیروت ـ داراحیاء التراث العربی).

۵) الصدوق، محمّدبن علی بن بابویه، علل‌الشرائع، النجف الأشرف، المکتبة الحیدریة، ۱۳۸۶ق.

(۸۳)

۶) الصدوق، محمّدبن علی، من لا یحضره الفقیه، التحقیق: علی أکبر غفاری، قم، جماعة المدرسین، الطبعة الثانیة، ۱۴۰۴ق.

۷) علل الشرایع، النجف الأشرف، (المطبعة الحیدریة)، ۱۳۸۶ق.

۸) الطوسی، محمّدبن الحسن، المبسوط فی فقه الإمامیة، تحقیق: محمّدتقی الکشفی، طهران، المکتبة المرتضویة، ۱۳۸۷ ق.

الکلینی، محمّدبن یعقوب، الکافی، طهران، دارالکتب الاسلامیة، الطبعة الثالثة، ۱۳۸۸ق.

۹) النوری الطبرسی، میرزا حسین، مستدرک الوسائل و مستنبط المسائل، قم، آل البیت علیهم‌السلام ، الطبعة الأولی، ۱۴۰۸ق.

 

مطالب مرتبط